النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
المعتمد العباسي الذي قتل الإمام العسكري "ع"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
الإمام الحسن العسكري "ع" والد الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص419-428
2025-09-01
128
غضب الله على العباسيين فسلط عليهم غلمانهم !
قال اليعقوبي في البلدان « 1 / 16 » يصف حكم خمسة خلفاء عباسيين في بضع سنوات : « مات المنتصر بسر من رأى في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين . ووليَ المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم ، فأقام بسر من رأى سنتين وثمانية أشهر ، حتى اضطربت أموره فانحدر إلى بغداد في المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين ، فأقام بها يحارب أصحاب المعتز سنة كاملة ، والمعتز بسر من رأى معه الأتراك وسائر الموالي . ثم خُلع المستعين ووليَ المعتز ، فأقام بها حتى قتل ثلاث سنين وسبعة أشهر بعد خلع المستعين ، وبويع محمد المهتدي بن الواثق في رجب سنة خمس وخمسين ومائتن ، فأقام حولاً كاملاً ينزل الجوسق حتى قُتل .
وولي أحمد المعتمد بن المتوكل فأقام بسر من رأى في الجوسق وقصور الخلافة ، ثم انتقل إلى الجانب الشرقي بسر من رأى ، فبنى قصراً موصوفاً بالحسن سماه المعشوق فنزله فأقام به حتى اضطربت الأمور فانتقل إلى بغداد ، ثم إلى المدائن » .
أقول : في هذه المرحلة اضطرب نظام الخلافة ، وقصرت أعمار الخلفاء ، ووقع الصراع بينهم ، وبينهم وبين قادة جيشهم الأتراك ، وبين الأتراك أنفسهم .
وفي هذه الصراعات كانوا يقتلون الخليفة الذي لا يعجبهم ، ويختارون عباسياً غيره . وكانت طريقة قتل الخليفة غالباً بعصر خصيتيه !
ثم حدثت تطورات بعد شهادة الإمام الهادي ( عليه السلام ) ، فظهرت حركة الزنج في البصرة ، وحركة الخوارج في الموصل وخراسان ، وانقسم الترك إلى قسمين : قسم مع المهتدي في سامراء بقيادة صالح بن وصيف ، وقسم ضدهم بقيادة موسى بن بغا ، وكانت نهاية المهتدي لأنه حاول أن يُوقِع بين الأتراك ، فاتفقوا عليه فكشف مؤامرتهم ، فقتل القائد بايكباك ، فجاش الترك عليه وهاجموه ، وكانت بينهم معارك انتهت بهزيمة المهتدي وقتله .
قال الطبري « 7 / 584 » : « ودفعوه إلى رجل فوطأ على خصييه حتى قتله » !
المعتمد طال عمره بعد خمسة خلفاء قصار الأعمار
قال السيوطي في تاريخ الخلفاء ملخصاً ( 1 / 363 ) : ( أبو العباس المعتمد على الله أبو العباس ، وقيل أبو جعفر ، أحمد بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد : ولد سنة تسع وعشرين ومائتين ، وأمه رومية اسمها فتيان .
ولما قتل المهتدي كان المعتمد محبوساً بالجوسق فأخرجوه وبايعوه ، ثم إنه استعمل أخاه الموفق طلحة على المشرق ، وصير ابنه جعفراً ولي عهده وولاه مصر والمغرب ، ولقبه المفوض إلى الله . وانهمك المعتمد في اللهو واللذات ، واشتغل عن الرعية ، فكرهه الناس ، وأحبوا أخاه طلحة !
وفي أيامه دخلت الزنج البصرة وأعمالها ، وأخربوها وبذلوا السيف وأحرقوا وخربوا وَسَبَوْا ، وجرى بينهم وبين عسكره عدة وقعات وأمير عسكره في أكثرها الموفق أخوه ، وأعقب ذلك الوباء الذي لا يكاد يتخلف عن الملاحم بالعراق ، فمات خلق لا يحصون ، ثم أعقبه هدات وزلازل ، فمات تحت الردم ألوف من الناس !
واستمر القتال مع الزنج من حين تولى المعتمد سنة ست وخمسين إلى سنة سبعين ، فقتل فيها رأس الزنج لعنه الله ، واسمه بهبوذ ، وكان ادعى أنه أُرْسِلَ إلى الخلق فرد الرسالة ، وأنه مطلع على المغيبات !
وذكر الصولي أنه قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مائة ألف آدمي ، وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاث مائة ألف !
وكان له منبر في مدينة يصعد عليه ويسب عثمان وعلياً ومعاوية وطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم . وكان ينادي على المرأة العلوية في عسكره بدرهمين وثلاثة ! وكان عند الواحد من الزنج العشر من العلويات يطؤهن ويستخدمهن . ولما قتل هذا الخبيث دخل برأسه بغداد على رمح وعملت قباب الزينة ، وضج الناس بالدعاء للموفق ومدحه الشعراء ، وكان يوماً مشهوداً ، وأمن الناس وتراجعوا إلى المدن التي أخذها ، وهي كثيرة كواسط ورامهرمز . . وفي سنة ست وستين وصلت عساكر الروم إلى ديار بكر ففتكوا ، وهرب أهل الجزيرة والموصل . وفيها وثب الأعراب على كسوة الكعبة فانتهبوها ) .
الموفق يحجر على أخيه الخليفة لأنه سفيه !
وأضاف السيوطي : ( وفي سنة تسع وستين اشتد تخيل ( تخوف ) المعتمد من أخيه الموفق ، فإنه كان خرج عليه في سنة أربع وستين ، ثم اصطلحا ، فلما اشتد تخيله منه هذا العام كاتب المعتمد ابن طولون نائبه بمصر واتفقا على أمر ، فخرج ابن طولون حتى قدم دمشق ، وخرج المعتمد من سامرا على وجهة التنزه وقَصْدُهُ دمشق ، فلما بلغ ذلك الموفق كتب إلى إسحاق بن كنداج ليرده ، فركب ابن كنداج من نصيبين إلى المعتمد فلقيه بين الموصل والحديثة ، فقال : يا أمير المؤمنين أخوك في وجه العدو وأنت تخرج عن مستقرك ! فتلقَّاه صاعد بن مخلد كاتب الموفق ، فسلمه إسحاق إليه ، فأنزله في دار أحمد بن الخصيب ومنعه من نزول دار الخلافة ، ووكل به خمس مائة رجل يمنعون من الدخول إليه . . وأقام صاعد في خدمة المعتمد ، ولكن ليس للمعتمد حل ولاربط ، وقال المعتمد في ذلك :
أليس من العجائب أن مثلي * يرى ما قلَّ ممتنعاً عليه
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعاً * وما من ذاك شئٌ في يديه
إليه تحمل الأموال طراً * ويُمنع بعض ما يجبى إليه
وهو أول خليفة قُهر وحُجر عليه . . ثم في شعبان من سنة سبعين أعيد المعتمد إلى سامراء ، ودخل بغداد ومحمد بن طاهر بين يديه بالحربة والجيش في خدمته ، كأنه لم يحُجر عليه . .
وفي سنة ثمان وسبعين غار نيل مصر ، فلم يبق منه شئ ، وغلت الأسعار . وفيها مات الموفق واستراح منه المعتمد .
وفيها ظهرت القرامطة بالكوفة ، وهم نوع من الملاحدة يدَّعون أنه لاغسل من الجنابة ، وأن الخمر حلال . .
وفي سنة تسع وسبعين ضعف أمر المعتمد جداً ، لتمكن أبي العباس بن الموفق من الأمور وطاعة الجيش له ، فجلس المعتمد مجلساً عاماً ، وأشهد فيه على نفسه أنه خلع ولده المفوض من ولاية العهد ، وبايع لأبي العباس ولقبه المعتضد . . ومات المعتمد بعد أشهر من هذه السنة فجأةً ، فقيل إنه سُمَّ ، وقيل بل نام فغُمَّ في بساط ، وذلك ليلة الاثنين لإحدى عشرة بقيت من رجب ، وكانت خلافته ثلاثاً وعشرين سنة ) .
وقال الذهبي في تاريخه ( 20 / 31 ) : ( وخرج المعتمد من سامراء على وجه التنزُّه وقصده دمشق . . فخرج إليه نحرير الخادم . . فقال : يا أمير المؤمنين أخوك في وجه العدو ، وأنت تخرج عن مستقرك ودار ملكك ، وهذا كتاب أخيك يأمرنا بردك . فقال : أنت غلامي أو غلامه ؟ فقال : كلنا غلمانك ما أطعت الله ، فإذا عصيته فلا طاعة لك ) .
وفي الكامل ( 7 / 456 ) : ( توفي المعتمد على الله ليلة الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب ببغداد ( سنة 279 ) وكان قد شرب على الشط في الحسني ببغداد يوم الأحد شراباً كثيراً ، وتعشى فأكثر فمات ليلاً . وأحضر المعتضد القضاة وأعيان الناس فنظروا إليه ، وحُمل إلى سامرا فدُفن بها ، وكان عمره خمسين سنة وستة أشهر ، وكان أسن من الموفق بستة أشهر . . وكان أول الخلفاء انتقل من سر من رأى مُذ بُنيت ، ثم لم يعد إليها أحد منهم ) .
وفي تاريخ الخميس ( 2 / 344 ) : ( وتوفيَ أمير المؤمنين المعتمد على الله ، ولم تطل أيامه بعد أخيه الموفق ، مات المعتمد فجاءةً وهو سكران ، وقيل سُمَّ في لحم ، وقيل رُمِيَ في رصاص مذاب ، وقيل وقع في حفرة ببغداد ، في تاسع شهر رجب سنة تسع وسبعين ومائتين ، فكانت خلافته ثلاثاً وعشرين سنة . . ليس له فيها إلا مجرد الاسم فقط ، والأمر كله لأخيه الموفق طلحة ، ثم بعده لابنه المعتضد أحمد الخليفة . .
ذكر خلافة المعتضد : مولده في سنة اثنتين وأربعين ومائتين في ذي القعدة في أيام جده . كان أسمر نحيفاً معتدل الخلق ، وكان يَقْدِرُ على الأسد وحده ، وتغير مزاجه لإفراط الجماع ) .
أقول : وفي زمن المعتمد كانت ثورة يعقوب بن ليث الصفار على الخلافة . قال الذهبي في سيره ( 12 / 542 ) : ( وأعيا المعتمد شأن الصفار وحار ، فلانَ له وبعث إليه بالخلع وبولاية خراسان وجرجان ، فلم يرض بذلك ، حتى يجئ إلى سامراء ، وأضمر الشر ، فتحول المعتمد إلى بغداد ، وأقبل الصفار بكتائب كالجبال . فقيل كانوا سبعين ألف فارس ، وثقله على عشرة آلاف جمل ، فأناخ بواسط في سنة اثنتين وستين ، وانضمت العساكر المعتمدية ، ثم زحف الصفار إلى دير عاقول ، فجهز المعتمد للملتقى أخاه الموفق وموسى بن بغا ومسروراً ، فالتقى الجمعان في رجب واشتد القتال ، فكانت الهزيمة أولاً على الموفق ، ثم صارت على الصفار وانهزم جيشه ، فقيل : نهب منهم عشرة آلاف فرس ، ومن العين ألفا ألف دينار ، ومن الأمتعة ما لا يحصى . .
وفي سنة 265 ، مات يعقوب بن الليث الصفار المتغلب على خراسان وفارس بالأهواز ، فقام بعده أخوه عمرو ودخل في الطاعة ، واستنابه الموفق على المشرق وبعث إليه بالخلع . وقيل : بلغت تركة الصفار ثلاثة آلاف ألف دينار ، ودفن بجندسابور . وكتب على قبره : هذا قبر المسكين يعقوب . وكان في صباه يعمل في ضرب النحاس بدرهمين ) !
كان المعتمد يعرف الأئمة ( عليهم السلام ) جيداً
روى الخصيبي في الهداية / 383 ، عن أحمد بن مطهر أنه : ( دخل على عبد الصمد بن موسى ، فأخبره بوفاة أبي محمد ( عليه السلام ) ، فركب عبد الصمد إلى الوزير وأخبره بذلك ، فركب الوزير وعبد الصمد بن موسى بن بغا إلى المعتمد وأخبراه بوفاة أبي محمد ( عليه السلام ) ، فأمر المعتمد أخاه بالركوب والوزير وعبد الصمد إلى دار أبي محمد حتى ينظروا إليه ويكشفوا عن وجهه ، ويغسلوه ويكفنوه ويصلوا عليه ويدفنوه مع أبيه ( عليه السلام ) ، وينظروا من خلَّفَ ويرجعوا إليه بالخبر .
وتقدم إلى سائر الخاصة والعامة والدون أن يحضروا الصلاة عليه ، ففعل أبو عيسى والوزير وعبد الصمد جميع ما أمروا به ، ونظروا إلى من في الدار وانصرفوا إلى المعتمد ، فقال المعتمد لأخيه أبي عيسى : أبشر إنك ستلي الخلافة ، لأن أخانا المعتز لما توفي أبو الحسن علي بن محمد ، فخرجت وصليت وصلى بصلاتنا في الدار لأنه كان التكبير يصل ، فلما دفنا أبا الحسن ( عليه السلام ) ورجعت قال : أبشر يا أحمد فإنك صليت على أبي الحسن ، وأنت تجازى بالخلافة بصلاتك عليه ، وأنت يا أبا عيسى قد صليت على أبي الحسن ، وأرجو أن تجازى بالخلافة مثلي ) .
أقول : معنى ذلك أن هذا ( الخليفة ) يعتقد بأن مكانة الإمام الهادي ( عليه السلام ) عند الله تعالى كبيرة ، حتى أن صلاة الشخص على جنازته ، توجب له أن يكون خليفة ، كما قال أخوه المعتز . وكذلك مكانة ابنه الحسن العسكري كبيرة عند الله تعالى كأبيه ( عليهما السلام ) ، ومجرد الصلاة على جنازته توجب للمصلي أن يكون خليفة .
وكأن هذا تسبيبٌ تكويني ، حتى لو كان المصلي إماماً على جنازة الإمام ( عليه السلام ) هو الذي قتله ، أو اشترك في قتله !
فالخلفاء العباسية يعتقدون أن في الأئمة من عترة النبي ( صلى الله عليه وآله ) سراً غيبياً ، يؤثر في من يؤدي لهم خدمة حتى لو كان عدوهم ! وهذا اعتقاد اليهود في أنبيائهم !
وهو من جهة ثانية اعتراف بأن الخلفاء العباسية يقرون على أنفسهم بأنهم طلاب دنيا ، حتى لو كانت بالتقرب الشكلي من أصحاب السر الغيبي ، أو بقتلهم وسرقة هذا السر بالصلاة على جنازتهم !
لكن أخطأ المعتمد ، لأن أخاه الموفق الذي صلى على جنازة الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) مات في حياته أو قتله ، بعد أن حجر عليه التصرف !
كما يدل على ما ذكرنا جواب رئيس الوزراء ابن خاقان لجعفر الكذاب كما رواه ابنه أحمد ( الكافي : 1 / 504 ) : ( فجاء جعفر بعد ذلك إلى أبي فقال : اجعل لي مرتبه أخي وأوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار ، فزبره أبي وأسمعه ، وقال له : يا أحمق السلطان جرد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردهم عن ذلك ، فلم يتهيأ له ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك أو أخيك إماماً ، فلا حاجة بك إلى السلطان أن يرتبك مراتبهما ولا غير السلطان . وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا ) !
وللمعتمد موقفٌ آخر يدل على عقيدته في الإمام العسكري وآبائه ( عليهم السلام ) .
رواه الصدوق ( كمال الدين / 479 ) قال : ( كان جعفر الكذاب حمل إلى الخليفة عشرين ألف دينار ، لما توفي الحسن بن علي ( عليه السلام ) وقال : يا أمير المؤمنين تجعل لي مرتبة أخي الحسن ومنزلته ! فقال الخليفة : إعلم أن منزلة أخيك لم تكن بنا إنما كانت بالله عز وجل ، ونحن كنا نجتهد في حط منزلته والوضع منه ، وكان الله عز وجل يأبى إلا أن يزيده كل يوم رفعة ، لما كان فيه من الصيانة وحسن السمت والعلم والعبادة ، فإن كنت عند شيعة أخيك بمنزلته فلا حاجة بك إلينا ، وإن لم تكن عندهم بمنزلته ، ولم يكن فيك ما كان في أخيك لم نغنك في ذلك شيئاً ) !
فهو يصرح بأن مكانة الإمام العسكري ( عليه السلام ) وإمامته من الله تعالى ، وأنه لم يستطع بكل جهده أن يحط منها ! بل كان الله تعالى يزيده كل يوم رفعةً !
ويؤيد ذلك موقفه في البحث عن الإمام الموعود ( عليه السلام ) ، فقد اضطرب رأيه ورأي أخيه الموفق وقاضي قضاته ابن أبي الشوارب ، فقالوا لم يترك الحسن العسكري ولداً بعده ، ثم رأوا ابنه تقدم للصلاة على أبيه وأخر عمه وقال له : أنا أولى منك بالصلاة على أبي ، وصلى عليه ، ثم غاب فلم يروه !
ثم فتشوا بيت الإمام ( عليه السلام ) فلم يجدوه ، وقيل إن جارية للإمام حامل فحبسوها .
قال الصدوق في كمال الدين / 474 : ( فادعت عند ذلك صقيل أنها حامل فحملت إلى دار المعتمد فجعل نساء المعتمد وخدمه ، ونساء الموفق وخدمه ، ونساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كل وقت . ويراعون إلى أن دهمهم أمر الصغار وموت عبيد الله بن يحيى بن خاقان بغتة ، وخروجهم من سر من رأى ، وأمر صاحب الزنج بالبصرة وغير ذلك ، فشغلهم ذلك عنها ) .
ومعناه أن المعتمد يعتقد أن الإمام العسكري ( عليه السلام ) هو الحادي عشر ، وأن ابنه هو المهدي الموعود من الله تعالى ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولذا يحاول التعرف عليه ليقتله بعد أن قتل أباه ! فهل رأيت أشد تناقضاً ، وأسوأ حظاً ؟
ويؤيد ذلك أيضاً ما روي من أنه رأى معجزة الإمام العسكري لمَّا وضعه في بركة السباع ، فتعطفه وطلب منه أن يدعو له !
ففي مناقب آل أبي طالب ( 3 / 530 ) : ( وروي أن يحيى بن قتيبة الأشعري أتاه بعد ثلاث مع الأستاذ ، فوجداه يصلي والأسود حوله ، فدخل الأستاذ الغيل فمزقوه وأكلوه ! وانصرف يحيى في فوره إلى المعتمد فدخل المعتمد على العسكري وتضرع إليه وسأل أن يدعو له بالبقاء عشرين سنة في الخلافة فقال ( عليه السلام ) : مَدَّ الله في عمرك ، فأجيب وتوفي بعد عشرين سنة ) .
الاكثر قراءة في شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
