التوحيد
النظر و المعرفة
اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته
صفات الله تعالى
الصفات الثبوتية
القدرة و الاختيار
العلم و الحكمة
الحياة و الادراك
الارادة
السمع و البصر
التكلم و الصدق
الأزلية و الأبدية
الصفات الجلالية ( السلبية )
الصفات - مواضيع عامة
معنى التوحيد و مراتبه
العدل
البداء
التكليف
الجبر و التفويض
الحسن و القبح
القضاء و القدر
اللطف الالهي
مواضيع عامة
النبوة
اثبات النبوة
الانبياء
العصمة
الغرض من بعثة الانبياء
المعجزة
صفات النبي
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
الامامة
الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها
صفات الأئمة وفضائلهم
العصمة
امامة الامام علي عليه السلام
إمامة الأئمة الأثني عشر
الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الرجعة
المعاد
تعريف المعاد و الدليل عليه
المعاد الجسماني
الموت و القبر و البرزخ
القيامة
الثواب و العقاب
الجنة و النار
الشفاعة
التوبة
فرق و أديان
علم الملل و النحل ومصنفاته
علل تكون الفرق و المذاهب
الفرق بين الفرق
الشيعة الاثنا عشرية
أهل السنة و الجماعة
أهل الحديث و الحشوية
الخوارج
المعتزلة
الزيدية
الاشاعرة
الاسماعيلية
الاباضية
القدرية
المرجئة
الماتريدية
الظاهرية
الجبرية
المفوضة
المجسمة
الجهمية
الصوفية
الكرامية
الغلو
الدروز
القاديانيّة
الشيخية
النصيرية
الحنابلة
السلفية
الوهابية
شبهات و ردود
التوحيـــــــد
العـــــــدل
النبـــــــوة
الامامـــــــة
المعـــاد
القرآن الكريم
الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
الزهراء (عليها السلام)
الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء
الامام المهدي (عليه السلام)
إمامة الائمـــــــة الاثني عشر
العصمـــــــة
الغلـــــــو
التقية
الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة
الاسلام والمسلمين
الشيعة والتشيع
اديان و مذاهب و فرق
الصحابة
ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم
نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)
البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين
التبرك و الزيارة و البناء على القبور
الفقه
سيرة و تاريخ
مواضيع عامة
مقالات عقائدية
مصطلحات عقائدية
أسئلة وأجوبة عقائدية
التوحيد
اثبات الصانع ونفي الشريك عنه
اسماء وصفات الباري تعالى
التجسيم والتشبيه
النظر والمعرفة
رؤية الله تعالى
مواضيع عامة
النبوة والأنبياء
الإمامة
العدل الإلهي
المعاد
القرآن الكريم
القرآن
آيات القرآن العقائدية
تحريف القرآن
النبي محمد صلى الله عليه وآله
فاطمة الزهراء عليها السلام
الاسلام والمسلمين
الصحابة
الأئمة الإثنا عشر
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أدلة إمامة إمير المؤمنين
الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام
الإمام المهدي عليه السلام
إمامة الأئمة الإثنا عشر
الشيعة والتشيع
العصمة
الموالات والتبري واللعن
أهل البيت عليهم السلام
علم المعصوم
أديان وفرق ومذاهب
الإسماعيلية
الأصولية والاخبارية والشيخية
الخوارج والأباضية
السبئية وعبد الله بن سبأ
الصوفية والتصوف
العلويين
الغلاة
النواصب
الفرقة الناجية
المعتزلة والاشاعرة
الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب
أهل السنة
أهل الكتاب
زيد بن علي والزيدية
مواضيع عامة
البكاء والعزاء وإحياء المناسبات
احاديث وروايات
حديث اثنا عشر خليفة
حديث الغدير
حديث الثقلين
حديث الدار
حديث السفينة
حديث المنزلة
حديث المؤاخاة
حديث رد الشمس
حديث مدينة العلم
حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه
احاديث متنوعة
التوسل والاستغاثة بالاولياء
الجبر والاختيار والقضاء والقدر
الجنة والنار
الخلق والخليقة
الدعاء والذكر والاستخارة
الذنب والابتلاء والتوبة
الشفاعة
الفقه
القبور
المرأة
الملائكة
أولياء وخلفاء وشخصيات
أبو الفضل العباس عليه السلام
زينب الكبرى عليها السلام
مريم عليها السلام
ابو طالب
ابن عباس
المختار الثقفي
ابن تيمية
أبو هريرة
أبو بكر
عثمان بن عفان
عمر بن الخطاب
محمد بن الحنفية
خالد بن الوليد
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
عمر بن عبد العزيز
شخصيات متفرقة
زوجات النبي صلى الله عليه وآله
زيارة المعصوم
سيرة وتاريخ
علم الحديث والرجال
كتب ومؤلفات
مفاهيم ومصطلحات
اسئلة عامة
أصول الدين وفروعه
الاسراء والمعراج
الرجعة
الحوزة العلمية
الولاية التكوينية والتشريعية
تزويج عمر من ام كلثوم
الشيطان
فتوحات وثورات وغزوات
عالم الذر
البدعة
التقية
البيعة
رزية يوم الخميس
نهج البلاغة
مواضيع مختلفة
الحوار العقائدي
* التوحيد
* العدل
* النبوة
* الإمامة
* المعاد
* الرجعة
* القرآن الكريم
* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
* فضائل النبي وآله
* الإمام علي (عليه السلام)
* فاطمة الزهراء (عليها السلام)
* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء
* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم
* العـصمة
* التقيــة
* الملائكة
* الأولياء والصالحين
* فرق وأديان
* الشيعة والتشيع
* التوسل وبناء القبور وزيارتها
* العلم والعلماء
* سيرة وتاريخ
* أحاديث وروايات
* طُرف الحوارات
* آداب وأخلاق
* الفقه والأصول والشرائع
* مواضيع عامة
القضاء والقدر سر من أسرار الله تعالى
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج1 ، ص 180 - 188
2025-07-16
14
على كل حال فعقيدتنا أن القضاء والقدر سر من أسرار الله تعالى، فمن استطاع أن يفهمه على الوجه اللائق بلا افراط ولا تفريط فذاك، وإلا فلا يجب عليه أن يتكلف فهمه والتدقيق فيه، لئلا يضل وتفسد عليه عقيدته، لأنه من دقائق الأمور، بل من أدق مباحث الفلسفة التي لا يدركها إلا الأوحدي من الناس، ولذا زلت به أقدام كثير من المتكلمين (أ).
فالتكليف به تكليف بما هو فوق مستوى مقدور الرجل العادي.
____________________
(أ) يقع البحث في أمور:
الأول: في معنى القضاء والقدر، ولا يخفى عليك أن القضاء هو فصل الأمر قولا أو فعلا وهو يحصل بالاتمام والانجاز كما يشهد له قوله تعالى: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا " (1).
والقدر بمعنى التقدير وهو تقدير الأشياء بحسب الزمان والمقدار والكيفيات والأسباب والشرائط ونحوها.
وقال الراغب في المفردات: " القضاء هو فصل الأمر، قولا كان ذلك أو فعلا. ثم جعل جميع موارد استعمال القضاء من هذا الباب - إلى أن قال -:
والقضاء من الله تعالى أخص من القدر، لأنه الفصل بين التقدير. فالقدر هو التقدير والقضاء هو الفصل والقطع، انتهى " ويظهر من المسالك اختيار المعنى المذكور للقضاء حيث قال: " سمي القضاء الفقهي قضاء، لأن القاضي يتم الأمر بالفصل ويمضيه ويفرغ عنه " (2).
ثم لا يخفى عليك أن القضاء بالمعنى المذكور ليس إلا واحدا، لأن الانجاز والا تمام لا يتعدد، فالقضاء واحد وهو حتم، هذا بخلاف التقدير، فإنه يختلف بحسب المقادير والأزمنة والكيفيات ونحوها، فالعمر مثلا يمكن أن يقدر لزيد ستين سنة إن لم يصل رحمه، وتسعين سنة إن وصلهم وهكذا. نعم اختص الأستاذ الشهيد المطهري - قدس سره - التقديرات المتغيرة بالماديات، معللا بأن المجردات لا تقع تحت تأثير العوامل المختلفة (3) فافهم، وكيف كان فالقضاء حتم والتقدير حتم وغير حتم.
ومما ذكر يظهر أن القضاء متأخر عن القدر، فإن انجاز جميع التقديرات المختلفة لا يمكن بعد تنافيها، فالواقع منها ليس إلا واحدا بحسب تعينه وفقا للشرائط والأسباب، وهو القضاء، فمرتبة القضاء بعد مرتبة التقدير ومسبوق به.
هذا كله بالنسبة إلى المعنى الحقيقي فيهما، ولكن قد يطلق القضاء بمعنى القدر، والقدر بمعنى القضاء أو كليهما، وبهذا المعنى لا مانع من تقسيم القضاء إلى الحتم وغير الحتم، ولعله من هذا الباب ما روي عن ابن نباتة قال: " إن أمير المؤمنين - عليه السلام - عدل من عند حائط مائل إلى حائط آخر، فقيل له: يا أمير المؤمنين: تفر من قضاء الله؟ قال: أفر من قضاء الله إلى قدر الله عز وجل " (4).
الثاني: في أنواع القضاء والقدر. فاعلم أنهما يستعملان تارة ويراد منهما القضاء والقدر العلميان، بمعنى أنه تعالى قدر الأشياء قبل خلقتها، وأنجز أمرها وقضاها، والقضاء والقدر بهذا المعنى هو مساوق لعلمه الذاتي، ومن المعلوم أن القضاء والقدر بالمعنى المذكور من صفاته الذاتية، فضرورة الوجود لكل موجود وتقديره، ينتهي إلى علمه الذاتي، ولعل إليه يؤول ما روي عن علي - عليه السلام - في القدر حيث قال: " سابق في علم الله " (5).
وأخرى يستعملان ويراد منهما العلمي في مرحلة الفعل، لا في مرحلة الذات، بأن يطلق التقدير ويراد منه لوح المحو والاثبات، ويطلق القضاء ويراد منه اللوح المحفوظ، ومن المعلوم أنهما معنى كانا، فعلان من أفعاله تعالى.
وأخرى يستعملان ويراد منهما القضاء والقدر الفعليان، ومن المعلوم أنهما بهذا المعنى والمعنى السابق من صفاته الفعلية، لأنهما منتزعان عن مقام الفعل، لأن كل فعل مقدر بالمقادير، ومستند إلى علته التامة الموجبة له، ولعل قوله تعالى: " إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " (6) يشير إلى الأخير.
قال العلامة الطباطبائي - قدس سره -: " لا ريب أن قانون العلية والمعلولية ثابت، وأن الموجود الممكن معلول له سبحانه، إما بلا واسطة أو معها، وأن المعلول إذا نسب إلى علته التامة كان له منها الضرورة والوجوب، إذ ما لم يجب لم يوجد، وإذا لم ينسب إليها كان له الامكان، سواء اخذ في نفسه ولم ينسب إلى شئ، كالماهية الممكنة في ذاتها، أو نسب إلى بعض أجزاء علته التامة، فإنه لو أوجب ضرورته ووجوبه كان علة له تامة، والمفروض خلافه.
ولما كانت الضرورة هي تعين أحد الطرفين، وخروج الشئ عن الابهام، كانت الضرورة المنبسطة على سلسلة الممكنات، من حيث انتسابها إلى الواجب تعالى الموجب لكل منها في ظرفه الذي يخصه، قضاء عاما منه تعالى، كما أن الضرورة الخاصة بكل واحد منها، قضاء خاص به منه، إذا لا نعني بالقضاء إلا فصل الأمر، وتعينه عن الابهام والتردد، ومن هنا يظهر أن القضاء من صفاته الفعلية وهو منتزع من الفعل، من جهة نسبته إلى علته التامة الموجبة له " (7) فالشئ قبل وقوعه له تقديرات مختلفة، ثم يتعين منها واحد ووقع عليه وقضى أمره لو لم يمنع عنه مانع، فكل شئ واقع في الخارج مقدر وقضاء إلهي، فمثل النطفة تقديرها أن تتكامل إلى الإنسانية أو أن تتساقط قبل تكاملها إن حدث مانع وعائق، فكل واحد من التقديرات إذا تعين، وقع عليه وقضى أمره، وهكذا.
ثم المستفاد من ذكر القضاء والقدر هنا أنه عند المصنف من الصفات الفعلية، ومن ذلك ما روي عن جميل عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال:
" سألته عن القضاء والقدر، فقال: هما خلقان من خلق الله والله يزيد في الخلق ما يشاء " (8) ومن المعلوم أن ما يقبل الزيادة هو الفعل لا العلم الذاتي كما لا يخفى.
الثالث: أن القضاء والقدر سواء كان من الصفات الذاتية أو الصفات الفعلية، يعم أفعال العباد، كما عرفت في البحث عن الجبر والتفويض، ولا محذور فيه لوساطة القدرة والاختيار، فيجمع بين القضاء الحتم واختيارية الأفعال، بكون القضاء الحتم متعلقا بوجود القدرة والاختيار في العباد، فالعبد المختار مع وجوده وكونه مختارا، ممكن معلول محتاج إليه تعالى، ولو كان العبد مضطرا ومجبورا، تخلف قضاؤه الحتم في وجود العبد المختار كما لا يخفى.
الرابع: في تأكيد الايمان بالقضاء والقدر، وقد ورد في ذلك روايات:
منها: ما عن الخصال عن رسول الله - صلى الله عليه وآله -: " أربعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، عاق ومنان ومكذب بالقدر ومدمن خمر " (9).
ومنها ما في البحار عن العالم - عليه السلام - أنه قال: " لا يكون المؤمن مؤمنا حقا حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه " (10).
ومنها: ما عن تحف العقول عن أبي محمد الحسن بن علي - عليهما السلام - " أما بعد، فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره، أن الله يعلمه فقد كفر، الحديث " (11).
ومنها: ما عن الخصال بطرق مختلفة عن رسول الله - صلى الله عليه وآله - من أن المكذب بقدر الله ممن لعنهم الله وكل نبي مجاب (12).
وبالجملة الإيمان بالقضاء والقدر من مقتضيات الايمان بصفاته الذاتي وتوحيده الأفعالي، وعليه فلا بد من الايمان به.
ثم إن الايمان بالقضاء والقدر يوجب أن ينظر الإنسان إلى كل ما قدره الله وقضاه، بنظر الحكمة والمصلحة، إذ القدر والقضاء من أفعاله، ولا يصدر منه شئ إلا بالحكمة والمصلحة، وإن لم يظهر وجهها لأحد، فإذا أراد الله الصحة لأحد كانت هي مصلحته، وإذا أراد لآخر المرض كان هو مصلحته، وهكذا سائر الأمور من الشدة والرخاء، والفقر والغنى، وغيرها، ويستتبع هذا النظر تحمل الشدائد والمصائب، للعلم بأن وراءها مصلحة وحكمة، بل ينتهي إلى مقام الرضا بما اختاره الله تعالى في أمره، وهو مقام عال لا يناله إلا الأوحدي من الناس، ومن ناله فلا حرص ولا طمع له بالنسبة إلى الدنيا الدنية، للعلم بأن ما قدره الله تعالى وقضاه هو خيره ويصل إليه، ولذا لا يضطرب من رقابة الآخرين أو حسادتهم، كما أنه لا حسد له بالنسبة إلى ذوي العطايا، لعلمه بأن المقسم حكيم وعادل ورؤوف. فالمؤمن الراضي بالقضاء والقدر لا يزيده قضاؤه وقدره إلا ايمانا وتصديقا وفضيلة وعلوا، ولذا سئل هذا المقام في الأدعية والزيارات ومن جملتها ما ورد في زيارة أمين الله حيث قال: " اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك " وما ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي من قوله: " اللهم إني أسألك ايمانا تباشر به قلبي ويقينا حتى أعلم انه لن يصيبني الا ما كتبت لي ورضني من العيش بما قسمت لي يا ارحم الراحمين " (13).
الخامس: فيما ورد من النهي عن الغور في القضاء والقدر، وقد روي في ذلك روايات:
منها: ما عن عبد الملك بن عنترة الشيباني، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - فقال: " يا أمير المؤمنين! أخبرني عن القدر، فقال: بحر عميق فلا تلجه. فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال:
طريق مظلم فلا تسلكه. قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، فقال: سر الله فلا تتكلفه، الحديث " (14).
ومنها ما روي عنه - عليه السلام - أنه قال في القدر: " ألا إن القدر سر من سر الله، وحرز من حرز الله، مرفوع في حجاب الله، مطوي عن خلق الله، مختوم بخاتم الله، سابق في علم الله، وضع الله عن العباد علمه، ورفعه فوق شهاداتهم، لأنهم لا ينالونه بحقيقة الربانية، ولا بقدرة الصمدانية، ولا بعظمة النورانية، ولا بعزة الوحدانية، لأن ه بحر زاخر مواج، خالص الله عز وجل، عمقه ما بين السماء والأرض، عرضه ما بين المشرق والمغرب، أسود كالليل الدامس، كثير الحيات والحيتان، تعلو مرة وتسفل أخرى، في قعره شمس تضئ، لا ينبغي أن يطلع عليها إلا الواحد الفرد، فمن تطلع (يطلع) عليها فقد ضاد الله في حكمه، ونازعه في سلطانه، وكشف عن سره وستره، وباء بغضب من الله، ومأواه جهنم، وبئس المصير " (15) والمحصل من الخبر ان التقديرات الإلهية ليست واضحة للخلق وان كانت حكمها عن حكمة ومصلحة ولكنه لا يعلمها الا الله تعالى ولذا نهى عن الغور فيها لعدم تمكنهم من واقعها.
ومنها: ما رواه السيوطي عن النبي - صلى الله عليه وآله - أنه قال: " إذا ذكر القدر فأمسكوا " (16).
ومنها ما روي عن علي - عليه السلام - أيضا أنه سئل عن القدر، فقيل له:
" أنبئنا عن القدر، يا أمير المؤمنين فقال: سر الله فلا تفتشوه، فقيل له الثاني:
أنبئنا عن القدر يا أمير المؤمنين قال: بحر عميق فلا تلحقوه (فلا تلجوه - خ ل) " (17).
ولتلك الأخبار ذهب الصدوق - رحمه الله - في الاعتقادات إلى أن الكلام في القدر منهي عنه.
والجواب عن تلك الأخبار.
أولا: بضعف السند، لذلك قال الشيخ المفيد - قدس سره -: " إن الشيخ أبا جعفر عمل في هذا الباب على أحاديث شواذ، لها وجوه يعرفها العلماء متى صحت وثبتت أسنادها، ولم يقل فيه قولا محصلا " (18) نعم رواه السيد في نهج البلاغة أيضا أنه قال - وقد سئل عن القدر -: " طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه " (19) فافهم.
وثانيا: بأن دلالتها على الحرمة التكليفية غير واضحة، لأن لحن جملة منها هو لحن الارشاد كالنهي عن التكليف، والأخبار بأن القضاء والقدر واد مظلم وبحر عميق. هذا، مضافا إلى شهادة ذيل الرواية الثانية على أن المنهي عنه هو السعي للاطلاق على كنه المقدرات والاشراف عليها، ومن المعلوم أنه أمر لا يناله الإنسان نيلا كاملا، ولا مصلحة فيه، بل لا يخلو عن المفسدة كما لا يخفى فكما أن التأمل حول كنه ذاته تعالى ممنوع، كذلك التأمل حول كنه المقدرات ممنوع، لأنه فوق مستوى مقدور البشر ولا يزيده إلا الحيرة والفساد، وأما فهم معنى القضاء والقدر فلا يكون موردا للنهي فيها.
وثالثا: بأن الغور في معنى القضاء والقدر لو كان حراما، لما أجاب الأئمة - عليهم السلام - عن السؤال فيه، مع أنهم أجابوا السائلين وأوضحوا المراد منهما، بل قد يكون الجواب في ذيل النهي المذكور، بعد اصرار السائل عن فهم معناه، كما في الرواية الأولى، حيث قال السائل في المرتبة الرابعة: " يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال: فقال أمير المؤمنين - عليه السلام -: أما إذا أبيت فإني سائلك: أخبرني أكانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد أم كانت أعمال العباد قبل رحمة الله؟ قال: فقال له الرجل: بل كانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد " (20) إلى أخر ما قال - عليه السلام - في توضيح المراد منهما فراجع.
ويؤيد عدم الحرمة ما ورد من التأكيدات على الإيمان بالقضاء والقدر، إذ الايمان بهما لا يمكن بدون توضيح المراد منهما والمعرفة بهما.
ورابعا، بما ذكره الشيخ المفيد - قدس سره - من أن النهي في الأخبار خاص بقوم كان كلامهم في ذلك يفسدهم، ويضلهم عن الدين، ولا يصلحهم في عبادتهم إلا الامساك عنه، وترك الخوض فيه، ولم يكن النهي عنه عاما لكافة المكلفين، وقد يصلح بعض الناس بشئ يفسد به آخرون، ويفسد بعضهم بشئ يصلح به آخرون، فدبر الأئمة - عليهم السلام - أشياعهم في الدين بحسب ما علموه من مصالحهم فيه (21)، وعليه فلو سلم كون النهي نهيا تكليفيا، اختص بمن لا يتمكن، وأما من تمكن من فهمهما ودركهما، كالعلماء والفضلاء والحوزات العلمية ومن أشبههم، فلا نهي بالنسبة إليهم ولذلك حمل المصنف، النهي الوارد، على من لا يتمكن من أن يفهمهما على الوجه اللائق بهما.
____________________
(1) البقرة: 200.
(2) مسالك الأفهام: ج 2 كتاب القضاء.
(3) انسان وسرنوشت: ص 52.
(4) تفسير الميزان: ج 13 ص 78.
(5) بحار الأنوار: ج 5 ص 97.
(6) آل عمران: 47.
(7) الميزان: ج 13 ص 76.
(8) بحار الأنوار: ج 5 ص 120.
(9) بحار الأنوار: ج 5 ص 87.
(10) بحار الأنوار: ج 5 ص 54.
(11) بحار الأنوار: ج 5 ص 40.
(12) بحار الأنوار: ج 5 ص 88.
(13) مصباح المتهجد: 540.
(14) بحار الأنوار: ج 5 ص 110.
(15) بحار الأنوار: ج 5 ص 97.
(16) راجع يازده رسالة فارسي ص 449، نقلا عن الجامع الصغير للسيوطي وعن الطبراني.
(17) بحار الأنوار: ج 5 ص 123.
(18) تصحيح الاعتقاد: ص 19.
(19) بحار الأنوار: ج 4 ص 124.
(20) بحار الأنوار: ج 5 ص 111.
(21) تصحيح الاعتقاد: ص 20 - 21.
الاكثر قراءة في القضاء و القدر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
