x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
حب الله
المؤلف: السيد مرتضى الحسيني الميلاني
المصدر: الى الشباب من الجنسين
الجزء والصفحة: ص 31 ــ 34
2024-09-28
241
حب الله تبارك وتعالى أساس كل حب نقي. وكل حب هو في الحقيقة مندرج تحت حب الله لدى المؤمن المحب. فمن أراد أن يكون محباً صادقاً فليحب الله حتى يحب ما يحبه الله، ويبغض ما يبغضه الله. وهنا يتضح لك أخي الشاب أن في البغض محبة. بمعنى أن الإنسان إذا أبغض شيئاً يبغضه الله فقد أحب الله ببغضه لذلك الشي.
وإذا أحب شيئاً يحبه الله فقد أحب الله بحبه لذلك الشي.
وبما إن الله تبارك وتعالى خالق الحب وهو المحب لعبادهِ المؤمنين به، العاملين بأمره، فهو صاحب كل حب وجمال وبهاء وجلال.
وقد ورد في دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة: (... عميت عين لا تراك عليها رقيباً، وخسرت صفقة عبدٍ لم تجعل له من حبك نصيباً)، وقال في مورد آخر (... يا من أذاق أحباءه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملقين، ويا من ألبس أولياءه ملابس هيبته فقاموا بين يديه مستغفرين).
وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام) لأبي حمزة الثمالي في دعائه:
(الحمد لله الذي تحبب إلي وهو غنيٌ عني) (1).
وقال: (يا حبيبَ من تحبّب إليك، ويا قُرة عينِ من لاذ بك وانقطع إليك) (2).
وقال: (ولئن أدخلتني النار لأخبرن أهل النار بحبي إليك) (3).
إخواننا الشباب:
هنا نرى المحب يتعلق بمحبوبه الأكبر وهو الله تبارك وتعالى ويأتمر بأمره، ويقف عند حدوده التي شرعها. باعتباره هو الموجد والمكون والخالق لهذا الحب. وهو الذي تفضل بعنايته الكريمة وأعطاها لعباده المتحابين الذين عقدوا الولاء والحب الخالص له سبحانه، فأحبهم بحبهم له، وودهم بودهم له، حتى شفى صدورهم، وصقل نفوسهم على حبه.
لقد أراد الله سبحانه لعباده أن يتحابوا فيه وبتحابهم وتعلقهم به سيحب بعضهم بعضاً. وسيغدق عليهم من حبه، وهو الإيمان به، والتصديق بنبوة أنبيائه ورسله، وبكتابه المنزل، وبملائكته واليوم الآخر الذي تتفرع منه جوانب الحب الحقيقي.
إن حب الله عندما يظهر لدى الإنسان المحب، يظهر بصورة إلهية تستمد قوتها من حبه الكبير. وهي قوة يتقرب بها المحب إلى الله، فيحب الله في ذاته عن طريق السمع والبصر واللسان والجوارح، ويتحرك في حياته وفق محبة الله التي تحركه وترشده، مصداقاً للحديث الشريف (... حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به) (4).
فهذه قوة الحب الإلهية التي ترسم الطريق والخط المستقيم للحياة، فتدعوه إلى محبة كل ما يحبه الله، حتى يحيا في الله وبالله ومن أجل الله.
إن هذه محبة فائقة وكبيرة تهبط على الإنسان المحب دون أن يكون مستحقاً لها. ولو دققنا النظر لرأينا أن هذا الإنسان الذي هو موضع تلك المحبة يتلقاها كمجرد هبة إلهية دون مقابل. وما هي إلا بفضل توفيق الله الذي هو المحب الأكبر. ومن أفعاله التي تحل في نفسية هذا المحب الأصغر وهو الإنسان. فعندما يحب أخاه الإنسان يحبه بفعل تلك الهبة الإلهية. وهذه المحبة بالتالي تدعم كل أساس مشترك للتعايش السلمي في هذه الحياة.
لذلك نرى أن من يحب الله يحب منهجه ويسلك طريقه، ويطبق أوامره ويبتعد عن نواهيه. على العكس ممن حملوا شعار (الله محبة) وهم أعداء الله وأعداء رسوله يعادون البشر باسم المحبة والسلام.
فحب الله هو المحور الرئيس لتنظيف النفوس من أوساخ هذه الدنيا وهو الذي يصنع المواقف.
إن لحب الله شروطاً واجبة وجوباً شرعياً على المحب أن يتقيد بها ويتعبد بموجبها كي يكون حبه لله خالصاً مجرداً من التناقضات. أي أن لا يحمل قلب المحب ولاءين متنافرين. إستناداً إلى قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4].
ولقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن في طلب الدنيا إضراراً بالآخرة، وفي طلب الآخرة إضراراً بالدنيا، فأضروا بالدنيا فإنها أحق بالإضرار) (5).
إن الفطرة ومصدر التشريع الإلهي هو لب هذا الحب وأساسه الذي لا يطغى عليه ما عداه. وهذه مقتضيات حب العباد لله سبحانه. لذلك ورد في دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) قوله: (فوعزتك يا سيدي، لو نهرتني ما برحت من بابك، ولا كففت عن تملقك، لما انتهى إلي من المعرفة بجودك وكرمك) (6) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الانوار: 94 / 143.
2ـ مصباح المجتهد، 585.
3ـ الشيعة في أحاديث الفريقين، 309.
4ـ المحاسن: 1 / 291.
5ـ نهج السعادة، 8 / 403.
6ـ مصباح المجتهد، 585.