1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية الصحية والبدنية :

أنواع اللحوم / لحوم السمك

المؤلف:  السيد حسين نجيب محمد

المصدر:  الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)

الجزء والصفحة:  ص449 ـــ 462

2025-04-26

46

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 14].

ويلاحظ في الآية أنه تعالى وصف لحم السمك بأنه ((طرياً)) لتفضيله على غيره من اللحوم القاسية وللإشارة إلى أهمية اللحم الطازج دون غيره.

يُعتبر السمك من الأغذية العالمية المفيدة لكل البشر ولكل الأعمار فهو مصدر ممتاز من مصادر البروتيين، كما أنه غني بالفوسفور الذي يساعد على نمو العظام والأسنان وتنمية العقل والذكاء، كما أنه حاوي للكالسيوم وهو سهل الهضم وخفيف على المعدة، ويفيد النساء الحوامل والمصابين باضطراب الذاكرة وضعفها، ويساعد العمود الفقري والأسنان على النمو كما أنه مساعد قوي على خفض ((الكوليسترول)) الخطير الذي يؤدي إلى أمراض القلب.

بل أن له تأثيراً على رفع الاكتئاب لا سيما لدى النساء.

عن الإمام الرضا (عليه السلام): ((ومَنْ خشي الشقيقة فلا ينم حَتَّى يأكل السمك الطري صيفاً وشتاء))(1).

وينصح الأطباء بتناول السمك مرتين في الأسبوع وفي بعض الروايات أنَّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان يأكل السمك في كل يوم أربعاء.

تناول الأسماك يزيد من الروح المعنوية:

ينصح الأطباء المتخصصون في التغذية الصحية بضرورة تناول الأسماك بكثرة، خاصة لهؤلاء الأشخاص الذين يعانون من السمنة، التي تسبب لهم الكثير من المشكلات النفسية، حيث تعمل الأسماك على زيادة حرق الدهون والقضاء على التوتر النفسي وزيادة الروح المعنوية.

وأضاف الباحثون أنَّ الأسماك تحتوي على العديد من العناصر الغذائية المهمة للغاية ومن بينها اليود الذي يزيد من كفاءة الغدة الدرقية، ويزيد أيضاً من حرق الدهون ويساعد على الحركة والنشاط.

كما تحتوي الأسماك على زيوت ((أوميجا)) التي تساعد أيضاً على رفع الروح المعنوية(2).

العلاج بزيت السمك:

قام الدكتور ((سينور وزميله))، بدراسة على 153 مريضاً مصابين بارتفاع الدم مع اختلاطات قلبية عند البعض. وبعد المعالجة بزيت السَّمك لمدة شهرين انخفضت الغليسيريدات الثلاثية إلى مستواها السوي، وتبقى منخفضة طالما استمر المريض على تناوله.

وتشير الدراسات الحديثة أيضاً إلى أن تناول زيت السمك أو وجبات من السمك الدهني يؤدي إلى الإقلال من تشكل الخثرات ـ الجلطات - في شرايين للجسم لأنَّ ذلك يؤدي إلى إطالة زمن النزف ونقص لزوجة الدم.

وقد أظهرت دراسة كرومهوت (1985م) أن معدل الوفيات بأمراض شرايين القلب كانت منخفضة جداً عند الذين يعتادون أكل السمك بالمقارنة مع أولئك الذين لا يتناولونه، وتبين لهم أن تناول وجبة أو وجبتين من السمك أسبوعياً تلعب دوراً هاماً في الوقاية من احتشاء العضلة القلبية. كما أنَّ تناول السمك من قبل المصابين بالاحتشاء أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات عندهم في السنين التي تلت الإصابة.

وتُبين الدراسات قلة إصابة سكان الإسكيمو بتصلب الشرايين، علماً بأنهم يتناولون السمك أضعاف ما يتناوله غيرهم، كما أن نسبة حدوث احتشاء العضلة القلبية عندهم وعند اليابانيين أقل بكثير من المجتمعات الغربية وقد ثبت أنَّ تناول (30غ) من السمك في الأسبوع يؤدي إلى الوقاية من مرض شرايين القلب إلا أنَّه يجب تجنب السمك المقلي أو المملح.

