إجراءات طرح موضوع عام للمناقشة في الدستور الكويتي لسنة 1962
المؤلف:
محمد عبد الكاظم عوفي
المصدر:
مسؤولية الحكومة السياسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص96-99
2025-12-13
31
نظمت المادة (112) من الدستور الكويتي لسنة 1962 بشكل عام الأحكام المتعلقة بكيفية تقديم الطلب المتعلق بطرح موضوع عام للمناقشة على مجلس الأمة بقولها " يجوز بناء على طلب موقع من خمسة اعضاء طرح موضوع عام على مجلس الأمة للمناقشة ، لاستيضاح سياسة الحكومة في شأنه وتبادل الرأي بصدده ، ولسائر الاعضاء حق الاشتراك في المناقشة " في حين تناولت المواد (146، 148 إلى 151) من اللائحة الداخلية للمجلس تفصيل تلك الأحكام وكما يلي :-
أولا :- الشروط المطلوبة لتقديم طلب لطرح موضوع عام للمناقشة :- يشترط في الطلب المقدم من قبل مجموعة من اعضاء مجلس الأمة إلى رئاسة المجلس لطرح موضوع عام للمناقشة نوعين من الشروط . وهما : الشروط الموضوعية والشروط الشكلية .
1.الشروط الموضوعية : وتتمثل تلك الشروط بما يأتي :-
أ- يجب إن يكون موضوع الطلب موضوعا عاما :- إن عمومية الموضوع المطلوب طرحه امام مجلس الأمة للنقاش العام يعتبر جزء لا يتجزأ من طبيعة المناقشة العامة ، كما إن هذه العمومية تعد في الوقت ذاته شرطا أساسيا من شروط قبول هذا الطلب من قبل مقدميه ، ويترتب على هذا الشرط وجوب إن لا يكون الطلب المقدم متعلقا بالمصالح الخاصة لمقدميه وإنما يجب إن يسعى هؤلاء من وراء تقديمه إلى تحقيق المصلحة العامة لا غيرها ، وألا فقد الطلب احد شروطه الموضوعية وهو شرط العمومية ، ومن ثم استبعاده وعدم النظر فيه ، كل ذلك وفقا لتقدير المجلس في كل حالة(1).
ب- يجب إن يكون الطلب الموجه مما يدخل في نطاق اختصاصات الحكومة أو احد الوزراء :- حيث إن من أهم الشروط المطلوبة في الطلب المقدم لطرح موضوع عام للمناقشة إن يكون متعلقا بشأن من الشؤون التي تدخل في اختصاص الحكومة أو احد الوزراء ، وهذا الشرط مستفاد من المادة (148) اللائحة الداخلية لمجلس الأمة التي نصت على إن " يبلغ رئيس المجلس طلب المناقشة إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص حسب الأحوال ... ". فطلب طرح موضوع عام للمناقشة يجب إن لا يكون خارجا عن نطاق الاختصاص الحكومي ، فهناك بعض الموضوعات لا يمكن إن تكون موضوعاً لأي مناقشة العامة كما هو الحال بالنسبة للسؤال البرلماني ، ومن بين تلك الموضوعات الاختصاصات التي يمارسها رئيس الدولة (الأمير) بشكل منفرد عن الحكومة استنادا لمبدأ عدم مسؤوليته سياسيا ، كاختياره احد الأشخاص ليكون وكيلا عنه ، أو اختياره احد أفراد الاسرة الحاكمة ليكون وليا للعهد أو اختياره نائبا له (2). وغيرها من الامور كحق العفو الخاص(3). كذلك تخرج أعمال السلطة القضائية واختصاصاتها عن نطاق أعمال الرقابة البرلمانية بما فيها طرح موضوع عام للمناقشة أعمالا لمبدأ الفصل بين السلطات واحتراما لاستقلال السلطة القضائية(4). وكذلك الموضوعات التي تدخل في اختصاصات الحكومات الأجنبية كما في السؤال البرلماني .
ج- يجب إن لا ينطوي طلب طرح موضوع عام للمناقشة على موضوع مخالف لأحكام الدستور أو فيه مخالفة لمصلحة الدولة العليا وإن لا يتضمن مساسا بحقوق الأفراد وحرياتهم الشخصية .
د- إن يتضمن الطلب على وجه التحديد الموضوع المراد مناقشته :- من الشروط الموضوعية للطلب المقدم لطرح موضوع عام للمناقشة ، وجوب إن يحدد ذلك الطلب الموضوع المطلوب مناقشته تحديدا دقيقا والأسباب التي يستند أليها مقدميه في تقديمه . ولا يجوز تقديم طلب مناقشة عامة بخصوص موضوع سبق للمجلس إن ناقشه وفصل فيه في نفس الفصل التشريعي لانه يسقط بانتهاء هذا الفصل ، أما انتهاء دور الانعقاد فلا يؤدي لسقوط هذا الطلب (5).
2- الشروط الشكلية : وتتمثل تلك الشروط بما يأتي :-
أ- يجب إن يكون الطلب مكتوبا وموقعا من العدد المسموح به :- وهذا الشرط مستفاد من المادة (112) من الدستور التي نصت على أنه " يجوز بناء على طلب موقع من خمسة اعضاء طرح موضوع عام على مجلس الأمة للمناقشة..." ، وما نصت عليه المادة (146) من اللائحة الداخلية للمجلس بقولها " يجوز بناء على طلب موقع من عدد لا يزيد على خمسة اعضاء ولا يقل عن هذا العدد طرح موضوع عام على المجلس للمناقشة ..." ، فلا يجوز أذن تقديم هذا الطلب من قبل عضو واحد من اعضاء المجلس بمفرده كما هو الحال بالنسبة للسؤال ، ويذهب البعض إلى عدم جواز تقديم الطلب من قبل أكثر من خمسة اعضاء لان ذلك يؤدي إلى خلق التكتلات داخل المجلس مما يؤدي إلى إحراج الحكومة(6). ورأي أخر يذهب إلى خلاف ذلك لان هذا العدد يمثل الحد الأدنى وإن التكتلات يمكن إن توجد وقت مناقشة الموضوع وليس وقت تقديمه ومن ثم فيجوز إن يقدم الطلب من قبل أكثر من خمسة اعضاء(7). وهذا ما تؤكده الممارسة البرلمانية(8). كما إن النصوص المذكورة تشجع العمل التكتلي داخل مجلس الامة(9). وهذا الشرط ينطبق فقط على الطلب المقدم من قبل اعضاء مجلس الأمة ، وأما الطلب المقدم من قبل الحكومة فلا يتطلب فيه مثل هذا الشرط .
ب- يجب إن لا يتضمن الطلب عبارات غير لائقة :- وهذا الشرط لم تنص عليه اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي ولكنه قد استقر الامر على العمل بموجبه من الناحية العملية .
ج- يجب إن يكون الطلب مدرجا في جدول أعمال المجلس :- الأصل لا يجوز إن يقدم الطلب أثناء أحدى جلسات البرلمان وإنما يجب إن يكون مدرجا في جدول أعماله ، ولكن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة واستثناء من هذا الأصل أجازت تقديم طلبات المناقشة العامة بعد توزيع جدول الأعمال أو أثناء جلسات مجلس الأمة ولكن بشرط إن يتم ذلك بعد الحصول على أذن من رئيس المجلس ، ويجوز لرئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص إن يطلب تأجيل نظره إلى موعد لا يزيد عن أسبوعين ولا يجوز التأجيل أكثر من تلك المدة ألا بقرار من المجلس(10).
ثانيا :- قبول الطلب وتبليغه إلى الشخص الموجه اليه :- فاذا توافرت في هذا الطلب الشروط المذكورة فيقوم رئيس المجلس فور تقديمه بتبليغه إلى الشخص الموجه اليه ويدرج في جدول أعمال الجلسة التالية من تاريخ أبلاغه لتحديد موعد لنظره ، ويجوز لرئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص إن يطلب تأجيل نظره ، إلى موعد لا يزيد عن أسبوعين ويتعين على المجلس الاستجابة لهذا الطلب ولا يجوز التأجيل أكثر من تلك المدة ألا بقرار من المجلس . كما أجازت اللائحة الداخلية للمجلس في جميع الأحوال إن يقرر تحويل الطلب المتعلق بطرح موضوع عام للمناقشة إلى لجنة من لجانه وذلك لبحثه وتقديم تقرير عنه قبل البت فيه(11). ويجوز للمجلس إرجاء النظر في الطلب أو استبعاده اذا رأى إن موضوعه غير صالح للمناقشة أو لم تتوافر فيه الشروط المذكورة(12).
ثالثا :- انتهاء المناقشة العامة وسقوط الطلب :- تنتهي المناقشة العامة وتسقط وفقا لما يلي :-
1- الاجابة وانتهاء المناقشة العامة :- تنتهي المناقشة العامة أما بأقفال باب المناقشة والانتقال إلى جدول الأعمال ، وذلك بعد إن تكون الحكومة أو الوزير المختص قد بينت رأيها بالموضوع ، وبعد إن يكون اعضاء مجلس الأمة قد ابدوا ما لديهم من ملاحظات وأراء واقتناعهم بإجابة الشخص الموجه اليه طلب المناقشة(13). وقد تنتهي تلك المناقشة بأصدار قرار أخر كقرار برغبة مثلا(14). وإن لم يقتنعوا بتلك الاجابة فيجوز اللجوء الى اجراء اخر كالتحقيق البرلماني أو الاستجواب البرلماني(15).
2- سقوط طلب طرح موضوع عام للمناقشة :- يسقط هذا الطلب وفقا لأحدى الحالات الاتية :-
أ- عكس السؤال البرلماني يسقط طلب طرح موضوع عام للمناقشة اذا تغيب مقدموه عن الحضور في الجلسة المحددة لنظره أو تنازلوا عنه ، ما لم يتبناه خمسة اعضاء آخرين من اعضاء المجلس(16).
ب- اذا انتهى الفصل التشريعي للمجلس ، أما انتهاء دور الانعقاد فلا يؤدي لسقوط هذا الطلب .
ج- أذا انتهت عضوية مقدمي الطلب لأي سبب من الاسباب ، ما لم يتبناه خمسة اعضاء آخرين.
د- اذا تخلى من وجه اليه الطلب عن منصبه(17).
________________
1- د. محمد باهي أبو يونس ، الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2012 ، ص 103 وما بعدها .
2- ينظر المواد (4 و 54 و 61 ) من الدستور الكويتي لسنة 1962.
3- ينظر المادة (75) من الدستور الكويتي لسنة 1962.
4- ينظر المادتان (50 و 163) من الدستور الكويتي لسنة 1962.
5- د. عادل الطبطبائي ، النظام الدستوري في الكويت (دراسة مقارنة) ، مؤسسة دار العلوم ، الكويت ، 1985، ص 807.
6- د. عادل الطبطبائي ، النظام الدستوري في الكويت (دراسة مقارنة) ، مؤسسة دار العلوم ، الكويت ، 1985 ، ص 806.
7- د. محمد باهي أبو يونس ، الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2012 ، ص 108.
8- مثال ذلك طلب المناقشة المقدم في جلسة 2/4/2007 بشأن ايقاف وزارة الصحة القرارات الخاصة بالعلاج بالخارج لاستيضاح سياسة الحكومة بشأنه وتبادل الرأي بصدده ، الفصل التشريعي (11) ، دور الانعقاد العادي (2) ، انجازات مجلس الأمة ، اصدار مجلس الأمة ، ص 108.
9- د. محمد عبد المحسن المقاطع ، الاحزاب السياسية في الكويت بين الضرورة البرلمانية والمشروعية القانونية (دراسة تحليلية) ، مجلة القانون والاقتصاد ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، العدد (67) ، 1997 ، ص 156.
10- ينظر المادة (149) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة 1963.
11- ينظر المادة (150) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة 1963.
12- ينظر المادة (148) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة 1963.
13- د. عبد الفتاح حسن ، مبادئ النظام الدستوري في الكويت ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 1968 ، ص 367. وكذلك د. يحيى الجمل ، النظام الدستوري في الكويت مع مقدمة في دراسة المبادئ الدستورية العامة ، مطبوعات جامعة الكويت ، كلية الحقوق والشريعة ، 1970-1971 ، ص 376 . ود. احمد الموافي ، مبادئ القــــــانون الــــــــــــدستوري الـــكويتي ، مصر للخدمات العلمية ، القــــاهرة ، 2004. ص 224.
14- تنص المادة (113) من الدستور الكويتي لسنة 1963 على أن " لمجلس الامة ابداء رغبات للحكومة في المسائل العامة ، وأن تعذر على الحكومة الاخذ بهذه الرغبات وجب أن تبين للمجلس اسباب ذلك ، وللمجلس أن يعقب مرة واحدة على بيان الحكومة " . وكذلك ينظر المواد (117-120) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة 1963.
15- مثال ذلك طلب المناقشة المقدم في جلسة 25/6/2007 بشأن بعض القوانين الخاصة بالنشاط الرياضي لاستيضاح سياسة الحكومة بشأنها وتبادل الرأي بصددها حيث تم التوصية بتكليف لجنة الشباب والرياضة بالتحقيق حول تطبيق تلك القوانين، الفصل التشريعي (11) ، دور الانعقاد العادي (2) ، انجازات مجلس الأمة ، ص 108.
16- ينظر المادة (151) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة 1963.
17- يلاحظ بأن الأسباب الواردة في الفقرات (ب – ج - د) المذكورة آنفا لم تنص عليها اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بشكل صريح ، ولكن ماهي إلا تطبيق للقواعد العامة التي تؤدي إلى سقوط السؤال البرلماني وهي تؤدي أيضا إلى سقوط طلب طرح موضوع عام للمناقشة . عثمان عبد الملك الصالح ، الرقابة البرلمانية على أعمال الإدارة في الكويت (دراسة نظرية تطبيقية) ، مجلة الحقوق ، كلية الحقوق ، جامعة الكويت ، السنة الخامسة ، العدد الرابع ، 1981 ، ص 20. وكذلك د. عادل الطبطبائي ، النظام الدستوري في الكويت ، مصدر سابق ، ص 807 .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة