1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الفضائل

الاخلاص والتوكل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة

الايمان واليقين والحب الالهي

التفكر والعلم والعمل

التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس

الحب والالفة والتاخي والمداراة

الحلم والرفق والعفو

الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن

الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل

الشجاعة و الغيرة

الشكر والصبر والفقر

الصدق

العفة والورع و التقوى

الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان

بر الوالدين وصلة الرحم

حسن الخلق و الكمال

السلام

العدل و المساواة

اداء الامانة

قضاء الحاجة

فضائل عامة

آداب

اداب النية وآثارها

آداب الصلاة

آداب الصوم و الزكاة و الصدقة

آداب الحج و العمرة و الزيارة

آداب العلم والعبادة

آداب الطعام والشراب

آداب الدعاء

اداب عامة

حقوق

الرذائل وعلاجاتها

الجهل و الذنوب والغفلة

الحسد والطمع والشره

البخل والحرص والخوف وطول الامل

الغيبة و النميمة والبهتان والسباب

الغضب و الحقد والعصبية والقسوة

العجب والتكبر والغرور

الكذب و الرياء واللسان

حب الدنيا والرئاسة والمال

العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين

سوء الخلق والظن

الظلم والبغي و الغدر

السخرية والمزاح والشماتة

رذائل عامة

علاج الرذائل

علاج البخل والحرص والغيبة والكذب

علاج التكبر والرياء وسوء الخلق

علاج العجب

علاج الغضب والحسد والشره

علاجات رذائل عامة

أخلاقيات عامة

أدعية وأذكار

صلوات و زيارات

قصص أخلاقية

قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)

قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم

قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)

قصص من حياة الصحابة والتابعين

قصص من حياة العلماء

قصص اخلاقية عامة

إضاءات أخلاقية

الاخلاق و الادعية : صلوات و زيارات :

سند الزيارة ونصّها برواية ابن المشهديّ مع ملاحظات.

المؤلف:  الشيخ علي الكوراني العاملي.

المصدر:  شرح زيارة آل ياسين.

الجزء والصفحة:  ص 8 ـ 22.

