الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الاستغناء عن الطعام والشراب
المؤلف:
السيد حسين نجيب محمد
المصدر:
الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة:
ص21ــ27
2025-05-14
10
يتساءل بعض الناس: لماذا خلق الله تعالى الإنسان وجعله محتاجاً للطعام والشراب؟ أليس من الأكمل لو كان مستغنياً عن ذلك؟ ألا نجد أنَّ محور حياة الإنسان هي الحصول على الطعام والشراب؟
فهو يصرف أغلب عمره في ذلك، فماذا لو كان مستغنياً عن ذلك؟
الجواب:
يظهر من بعض النصوص أنَّ الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم بحيث يكون مستغنياً عن الطعام ومنزهاً عن وجود الغائط في معدته، قال تعالى في قصة آدم (عليه السلام): {فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 117 - 121].
ففي هذه الآيات دليل واضح على أنَّ آدم كان مستغنياً عن الطعام واللباس، فلما خالف النهي الإلهي ظهرت عورته ـ التي يخرج منها الغائط - واحتاج إلى اللباس.
وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ أهل الجنَّة لا يتغوطون عندما يأكلون ويشربون كما في بعض الروايات.
إلا أنَّ الإنسان لما نزل من عالم الجنَّة إلى عالم الأرض، فقد اقتضت الحكمة الإلهيَّة أن يُبتلى بالحاجة إلى الطعام والشراب، وذلك لأن طبيعة هذا العالم الدنيوي هي النقص والحاجة، فعن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) أنَّه قال: ((إنَّ الله خلق ابن آدم أجوف فلا بد له من الطعام والشراب))(1).
ولئلا يشعر الإنسان بالاستغناء فيستعلي ويتكبر، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال للمفضل بن عمرو: ((إنَّ رأس معاش الإنسان وحياته الخبز والماء... ليكون في ذلك للإنسان شغل يكفه عمَّا يخرجه إليه الفراغ من الأشر والعبث ألا ترى أنَّ الصبي يُدفع إلى المؤدّب وهو طفل لم تكمل لذاته للتعليم كل ذلك ليشغل عن اللهو واللعب اللذين ربما جنيا عليه وعلى أهله المكروه العظيم، وهكذا الإنسان لو خلا من الشغل لخرج من الأشر والعبث والبطر إلى ما يعظم ضرره عليه وعلى من قرب منه واعتبر ذلك بمن نشأ في الجدة ورفاهية العيش والترفه والكفاية وما يخرجه ذلك إليه))(2).
ومع ذلك، فقد يمكن للإنسان أن يستغني عدة أيام عن الطعام كما ثبت في العلم والدين، ويتحقق ذلك إذا صار الإنسان روحانياً، فإنَّ الإنسان يحتاج إلى الطعام الطبيعي ما دام في عالم الطبيعة والمادة، فإذا خرج من عالم المادة إلى عالم الروحانيات استغنى عن الطعام واكتفى بالغذاء الروحاني، ولذا نجد أن الأولياء كانوا يعيشون أياماً بلا طعام ولا شراب، وإنما طعامهم الغذاء الروحي، وهو الذكر والدعاء - كغذاء الملائكة والأرواح بعد الموت..
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((إنَّ الله تعالى ناجى موسى (عليه السلام) بمائة ألف كلمة وأربع وعشرين ألف كلمة في ثلاثة أيَّام ولياليهن، ما طعم فيها موسى (عليه السلام) ولا شرب فيها، فلما انصرف إلى بني إسرائيل وسمع كلامهم مقتهم لما كان وقع في مسامعه من حلاوة كلام الله عزَّ وجل))(3).
وعنه (صلى الله عليه وآله): ((إني أظل عند ربي فيطعمني ويسقيني))(4).
وفي الحديث عن طعام السيدة الزهراء (عليها السلام) في عالم الأرواح أنَّه كان ((التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد))(5).
وجاء في قصة لقاء شقيق البلخي بالإمام موسى الكاظم (عليه السلام) أنَّه لما أكل من طعام الإمام (عليه السلام) قال: ((فوالله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب ريحاً فشبعت ورويت وأقمت أيَّاماً لا أشتهي طعاماً ولا شراباً))(6) .
والقصص في هذا المجال كثيرة جداً.
قال الأستاذ علي راضي: ((عند تعوّد الإنسان على الاختلاء والتأمل والتدريب تحدث تغييرات فكرية تتبعها تغيرات جسمية، وربما يصبح أكثر تحملاً في بعض النواحي وأكثر حساسية في نواحي أخرى فكثير من المتدربين يصبحون أكثر صبراً على الجوع والعطش ويتلقون عوناً هم أهل له من الأرواح الصديقة.
ويقول برنارد في كتابه (يوجا التبت) أن يوجياً يدعى (ميلاريبا) رأى ذات ليلة في منامه ثلاثة ملائكة تبين له كيف يتخلص من الجوع والعطش والبرد إلى غير ذلك...
كما نشرت مجلة شيمس الأمريكية بعدد فبراير 1960 نبأ فحواه أنه أمكن الاتصال بروح (غاندي) في إحدى الجلسات الروحية فقال: إنَّه في خلال الفترات التي كنت أصومها لم تتركني الأرواح لأشعر بالجوع ولهذا لم يكن صيامي في حاجة لشجاعة كبيرة ...).
ونحن لو فكرنا في اختلاء محمد بغار حراء لأدركنا أنه لم يكن بحاجة إلى طعام وشراب...(7).
قال (جاك شوارتز): لقد سمحت لي الفرصة للتحدث مع (جون أوت) مؤلف كتاب (الصحة والضوء) وهو الشخص الذي تعاقدت معه شركة والت ديزني لصنع صور فوتوغرافية للنباتات في مراحلها الأولى. فكان يبدأ مثلاً بتصوير برعم شجرة مثمرة على مدى سنة كاملة ليظهر تطور البرعم إلى زهرة والزهرة إلى ثمرة غضة ومن ثمَّ إلى ثمرة يانعة. وأخبرني جون أوت أنَّه نجح نجاحاً كبيراً عندما قام بتصوير ثمرة تفاح على هذا النحو، ولكنَّه أخفق عندما حاول اتباع الشيء ذاته مع ثمرة الرمان مستخدماً الإضاءة نفسها، فكان أن ذهب جهد سنة كاملة أدراج الرياح لأنَّه كان يصور مستخدماً الإضاءة ذاتها ولأن ثمرة الرمان لم تكن راغبة قط بالنمو.
عندها بدأ (جون أوت) يلاحظ أثر الضوء في الأجسام البشرية والحيوانات التي كانت موجودة في ذاك المحيط. منذ ذلك الحين أسس مؤسسة البحث الضوئي في (فلوريدا) التي تضطلع بمهمة الكشف عن الأثر المذهل للضوء في الإنسان وتفيدنا مصادر عدة بأن الغدة الصنوبرية تمتصُّ الضوء. ويشاطرني جون أوت الرأي بأنَّ هناك تشابهاً بين الكائنات البشرية والنباتات في بعض الجوانب لانتاج غذائها الخاص تستمد النباتات الضوء من الشمس فيمتزج مع مادة الكلورفيل (أو اليخضور) منتجاً غذاء. أما نحن، فإنَّنا نقف على قمة السلسلة الغذائية ولكن جميع المواد الغذائية التي نتناولها تعود في أصلها إلى حياة النبات والطاقة المستمرة من الشَّمس. فلماذا نلجأ إلى كل هذه الوساطات في حين أنه بإمكاننا الحصول على الطاقة مباشرة من مصدرها الأساسي طالما أنَّ الإنسان كالنبات سيستخدم الضوء كمادة غذائية ومصدر للطاقة؟ هذا إذا لم نقل إننا بالتأكيد نقوم بعملية التركيب الضوئي كالنبات.
كيف يمكننا العيش بالاعتماد على الضوء؟
عندما نتجاوز مستوى الذرة في حقول الطاقة فإنَّنا نصل إلى مستوى كهرمغناطيسي وما وراء هذا الحقل الكهرمغناطيسي يوجد حقل قابلية التمغنط المختلف عن مغناطيسية الأرض حيث يجذب القطب الإيجابي القطب السلبي أي حيث تتجاذب الأضداد.
وعلى الأرجح تتجاذب الأقطاب المتماثلة في حقول قابلية التمغنط بحيث أننا إذا أصدرنا من أجسامنا طاقة ذات تردد وسعة محددين فإنَّها تجذب إليها طاقة أخرى من السعة نفسها والتردد نفسه. وإذا كنا نبعث طاقة من أجسادنا فإنَّنا نجذب بها عنصراً طبيعياً متكافئاً من حيث السعة والتردد.
رأينا أنَّ هناك دليلاً حدسياً ونفسياً ليس فقط على أنَّ الكائنات البشرية تصدر فوتونات بل أيضاً على مراقبة هذا الإشعاع تجريبياً. هذا وتحدد سعة الإشعاع وهج الضوء أو الإشعاع الفوتوني، فكلما ارتفعت درجة التهيج ارتفعت السعة واشتدَّ وهج الضوء المنبعث. إن وعينا لا يدرك علاقتنا بكل هذه الجزئيات التي نستقطبها من محيطنا، ولكن إذا أدركنا لمدة واحدة المبادئ المرتبطة بهذا الموضوع يصبح من المألوف تغذية أنفسنا بهذه الطريقة)(8).
تعظيم الطعام
إنَّ الإنسان المؤمن بالله تعالى والشاكر له على نعمه يعظم الطعام لأنه رزق من الله تعالى فكما أنَّ الرجل يعظم هدية من الملك فالأولى أن يعظم العبد هدية الله تعالى لعباده.
ولذلك لا ينبغي رمي الطعام في الطريق أو على المزابل أو في أماكن النجاسة.
رُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال في الطعام: ... فإنَّما هو رزق الله لخلقه ونعمته عليهم، فعظموه ولا تهاونوا به، فإنَّ قوماً ممن كان قبلكم وسع الله عليهم في أرزاقهم فاتخذوا من الخبز النقي مثل الأنهار فجعلوا يستنجون به فابتلاهم الله عزَّ وجلَّ بالسنين والجوع فجعلوا يتتبعون ما كانوا يستنجون به فيأكلونه وفيهم نزلت هذه الآية: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112](9).
وعن الإمام علي (عليه السلام): ((أكرموا الخبز فإنَّ الله تبارك وتعالى أنزل له بركات السَّماء))(10).
وعنه (عليه السلام): ((من وجد كسرة خبز ملقاة على الطريق فأخذها فمسحها ثم جعلها في كوة كتب الله له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فإن أكلها كتب الله له حسنتين مضاعفتين))(11).
__________________________________
(1) بحار الأنوار، ج 66، ص 312.
(2) توحيد المفضل، ص 45.
(3) مواهب الرحمن، ج10، ص210.
(4) تفسير الصراط المستقيم، ج2، ص 52.
(5) نخبة البيان، ص9.
(6) منتهى الآمال، ج2، ص 268.
(7) حياة محمد الروحية: ص 25.
(8) حقول الطاقة البشرية، ص 15.
(9) فقه الحياة الطيبة: ص 119.
(10) المصدر نفسه : ص 132.
(11) المصدر نفسه.