x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
تعاون العائلة في الزراعة
المؤلف: محمد تقي فلسفي
المصدر: الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة: ص 254 ــ 255
2024-09-20
208
في العصر الزراعي، كانت العادة أن يقوم الأبناء، قبل سن البلوغ، وبهدف مساعدة الوالدين، بالذهاب إلى المزارع، ويعملون ما يقدرون عليه، فيتعلمون فنون الزراعة، حتى إذا ما بلغوا سن الشباب يكونون قد حصلوا على مهارة، في الحرث والبذر والسقي والحصاد وغير ذلك، بل إنهم عندما يبلغون سن العشرين يتحملون مسؤولية المزرعة كالمزارعين المحنكين، الذين قضوا عمراً طويلاً في الحقول.
وفي تلك المرحلة كانت معظم الأعمال كالتجارة والصناعة اليدوية، بسيطة وسهلة، ولم تكن تحتاج إلى دراسة عالية، وكان أبناء أصحاب المهن والتجار والطبقات الأخرى يذهبون إلى مراكز أعمال آبائهم، ويتعلمون بالتدريج أسلوب عملهم، وعندما يصلون سن الشباب فإنه يصبح بإمكانهم أن يتحملوا مسؤولية العمل. وتكون النتيجة أن أبناء المزارعين والكسبة والتجار، عندما يبلغون سن الشباب، ومع البلوغ الجنسي، يصلون أيضاً إلى الرفاه الاقتصادي، ونتيجة حصولهم على الاستقلال المادي، فإنهم كانوا يقدمون على الزواج في سن مبكرة، ولهذا فإنهم كانوا يملكون قانونياً، الزوجة في سن الشباب، ويبتعدون عن أخطار الفساد.
تغيرت حياة الإنسان مع مجيء الثورة الصناعية، واتخذ النشاط الاقتصادي شكلا آخر، فالعمل في الميدان الصناعي، والوصول إلى الاستقلال المالي، يستلزم تخصصاً، والحصول على المعلومات التخصصية يحتاج إلى وقت قد يصل بضع سنين.
والشبان الذين يريدون أن يتخصصوا في فرع من الأعمال عليهم أن يتوجهوا إلى الدراسات العليا، ويدرسوا لسنوات في الجامعة لكي يتمكنوا من الحصول على موقع ممتاز يوفر لهم الكرامة والمال، والشاب الذي يخطط ليكون مساعد مهندس، أو عاملاً فنياً يتحمل المسؤولية في الميدان الصناعي، عليه أن يمضي فترة تدريبية يتلقى خلالها دروساً تخصصية تتضمن معلومات كافية تسمح له بالتعامل مع الآلات الدقيقة ليصل إلى وضع مالي مناسب وفي كلتا الحالتين فإن الاستقلال المالي يأتي بعد بضع سنين من سن البلوغ.
والشبان خلال هذه المدة، يواجهون وضعاً خاصاً، من جهة يتحملون ضغط الغريزة الجنسية ويرغبون بالزواج المبكر، لتخفيف حدة الالتهاب الغريزي الطبيعي فيهم، ومن جهة أخرى لا يتمكنون من الحصول على زوجة بسبب فقدانهم للمال اللازم، ولذا يضطرون لتأخير زواجهم.
إن تأخير الزواج هو أحد النتائج الخطرة للحياة الصناعية، وله نتائج وخيمة، وبإمكانه أن يلقي بالشبان إلى هاوية الفساد والسقوط الأخلاقي، ويجلب لهم ويلات لا يمكن تلافيها.
تأخير الزواج في المجتمع الصناعي:
(يقول ويل ديورانت: إن النمو الجنسي، يأتي بسرعة، ولكن النمو الاقتصادي يتأخر. إن تحديد الشهوات في الحياة القروية أمر معقول وعملي، أما في المجتمع الصناعي حيث يتأخر الزواج حتى سن الثلاثين، فهو أمر صعب وغير طبيعي، حيث تتمرد الشهوة، ويصبح كف النفس غير ميسور، أما العفة التي كانت تعتبر من الفضائل فترفض، ويزول الحياء الذي كان مدعاة لتوثيق المحبة، ويبدأ الرجال يفتخرون بخطاياهم، وأما النساء فإنهن يردن مجاراة الرجال في إباحتهم، فتصبح الفحشاء أمراً عادياً، وتختفي البغايا من الشوارع، لا برقابة الشرطة، بل بمنافسة الهاويات، وتنهار مبادئ الأخلاق في المجتمع القروي، ولا يعود المجتمع المدني يقيم لذلك اعتبارا) (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مباهج الفلسفة، ص 96.