2024-05-06

659

في كتاب المزار لمحمد بن جعفر المشهدي / 566:
زيارة مولانا الخلف الصالح صاحب الزمان عليه وعلى آبائه السلام:
حدثنا الشيخ الأجل الفقيه العالم أبو محمد، عربي بن مسافر العبادي رضي الله عنه، قراءةً عليه بداره بالحلة السيفيّة، في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة. وحدثني الشيخ العفيف أبو البقاء ، هبة الله بن نماء بن علي بن حمدون رحمه‌ الله ، قراءة عليه أيضاً بالحلة السيفيّة ، قالا جميعاً : حدثنا الشيخ الأمين أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن طحال المقدادي رحمه‌ الله ، بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، في الطرز الكبير الذي عند رأس الإمام (عليه ‌السلام) ، في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمس مائة ، قال: حدثنا الشيخ الأجل السيّد المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسيّ رضي الله عنه بالمشهد المذكور، في العشر الأواخر من ذي العقدة سنة تسع وخمس مائة ، قال : حدثنا السيد السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن أشناس البزاز ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى القمي ، قال : حدثنا محمد بن علي بن زنجويه القمي ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : قال أبو علي الحسن بن أشناس ، وأخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني ، أنّ أبا جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أخبره وأجاز له جميع ما رواه ، أنّه خرج إليه من الناحية ، حرسها الله ، بعد المسائل والصلاة والتوجّه ، أوّله:
بسم الله الرحمن الرحيم، لا لأمر الله تعقلون ولا من أوليائه تقبلون، حكمةٌ بالغةٌ، {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فإذا أردتم التوجّه بنا إلى الله تعالى وإلينا، فقولوا كما قال الله تعالى: سلام على آل يس. ذلك هو الفضل المبين، والله ذو الفضل العظيم، لمن يهديه صراطه المستقيم.
التوجّه: قد آتاكم الله يا آل يس خلافته، وعِلْمَ مجاري أمره، فيما قضاه ودبّره وأراده في ملكوته، وكشف لكم الغطاء، وأنتم خزنته وشهداؤه وعلماؤه وأمناؤه، وساسة العباد، وأركان البلاد، وقضاة الأحكام، وأبواب الإيمان.
ومن تقديره منائح العطاء بكم، إنفاذه محتوماً مقروناً، فما شيء منه إلا وأنتم له السبب واليه السبيل، خياره لوليّكم نعمة، وانتقامه من عدوّكم سخطة، فلا نجاة ولا مفزع إلا أنتم، ولا مذهب عنكم، يا أعين الله الناظرة، وحملة معرفته، ومساكن توحيده في أرضه وسمائه.
وأنت يا حجّة الله وبقيّته، كمال نعمته، ووارث أنبيائه وخلفائه، ما بلغناه من دهرنا، وصاحب الرجعة لوعد ربنا، التي فيها دولة الحق وفرجنا، ونصر الله لنا وعزّنا.
السلام عليك أيها العلم المنصوب، والعلم المصبوب، والغوث والرحمة الواسعة، وعداً غير مكذوب.
السلام عليك يا صاحب المرأى والمسمع، الذي بعين الله مواثيقه، وبيد الله عهوده، وبقدرة الله سلطانه.
أنت الحكيم الذي لا تعجله العصبية، والكريم الذي لا تبخله الحفيظة، والعالم الذي لا تجهله الحمية، مجاهدتك في الله ذات مشية الله ومقارعتك في الله ذات انتقام الله، وصبرك في الله ذو أناة الله، وشكرك لله ذو مزيد الله ورحمته.
السلام عليك يا محفوظاً بالله، الله نَوَّرَ أمامه ووراءه ويمينه وشماله وفوقه وتحته. السلام عليك يا مخزوناً في قدرة الله، الله نَوّر سمعه وبصره. السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه، ويا ميثاق الله الذي أخذه ووكّده.
السلام عليك يا داعي الله وربّاني آياته. السلام عليك يا باب الله وديّان دينه. السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقّه. السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته. السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه. السلام عليك في آناء ليلك ونهارك. السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه.
السلام عليك حين تقوم، السلام عليك حين تقعد، السلام عليك حين تقرأ وتبيّن، السلام عليك حين تصلّي وتقنت، السلام عليك حين تركع وتسجد، السلام عليك حين تعوذ وتسبّح، السلام عليك حين تهلّل وتكبّر، السلام عليك حين تحمد وتستغفر، السلام عليك حين تمجّد وتمدح، السلام عليك حين تمسي وتصبح، السلام عليك في الليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى، السلام عليك في الآخرة والأولى.
السلام عليكم يا حجج الله ورعاتنا، وقادتنا وأئمتنا، وسادتنا وموالينا، السلام عليكم، أنتم نورنا، وأنتم جاهنا أوقاتَ صلواتنا، وعصمتنا لدعائنا وصلاتنا، وصيامنا واستغفارنا، وسائر أعمالنا.
السلام عليك أيها الإمام المأمول، السلام عليك بجوامع السلام.
أشهدك يا مولاي، إنّي أشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، لا حبيب إلا هو وأهله، وأنّ أمير المؤمنين حجته، وأنّ الحسن حجته، وأنّ الحسين حجته، وأنّ علي بن الحسين حجته، وأنّ محمد بن علي حجته، وأنّ جعفر بن محمد حجته، وأنّ موسى بن جعفر حجته، وأنّ علي بن موسى حجته، وأنّ محمد بن علي حجته، وأنّ علي بن محمد حجته، وأنّ الحسن بن علي حجته، وأنت حجته، وانّ الأنبياء دعاة وهداة رشدكم.
أنتم الأول والآخر وخاتمته، وإنّ رجعتكم حق لا شك فيها يوم {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}، وأنّ الموت حق، وأنّ منكراً ونكيراً حق، وأنّ النشر حق، والبعث حق، وأنّ الصراط حق، والمرصاد حق، وأنّ الميزان حق، والحساب حق، وأنّ الجنّة والنار حق، والجزاء بهما للوعد والوعيد حق، وأنّكم للشفاعة حق، لا تُردّون ولا تُسبقون بمشيّة الله، وبأمره تعملون.
ولله الرحمة والكلمة العليا، وبيده الحسنى، وحجة الله النعمى، خلق الجن والإنس لعبادته، أراد من عباده عبادته، فشقيٌّ وسعيد، قد شقي من خالفكم، وسعد من أطاعكم.
وأنت يا مولاي فاشهد بما أشهدتك عليه، تخزنه وتحفظه لي عندك، أموت عليه وأنشر عليه وأقف به، وليّاً لك، بريئاً من عدوك، ماقتاً لمن أبغضكم، وادّاً لمن أحبّكم. فالحق ما رضيتموه، والباطل ما سخطتموه، والمعروف ما أمرتم به، والمنكر ما نهيتم عنه، والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيّتكم، والمحو ما استأثرت به سنّتكم.
فلا إله إلا الله وحده لا شريك له، ومحمد عبده ورسوله، وعلي أمير المؤمنين حجته، والحسن حجته، والحسين حجته، وعلى حجته، ومحمد حجته، وجعفر حجته، وموسى حجته، وعلى حجته، ومحمد حجته، وعلى حجته، والحسن حجته، وأنت حجته وأنتم حججه وبراهينه.
أنا يا مولاي مستبشر بالبيعة التي أخذ الله عليَّ شرطها قتالاً في سبيله، اشترى به أنفس المؤمنين، فنفسي مؤمنة بالله وبكم يا مولاي، أوّلكم وآخركم، ونصرتي لكم معدّة، ومودّتي خالصة لكم، وبراءتي من أعدائكم، أهل الحردة والجدال ثابتة لثأركم.
أنا ولي وحيد، والله إله الحق يجعلني كذلك، آمين آمين.
من لي إلا أنت فيما دِنت واعتصمت بك فيه، تحرسني فيما تقرّبت به إليك، يا وقاية الله وستره وبركته، أغثني أدركني، صلني بك ولا تقطعني.
اللهمّ إليك بهم توسّلي وتقرّبي. اللهمّ صلّ على محمد وآله وصلني بهم ولا تقطعني، اللهمّ بحجّتك اعصمني، وسلامك على آل يس. 

مولاي، أنت الجاه عند الله ربّك وربّي».

ملاحظات:
النص الكامل للرواية:
هذا هو النص الكامل للزيارة برواية ابن المشهدي (رحمه ‌الله)، وقد نصّ على حَذْف مسائل الحميري (رحمه‌ الله) وأجوبة الإمام (عليه‌ السلام) عليها من النصّ، وليته أوردها كاملة؛ لأنّها جزءٌ من الرسالة توضّح المقصود بالتوبيخ في الفقرة الأولى وهي قوله: لا لأمر الله تعقلون ولا من أوليائه تقبلون...إلخ.
فلا بدَّ أن تكون جواباً لأناس طرحوا بعض المقولات.
ومع ثقتنا بصحة السند وأمانة الرواة، من محمد بن المشهدي الراوي الأول الى ابن جعفر الحميري الراوي الأخير، رضوان الله عليهم، فإناّ نرى وجود خلل في نسخته، من أحد النساخ أو أكثر من واحد. ونتوقّف في الدعاء المروي بعدها.

هل الزيارة من كلام الإمام (عليه ‌السلام) أو سفيره؟
يمكن افتراض أنّ نصّ الزيارة من كلام الإمام المهدي (عليه ‌السلام)، ولا يرد عليه الإشكال: كيف يُعَلِّمُ إمام المسلمين زيارة نفسه؛ لأنَّ النبيّ (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) والأئمة (عليهم‌ السلام) علّموا المسلمين كيف يخاطبونهم ويزورونهم، ولا غرابة في ذلك؛ لأنّهم معصومون، لا ينطقون عن الهوى.
لكن المرجّح عندنا أن يكون جواب المسائل فقط من الإمام (عليه ‌السلام) والزيارة من نصّ السفير الحسين بن روح (رضي الله عنه)؛ لأنَّ الحميري كان يكاتب الإمام عن طريقه، وكان يملي له بعض الأجوبة.
قال الحر العاملي في الوسائل «20 / 31»: «واعلم أنّه قد روى الشيخ في كتاب الغيبة جميع مسائل إسحاق بن يعقوب وجواباتها من صاحب الزمان (عليه‌ السلام) عن جماعة.. وروى جميع مسائل محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان (عليه‌ السلام)، عن جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود قال: وجدت بخط أحمد بن إبراهيم النوبختي، وإملاء أبي القاسم الحسين بن روح، وذكر المسائل كما رواها الطبرسي».
وقال الشيخ الطوسي في الغيبة / 373: «أخبرنا جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي قال: وجدت بخط أحمد بن إبراهيم النوبختي، وإملاء أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه، على ظهر كتاب فيه جوابات ومسائل أنفذت من قم، يسأل عنها: هل هي جوابات الفقيه (عليه‌السلام) أو جوابات محمد بن علي الشلمغاني؛ لأنّه حكي عنه أنّه قال: هذه المسائل أنا أجبت عنها، فكتب إليهم على ظهر كتابهم:
بسم الله الرحمن الرحيم: قد وقفنا على هذه الرقعة وما تضمّنته فجميعه جوابنا عن المسائل، ولا مدخل للمخذول الضال المضل المعروف بالعزاقريّ لعنه الله، في حرف منه».
فنلاحظ أنّ الحسين بن روح رضوان الله عليه قال إنّها «جوابنا» وهو أعمّ من أن يكون بخطّ الإمام (عليه ‌السلام) ونصّه، أو بمضمونه عن الإمام (عليه ‌السلام) ونصّ معتمده الحسين بن روح. وليس عجيباً على مثل ابن روح في جلالة قدره وعلمه ومنزلته الخصيصة، أن يأمره الإمام (عليه ‌السلام) بالإجابة في نوع من المسائل، ويخوّله بأن يُعَلِّمَ الشيعة زيارة الأئمة (عليهم ‌السلام).
وهذا الاحتمال لا يقلّل من قيمة زيارة آل ياسين، خاصة وأنّ بلاغتها من نوع كلام الأئمة (عليهم‌ السلام)، فإن تكن من إملاء السفير الحسين بن روح رضي الله عنه، فهو أتقى من أن يقول شيئاً في الدين ومقامات الأنبياء والأئمة (عليهم ‌السلام)، لم يسمعه من إمامه المهدي (عليه ‌السلام) بلفظه أو بمعناه.
ويدلُّ على ذلك هذه القصة البليغة عنه (رحمه ‌الله) التي رواها الصدوق (رحمه ‌الله) في علل الشرائع « 1 / 241 » قال : « حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال : كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه ، مع جماعة فيهم علي بن عيسى القصري ، فقام إليه رجل فقال له : أريد أسألك عن شيء ، فقال له : سل عمّا بدا لك ، فقال الرجل : أخبرني عن الحسين بن علي (عليه ‌السلام) أهو ولي الله؟ قال : نعم. قال : أخبرني عن قاتله لعنه الله ، أهو عدو الله؟ قال : نعم. قال الرجل : فهل يجوز أن يسلط الله عدوه على وليه؟!
فقال له أبو القاسم قدس الله روحه: افهم عنّي ما أقول لك، اعلم أنّ الله تعالى لا يخاطب الناس بشهادة العيان، ولا يشافههم بالكلام، ولكنّه (عزّ وجل) بعث إليهم رسلاً من أجناسهم وأصنافهم، بشراً مثلهم، فلو بعث إليهم رسلاً من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم، فلمّا جاؤوهم وكانوا من جنسهم، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، قالوا لهم: أنتم مثلنا فلا نقبل منكم حتى تأتونا بشيء نعجز أن نأتي بمثله، فنعلم أنّكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه. فجعل الله تعالى لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها، فمنهم من جاء بالطوفان بعد الإنذار والإعذار، فغرق جميع من طغى وتمرد، ومنهم من ألقيَ في النار فكانت عليه برداً وسلاماً، ومنهم من أخرج له من الحجر الصلد ناقة وأجرى في ضرعها لبناً، ومنهم من فلق له البحر وفجّر له من الحجر العيون، وجعل له العصا اليابسة ثعباناً فتلقف ما يأفكون. ومنهم من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله تعالى، وأنبأهم بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم. ومنهم من انشقّ له القمر وكلّمته البهائم، مثل البعير والذئب وغير ذلك.
فلماّ أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق من أممهم عن أن يأتوا بمثله، كان من تقدير الله تعالى ولطفه بعباده وحكمته، أن جعل أنبياءه (عليهم السلام) مع هذه المعجزات، في حالٍ غالبين وفي أخرى مغلوبين، وفي حالٍ قاهرين وفي حالٍ مقهورين.
ولو جعلهم (عزّ وجل) في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين، ولم يبتلهم ولم يمتحنهم، لاتخذهم الناس آلهة من دون الله تعالى، ولما عُرِفَ فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار.
ولكنّه (عزّ وجل) جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ، ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين ، وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين ، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبّرين ، وليعلم العباد أنّ لهم (عليهم السلام) إلهاً هو خالقهم ومدبرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله ، وتكون حجة الله تعالى ثابتة على من تجاوز الحد فيهم ، وادّعى لهم الربوبيّة ، أو عاند وخالف وعصى وجحد بما أتت به الأنبياء والرسل (عليهم‌ السلام): {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}. قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه : فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه من الغد ، وأنا أقول في نفسي : أتراه ذكر ما ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه؟ فابتدأني فقال لي: يا محمد بن إبراهيم؛ لأن يُلْقَى بي من شاهق، أو أَخِرَّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق، أحبُّ إليَّ من أن أقول في دين الله تعالى ذكره برأيي ومن عند نفسي، بل ذلك عن الأصل، ومسموع من الحجة صلوات الله وسلامه عليه».
أقول: هذا يدل على مقام عظيم للحسين بن روح (قدس سره) وأنّه عرف ما في نفس الشخص، وأنّ ما يقوله سفراء الإمام رضي الله عنهم، لا يقولونه إلا بعلم ويقين، وليس باجتهاد وظن، كما يفعل كثير من المؤلّفين في عصرنا!

التوجّه الى الله بأهل البيت (عليهم ‌السلام) والتوجّه إليهم:
معنى قول الإمام (عليه ‌السلام): فإذا أردتم التوجّه بنا إلى الله تعالى، والينا، فقولوا:
أنّكم إذا أردتم التوسّل بنا الى الله تعالى، فأثنوا عليه، ثم اذكروا مقامنا عنده، وتوسّلوا بنا اليه (عزّ وجل).
قال الإمام الباقر (عليه‌السلام): «إذا أردت أمراً تسأله ربك، فتوضّأ وأحسن الوضوء ثم صلِّ ركعتين، وعظّم الله وصلِّ على النبي (صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله) وقل بعد التسليم: اللهمّ إنّي أسألك بأنّك مَلِكٌ وأنّك على كلّ شيء قدير مقتدر، وبأنّك ما تشاء من أمرٍ يكون.
اللهمّ إنّي أتوجه إليك بنبيّك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله إنّي أتوجّه بك إلى الله ربّك وربّي لينجح لي طلبتي. اللهمّ بنبيّك أنجح لي طلبتي بمحمد. ثم سل حاجتك». «الكافي: 3 / 478».
وفي التهذيب «6 / 101»: «اللهمّ إنّي لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار، لجعلتهم شفعائي، فبحقّهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم».
أمّا التوجّه الى الأئمة (عليهم ‌السلام) في الدعاء، فهو أعلى من التوجّه بهم؛ لأنَّ التوجّه بهم يعني أنّهم وسيلة الى الله ولا يركّز على شخصيّاتهم، بينما التوجّه إليهم يعني أنّهم مركز نور الله تعالى وتجلّي أسمائه، كما قال (عزّ وجل): {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ..} فيكون التوجّه إليهم في طريق التوجّه الى الله تعالى ومدخلاً اليه، لا أنّه بدل التوجّه اليه، كما يزعم النواصب!
ويؤيد ذلك الأحاديث الصحيحة في أنّ النبي (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) والأئمة (عليهم ‌السلام) هم وجه الله الذي منه يؤتى، فيكون التوجّه إليهم توجّهاً الى الله تعالى.
ففي الكافي «1 / 143» أنّ الإمام الصادق (عليه‌السلام): «سُئل عن قول الله تبارك وتعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، فقال: ما يقولون فيه؟ قلت: يقولون: يهلك كل شئ إلا وجه الله! فقال: سبحان الله لقد قالوا قولاً عظيماً! إنّما عني بذلك وجه الله الذي يُؤتَى منه».
وفي زيارة أمير المؤمنين (عليه‌ السلام): «أشهد لك يا وليّ الله ووليّ رسوله بالبلاغ والأداء، وأشهد أنّك جنب الله، وأنّك باب الله، وأنّك وجه الله الذي منه يؤتى، وأنّك سبيل الله، وأنّك عبد الله وأخو رسوله». «كامل الزيارات / 100».
هذا، وقد اعتمدنا في الشرح نصّ الاحتجاج؛ لأنّه مختصرٌ وكافٍ لغرضنا.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي