الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
التحبب والتودد
المؤلف: الأستاذ مظاهري
المصدر: الأخلاق البيتية
الجزء والصفحة: ص189ــ198
2024-06-15
670
إن بحثنا هذا يدور حول كيفية جذب المحبة، وما هي التي تؤدي إلى ذلك؟ أي ما هي الأمور التي ينبغي أن يمارسها الزوج والزوجة لكي تزداد المحبة في البيت الأسري؟ وكيف يمكن لنا أن نجعل الحاكم في المنزل هو الحب والوئام؟ حتى لو كان لنا الكثير من الأبناء، وكنا نعيل في بيوتنا إخواناً وأخوات فمحبة الزوج يجب أن تتقدم على محبة الآخرين؛ وإذا ما فعلنا ذلك سنصل بحول الله وقوته إلى نتيجة طيبة وحسنة.
الكبيرة التي تبدو صغيرة
إن علماء النفس يستخدمون عبارة (الصغار الكبار) في بعض بحوثهم النفسية، وهذه العبارة بحدّ ذاتها تحمل في طياتها لطافة خاصة، وكما تعلمون أن علم النفس هو علم خاص ودقيق، وأن أغلب عباراته تحمل هذه الصفة المميزة.
فعبارة (الصغار الكبار) على سبيل المثال تعني أن بعض العبارات التي نستخدمها قد تبدو صغيرة وتافهة، لكنها في حقيقة أمرها كبيرة وجليلة، فهناك من العبارات التي نطلقها بين الفينة والأخرى ونتعامل بها مع أحبائنا ونعتبرهـا صغيرة قد تتسبب في قلع جذور المحبة من قلوب الذين نتحدث إليهم، لتبدل الحب إلى بغض والوئام إلى عداوة والعكس هو الصحيح.
1- النظافة والطهارة
إن إحدى المسائل التي أكد عليها الدين الإسلامي الحنيف هي مسألة النظافة، فالفرد المسلم يجب عليه أن يكون نظيفاً أينما حلّ، سواء في الدار أو في الشارع أو المجامع العمومية، فقد نشاهد بعض الأفراد لا يهتمون كثيراً لهذه المسألة الحساسة، وينظرون إليها على أنها مسألة جانبية وصغيرة وتافهة مما يبعث على نفور الآخرين منهم.
إن الأفراد الذين يردون المجتمع ورائحة العرق تفوح من أحدهم بالإضافة إلى قميصه التي غدت ياقته سوداء من كثرة الاستعمال لا يمكن أن ينظر إليهم نظرة طبيعية، فلو تحدث شخص إليكم وكانت أسنانه صفراء، وكانت رائحة فمه نتنة ماذا يمكن أن تقولوا عنه؟ وجواربه تزكم الأنوف وهذا ما حدث بالفعل على أيامنا هذه حيث ظهرت في المجتمع ظاهرة عدم الاهتمام بالمظهر الخارجي، وعدم الاهتمام بالنظافة، وإذا ما سألت أحدهم عن السبب أجابك بأنها مسائل لا ينبغي الاهتمام بها، وما دام القلب طاهراً تهون بقية المسائل!!.
إن الإسلام العظيم لا يطلب منك شراء ما غلا ثمنه من الملابس ولكنه يقول عليكم بالنظافة والترتيب والنظم فالرجل الشعث القذر ممقوت في مجتمعه، ممقوت في منزله في محل سكناه، ولا يظن من يفعل ذلك أن الناس سينظرون إليه نظرة مقدسة وسامية كلا وألف كلا، فالناس تحب النظافة، وتتودد إلى النظيف.
إن البعض من المتدينين ينظر إلى مسألة السواك ومسألة نظافة حذاءه على أنها مسائل تافهة وصغيرة وحقيرة، ولكن الأمر غير ذلك، لأنها كبيرة إذا ما أمعنت النظر فيها، وإنها تقلل من أهمية الفرد إذا تركت، فكيف لك أن تتحدث للآخرين ورائحة فمك نتنة؟ ألا تخجل من ذلك؟ ألا تستحي من نفسك؟.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة))(1).
فالرجل الذي ينام إلى جانب زوجته وهو على تلك الحال، ستتحمله زوجته لعدة أيام، وبعد ذلك يبدأ العد التنازلي في التحمل ليصل ـ لا سمح الله - إلى مرحلة الصفر، عندها تشرع الزوجة بالاحتجاج والتحجج على هذه الحالة الوضيعة.
وكذا الأمر بالنسبة للزوجة التي تفوح منها رائحة التعرق ورائحة الفم النتنة ، وفي جميع الأحوال نقول إن البدن المتعرق عار عرفي، وعار شرعي، الإنسان ينبغي له أن يكون نظيفاً في مجتمعه، وفي منزله، وفي السفر والحضر، وإن النظافة من الإيمان. كما جاء عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله).
فإذا أردت التعرف على المسلم الحقيقي فانظر إلى نظافته وإلا فإسلامه ناقص، وهذا ما يسمّيه علماء النفس بالصغائر الكبيرة.
2- إظهار المحبة
قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه:
(إذا أحب أحدكم أخيه فليعلمه)(2).
وقال أيضاً صلوات الله عليه:
(قول الرجل للمرأة إنّي أحبك لا يذهب من قلبها أبداً)(3).
إن هذا القول بحسب الظاهر أمر عادي، ولذا فإن الكثير منكم لا يتفوهون به أمام زوجاتهم بالرغم من أنها عبارة ضرورية ولا بد من استعمالها على الأقل مرة واحدة في كل شهر.
إن بعض النساء يستحين أن يذكرن هذه الجملة عند أزواجهن، بالرغم من أن السلام والمجاملات صارت من أجل تلك العبارة، وإنها تأتي بعد الحديث الحار والسؤال عن الأحوال، ولذا أحد الإسلام على ضرورة إباحتها حينما يجد الإنسان نفسه محبا لصاحبه، ولهذا السبب أحد الإسلام العظيم على التزاور وعد قطيعة الرحم من الكبائر، وإن عدم التزاور والعيادة أمر مبغوض يميت المحبة في مهدها، لذا أطلب من الإخوة والأخوات أن يهتموا كثيراً بهذا الأمر، ويظهروا ما في قلوبهم من محبة حتى تعم المودة والألفة في مجتمعاتنا الإسلامية.
فما المانع في أن يقول الرجل لزوجته بتبسم، إن جميع الدنيا في جانب وأنت لوحدك في الجانب الآخر، وإنني أفضلك على ما في الـدنـيـا جميعاً؟.
قد يرى البعض هذه المسائل صغيرة وحقيرة ولكنها كبيرة في واقعها وكبيرة جداً لأنها تشيع المحبة والوئام في النفوس، وتحفز على العمل والنشاط.
قال الإمام الصادق جعفر بن محمد سلام الله عليه:
(لا غنى للزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة، ليجتلب بها موافقتها ومحبتها، وهواها وحُسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها)(4).
لقد أخبرتنا الروايات الكثيرة بأن المرأة التي تتزين وترتب حالها، وتمدّ مائدتها قبل أن يحضر زوجها إليها، ثم تستقبله بثغر باسم، وعبارات جميلة يغلق الله تعالى دونها أبواب جهنم، وجاء في الخبر أيضاً بأن المرأة هي التي تفتح لزوجها باب الدار، ولا تسمح لأبناءها فعل ذلك لكي تستقبله بوجه حسن وبعبارة لطيفة ثم تأتي به إلى المائدة كي يطعم لذيذاً، ولو لم يكن كذلك.
قد تعترض بعض النساء على هذه المسألة، فتقول إحداهن إن الرجل يتجرأ ويطمع في الأكثر من ذلك إذا ما رآنا على تلك الحال، ونقول إن الأمر يستوجب أن تقوم النساء بمثل هذه الأعمال لكي يحظين بقلوب الأزواج، ولكي يستطعن إدارة منازلهن على أكمل وأفضل وجه.
عن ورّام بن أبي فارس في كتابه قال: قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام):
(أيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام أغلق الله عنها سبعة أبواب النار، وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيها شاءت، وما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلا كان خيراً لها من عبادة سنة)(5).
وقال الرسول الأمين محمد صلوات الله وسلامه عليه: (لا يخدم العيال إلا صديق، أو شهيد، أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة..)(6):
الهدية وأثرها في البيت
إن الروايات المتواترة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وآله الأطهار تؤكد على مسألة التهادي مهما كانت الهدية بسيطة، كونها تذهب بالضغينة والأحقاد من القلوب وتعمل عمل السحر في النفوس، فمن أراد أن يكسب قلب امرأته صوبه لا بأس أن يعمل بهذه الروايات الشريفة والتي تحبذ أن يهدي الرجل لزوجته بين الفينة والفينة هدية متواضعة يعبر فيها عن حبه لها.
قد لا يأخذ البعض هذه المسألة بعين الاعتبار بالرغم من أهميتها البالغة في جلب المحبة، وباحتواء قلب المرأة الظامئ للعطف والحنان.
إن مثل هذه المسائل تزيد في فعالية الرجل والمرأة داخل وخارج الدار، وتجعل من المنزل محلاً للسرور والحبور، وإذا ما رأينا بعض البيوت يسودها البرود فلنعلم بأن السبب في ذلك هو عدم التزام أحد الزوجين بالوصايا الأخلاقية والاجتماعية التي وردتنا عن الرسول وآله الأطهار بصدد إفشاء المحبة والود في البين الأسري.
فقد يرى الرجل زوجته غير متجمّلة ولا متزينة، وإذا ما تحدثت بدا عليها العبوس والغضب فيشرع هو الآخر بالتحجج والتعنت، والغضب سرعة لأنه لم يَر من زوجته غير ذلك، وإذا ما كان محباً لها في الشهر الأول من الزواج، ففي الشهر الثاني سيتهاوى ذلك الحب ويزول إلى غير رجعة.
أما العاقل من الناس فهو ذاك الذي يتمكن من ترويض زوجته حسبما يريد وكيفما يرغب فتراه يدخل الدار وفي يده هدية متواضعة، وإذا ما رأى وجهاً عبوساً بحث عن السبب بسرعة، وأفرد هو عن وجهه كيما يستطيع حل ذلك العبوس، فإن لم تكن الزوجة متزينة أشار إليها بطريقة فنية ذكية لتخجل من عملها ذاك، وإن لم تكن طاهيةً شيئاً يطعمه، قام هو إلى المطبخ ليهيئ له ولها طعاماً معجوناً بالرحمة والرأفة والود، عندها ستضطر الزوجة إلى القيام بوظائفها على أفضل وجه.
وخلاصة القول إن الهدية سواء كانت ورداً أو خاتماً أو كتاباً لا يخلو من التأثير أبداً، بل أن له في النفس لآثار وآثار، هذا إذا ما أردنا إحكام علائقنـا الاجتماعية والأسرية، ورغبنا في زيادة أحبابنا وأعزائنا، ولا ينبغي لنا في كل الأحوال أن نأخذ هذه المسائل الصغيرة الكبيرة إلا بعين الاعتبار والأهمية.
الأصمعي والمرأة الصابرة
كان الأصمعي وزيراً للمأمون ذلك المأمون الذي كان أحد شياطين عصره، وأحد دهاة زمانه، وكان الأصمعي عالماً يُشكّ في أمره.
قال الأصمعي: كنت أرافق المأمون في قافلة صيد ترفيهية ـ والصيد الترفي الذي كان يقوم به حكام بني أمية وبني العباس حرام بنظر الإسلام، كونه تبذير وإسراف وإتلاف لثروات وأموال المسلمين، وفي أثناء المسير أضعت القافلة لأرى نفسي وحيداً في صحراء قاحلة، وبعد مسيرة تحمّليـة شاهدت من بعيد خيمة تلوح في الأفق فتحركت صوبها لأجد فيها امرأة شابة جميلة فسلمت عليها، وجلست في ظل خيمتها وقلت لها: هل لي شربة ماء؟ فتغير لونها وقالت: لم اكتسب إذنا من زوجي في مثل هذا الأمر، وإن كان لك أن تشرب شيئاً فهذا غدائي أقدمه لك وهو ضياح من لبن.
يقول الأصمعي: شربتُ اللبن وجلست في ظل الخيمة ساعة، بعدها شاهدت فارساً على جمل فقامت المرأة من جلستها وحملت بيدها قليلا من الماء وكأني بها تنتظر ذلك الفارس.
نعم، وصل الفارس إلى الخيمة وكان زوجها فقدمت له الماء ليشرب ثم نزل من جمله وإذا به رجل عجوز أسود الشكل قبيح، لا يُطاق منظره، سيء الخلق والأخلاق، فهمت المرأة نفسها وجاءته بطبق وإبريق لتغسل له يديه ورجليه ووجهه.
بدأ زوجها بالتحجج وإثارة ما لا يثيره العاقل الفطن، حيث كان يسيء مخاطبتها، وتتلطف له بالردّ، ولسوء خلقه لم أتحمل الجلوس في ظل خيمته بل فضلت الجلوس في الشمس المحرقة بعيداً، على أن أجلس إلى خيمته واستمع إلى سوء أدبه.
وما إن تحركت حتى قامت امرأته لتوديعي، حيث لم يكن هو مهتماً لهذا الموضوع بالمرة، وعندما دنت المرأة مني قلت لها. أيها المرأة، إنك شابة جميلة، فلِمَ ارتباطك بهذا الشيخ العجوز الذي لا يمتلك من حطام الدنيا إلا أخلاقاً سيئة وجملاً هزيلاً، بالإضافة إلى شكله القبيح ؟!.
فأجابت بعد أن بان عليها الامتعاض: أيها الرجل أتريد الإيقاع بيني وبينه، ألا تعلم بأن الدنيا زائلة والآخرة دائمة، وإنني بعملي هذا أروم رضا الله تعالى ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وآله:
(الإيمان نصفان نصف في الصبر ونصف في الشكر)(7).
وإن تحمّلي لسوء خلقه يصل بي إلى درجات الصبر الساميات، وعليه يجب أن أشكر الباري تعالى على هذه النعمة، فنعمة الصبر تحتاج إلى شكر، لذا سأديم خدمتي لزوجي حتى يكتمل إيماني.
هذه هي المرأة المسلمة الحقيقية، لا تلك التي تنساق وراء المغريات بسهولة، وهذا ما شاهدناه - مع الأسف - في بعض النساء اللواتي تنكّرن للأدب وللعرف وللشرع. فقد تقول بعضهن لزوجها: بأن فلاناً أفضل منك مادياً، وإنه يجود بماله في سبيل سعادة زوجته، وهذا خطأ فاضح، وخطر ما بعده خطر.
وقد يقول الرجل لزوجته: إن فلاناً من الناس يمتلك زوجة جميلة ومؤدبة وملتزمة وهذا القول يقلع جذور المحبة من قعر قلب الزوجة، على العكس من ذلك الذي يقول لزوجته؛ لم أرَ أجمل منك وأسمى، بالرغم من أنها متوسطة الجمال فتجيبه بأنه رجل ونعم الرجل، وإن محبته استولت على كيانها فلا ترى أفضل منه رجلاً، وقد يتطلب الأمر أن يكذب الرجل على زوجته حينما يقول لها إنك أجمل من في العالم، ويحل الإسلام مثل هذا الكذب كونه يرتب أوضاع الأسرة الواحدة، ويلم شعثها.
إن هذه الصغائر من الأعمال والأقوال من منظار المحبة كبيرة وعظيمة، وهي دليل على قوة شخصية الرجل الذي يتطلع لبناء جيل متكامل مع زوجته وأم أبناءه، وكذا بالنسبة للمرأة العاقلة الخيرة.
جاء في الكثير من الأخبار والروايات الواردة عن الرسول الأمين (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) أن المرأة التي تخرج من دارهـا تفوح منها رائحة العطر، أو يشم منها رائحة طيبة تلعنها الملائكة حتى ترجع إلى بيتها، وعليه أطلب من النساء أن لا يتعطرن بعطر فيشم الأجنبي رائحته، ولا تضع ثيابها أو إزارها في مكان فيه عطر لئلا تقتبس تلك الثياب رائحة يمكن أن تشم فيما لو خرجت إلى السوق، ولتعلم التي يُشم منها ريح طيب بأن الجدران والشجر والمدر والأرض والزمان تلعنها، ولا تظن أن هذه الأشياء ناقصة الشعور والحس، فقد قال الباري تعالى فيهن:
{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44].
ونفس هذه المرأة لو تعطرت لزوجها، ودخلت فراشه لاستغفرت لها ملائكة السموات والأرض حتى تفيق وإن المولى تعالى سيرضى عنها وكذا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار سلام الله عليهم أجمعين.
والجدير بالذكر أن التعطر للزوج قد يكون بالنسبة للمرأة شيئاً ليس لـه أية أهمية تذكر، وأقول لها إن ذلك يسهم في جلب محبة الرجل نحوها.
أيتها المرأة! لا ينبغي لك أن تقلّلي من أهميتك في المجتمع فتردين محلتك أو مكان سكناك بإزار براق لمّاع، وعطر يفوح شذاه إلى أول الحارة وما إلى ذلك من التبرّج الذي يثير أحاسيس الشباب والرجال ويؤدي بالمجتمع إلى الهاوية:
{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33].
أيتها السيدة إن الإسلام يحرّم الملابس المثيرة، ويعتبرها ألبسة شهرة وجلب نظر، وإن السيدة التي تمتلك شخصية لا يتأتى لها فعل ذلك، وإن من تفعل ذلك جاهلة ووضيعة ومريضة كونها محتاجة إلى نظر الآخرين، وكأنها تسعى لإشاعة الفحشاء بين أفراد المجتمع الواحد.
فالمرأة المسلمة ينبغي لها جلب نظر زوجها صوبها لا جلب نظر الآخرين من خلال تبذل وتبرّج واستهتار بالقيم والأعراف السامية التي أقرها الإسلام الحنيف.
يقول بعض الرجال، إنه يحاول دائماً إسكات زوجته بالصراخ والعويل، وإذا ما سألته عن السبب يقول لك: أخاف أن تتسلط عليّ إن لم أفعل معها ذلك.
أيها السيد! إن كلامك ذاك شيطاني محض، وما عليك إلا أن تكون سليم القلب ذلق اللسان، وإذا ما قلت لها بأنك تحبها، وأنك بدونها لا تعرف الرفاه ولذيذ العيش ستنقاد لك كانقياد الفرس لراكبها واعلم ان الصراخ والعويل يسلب المحبة ويجرّ إلى الويلات والمصائب، ناهيك عن انعكاسه السلبي على طبيعتك الإنسانية.
جاء في الخبر أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان عند عائشة، وإن إحدى نساءه كانت قد طبخت عصيدة فأرادت أن يذوق منها رسول الله (ص) شيئاً، فجاءت إليه بصحن منها وما إن طرقت الباب حتى خرجت إليها عائشة لتسألها عن مجيئها، فقالت لها طبخت عصيدة وأحببت أن يذوق منها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) فهلا أخذتيها مني ليطعمها، وعندها أخذت عائشة صحن العصيدة ورمت به بعيداً، فخرج الرسول (صلى الله عليه وآله) ونظر إلى عائشة ليقول لها بكل أدب بأن الذي فعلته إسراف، واعتداء على الآخرين وإتلاف لصحن لا تملكه لذا عليها أن تؤدي إلى صاحبة الصحن ما يضمن لها شراء مثله، وأن تعتذر لها، وأن تتوب إلى الله توبة نصوحاً.
إن حديث الرسول ذلك إلى عائشة كان في قمة الأدب، ولا عجب في ذلك فهو الحبيب المؤدب الذي كان أحسن الناس خلقاً وخُلقاً.
عن عائشة أنها سئلت كيف كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خلا في بيته؟ قالت:
كان ألين الناس، وكان رجلاً من رجالكم، إلا أنه كان ضحاكـاً بساماً(8).
___________________________
(1) فروع الكافي ج 3، ص 22.
(2) بحار الأنوار ج 74 ص 182.
(3) وسائل الشيعة ج 14، ص 10.
(4) تحف العقول ص238.
(5) وسائل الشيعة ج 14، ص 123.
(6) بحار الأنوار ج 104، ص 132.
(7) كنز العمال / خ 61.
(8) الطبقات ج 1، ص 365.