موت سليمان ودابة الأرض
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
تفسير الصافي
الجزء والصفحة:
ج4، ص213 - 215
2025-09-27
192
قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ: 14]
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} أي على سليمان {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} أي الأرضة والأرض فعلها اضيفت إليه تأكل منسأته عصاه من نساه إذا طرده فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين في المجمع وفي الشواذ تبينت الأنس ثم نسبها إلى السجاد والصادق (عليهما السلام) ويأتي ذكرها.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال إن الله عز وجل أوحى إلى سليمان بن داود (عليه السلام) أن آية موتك أن شجرة تخرج من بيت المقدس يقال لها الخرنوبة قال فنظر سليمان يوما فإذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت من بيت المقدس فقال لها ما اسمك قالت الخرنوبة قال فولى سليمان مدبرا إلى محرابه فقام فيه متكئا على عصاه فقبض روحه من ساعته قال فجعلت الجن والأنس يخدمونه ويسعون في أمره كما كانوا وهم يظنون أنه حي لم يمت يغدون ويروحون وهو قائم ثابت حتى دبت الأرضة من عصاه فأكلت منسأته فانكسرت وخر سليمان إلى الأرض أفلا تسمع لقوله عز وجل فلما خر تبينت الجن الآية.
وفي العلل عن الباقر (عليه السلام) قال أمر سليمان بن داود (عليه السلام) الجن فصنعوا له قبة من قوارير فبينا هو متكئ على عصاه في القبة ينظر إلى الجن كيف يعملون وينظرون إليه إذ حانت منه التفاتة فإذا هو برجل معه في القبة ففزع منه فقال له من أنت قال أنا الذي لا أقبل الرشا ولا أهاب الملوك أنا ملك الموت فقبضه وهو متكئ على عصاه في القبة والجن ينظرون إليه قال فمكثوا سنة يدأبون له حتى بعث الله عز وجل الأرضة فأكلت منسأته وهي العصا فلما خر تبينت الجن الآية.
قال (عليه السلام) فالجن يشكر الأرضة بما عملت بعصا سليمان فما تكاد تراها في مكان إلا وعندها ماء وطين.
والقمي قال لما أوحى الله إلى سليمان أنك ميت أمر الشياطين أن تتخذ له بيتا من قوارير ووضعوه في لجة البحر ودخله سليمان فاتكى على عصاه وكان يقرء الزبور والشياطين حوله ينظرون إليه ولا يجسرون أن يبرحوا فبينا هو كذلك إذا حانت منه التفاتة ثم ذكر كالحديث السابق ثم قال فلما خر على وجهه تبينت الأنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين فهكذا نزلت هذه الآية وذلك أن
الأنس كانوا يقولون إن الجن يعلمون الغيب فلما سقط سليمان (عليه السلام) على وجهه علموا أن لو يعلم الجن الغيب لم يعملوا سنة لسليمان (عليه السلام) وهو ميت ويتوهمونه حيا.
وفي العيون والعلل عن الرضا عن أبيه : إن سليمان بن داود (عليه السلام) قال ذات يوم لأصحابه إن الله تعالى وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي سخر لي الريح والجن والانس والطير والوحوش وعلمني منطق الطير وآتاني من كل شيء ومع جميع ما اوتيت من الملك ما تم لي سرور يوم إلى الليل وقد أحببت أن أدخل قصري في غد فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي ولا تأذنوا لأحد عليّ لئلا يرد عليّ ما ينقص عليّ يومي قالوا نعم فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلى موضع من قصره ووقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه مسرورا بما اوتي فرحا بما اعطي إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره فلما بصر به سليمان (عليه السلام) قال له من أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم فبإذن من دخلت قال الشاب أدخلني هذا القصر ربه وبإذنه دخلت فقال ربه أحق به مني فمن أنت قال أنا ملك الموت قال وفيما جئت قال جئت لأقبض روحك قال امض لما امرت به فهذا يوم سروري وأبى الله عز وجل أن يكون لي سرور دون لقائه فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه فبقي سليمان متكئا على عصاه وهو ميت ما شاء الله والناس ينظرون إليه وهم يقدرون انه حي فافتتنوا فيه واختلفوا فمنهم من قال قد بقي سليمان (عليه السلام) متكئا على عصاه هذه الايام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم ولم يأكل ولم يشرب إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده وقال قوم إن سليمان ساحر وأنه يرينا أنه واقف متكئ على عصاه يسحر أعيننا وليس كذلك فقال المؤمنون إن سليمان هو عبد الله ونبيه يدبر الله أمره بما يشاء فلما اختلفوا بعث الله عز وجل الأرضة فدبت في عصاه فلما أكلت جوفه انكسرت العصا وخر سليمان من قصره على وجهه فشكرت الجن للأرضة صنيعها فلأجل ذلك لا توجد الأرضة في مكان إلا وعندها ماء وطين وذلك قول الله عز وجل فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الارض تأكل منسأته يعني عصاه فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا الآية.
ثم قال الصادق (عليه السلام) والله ما نزلت هذه الآية هكذا وإنما نزلت فلما خر
تبينت الأنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
وفي الأحتجاج عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل كيف صعدت الشياطين إلى السماء وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود (عليه السلام) من البناء ما يعجز عنه ولد آدم قال غلظوا لسليمان كما سخروا وهم خلق رقيق غذاهم التنسم والدليل على ذلك صعودهم إلى السماء لأستراق السمع ولا يقدر الجسم الكثيف على الأرتقاء إليها إلا بسلم أو سبب.
في الأكمال عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عاش سليمان بن داود سبعمأة سنة واثنتي عشرة سنة.
الاكثر قراءة في قصة النبي سليمان وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة