1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الجغرافية الطبيعية

الجغرافية الحيوية

جغرافية النبات

جغرافية الحيوان

الجغرافية الفلكية

الجغرافية المناخية

جغرافية المياه

جغرافية البحار والمحيطات

جغرافية التربة

جغرافية التضاريس

الجيولوجيا

الجيومورفولوجيا

الجغرافية البشرية

الجغرافية الاجتماعية

جغرافية السكان

جغرافية العمران

جغرافية المدن

جغرافية الريف

جغرافية الجريمة

جغرافية الخدمات

الجغرافية الاقتصادية

الجغرافية الزراعية

الجغرافية الصناعية

الجغرافية السياحية

جغرافية النقل

جغرافية التجارة

جغرافية الطاقة

جغرافية التعدين

الجغرافية التاريخية

الجغرافية الحضارية

الجغرافية السياسية و الانتخابات

الجغرافية العسكرية

الجغرافية الثقافية

الجغرافية الطبية

جغرافية التنمية

جغرافية التخطيط

جغرافية الفكر الجغرافي

جغرافية المخاطر

جغرافية الاسماء

جغرافية السلالات

الجغرافية الاقليمية

جغرافية الخرائط

الاتجاهات الحديثة في الجغرافية

نظام الاستشعار عن بعد

نظام المعلومات الجغرافية (GIS)

نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)

الجغرافية التطبيقية

جغرافية البيئة والتلوث

جغرافية العالم الاسلامي

الاطالس

معلومات جغرافية عامة

مناهج البحث الجغرافي

الجغرافية : الاتجاهات الحديثة في الجغرافية : جغرافية البيئة والتلوث :

أخطار التلوث

المؤلف:  أ.د. الهادي مصطفى، أ.د محمد علي الاعور

المصدر:  الجغرافيا البحرية

الجزء والصفحة:  ص 247 ـ 254

2025-05-11

64

أصبح البحر مخزن نفايات ونقطة تجمع وتلوث جميع تفاعلات الحضارة على القشرة الأرضية بما فيها أشد وأخطر ما يمكن أن تؤتي على هذه الحضارة نفسها وهو بقايا النفايات الذرية التي ولحسن الحظ لا زالت عند الحد الأدنى لقلة عدد الدول التي تنتجها وتستخدمها بالتالي وللأخطار الكبيرة التي تصحب عمليات التخلص منها. لقد أدى تحول تركز معظم الصناعات الكبيرة على شواطئ البحار إلى تعرض هذه الأخيرة لاستقبال الكميات الهائلة من مسببات التلوث البحري Sea Pulloion حتى أن معظم أنهار وشواطئ الدول الصناعية أصبحت تشكل عنصراً خطراً على الصحة العامة، بل وأكثر من ذلك أصبح الصيد فيها يشكل علامة استفهام كبرى ناهيك عن استعمالها للاستحمام أو لغير ذلك من الكثير من الاستعمالات التي كانت شائعة في وقت ما، رغم أن زيادة نسب تلوث مياه الأنهار بما تحمله من مخلفات المجاري قد يعمل على رفع نسب العناصر الغذائية التي تحتاجها الأسماك والتي تعمل على زيادة مصدر غذائها وتكاثرها بالتالي. ومع أن مياه البحر تعمل تلقائياً بحكم كمياتها الهائلة وأعماقها الكبيرة وطبيعة تركيبها الكيميائي للتخلص من معظم الفضلات، إلا أن خطر التلوث النووي سيظل خطراً محدقاً بالثروة السمكية بدرجة تفوق خطر التلوث الذي ينجم عن تعرض ناقلات النفط للخطر، كما حدث في كثير من المناطق البحرية مثل منطقة الخليج العربي حيث تتعرض الأحياء البحرية للخطر المباشر، حيث أصبحت السواحل غير صالحة للاستعمال إلا بعد تنظيفها.

اقتصرت مجهودات المهتمين بشؤون البيئة بصفة عامة في بداية الأمر، على مجرد التذكير بإمكانية انقراض بعض أنواع الحيوانات والنباتات البرية إضافة إلى الخطر الذي أضحى يروع ويهدد مستقبل الثروة الحيوانية وبالذات في مجال صيد الحيتان التي أصبحت تتناقص بشكل ملفت للنظر بعد أن لجأت كل من النرويج واليابان إلى تكثيف صيدها بشكل يدعو إلى انقراضها السريع وهو ما تدارسته معاهدة لندن عام 1930 إفرنجي، التي حاولت وضع ح حل لذلك الصيد الجائر.

والواقع أن بلورة الاهتمام بمسائل البيئة بصورة عامة، والبحرية على وجه الخصوص لم تخص ببالغ الاهتمام قبل ظهور آثار تلوث مياه بحار بعض الدول الأوروبية، في أواخر الخمسينات، إذ كان الاهتمام بمثل هذه القضايا لا يزيد على كونها قضايا هامشية ولا تخص ساكني الأرض ككل.

وللتذكير فإن إيجاد تشريعات ملزمة في ظل غياب المفهوم الحقيقي للبيئة وأخطار التلوث ظلت من القضايا الثانوية في أي مجال من مجالات المطالبة بالمحافظة على البيئة حتى عام 1956 إفرنجي حين أقرت حكومة بريطانيا منع استعمال أنواع معينة من الفحم الحجري، في بعض أحياء مدينة لندن وبعض المدن الكبرى الأخرى بعد ذلك الضباب المروع الذي حل بالمنطقة في شتاء ذلك العام، إذ ثبت اليوم أن استعمال الفحم الحجري يسهم بخمسين من غاز ثاني أوكسيد الكربون على مستوى العالم.

جاء اختلال التوازن البيئي في مياه نهر الراين، وبدء ظهور أعراض الموت على أشجار الغابات في منطقة أوروبا الوسطى نتيجة لما يعرف الآن بالأمطار الحمضية، وظهور العديد من بوادر مسببات إصابة الأحياء البحرية على معظم سواحل أوروبا، ليؤكد أن مسألة التلوث لا يمكن اقتصار أثرها على حدود دولة معينة وفي هذا ما حدا بالكثير من دعاة الحفاظ على البيئة إلى تكريس سماع صوتهم إلى أجهزة الأمم المتحدة التي كثفت من مجهوداتها وتمكنت في النهاية من الدعوة وعقد أول مؤتمر للبيئة بمدينة ستوكهولم عام 1972 إفرنجي، ذلك المؤتمر الذي تمخضت مناقشاته عن إقرار إنشاء ما أصبح يعرف ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي أسفرت أولى توصياته على عقد مؤتمر يناقش حماية البحر المتوسط من فضلات التلوث التي باتت تحكم الخناق على معظم المناطق الساحلية لهذا البحر الذي يمثل أحد أهم شرايين التجارة العالمية منذ أن ظهرت على سواحله تلك الحضارات التي أرست نهضة عالم اليوم.

فهذا البحر الذي لا تزيد مساحته على عشرة في من الإجمالية لبحار العالم تحده سواحل يقرب طولها من ثلاثين ألف كيلومتر، تعج بمئات من المراكز العمرانية التي تحول معظمها إلى مرافئ هامة تزخر بمختلف أوجه النشاط الاقتصادي وبالذات في المجال الاقتصادي الذي أصبح يعتمد على إعذاب مياه البحر هذه العملية التي تسرع في حد ذاتها في تكثيف درجة التلوث البحري ناهيك عن ارتباطها الوثيق بمتطلبات التصنيع، التي تخدم في جزء منها دعم حركة السياحة التي إذا ما أضيفت إلى النشاط الصناعي فإنهما يتحولان إلى سمتين تلحقان معاً اختلالاً واضحاً بالتوازن البيئي، ففي مجال السياحة، التي لا تؤخذ للوهلة الألى على أنها. منشطات من التلوث، تستقطب الشواطئ المتوسطية خلال فصلي الربيع والصيف، أكثر من مائتي مليون مصطاف مما يؤدي إلى استعمال مفرط لكافة التجهيزات وبالذات في مجالي مرافق الصرف الصحي وخدمات النقل وما يسببانه من آثار سيئة على البيئة البحرية.

يتبين من الخريطة أن أغلب جهات المتوسط بدأت تتعرض لمخلفات التلوث وبالذات ما ينتج عن النفط ، فإلى جانب صغر المساحة النسبية لهذا البحر، الذي يعتبره البعض بمثابة بحيرة كبرى أو بحر مغلق وبالتالي إمكانية ظهور ما يصاب به من أعراض سلبية بسرعة أكبر من غيره من البحار المفتوحة، إذ يشهد هذا المسطح المائي ذي المركز الاستراتيجي الممتاز في قلب العالم القديم مرور ثلث كامل حركة التجارة الدولية في أهم مكونات الطاقة ممثلاً في النفط ومع أن الدول المنتجة للنفط محدودة العدد ويتركز معظمها في سواحله الجنوبية، إلا أن التقدم الصناعي جعل من سواحله الشمالية بؤرة لظهور مئات المصافي النفطية، التي أخذت آبار حقول النفط البحري في شرق أسبانيا وقرب ساحل الأدرياتيك الإيطالي، وبحر إيجه وقرب الشواطئ التركية، تعمق من تراكم آثار التلوث هي الأخرى، خاصة بعد أن شهدت بعض شواطئه ومنذ فترة ظهور بعض محطات الطاقة النووية، كما في بعض سواحل إيطاليا وأسبانيا والكيان الصهيوني والتي ينتظر ازدياد عددها رغم المعارضة الشديدة التي تقوم بها بعض جماعات الخضر المناوئة لانتشار هذا النوع من أنواع الطاقة المدمرة.

فهذه السواحل وعلى كامل امتداد الساحل الأوروبي بما في ذلك سواحل تركيا والساحل الشرقي لهذا البحر، ومنطقة الدلتا وبالقرب من أغلب المدن الرئيسية على الساحل الأفريقي، أصبحت تعاني أيضاً من تلوث لم يعد من المخلفات الصناعية والفضلات التي تحملها المجاري.

وهنا لا يجب أن يغيب عن البال وجود منطقتين شاسعتين يسمح فيهما لناقلات النفط بطرح مياه الصابورة داخل مياه هذا البحر حيث يقدر أن حوالي نصف كمية النفط المنقول داخل حوض هذا البحر تفرغ في أحد مرافئ الساحل الشمالي، إذ تقع المنطقة الأولى داخل جزء الحوض الشرقي بين قبرص والساحل المصري، أما الثانية فتقع بين صقلية وجنوبي ساحل اليونان والساحل الليبي، حيث تقدر كمية الهيدروكربونات الملقاة في هاتين المنطقتين بأكثر من ثلاثمائة ألف طن يضاف إلى هذا ما تلقيه قرابة خمسين مصفاة من مادة الهيدروكربونات والتي تقدر بعشرين ألف طن سنوياً، وأكثر من فإن البئر الواحد من آبار النفط البحري تسرب ما مقداره (05%) من جملة الإنتاج. وعموماً فإن ثمانين في المائة من مجموع شواطئ المتوسط بانت تزعج المصطافين لتلوث رمالها وصخورها بالقطران حتى أن بعض الدول باتت مضطرة إلى استخدام وسائل ميكانيكية أو كيميائية لتنظيف الشواطئ، وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى اعتبار سواحل الجماهيرية ومنذ سنة 1972 إفرنجي سواحل ملوثة لدرجة تستدعي اتخاذ إجراءات فعالة في هذا الخصوص، وأكثر هذا فقد أثبتت الدراسات التي قام بها معهد الأحياء البحرية بتاجوراء في نشرته رقم 2 صفحة 6 لسنة 1981 إفرنجي. أن الوزن الكلي لكربات القار على الساحل الليبي يبلغ حوالي ألفي طن، وفي هذا الخصوص يجب الا يغيب عن البال أن تلوث شواطئنا رغم وجوب أخذ الحيطة والحذر، لم يصل بعد إلى درجة السواحل المقابلة، وبالذات على طول معظم الشواطئ الإيطالية التي لحقت أضرارها بالحياة البحرية، وأدت إلى زوال بعض أنواعها وبالذات في منطقة البحر الأدرياتيكي.

إن تلوث البيئة الناجم عما بات يعرف بالبيوت الزجاجية، عملية رغم تفاقم أخطارها لم تحض بعد بجدية التعامل معها لتعدد الأطراف المشاركة في ترسيخ سلبياتها، ذلك أن جل إن لم يكن جميع دول الأرض لها دور أو أخر في هذا الموضوع الأمر الذي أظهر اختلافات جذرية في كيفية معالجتها، وتوفير النفقات الباهظة اللازمة لإحلال بدائل تقنية آمنة بدل المستعمل منها حالياً.

وعموماً لم يعد بخاف أن دول كندا والولايات المتحدة وأستراليا هي الدول التي تحتل رأس بلدان العالم الصناعي بالنسبة لتكريس آثار هذه السلبيات بالنسبة للفرد، تليها دول ما كان يعرف بألمانيا الشرقية فجمهورية تشيكوسلوفاكيا، أما بالنسبة لدول العالم الثالث فإن القائمة تحتلها البرازيل فكولومبيا فساحل العاج.

وهكذا فبقدر ما يحسن البحر لسكان الأرض بدأ البعض في الإساءة إلى مصدر توفير الحياة لهم أصلاً، ذلك أن البحر مورد اقتصادي غير محدود العطاء والوفرة على الأقل في تلك الموارد الاقتصادية أو مخازن الإمداد والتموين المتجددة كالمياه والثروة السمكية.

ويمدنا المحيط بعدد من المواد المتجددة لعل أهمها وألزمها لحياة المملكتين الحيوانية والنباتية على اليابسة هو الماء العذب الذي يأتي أصلاً من المحيط ثم يعود إليه بعد الاستعمال والطعام هو الآخر من بين مواد المحيط المتجددة.

أما الموارد الاقتصادية التي تنضب أو التي لا يمكن تجديدها، كالبترول والعديد من المعادن الفلزية، فإن قيعان البحار أو حتى مياهها نفسها، تحوي منها مجموعات كثيرة هي الأخرى ولو أن استغلالها سيضيف أعباء أخرى على كاهل البيئة البحرية إن لم تراع الأساليب الفعالة في جميع مراحل التعامل معها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

(1) مجلة الأيكونومست مجلد 315 ، رقم 7659 يونيه 1990 إفرنجي، ص25 - 26.

(1) معهد الإنماء العربي - مشكلة التلوث في البحر المتوسط، بيروت 1982 إفرنجي، ص52.

EN