ويقارن ((ليف وديبر)) بين الأسبرين وزيت السمك فيُبين أن للأسبرين تأثيراً واحداً في الوقاية من احتشاء القلب وهو تأثيره على الصفيحات الدموية. أما زيت السمك فيمارس دوره في الوقاية عن الجلطة على عدة مستويات وبآليات مختلفة مما يظهر أنَّ له منافع تفوق الأسبرين كما أكد ((كريمر)) فائدة زيت السمك في تخفيف الآلام المفصلية وعدد المفاصل المؤلمة وتيبس المفاصل عند المصابين بالتهاب المفاصل الرثواني، وذلك بسبب تـأثـيـره عـلـى البروستاغلاندينات المسؤولة عن الألم والتهاب، كما يفيد في زيادة نشاط المريض وقدرته على الحركة.

وتبين للباحثين تحسن أعراض داء الصدف عند العديد من المرضى خلال شهرين من تناول 10 كبسولات من زيت السمك يومياً أو ما يعادل تناول وجبة من السَّمك الدهني وباحثون من النرويج أكدوا فائدة زيت السمك في معالجة التهاب الجلد التأتبي حيث ظهر تحسن واضح في الأعراض بعد تناوله لمدة (2 - 3) شهور.

وأظهرت دراسة أمريكية جديدة فائدة زيت السمك للمرضى المصابين (بدار رينو) حيث ظهر تحسن واضح في تحمل هؤلاء المرضى للبرد وخفت شدة الأعراض عندهم وذلك بسبب تأثيره الموسع للشرايين. كما تبين أنه علاج فعال للمصابين بالشقيقة ويكفي لذلك (2 - 4) كبسولة يومياً ولمدة 6 أسابيع.

وفي عدد تشرين الأول من مجلة Chest الأمريكية نشرت توصيات مؤتمر علمي لباحثين في أمراض على الأقل، للوقاية من احتشاء القلب والأوعية كان منها:

1- أوصى الباحثون بتناول (30 - 40 غ) من السمك يومياً، أو تناول وجبتين من السمك أسبوعياً على الأقل، للوقاية من احتشاء القلب.

2- يخفض زيت السمك مستوى الغليسيريدات الثلاثية في الدم.

3ـ الجرعات العالية أو المتوسطة من زيت السمك تؤدي إلى نقص ضغط الدم. عند المصابين بارتفاع الضغط الشرياني، أما آلية ذلك فما تزال مجهولة.

إن تناول كميات متوسطة من السمك الدهني وجبتان في الأسبوع يؤدي إلى انخفاض نسبة الوفيات عند المصابين باحتشاء العضلة القلبية، وأخيراً تدلُّ أبحاث حديثة على أنَّ زيت السمك قد يُخفّف من حدوث الانسمام الحملي(3).

الحكمة من تحريم السمك الخالي من الفلس:

من الثابت في الشريعة الإسلامية أنه يحرم أكل السمك إذا لم يكن على جسده «فلس».

وقد جاء في الأبحاث العلمية أنَّ الحيوانات البحرية تمتص أشعة ما فوق البنفسجية في جلدها - وهذه الأشعة تسبب الضرر ـ ما عدا نوع واحد من الحيوانات وهو ما كان عليه فلس، فإنه يمنع امتصاص الأشعة.

التمر بعد السمك:

عن الإمام الصادق (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أكل السمك قال: ((اللهم بارك لنا فيه، وأبدلنا به خيراً منه))(4).

عن سعيد بن جناح عن مولى للإمام الصادق (عليه السلام)، قال: دعا (عليه السلام) بتمرٍ فأكله، ثم قال: ((ما بي شهوةٌ، ولكنّي أكلت سمكاً، ثم قال: من بات وفي جوفه سمكٌ لم يتبعه بتمراتٍ أو غسل، لم يزل عرق الفالج يضرب عليه حتى يصبح))(5).

النهي عن الجمع بين البيض والسمك:

عن الإمام الرضا (عليه السلام): ينبغي أن تحذر... أن تجمع في جوفك البيض والسمك في حالٍ واحدةٍ؛ فإنَّهما إذا اجتمعا ولدا القولنج، ورياح البواسير، ووجع الأضراس(6).

النهي عن إدمان أكل السمك:

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكل السمك، يذهب بالجسد(7).

الاعتدال في أكل اللحوم:

إشارات النصوص الدينيَّة إلى ضرورة الاعتدال في تناول الطعام وعدم الإسراف في تناوله سواء من ناحية المواظبة على أكله يومياً أو الإفراط فيه حين الأكل.

فقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام): ((لا تجعلوا بطونكم قبوراً للحيوانات))(8).  

وعن الصادق (عليه السلام): ((كان علي (عليه السلام) يكره إدمان اللحم ويقول:

إنَّ له ضراوة كضراوة الخمر))(9).

وحده من الناحية الزمنية أن يؤكل في كل ثلاثة أيام مرة، وأن لا يترك فوق الأربعين يوماً.

في رواية عمار الساباطي قال: ((سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن شراء اللحم فقال: في كل ثلاث، قلت: لنا أضياف وقوم ينزلون بنا وليس يقع منهم موقع اللحم شيء فقال في كل ثلاث، قلت: لا نجد شيئاً أحضر منه ولو ائتدموا بغيره لم يعدوه شيئاً، فقال: في كل ثلاث))(10).

وورد في حديث الإمام الصادق (عليه السلام) عن حق الزوجة على زوجها من ناحية طعام اللحم قال: ((في كل ثلاثة، فيكون في الشهر عشر مرات لا أكثر ذلك))(11).

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((اللحم ينبت اللحم، ومن تركه أربعين يوماً ساء خُلُقه ومَنْ ساء خلقه فأذنوا في أذنه))(12).

وعنه (صلى الله عليه وآله): ((مَنْ أتى عليه أربعون يوماً ولم يأكل اللحم فليقترض

على الله عَزَّ وَجَلَّ وليأكله))(13).

يقول الدكتور القبَّاني: ((حين تنعدم البروتينات ـ وهي موجودة في اللحم - يصبح المرء أشبه بحيوان مفترس، وقد حدثت مآسي كثيرة في معسكرات النازي خلال الحرب الأخيرة بسبب انعدام البروتينات في الأغذية المقدمة لهم))(14).

ويعود السبب إلى منع الإكثار من تناول اللحم أنه يؤثر سلباً على جسد الإنسان وعقله وروحه وإليه تشير بعض النصوص منها:

عن النبي (صلى الله عليه وآله): ((لحم البقر داء ولبنها دواء، ولحم الغنم دواء ولبنها داء))(15).

الحكمة من تحريم بعض اللحوم:

قال د. زهير بيطار: ((إنَّ النوع الحيواني من الأحياء، وبسبب التشابه في البنية الجسدية وفيزيولوجيا الجسم وأعضائه، فإنَّه عرضة للإصابة بأمراض تختلف عن الأمراض التي تصيب النبات، ومن حيث المبدأ، فإنَّ بعض أمراض النوع الحيواني قد تكون قابلة للانتقال من فصيل إلى آخر بما فيه الإنسان، بسبب التشابه المذكور، وقد تختلف تجلياتها بين الفصائل المختلفة على الرغم من وحدة السبب، نتيجة لاختلاف في تفاصيل الوظائف وفيزيولوجيتها، ولقد أكد الطب حالياً على انتقال بعض الأمراض الميكوربية على النحو المذكور، كالسل البقري، والسالمونيلا، والتولاريميا، والبروسيلا والتوكسوبلاسما، وأمراض طفيلية كثيرة، ولا نستطيع النفي الأكيد لإمكانية انتقالات أخرى قد تكون أشد خطراً من الأمراض الميكروبية، لكن لم يتوصل الطب إلى كشفها بعد.

من هنا نعلم وجهاً من الحكمة في حرمة لحوم بعض الحيوانات، فنجد أن اللحوم المحرمة في جلها لحوم الحيوانات الآكلة اللحوم كغذاء وحيد لها، من برية أو طائرة مفترسة شاردة، كالسبع والهر والكلب والعقاب والنسر وما إليه فهذه الحيوانات تعمل إمكانية مرتفعة للإصابة بالأمراض التي تغزو النوع الحيواني، وإمكانية حملها ونقلها إلى الإنسان، خاصة إنَّها تأكل الجيفة مع ما يعني هذا مزيداً من تلك الاحتمالات.

ولما كانت إمكانية الضرر المحتملة في أي غذاء تتفاقم مع تزايد تناوله وكثرته، أصبح ممكناً فهم ذلك الإرشاد النبوي الآخر حول اللحوم ((لا تجعلوا بطونكم مقابر للحيوانات)) الذي يقتضي كراهية الإفراط في تناول اللحوم، وهذه قاعدة صحية مهمة لم يبق حولها غموض، بعدما تبيَّن للطب أثر اللحوم في زيادة الكولسترول والشحوم في الدم وما يتعلق بها من أمراض القلب والشراييين والضغط الشرياني، وما لهذه الأمراض من مضاعفات خطيرة على مجمل وظائف الجسم وأعضائه، وبعدما تبيَّنت علاقة هذا الإكثار بارتفاع الحامض البولي في الدم، وأنَّ للحوم فضلات استقلابية مرتفعة المقدار، تضع مزيداً من العبء على الكليتين ولكن هذا الإرشاد لا يعني الامتناع عن أكل اللحوم لحاجة الجسم إليها، لذلك جاء الإرشاد من ناحية ثانية بكراهية الامتناع عنها زمناً طويلاً، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((اللحم ينبت اللحم، ومن ترك اللحم أربعين صباحاً ساء خلقه))، والواضح هنا (أنَّ من طلع عليه أربعون صباحاً ولم يتناول اللحم وليس من لم يتناوله في الصباح أربعين يوماً، فاقتضت الإشارة). فالجمع بين القاعدتين يفيد صحة تناول اللحم وعدم الامتناع عنه، لكن دون الإفراط فيه.

والإرشاد الثالث حول اللحوم في كراهية تناولها «نيئة»، فلقد ثبت أن طهي اللحوم ينقص من إمكانية انتقال ما قد تحمله من ميكروبات أو طفيليات، بعد أن عرف الإنسان عالم الميكروبات، وأسرار انتقال بعض الطفيليات إلى الإنسان بواسطة لحم الحيوان المأكول عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن أكل اللحم النيء، فقال: ((هذا طعام السباع)).

ومن هنا نفهم كذلك حرمة ((شرب الدم))، فالدم لا يمكن طهيه على غرار اللحم، ولا بد أن يشرب طازجاً، علماً أنَّ الدم هو الوسط الناقل لجميع السموم في جسم الحيوان، والحامل لمعظم الميكروبات التي قد يكون الحيوان مصاباً بها، ويشكل بعد الفصاد وسطاً مثالثاً لالتقاط الجراثيم وتكاثرها فيه بسرعة.

والحكمة ذاتها في حرمة الدم تصلح لفهم الحكمة من الطريقة الواجبة في تذكية الحيوان ذي النفس السائلة بذبحه من الوريد إلى الوريد في العنق، وتركه ينزف كل دمه، لأن هذه العروق. هي الأكبر والأقرب إلى القلب ممَّا يخلص جسم الحيوان من معظم الدم الذي في عروقه، وغني عن البيان ما للتذكية الشرعية بذكر اسم الله والتكبير والتوجيه إلى القبلة من مضمون روحي أخلاقي، يجرد هذا الفعل من ظاهره الحيواني البشع في قتل القوي الضعيف، بدافع من غرائز الغاب، وجعله عملاً هادفاً منضبطاً بالإذن الإلهي للإنسان بتضحية الحيوان المحلل، ضمن حدود الحاجة التي يقتضيها غذاؤه لأجل بقائه، وتحت هذا السقف نفهم حرمة الصيد لغير حاجة الطعام، حيث يكون قتل الحيوان لغير هذه الحاجة قتلاً غرائزياً حيواني الطابع، ومرفوضاً، فضلاً عما لهذا المنع من قيمة كبرى في حفظ الثروات الحيوانية في بلاد المسلمين.

وفي معرض الكلام عن حرمة الدم نذكر حرمة تناول (الطحال) هو العضو الذي ينظف الدم من كروياته الهرمة والتالفة، إما بحكم انتهاء أمدها، أو بحكم موتها من أثر ضار يقع عليها، وهو في جله دم، وهذا عبر عنه الخبر التالي قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((لا تأكلوا الطحال فإنه بيت الدم الفاسد، واتقوا الغدد من اللحم فإنَّه يحرك عرق الجذام)).

فهذا التعبير ((بيت الدم الفاسد))، أفضل تعبير عن الحقيقة التي ذكرناها والتي عرفها الطب حديثاً كوظيفة مهمة من وظائف الطحال في كنس كريات الدم الفاسدة على النحو المذكور، مما يجعله يحتوي على كل ما يحمله الدم من عوامل المرض أو من آثاره.

وأما ((الغدد))، فقد عبر عنها الخبر ذاته، وهي الغدد اللمفاوية التي هي موضع دفاعي عن الجسم ضد الميكروبات، لذلك فهي تتضخم عند حصول الغزو الميكروبي، وقابلة لأن تكون موبوءة بكثير من الميكروبات كالسل والجذام وغير ذلك، فهذا القابلية خاصة بها تفوق باقي أجزاء اللحم، لذا كان الإرشاد إلى عدم تناولها.

على أن هناك حالات لا حصر لها سبقت التربية الإلهية، معرفة الإنسان الذاتية التي قصرت عن معرفة وكنه الحكمة التي انطوت عليها إلا بعد قرون كثيرة، ولا يفوتنا هنا ذكر حرمة لحم الخنزير، الذي حرمته الشرائع الإلهية منذ أقدم العصور في شريعة موسى (عليه السلام) ثم شريعة محمد (صلى الله عليه وآله)، فلقد علم الطب الحديث أن هذا الحيوان مستودع للكثير من الطفيليات التي تنتقل إلى الإنسان عن طريق لحمه ولعل سر ذلك في ميله الغريزي على القذارة في عادته السلوكية والغذائية، ويشابهه في هذا الجرذ والفئران المحرمة اللحم أيضاً، بل إن الحيوانات اللاحمة المذكورة سابقاً، كلها تتقي القذارات في نمط غذائها، خلافاً للكثير من الحيوانات العاشبة المحللة اللحوم.

ولا معنى للقول هنا، بأنَّ طهي اللحوم يخلصها من الكثير مما قد تحمله، لأن المنطق السديد يقتضي اجتناب المآكل التي يحتمل وباؤها، وتجنب أكل الحيوان الذي لا يتقي القذارات بسبب تأثر لحمه بنوع غذائه، والحال في هذا كحال الذي يعمد إلى ماء المستنقعات الآسنة فيغليها ليشربها، بينما ماء النبع القراح متاح له، فما دامت مصادر الغذاء النظيفة المأمونة موفورة، فإنَّ المنطق السديد، والذوق السليم يقضيان بضرورة تناولها واجتناب تلك، ومن المعلوم كيف أنَّ لحم الخنزير يبقى سبباً لنقل أمراض للإنسان.

وفي سياق الكلام عن طبيعة غذاء الحيوان وعلاقته الظاهرة في حلية لحمه، نذكر مثالاً أشد وضوحاً عليها، فيما يُسمى بالدجاج الجلالة، أي الدجاج الذي تناول البراز، فالدجاج محلل اللحم كما هو معلوم، لكن إذا تناول البراز حرم حتى يبرأ من أثره، والبرء يكون بانقضاء زمن محدد شرعاً على بدء امتناعه عن تناول الغائط. فلا عجب، لأن الغائط يحتوي على الكثير من الجراثيم التي قد يكون بعضها مرضياً للإنسان، فتنتقل إلى لحم الدجاج وحتى بيوضه كالسالمونيلا، حتى إذا مضى عليه زمن محدد تعافى، دلَّ إما على عدم تلوثه أو على برئه إن كان قد تلوث.

ومثل هذا يُقال عن حرمة أكل الحشرات والخبائث، فبعضها كالأفاعي والتماسيح تلتهم الحيوانات والجيف، وبعضها يتناول القذارات ويعيش على أنقاضها ولعلَّ أجسامها تحتوي على عوامل أخرى مؤذية.

وتحت العنوان نفسه نشير إلى حرمة تناول الرخويات التي لا فلس لها من حيوانات الماء، ولعلها لأنَّها تلتهم القذارات حتى أنَّ بعضهم وصفها بأنها قاذورات البحار(16).

فوائد في تناول اللحم:

1- أجود اللحم ما أخذ من الفخذ والأصلاب والضلوع الخلفية.

وفي الخبر: ((كان النبي (صلى الله عليه وآله) يحب الذراع والكتف، الورك لقربها من المبال))(17).

وعن الرضا (عليه السلام): ((اشتر لنا من اللحم المقاديم، ولا تشتر المآخير، فإنَّ المقاديم أقرب من المرعى وأبعد من الأذى(18).

 2ـ أجود اللحم ما كان صغيراً فقد ذكر لحم الطير عند الإمام عند الإمام علي (عليه السلام) فقال: ((أطيب اللحم لحم فرخ))(19).

3- عن الإمام الصادق (عليه السلام): ((القديد (أي اللحم المُجفف) لحم سوء، وإنَّه يسترخي في المعدة، ويهيج كل داء، ولا ينفع من شيء بل يضره))(20).

4ـ من المستحسن جداً أن يجمع الإنسان بين اللحوم والخضراوات.

5- يجب عدم تمليح اللحم المشوي قبل الشوي، وذلك لأن قسماً كبيراً من الحديد يخرج منه، وهذا ما نراه من تساقط قطرات الماء من اللحم المشوي، فليكن التمليح بعد الشوي نعم من المستحسن مسح اللحم قبل شيه بزيت الزيتون.

لتناول اللحم طرقاً عديدة:

1ـ الشيّ وهو أفضل الطرق لأنَّه يحافظ على بقاء المواد الغذائية.

2 - القلي.

3 ـ السلق وهو يفقد الكثير من المواد الغذائية إلا أنه يساعد على سرعة الهضم. وأما تناول اللحم نيّاً فله مضار كثيرة لانتقال الجراثيم الحية إلى الإنسان ولذا سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن أكل اللحم الني فقال: ((هذا طعام السباع)).

____________________________

(1) طب الإمام الرضا (عليه السلا): ص39.

(2) الأبعاد الخفية، عدد 52.

(3) موسوعة الإعجاز القرآني، ص878.

(4) الكافي، ج 6، ص323، ح2.

(5) الكافي، ج 2، ص323.

(6) طب الإمام الرضا (عليه السلام)، ص 63.

(7) الفردوس، ج 1، ص 460، ح 1705 عن أبي أمامة.

(8) طب المعصومين (عليهم السلام).

(9) المصدر نفسه.

(10) المحاسن: ص 470.

(11) مهذب الأحكام: ج25، ص 352.

(12) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 353.

(13) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 354.

(14) الغذاء لا الدواء: ص 496.

(15) طب المعصومين (عليهم السلام).

(16) مجلة نور الإسلام عدد 81 - 82، ص38.

(17) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 354.

(18) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 358.

(19) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 358.

(20) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 356. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي