المبحث الثالث 

مؤشرات تقييم مناخ الاستثمار في البلدان العربية

أولاً: المؤشرات الرئيسة لمناخ الاستثمار في البلدان العربية:

تتباين أوضاع البلدان العربية فيما بينها، وعلى الرغم من هذا التباين فأنها تمتلك سمات مشتركة تجعلها من أقل المناطق جاذبية للاستثمار الأجنبي، فالاستثمار الاجنبي يتأثر بمجمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السائدة في البلد المستقبل للاستثمار، ويمكن تعريف المناخ الاستثماري على أنه مجمل الظروف والسياسات والمؤسسات الاقتصادية والسياسية المكونة للمحيط الذي تتم فيه العملية الاستثمارية، والتي تؤثر في ثقة المستثمر الاجنبي وتقنعه بالتوجه الى بلد دون آخر ⁽¹⁾.

وقد دأبت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار على تبيان مجموعة من المؤشرات للبيئة الاستثمارية في البلدان العربية وهي كما يلي:

1- التطورات السياسية والعمل العربي المشترك: صورة الوطن العربي لدى بلدان العالم مرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي، بالإضافة الى التطورات الحاصلة في لبنان والغزو الأمريكي للعراق، كما بدء الوضع الأمني في دارفـــور فـــي السودان يستأثر بالاهتمام العالمي، في حين تحسنت الأوضاع الأمنية في الجزائر والتي عرفت موجة من الاضطرابات الأمنية والسياسية منذ بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي.

أما فيما يتعلق بالعمل العربي المشترك فقد عملت البلدان العربية على اتخاذ خطوات واسعة لتعزيز مناخ الاستثمار فيما بينها، فوقعت العديد من الاتفاقيات في مجال الاستثمار وحماية رأس المال، وتنظيم العمل وحرية انتقال الافراد والسلع بين البلدان العربية، وتم أنشاء المؤسسة العربية لضمان الاستثمار بهدف تشجيع الاستثمار بين البلدان المتعاقدة، وتقوم المؤسسة بإصدار تقارير ونشرات دورية عن أوضاع الاستثمار في البلدان العربية، بالإضافة الى تقرير سنوي عن مناخ الاستثمار في البلدان العربية ⁽²⁾.

وآخر خطوات العمل العربي المشترك كانت في عام (2005) عندما دخلت اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى حيز التنفيذ مع إزالة الرسوم الجمركية بنسبة (100%) والتحرير الكامل للسلع ذات المنشأ العربي ^{( 3 )}

2 ـ المؤشرات الاقتصادية: تتناول هذه الفقرة أربعة مؤشرات اقتصادية هي معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي، عجز الميزانية العامة كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي، عجز الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي، ومعدل التضخم، يستند الى المؤشرات الثلاثة الاخيرة في تقويم المناخ الاستثماري في البلدان العربية عن طريق المؤشر المركب، والمؤشرات هي:

أ- مؤشر النمو الاقتصادي: يمارس القطاع النفطي دوراً كبيراً في الحياة الاقتصادية لبعض البلدان العربية، كونه الممول الرئيس للأنشطة المختلفة، والعوائد المتحققة منه تساهم بشكل كبير في تكوين الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي التأثير في معدلات نموه، بينما يعتمد البعض الآخر على القطاع الزراعي وبعض الصناعات التي تنتج سلع شبه مصنعه ⁽⁴⁾.

ومن ذلك يتضح أن الاقتصاد العربي اقتصاد غير متنوع شديد التأثر بالتقلبات الدولية، ويمكن ملاحظة تطور معدلات النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي في البلدان العربية من خلال الجدول (17).

من الجدول (17) يتضح ان النمو الاقتصادي في البلدان العربية لم يتصف بالانتظام بل بالتذبذب الحاد طيلة مدة الدراسة، حيث سجل عام (2001) معدلات نمو مقبولة في عدد من البلدان العربية فقد بلغ متوسط النمو الحقيقي للناتج الإجمالي لسبعة عشر بلد عربي توفرت عنه بيانات حوالي (3.9%) مقابل (4.2%) في عام (2000) مسجلاً بذلك انخفاضاً بلغ (0.3%) ، واستمرت بعد ذلك معدلات النمــــو بالتذبذب ليبلغ متوسط معدل النمو لتسعة عشر بلد عربي في عام (2005) حوالي (%5.2) مسجلاً تراجعاً عن المعدل المسجل في عام (2004) والبالغ (5.5%)، وقد أقترن انخفاض معدل النمو بانخفاض الكميات المنتجة والمصدرة من النفط لبعض البلدان العربية.

وقد سجلت عشرة بلدان عربية أثناء العام (2005) معدلات نمو تجاوزت (%5) تصدرتها الكويت بمعدل نمو بلغ (8.5%) تلتها الإمارات والسودان بمعدل نمو (8%) لكل منهما، ومن ثم الأردن بحوالي (7.2%) والسعودية (6.54%) والبحرين (6.4%) وليبيا (5.8%) وقطر وموريتانيا بمعدل نمو (5.5%) لكل منهما والجزائر (5.3%) . الأمر الذي يعكس الجهود المبذولة من قبل البلدان العربية في السنوات الأخيرة لتنويع قائمة الإنتاج، والتطور الايجابي لجهود الإصلاح الاقتصادي والهيكلي التي بادرت البلدان العربية الى تطبيقها بهدف الحفاظ على توازن الاقتصاد الكلي وتوسيع دور القطاع الخاص المحلي والاجنبي في النشاط الاقتصادي واعتماد آليات السوق لرفع القدرة التنافسية وتحقيق معدلات نمو اقتصادي قابلة للاستمرار.

من جهة أخرى يلاحظ ان معدل النمو الحقيقي قد أرتفع في عشرة بلدان عربية هي (البحرين، الجزائر، جيبوتي، السعودية، السودان، سوريا، الكويت، ليبيا، مصر واليمن) في حين تراجعت تسعة بلدان عربية هي (الاردن، الامارات، تونس، عمان ،فلسطين، قطر، لبنان، المغرب، وموريتانيا ) خلال عام (2005) مقارنة مع عام (2004) ، فقد بلغ معدل النمو (3.9%) في المغرب مقارنة مع (5.8%) فى العام (2004) وذلك لتأثر الأداء الاقتصادي بتراجع النمو في القطاع الزراعي والأنشطة المرتبطة به، وارتفاع تكلفة استيراد النفط. وفي لبنان أنخفض معدل النمو من (5%) الى (1%) بسبب النمو المتواضع على مستوى كافة القطاعات الاقتصادية ⁽⁵⁾.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكي محمد بن قبلية، (الاستثمار الاجنبي في الجماهيرية العظمى بين الايجابيات والسلبيات والتقنيين) بحوث ومنا قشات، المؤتمر الوطني الذي نظمته هيئة تشجيع الاستثمار، تحت عنوان نحو مناخ استثماري أفضل، ليبيا، طرابلس، 2006، ص5. 

(2) صندوق النقد العربي (المؤسسات المالية العربية وتمويل التنمية والاستثمار في الوطن العربي) دراسة معدة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في جامعة الدول العربية، أبو ظبي، الامارات العربية المتحدة، 2005، ص 189-190.

(3) المؤسسة العربية لضمان الاستثمار (تقرير مناخ الاستثمار في البلدان العربية 2005)، مصدر سابق، ص18.

(4) سليمان المنذري (السوق العربية المشتركة في عصر العولمة) مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1999، ص234.

(5) صندوق النقد العربي وآخرون، (التقرير الاقتصادي العربي الموحد)، 2006 الامارات العربية المتحدة أبو ظبي، 2006، ص17. 

مواضيع ذات صلة

مؤشر امكانات البلدان العربيـة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر

مؤشر أداء البلدان العربيـة في جـذب الاستـثمار الأجنبـي المـباشـر

المـؤشـر المـركـب لـقيـاس الأداء الاقتصادي للبـلدان العربيـة وتـوصيـف منـاخها الاسـتـثـماري

مـؤشـر السياسـة النـقديـة (معـدل التـضخـم) في فـي البلـدان العـربيـة

مؤشر سياسة التوازن الخارجي فـي البلـدان العـربيـة

مؤشـر السياسـة الماليـة (التـوازن الداخلـي) فـي البلـدان العـربيـة

التـوزيـع القطاعـي للاستثمـارات العربـيـة البيـنيـة

البلـدان العربـيـة المـضيفـة للاستثـمـار

البـلدان العـربيـة المـصـدرة للاسـتـثـمار

المعـوقـات أمـام الاستثمارات البينيـة فـي الـدول العـربـيـة

الاستثمـارات العربـيـة البينيـة المـباشـرة

تطور نسبة الاستثمار الاجنبي المباشر الى إجمالي تكوين رأس المال الثابت