النبي محمد (صلى الله عليه واله) ويهود المدينة
المؤلف:
محمد جواد مغنية
المصدر:
تفسير الكاشف
الجزء والصفحة:
ج1 ، ص92ـ93.
12-10-2014
2284
حين هاجر الرسول (صلى الله عليه واله ) من مكة إلى المدينة كان فيها من اليهود ثلاث عشائر : بني قينقاع ، وبني قريظة ، وبني النضير ، وقد أنشأوا فيها معاصر للخمور ، وبيوتا للدعارة ، ومراعي للخنازير ، وكانوا يحتكرون صياغة الذهب والفضة ، وصناعة الأسلحة ، ويتاجرون بالربا . . وبالإجمال كانوا هم السادة للحياة الاقتصادية بالمدينة . . شأنهم في ذلك اليوم شأنهم اليوم ، حيث حلوا . .
وبعد مكوث النبي (صلى الله عليه واله ) بالمدينة شعروا بالخطر المباشر على أرباحهم وامتيازاتهم ، لأن شباب المدينة لن يترددوا بعد اليوم على حوانيتهم ومواخيرهم ، وأهلها لن يأكلوا لحوم الخنازير . . ومعنى هذا ان اليهود يفقدون جميع مصادر الثراء والأرباح . . ومن أجل هذا أخذوا يكيدون للرسول الأعظم (صلى الله عليه واله ) ، ويتآمرون مع المشركين ضد المسلمين ، تماما كما تتآمر اليوم القوى الرجعية حرصا على مصالحها الشخصية .
وكأنّ النبي يوم دخل المدينة ، وعرف أوضاعها قد تنبأ بذلك ، وحسب له فأراد أن يلقي الحجة عليهم ، ويأخذهم بأقوالهم . . فترفق بهم ، وتلطف معهم ، فأجرى عهدا بينه وبينهم ، موقعا منه ومنهم ، على ان لهم الحرية التامة في دينهم ، وأموالهم ومعابدهم آمنين عليها ، وعلى أنفسهم ، على شريطة أن لا يعينوا عليه عدوا ، وإذا اختاروا القتال معه فلهم نصيب من المغنم . . وعليهم أن يشتركوا مع المسلمين في الدفاع عن المدينة تحقيقا للوحدة الوطنية ، لأن البلد للجميع ، لا لفئة دون فئة . . ولكن سرعان ما نكثوا العهود . .
ومتى صمدت العهود والمواثيق أمام تهديد المصالح ؟ وهل من المعقول أن يقوم تعايش سلمي بين الغش والتغرير ، وبين لا ضرر ولا ضرار ، وكيف يعيش الذئب والحمل تعايشا سلميا ؟ وأي جدوى من التذكير بالنعم ، ومن التحذيرات والنصائح إذا اصطدمت مع المصالح الشخصية ، والصفقات التجارية ؟ .
جاء في كتاب محمد رسول الحرية : « أشار النبي ( صلى الله عليه واله ) على التجار المسلمين أن ينشؤوا سوقا جديدة في المدينة . . فأنشأوها ، ونشطت المعاملات فيها ، وأقبل التجار الغرباء عليها ، وآثروها على سوق اليهود ، لأن قواعد التعامل فيها كانت أكثر عدلا ، وأوفر ضمانا للبائع والمشتري » .
وهذا وحده كاف لأن يملأ قلوب اليهود حقدا وغيظا على محمد ، ويحملهم على نقض العهد ، والانتقام منه ومن الإسلام بكل سبيل .
الاكثر قراءة في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة