الاثار المترتبة على التحقيق البرلماني
المؤلف:
محمد عبد الكاظم عوفي
المصدر:
مسؤولية الحكومة السياسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص111-113
2025-12-14
42
تلتزم لجان التحقيق البرلماني بعد انتهاء أعمالها بتقديم تقرير مفصل بذلك الى البرلمان، ويتضمن هذا التقرير عادة جميع البيانات والمعلومات التي توصلت أليها اللجنة نتيجة التحقيق ويكون مدعوما باستنتاجاتها وتوصياتها ليتم بعد ذلك مناقشته والتصويت عليه من قبل البرلمان(1). وذلك لان اللجنة لا تستطيع اتخاذ قرارا نهائيا وقطعيا بشأن موضوع التحقيق، بل إن البرلمان نفسه لا يستطيع إن يخولها مثل هكذا حق ، إذ إن ذلك يعد بمثابة تنازلا منه عن اختصاصه الرقابي لجهة أخرى وهو مما لا يجوز(2). وإنما يكون القول الفصل للبرلمان ليقرر بشأنه أحد القرارات الآتية: -
1- قد يتوصل البرلمان من خلال تقرير اللجنة الى عدم وجود مخالفات مرتكبة من قبل الحكومة أو الوزير المختص بل على العكس يجد إنها قد قامت بواجباتها الدستورية على أكمل وجه، في هذه الحالة يقرر البرلمان غلق الموضوع وتجديد الثقة بالحكومة أو الوزير المختص .
2- وقد ينتهي تقرير اللجنة الى وجود نوع من التقصير من جانب الحكومة أو الوزير ولكنه لا يستوجب المساءلة ، وإنما يحتاج للإصلاح ورفع أثاره فتكون توصيات اللجنة مجرد توجيه ولفت نظر للحكومة لاتخاذ اللازم أما بالقيام بعمل معين أو بالامتناع عن أخر(3). وقد تستمر اللجنة في هذه الحالة بمتابعة الإجراءات التي تتخذها الحكومة تنفيذا لتوصياتها ورفع تقارير دورية بذلك الى البرلمان ، بحيث اذا لم تتخذ الحكومة تلك الإجراءات جاز للجنة إن تطلب مساءلتها سياسيا أو جنائيا(4).
3- وقد ينتهي تقرير اللجنة الى وجود نوع من القصور التشريعي ، ولا يعني ذلك مجرد وجود خلل أو ثغرة في تشريع قائم يحكم النشاط الحكومي ، وإنما يعني ايضا عدم وجود تشريع مطلقا يحكم هذا النشاط ، وفي هذه الحالة يسفر التحقيق البرلماني السياسي بشكل غير مباشر عن توصية باقتراح اصدار تشريع جديد أو اجراء تعديل في النصوص التشريعية القائمة(5).
4- وقد يتضمن تقرير اللجنة التحقيقية وجود مخالفات للدستور والقوانين أو تقصير واضح من جانب الحكومة أو الوزير المختص ، في هذه الحالة اذا وجد البرلمان بإن تلك المخالفات أو التقصير ذو طبيعة سياسية ، فيتحتم عليه في هذه الحالة أثارة مسؤولية الحكومة السياسية (التضامنية أو الفردية) وفقا للتنظيم الدستوري لكل دولة من الدول المقارنة ، ففي بريطانيا يصدر مجلس العموم قراره بتوجيه لوم للحكومة ، وأما في الكويت فيمكن تحويل التحقيق الى استجواب ومن ثم يتم طرح الثقة بالوزير أو تقرير عدم أمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء(6). وكذلك الحال بالنسبة للنظام الدستوري العراقي فلا يمكن تحريك مسؤولية الحكومة السياسية وطرح الثقة بها أو احد أعضائها بعد مناقشة تقرير اللجنة التحقيقية وإنما يجب إن يتم ذلك بعد استجواب موجه الى رئيس مجلس الوزراء أو احد الوزراء(7). و(من وجهة نظر الباحث) لابد من اجراء تعديل للمواد المتعلقة بطرح الثقة(8). بما يسمح لمجلس النواب بتحريك مسؤولية الحكومة أو الوزير السياسية وسحب الثقة ، بحيث يكون التحقيق وسيلة اضافية الى جانب الاستجواب . على اعتبار أنه أثناء التحقيق يتم الحصول على المعلومات من مصادرها المباشرة لا عن طريق الحكومة أو الوزراء كما هو الحال في الاستجواب الذي ينفرد به مقدمه بعكس لجنة التحقيق التي يتعدد اعضائها ، فضلا عن الصلاحيات التي تتمتع بها لأداء مهمتها مقارنة بتلك التي يتمتع بها مقدم الاستجواب ، كما إن المخالفات الواردة في تقرير اللجنة قد ثبتت بالأدلة القاطعة وتم مناقشتها وإتاحة الفرصة للحكومة أو الوزير المختص للدفاع عن نفسها .
5- وإذا وجد البرلمان بإن تلك المخالفات ذو طبيعة جنائية تقع تحت طائلة القوانين العقابية ، فعليه في هذه الحالة إثارة المسؤولية الجنائية وذلك بإحالة تقرير اللجنة التحقيقية وكافة البيانات والادلة الى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة(9). كإحالة تقرير اللجنة التحقيقية التي شكلها مجلس النواب العراقي بخصوص صفقة الأسلحة الروسية الى هيئة النزاهة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية(10).
__________
1- ينظر المادة (85) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لسنة 2007.
2- د. عبد الفتاح حسن ، مبادئ النظام الدستوري في الكويت ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 1968 ، ص 371.
3- مثل تبرئة لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية رئيس الوزراء البريطاني الاسبق (توني بلير) واتهام وزير الدفاع (جيف هون) بالتضليل في تقريرها بشأن الحرب على العراق وأسلحة الدمار الشامل ، ينظر الموقع الالكتروني لجريدة الشرق الاوسط ، العدد (9054) في 12 سبتمبر 2003 ، تم تسجيل الدخول في 1/6/2014 الساعة (6) مساء:
http://aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=9054&article=192498&feature=#.U5CPWXbgPIU
4- د. محمد قدري حسن ، رئيس الوزراء في النظم البرلمانية المعاصرة (دراسة مقارنة) ، دار الــفكر العربي ، القاهرة ، 1987 ، ص 363.
5- مثل اللجنة التحقيقية التي شكلها البرلمان البريطاني في سنة 1972 والتي سميت بلجنة ديبلوك "Diplock Committee " للتحقيق في اوضاع ايرلندا الشمالية ، وقد تضمن تقريرها العديد من التوصيات التي تبنى اغلبها البرلمان وعلى اساسها صدر قانون الطوارئ لإيرلندا الشمالية لسنة 1973. ينظر رياض محسن مجول ، التحقيق البرلماني في الانظمة السياسية البريطاني والامريكي والمصري والعراقي (دراسة مقارنة) ، أطروحة دكتوراه ، كلية القانون - جامعة بغداد ، 2006، ص 141.
6- كاللجنة التحقيقية التي شكلها مجلس الأمة للتحقيق في قضية الكتب الممنوعة في معرض الكويت سنة 1998 حيث تقدم اعضاء المجلس باستجواب لوزير الاعلام وتم مناقشته وقدموا طلبا لطرح الثقة به إلا أن الحكومة قدمت استقالتها قبل يوم واحد من تاريخ طرح الثقة في 10/3/1998 ، الموقع الالكتروني لمجلس الأمة الكويتي: http://www.kna.kw .
7- تغريد عبد القادر علي ، التحقيق البرلماني (دراسة عن التحقيق البرلماني في مجلس النواب العراقي) ، مجلة الحقوق ، كلية القانون ، الجامعة المستنصرية ، المجلد الرابع ، السنة السادسة ، العدد (19) ، 2012 ، ص 246.
8- المادة (61/ ثامنا/أ) من الدستور والمادة (63) من النظام الداخلي ليكون نصهما كما يأتي " ... ولا يجوز طرح الثقة بالوزير إلا بناء على رغبته أو طلب موقع من خمسين عضوا ، اثر مناقشة استجواب موجه اليه أو تحقيق برلماني... " . وكذلك المادة (61/ ثامنا/ ب - 2) من الدستور والمادة (64/ثانيا) من النظام الداخلي ليكون نصهما كما يأتي " ... ولا يجوز تقديم طلب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء إلا بعد استجواب موجه اليه أو تحقيق برلماني... ".
9- د. رمضان محمد بطيخ ، التطبيقات العملية لضوابط الحصانة البرلمانية ووسائل وإجراءات البرلمان الرقابية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،2001- 2002. ص 227.
10- ينظر محضر الجلسة رقم (4) المؤرخة في 9/1/2013 ، الموقع الالكتروني للمرصد النيابي العراقي: http://www.miqpm.org/ObservatoryReports.php
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة