1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المرأة حقوق وواجبات :

نظرة الإسلام للمرأة والتديّن

المؤلف:  الشيخ حسن الجواهري

المصدر:  أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي

الجزء والصفحة:  ص ٣٩ ــ ٤٢

2024-09-17

119

إذا كانت المرأة مساوية للرجل في الإنسانية، فهي مدعوّة كالرجل إلى التديّن والالتزام بالشريعة، فتطهر روحياً من كلّ الأرجاس التي تلحق بالإنسان نتيجة عدم التزامه بالدين والطهارة الروحيّة.
فالقرآن الكريم قد أعطى للمرأة كامل الاستقلال والحريّة في شؤونها والتزاماتها الدينية، ولم يتحدّث عنها بصفتها تابعة لأحد (زوجاً أو غيره) في اُمور الدين والعبادة.
فقبل الزواج تكون المرأة في بيت أبيها وأُمّها، وبعد الزواج تكون المرأة في بيت زوجها، وهذان البيتان عبارة عن الجوّ العائلي الذي تنتمي إليه المرأة وتعيش فيه، وقد يؤثّر وينعكس على دين المرأة، لذا قال النبي (صلى الله عليه وآله): (تزوّجوا في الشكاك ولا تزوجوهم، لأنّ المرأة تأخذ من أدب الرجل ويقهرها على دينه) (1).
إلاّ أنّ القرآن أراد من المرأة الإنسانة أن تكون مستقلّة عن كلّ أحد في عقائدها، ولم يقبل منها أيّ نوع من أنواع التبعيّة للغير في أمر التديّن والطهارة الروحية والعقيدة، وهذا ما نراه في قضية آسية بنت مزاحم زوجة فرعون حيث قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11].
فآسية بنت مزاحم كانت على دين زوجها فرعون، ولكن عندما شاهدت البيّنات في معجزة نبي الله موسى (عليها السلام) أمام السحرة آمنت به، ومع اطلاع فرعون على الأمر نهاها مراراً، لكنّها أبت إلاّ التمسّك بالدين الإلهي وعارضت الملك والسلطة رغم التهديد بالقتل، بل ووقوع القتل عليها كما تحدّثنا الروايات من أنّ فرعون وتّد لها أربعة أوتاد وأضجعها على ظهرها وجعل على صدرها رحى واستقبل بها عين الشمس (2).
فآسية بنت مزاحم قد حافظت على طهارتها الروحيّة، وتحدّت ضغوط الزوج والسلطة والاغراءات التي كان يتباهى بها فرعون، بل استصغرت تباهي فرعون حيث كان يقول: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51]، ولكن آسية جابهت كلّ هذا بإصرارها على قبول الحقّ والبرهان وكانت تقول: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11].
فهذا المثال للمرأة المتديّنة يدلّ على أنّ المرأة التي هي شريكة الرجل في الإنسانية يمكنها أن تصل إلى هذه المرتبة العالية من الطهارة الروحية والتديّن الفعلي، فتقاوم أشدّ الضغوط عليها في البيت الزوجي، وقد وردت الروايات الدالّة على مكافأة الله سبحانه لها بعدّة اُمور (3).
وكما أنّ آسية بنت مزاحم قد تحدّت الضغط العائلي في عقيدتها ودينها، فإنّ مريم بنت عمران قد تحدّت الضغط الاجتماعي الذي يجرف معه النساء ويحرفهن عن عقيدتهن وتديّنهن بالدين الحقّ، إلاّ أنّ هذا الضغط الاجتماعي في مخالفة الشريعة لا يكون عذراً للمرأة، فالدين يُطالب المرأة أن تقاوم كلّ المؤثّرات الاجتماعية السلبية وتحافظ على دينها مهما كلّفها ذلك من ثمن.
فقد كانت البيئة الاجتماعية التي تعيش فيها مريم لا تعتني بالقيم الدينية، ولا تعتني بالرموز المتصدية لتجسيم تلك القيم كالأنبياء والأوصياء، حيث كان قتل الأنبياء من أهون الأُمور لديهم، فقد كانوا يقتلون في اليوم والليلة سبعين نبياً من أنبيائهم، ثمّ يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون وكأن لم يصدر منهم أيّ ذنب وجريمة، وقد حدث ذلك أيضاً مع الأنبياء المعاصرين لمريم (عليها‌ السلام) كزكريا ويحيى وعيسى (4).
وقد كانت تلك البيئة متهتّكة تنتشر فيها الفاحشة والأوبئة الأخلاقية، حيث مدح الله مريم بأنّها أحصنت فرجها فقال {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12]، ومدح الله يحيى بانه {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39].
ومع ذلك فقد ضرب الله لنا مثالاً للمحافظة على العفّة والطهارة والتديّن، فمن النساء مريم، ومن الرجال يحيى، وهذا يدلّ على أنّ الرؤية القرآنية للمرأة المحافظة على الدين والعبادة حيث ضرب لها كفيلها زكريا من دون الناس حجاباً عندما أدركت وبلغت، فكانت تعبد الله تعالى ولا يدخل عليها إلاّ زكريا.
فمريم رغم البيئة غير المتديّنة {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12]، وقال عنها الله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ وسائل الشيعة، 14: باب 11، من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه، الحديث 2.
2ـ راجع تفسير الميزان، للعلاّمة الطباطبائي 19: 346.
3ـ أراها بيتها في الجنة أثناء تعذيبها، راجع مجمع البيان، للعلاّمة الطبرسي 9: 479.
تبوأت موقعاً بين نساء العالم، فقد جاء في رواية عن رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله): (أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون). راجع الخصال، للشيخ الصدوق، 1: 205.
وأصبحت زوجة لرسول الله في الجنّة، فقد روى الصدوق في (من لا يحضره الفقيه): أنّه دخل رسول الله على خديجة وهي لما بها، فقال لها: (بالرغم منّا ما نرى بك يا خديجة، فإذا قدمت على ظرائرك فاقرئيهن السلام) فقالت: مَن هنّ يا رسول الله؟ فقال (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله): (مريم بنت عمران وكلثم اُخت موسى، وآسية امرأة فرعون). فقالت بالرفاه يا رسول الله، راجع من لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق 1: 136.
4ـ راجع تفسير الميزان، 14: 28، 29.