تفسير أهل البيت عليهم السّلام في قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص113-115.
2025-12-05
52
تفسير أهل البيت عليهم السّلام في قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً
س/ ما هو تفسير أهل البيت عليهم السّلام في قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} [النساء : 137].
الجواب / وردت روايات عديدة في معنى هذه الآية الشريفة نذكر منها روايتين :
1 - قال جابر : قلت لمحمّد بن عليّ عليه السّلام ، قول اللّه في كتابه : الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ؟ قال : « هما ، والثالث ، والرابع ، وعبد الرحمن ، وطلحة ، وكانوا سبعة عشر رجلا » .
قال : « لمّا وجه النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم علي بن أبي طالب عليه السّلام وعمّار بن ياسر ( رحمه اللّه ) إلى أهل مكّة ، قالوا : بعث هذا الصبيّ ، ولو بعث غيره إلى أهل مكّة وفي مكّة صناديدها . وكانوا يسمّون عليّا عليه السّلام الصبيّ ، لأنّه كان اسمه في كتاب اللّه الصبيّ لقول اللّه عزّ وجلّ :{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً} وهو صبيّ {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت : 33].
فقالوا : واللّه الكفر بنا أولى ممّا نحن فيه . فساروا ، فقالوا : لهما وخوّفوهما بأهل مكّة ، فعرضوا لهما ، وغلّظوا عليهما الأمر ، فقال عليّ ( صلوات اللّه عليه ) : حسبنا اللّه ونعم الوكيل ، ومضى . فلمّا دخلا مكّة أخبر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بقولهم لعليّ عليه السّلام وبقول عليّ عليه السّلام لهم ، فأنزل اللّه بأسمائهم في كتابه ، وذلك قول اللّه : ألم تر إلى {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } [آل عمران: 173، 174]. وإنّما نزلت : « ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليا وعمارا فقالا : إن أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل » وهما اللذان قال اللّه : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا إلى آخر الآية ، فهذا أوّل كفرهم ، والكفر الثاني حين قال النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : يطلع عليكم من هذا الشّعب رجل ، فيطلع عليكم بوجهه ، فمثله عند اللّه كمثل عيسى . لم يبق منهم أحد إلّا تمنّى أن يكون بعض أهله ، فإذا بعليّ عليه السّلام قد خرج وطلع بوجهه .
وقال : هو هذا ! فخرجوا غضبانا ، وقالوا : ما بقي إلّا أن يجعله نبيّا ، واللّه الرجوع إلى آلهتنا خير ممّا نسمع منه في ابن عمّه ، وليصدّنا عليّ إن دام هذا ، فأنزل اللّه وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ {مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف : 57] الآية ، فهذا الكفر الثاني ، زاد الكفر بالكفر حين قال اللّه : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة : 7] فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : يا عليّ أصبحت وأمسيت خير البريّة . فقال له الناس : هو خير من آدم ونوح ومن إبراهيم ومن الأنبياء ؟
فأنزل اللّه {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران : 33، 34] قالوا : فهو خير منك يا محمّد ؟
وقال اللّه : {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] ولكنّه خير منكم ، وذرّيّته خير من ذرّيتكم ، ومن اتّبعه خير ممّن اتّبعكم . فقاموا غضابا ، وقالوا زيادة : الرجوع إلى الكفر أهون علينا ممّا يقول في ابن عمّه .
وذلك قول اللّه :{ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً }« 1 ».
2 - قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في أوّل الأمر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية حين قال النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، ثمّ آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السّلام ، ثم كفروا حيث مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فلم يقرّوا بالبيعة ، ثمّ ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم ، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء » « 2 ».
______________
( 1 ) تفسير العيّاشي : ج 1 ، ص 279 ، ح 286 .
( 2 ) الكافي : ج 1 ، ص 348 ، ح 42 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة