1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

القانون : القانون العام : القانون الاداري و القضاء الاداري : القضاء الاداري :

معنى الخصومة الإدارية

المؤلف:  رشيد ضاوي رشيد

المصدر:  الخصومة الإدارية العادلة

الجزء والصفحة:  ص 6-16

2024-04-20

1110

يتطلب الوقوف على بيان معنى الخصومة الادارية أن نبين معناها من حيث اللغة ابتداء حتى يتسنى لنا فهم المقصود منها اصطلاحا وذلك ما يمهد لنا بيان معنى الخصومة الإدارية العادلة محلا بحثنا فيما يلي.
اولا: معنى الخصومة في اللغة
الخصومة لغة تعني المنازعة والجدل (1) والخلاف بين شخصين أو أكثر بغض النظر عن محل النزاع (2) ، والخصومة من التخاصم والاختصام ، يقال اختصم القوم وتخاصموا، وخاصم فلان فلاناً- مخاصمة وخصاماً جادله ونازعه، وخصمك الذي يخاصمك وجمعه خصوم، وقد يكون الخصم للاثنين والجمع والمؤنث (3) . فقد ورد في القرآن الكريم ( هل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ) (4)، فجعله جمعاً لأنه سمي بالمصدر (5)، ومن العرب من يثنيه ويجمعه فيقول خصمان وخصوم (6)، وخاصمه إلى القاضي بمعنى قاضاه (7)، و(الخصم) بكسر الصاد شديد الخصومة (8)، (خصم الجار) احكم الخصومة أو النزاع، واشتدت خصومته، وخصم المتحدث جادل ، ناقش (9). ومن خلال ما تقدم يتبين لنا أن معنى الخصومة في اللغة يدور حول فكرة المنازعة والجدل.
ثانيا: معنى الخصومة في الاصطلاح.
إن من الصعوبة بمكان تحديد فكرة الخصومة كونها من الأمور الدقيقة، التي يكتنفها اللبس والغموض، لاختلاط مفهومها بغيرها من المفاهيم الإجرائية الأخرى، مما جعلها محل خلاف بين الفقهاء، وأدى إلى وجود عدة تعاريف لها نتيجة لمحاولات الفقه في تلافي الانتقادات الموجه إلى التعارف السابقة، أو بإسناد تعاريفهم إلى الأسس والنتائج التي تبرره وجهة نظرهم (10). فالخصومة بالمعنى المتعارف عليه في الفقه الفرنسي هي Linstance proces. Processo الذي يعرفه البعض بأنها النزاع المرفوع إلى القضاء، حيث يرى البعض ان Proces Instance هما اصطلاحان مترادفان لمعنى واحد وهو الخصومة أمام القضاء. وهناك من يرى أن الاصطلاح Proces" يقصد به النزاع أمام المحكمة (11)، ويرى البعض الآخر أن مصطلح "instance" يثير فكرة الترقب attente أي ترقب الحكم الذي سينتهي به النزاع الحاصل بين شخصين أو أكثر، مع بيان إمكانية استخدام مصطلح "Proces" كمرادف لهذا اللفظ، غير أنَّ هناك من يرى اقتصاره على معنى النزاع أمام المحكمة وهو كمضمون يبدو أوسع تعبير عن القضية. بيد أن الشائع هو استخدام لفظ "instance" للدلالة على المعنى الدقيق والفني للخصومة (12) . وهناك من يميز بين مدلول الخصومة Instance ومدلول القضية Proces من خلال زاوية النظر، كون الخصومة لفظ يعبر عن نظرة إجرائية، في حين أن القضية لفظ يعبر عن نظرة إجرائية أو موضوعية بحسب السياق أو كليهما معا في بعض الأحيان، بالتالي فان القضية لفظ يتسع للخصومة والنزاع معا (13)
أما الخصومة (14) بحسب رأي العميد موريس هوريو هي عبارة عن منازعة طويلة، لما تثيره من مسائل عديدة بناءً على ما يطرحه المتداعون من طلبات ودفوع أمام القضاء قد تستغرق وقتاً طويلاً، لحين حسم المنازعة بحكم . وقد كان لهذا التعريف تأثيرا على بعض الفقهاء منهم، Debbasch et Ricci ، الذين سبق وان عرفوا الخصومة بأنها سلسلة من الإجراءات أو الأشكال التي تتخذ أمام القضاء، الغاية منها هي حسم النزاع، إلا إنهما وتأثراً برأي الفقيه هوريو قد عدلا عن ذلك وعرفاها بأنها عبارة عن منازعة طويلة. وهذا الرأي قد أشكل عليه بوجود فارق بين الخصومة والمنازعة، حيث أن الأخيرة وقبل طرحها على القضاء، بطريق الدعوى، كانت تمثل النزاع، وان طرحها على القضاء هو الذي أحال تسميتها من نزاع إلى منازعة، أما الخصومة فهي لا تعدوا ان تكون سوى ما يتبع من الإجراءات التي تنتهي بها المنازعة (15).
أما الفقهاء العرب فقد عرف بعضهم الخصومة بأنها الحالة القانونية التي تنشأ منذ عرض النزاع على القضاء (16)، وهي الحالة القانونية الناشئة من مباشرة الدعوى. وهي تتكون من من عدة إجراءات تبدأ بإيداع صحيفة الدعوى لدى قلم كتاب المحكمة وتنتهي إما بصدور الحكم في موضوعها، وقد تنتهي بغير حكم في الموضوع (17) . ويعرفها آخرين بأنها مجموعة من الإجراءات يقام بها أمام القضاء منذ اللجوء إليه للدفاع عن الحق ولغاية انتهائها بصدور الحكم الذي ينهي صلة القضاء بالموضوع محل الخلاف (18) . في حين يراها البعض بأنها " الحالة القانونية التي تنشأ من مباشرة الدعوى وتتكون من عدة إجراءات أو أعمال إجرائية متتابعة يتم من خلالها تحقيق الدعوى وبحثها تمهيدا لإصدار حكم في موضوعها (19) ، وهناك من أضاف ان الخصومة "ليست مجموعة إجراءات فحسب، إنما هي أيضا الإجراءات التي تهدف إلى تهيئة الدعوى للحكم فيها موضوعيا ، ما لم ينص القانون على غاية أخرى لها كما في التنفيذ القضائي جبرا، أي كما في خصومة التنفيذ الجبري (20). وهناك من يرى أن الخصومة هي تكليف المدعي خصمه بالمثول أمام القضاء كي يقتضي لنفسه منه حقا ثابتا أو مزعوما بحكم يقضي باحترام هذا الحق أو رده (21) ، وعرفت بأنها وسيلة عرض النزاع على القضاء، التي من خلالها يجري التحقق من توافر الحق في الدعوى وذلك بما يقوم به القاضي وأعوانه والخصوم وممثلوهم وفي بعض الأحيان الغير (22).
ثالثا : معنى الخصومة الادارية العادلة
إن مفهوم الخصومة الإدارية ليس له أن يكون خارج إطار مفهوم الخصومة القضائية بشكل عام، رغم احتفاظها بما يميزها عن غيرها من السمات (23) ، وبما ان الخصومة الإدارية تعد مثاراً لجدل وخلاف فقهي نتيجة للاختلاف حول المعيار الذي يقوم عليه التعريف، من حيث المعيار الشكلي الذي يستند إلى الجهة التي تنظر الخصومة وهي القضاء الإداري فهناك من ذهب إلى طبيعة موضوع الخصومة كونه يتصل بالمرفق العام وآخر من نظر إلى طبيعة أطراف الخصومة التي يكون احد أطرافها شخص معنوي عام في مقابل شخص عادي أو أشخاص معنوية خاصة، ومنهم من جمع بين هذه المعايير السابقة دون الاقتصار على احدها (24)
1- تعريف الخصومة الإدارية .
عرف جانب من الفقه الخصومة الإدارية بأنها لاتعدوا أن تكون مجموعة من الإجراءات الناشئة عن ممارسة حق الدعوى الإدارية، والتي يتخذها المتداعون أو ممثلوهم، والقاضي الإداري وأعوانه، بغية الحصول على حكم حاسم لها، منذ إبداع الطلب وحتى انقضائها انقضاء تاما بحكم، أو مبتسراً بدونه (25). كما عرفها آخرين بأنها "مجموعة القواعد الإجرائية التي تتبع أمام جهة القضاء الإداري للفصل في المنازعات الإدارية التي تنجم عن النشاط الإداري (26). وعرفها البعض الآخر بأنها " مجموعة من الروابط القانونية والإجراءات أمام القضاء تبدأ بإعلان صحيفة الدعوى أو إيداعها والتي تتضمن الطلب المقدم للقضاء بما يدعيه المتقاضي، وما يرمى إلى تحقيقه من وراء تقديمه، وتنتهي - أي إجراءات الخصومة - بصدور الحكم البات فيه أو بانقضائها بغير حكم (27) وهناك من عرف الخصومة الإدارية بأنها خصومة احد أطرافها الجهة الإدارية تنشأ بإجراءات إدارية غير قضائية أمام الجهات الإدارية بهدف تصحيح تصرف إداري خاطئ صادر من احد طرفيها، وقد تستمر أمام القضاء الإداري بإجراءات قضائية بهدف الحصول على حق قائم ومشروع يحميه القانون (28).
أما تعريف القضاء للخصومة الادارية فقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في مصر الى تعريفها ... من حيث انه من المقرر ان الخصومة هي مجموعة من الإجراءات تبدأ بإقامة الدعوى (الطعن أمام المحكمة بناء على مسلك ايجابي يتخذه المدعي (الطاعن) وتنتهي بحكم فاصل في النزاع أو بتنازل أو صلح أو بسبب عيب أو خطأ في الإجراءات ...(29). كما عرفتها بأنها "حالة قانونية تنشأ عن مباشرة الدعوى أو العريضة وقد حدد القانون إجراءات التقدم بهذا الادعاء الذي ينبني عليه انعقاد الخصومة فإذا لم تكن ثمة دعوى من أحد الخصمين للخصم الآخر إلى التلاقي أمام القضاء أو لم يكن لأحدهما أو كليهما وجود فلا تنشأ الخصومة القضائية ولا تنعقد (30)
اما محكمة القضاء الإداري في مصر فقد عرفتها بأنها مجموعة من الإجراءات التي تبدأ بإقامة الدعوى أمام المحكمة بناء على مسلك ايجابي يتخذ من جانب المدعي وتنتهي بحكم فاصل في النزاع أو بتنازل أو صلح أو بسبب عيب أو خطأ في الإجراءات أو بأمر عارض إنما هي حالة قانونية تنشأ عن مباشرة الدعوى بالادعاء لدى القضاء أي بالالتجاء إليه بوسيلة الدعوى أو العريضة، وقد حدد القانون إجراءات التقدم بهذا الادعاء الذي ينبني عليه انعقاد الخصومة وهي التي تقوم على اتصال المدعي بالمحكمة المرفوعة أمامها الدعوى وتكليف المدعي عليه بالمثول أمامها لكونها علاقة بين طرفيها من جهة وعلاقة بين هذين الطرفين وبين القضاء من جهة أخرى فإذا لم تكن ثمة دعوى من أحد الخصمين للخصم الآخر إلى التلاقي أمام القضاء أو لم يكن لأحدهما أو كليهما وجود فلا تنشأ الخصومة القضائية ولا تنعقد، ويلزم لصحة هذه الدعوى ان تكون موجهة من صاحب الشأن ذاته أو من صاحب الصفة في تمثيله والنيابة عنه قانوناً أو اتفاقاً فإذا لم تقم الدعوى صحيحة سقط ركن من أركان الخصومة (31). ومن حيث اطلاعنا على ما اتيح لنا من المصادر فلم نتوصل الى تعريف القضاء الاداري العراقي للخصومة الادارية.
أما موقف المشرع من تعريف الخصومة الإدارية فنرى انه لم يقم بتحديد مفهومها بل إن موقفه قد شابه الخلط بين الخصومة والدعوى (32) ، وبما ان المشرع لم يقم بتحديد الفارق بين الخصومة والدعوى، وقد استخدمهما كمترادفين لشيء واحد وهو أدى بالنتيجة إلى زيادة الاجتهادات الفقهية لبيان الفوارق بين هذين المصطلحين أو بيان كونهما شيء واحد (33). أقر المشرع المصري عدة نصوص قانونية في قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية رقم (13) لسنة 1968 المعدل مصطلح الدعوى، في حين ان المقصود بهذا اللفظ هو الخصومة حينما أشار إلى وقف الدعوى (34)، و مصاريف الدعوى (35) ، في حين ان المقصود من ذلك هو وقف الخصومة و مصاريف الخصومة بينما نجده في نصوص قانونية أخرى قد أشار إلى لفظ الخصومة حينما استخدم لفظ "الخصومة" في الباب السابع من القانون آنفا والمتضمن انقطاع الخصومة وسقوطها وانقضاؤها بمضي المدة، وتركها (36).
أما المشرع العراقي فلم يكن موقفه بعيدا عن موقف نظيره المصري، فقد استخدم مصطلح الدعوى في عدة نصوص قانونية في قانون المرافعات المدنية ذي الرقم (83) لسنة 1969 المعدل في حين أن مقصده ينصرف إلى الخصومة، فقد أشار في الباب السابع منه (الأحوال الطارئة على الدعوى) إلى وقف الدعوى بناءً على اتفاق الخصوم على عدم السير فيها خلال مدة ثلاثة أشهر من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاق الخصوم وهو بذلك قد انصرف مقصده إلى وقف السير بالخصومة (37) ، وكما أشار إلى انقطاع السير بالدعوى بحكم القانون نتيجة لزوال أهلية الخصومة أو زوال صفة من باشرها نيابة عن الخصم إذ لم تكن الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها (38). .. وفي ذات السياق قد أشار المشرع في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971 المعدل إلى حالة عدم جواز وقف الدعوى أو تعطيل السير بها، وما يفهم من ذلك هو حالة وقف الخصومة أو تعطيل السير بإجراءاتها (39).
ونرى أن المشرع قد اتجه في نصوص أخرى من قانون المرافعات المدنية إلى الخصومة بطريقة غير مباشرة حينما بين ان الوكالة بالخصومة هي تخويل الوكيل لممارسة الأعمال والإجراءات التي تحافظ على حقوق الموكل ورفع الدعاوى والمرافعة فيها وكما أشار إلى مراجعة حق الطعن بالإحكام مالم تنص الوكالة على غير ذلك، ومن ذلك يتبين لنا أن الخصومة هي مجموعة من الإجراءات والأعمال التي تبدأ برفع الدعوى وتمتد للمرافعة فيها لحين إصدار الحكم بل وتمتد إلى خصومة الطعن بالأحكام (40) . وكما أشار إلى الخصومة في موضع آخر حينما نص بان للمحكمة ومن تلقاء نفسها ان تحكم برد الدعوى قبل الدخول في أساسها إذا ما تبين لها أنَّ الخصومة غير متوجهة (41).
ومما تقدم بإمكاننا أن نعرف الخصومة الادارية بانها ( حالة قانونية تنشأ من خلالها مراكز قانونية للخصوم الذي يكون احدهم شخص من اشخاص القانون العام وذلك عند عرض النزاع على القضاء الاداري بطريق الدعوى، وتتألف من جملة من الإجراءات المتتابعة زمنيا ومنطقيا التي تكون منظمة بموجب القانون، يكون أولها المطالبة القضائية التي تعد الإجراء الافتتاحي للخصومة وآخرها إصدار الحكم الذي يعد غاية ،الخصوم، لتنتهي به الخصومة بصورة طبيعية كما أنها قد تنتهي بصورة مبتسرة أيضاً.)
2- تعريف العادلة:-
العادلة لغةً هي مأخوذة من العدل وتعني الإنصاف أي نقيض الجور، تقول : عدل في رعيته أي ساوى بينهم ويوم معتدل أذا تساوى حالاً حره وبرده (42) والعدل الحكم بالحق، ويعدل وهو حكم عادل ذو معدلة في حكمه (43) . والعدل بفتح العين ما عادل الشيء من غير جنسه، والعادلة من المساواة والاعتدال والاستقامة على طريق الحق بالاجتناب ما هو محظور. وتعديل الشيء : تقويمه يقال عدلته فاعتدل أي قومته فاستقام وكل مثقف معتدل (44)، عدل الميزان سواه ، أقامه. عدل السهم قومه سواه عدله بصاحبه سوى بينهما جعله مثله وعدل قوله فعله ساوی بينهما. واعتدل الشيء توسط بين حالين في كم أو كيف وتناسب (45). لذا فان العادلة لغة تعني المساواة بين الخصوم وانصافهم بحق دون ميل او جور عن طريق الحكم العادل.
اما العادلة اصطلاحاً : فإنها (مشتقة من العدل وتعني استيفاء كل ذي حق حقه، من خلال تطبيق الأحكام القانونية بنزاهة بحيث تصان فيها كافة حقوق الأفراد وضماناتهم القانونية بمختلف حدودها الدستورية والتشريعية ) وبما أن تطبيق العدل لا يكون إلا بين الخصوم فإن الخصومة العادلة تعد الأساس الذي يبنى عليه إحقاق الحق، وهذا ما حدا بالمشرع إلى إحاطة إجراءات التقاضي بضمانات عديدة من اجل حسم المنازعات والفصل في الخصومات على الوجه المعتبر قانونا (46) . ونظرا لكون الخصومة الإدارية تجمع بين طرفين غير متكافتين من حيث النفوذ، تبعا لما تتمتع به الإدارة بامتيازات عديدة لا يتمتع بها للأفراد، الامر الذي أدى بالنتيجة إلى ظهور مشكلة عدم التوازن بين أطرافها، مما يستوجب تحقيق قدر من التوازن بين أطرافها من خلال الخصومة الإدارية العادلة (47).
أن كلمة (عادلة) هي وصفاً للخصومة الإدارية وتعني جميع الضمانات القانونية الأساسية التي تكفل بتكاملها مفهوم العدالة التي تتفق بشكل عام مع المقاييس المعاصرة المعمول بها في الدول المتحضرة (48)، التي درجت على وضعها في صلب الاتفاقيات الدولية ومنها الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان (49) ، التي أشارت في المادة الثالثة عشر منها إلى تحقيق طعن فعال وقد استخدم المصطلح في اللغة الفرنسية Process equitable" الذي يتعين ترجمته بالخصومة العادلة وهو ما يقابل في اللغة العربية الدور الايجابي الممنوح للقاضي الإداري(50)، وكما حرص المشرع الوطني على إدراج هذه الضمانات في التشريعات الوطنية ومنها الدستور العراقي إذ نص على لكل فرد الحق في ان يعامل معاملة عادلة في الإجراءات القضائية والإدارية (51) " وهذا ما يبين ارتباط مفهوم العدالة وضمانات الخصومة. ما إن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ترى حسب تفسيرها الواسع لنص المادة (6) من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان إنها تتضمن مبدأ المحاكمة العادلة وهو مفهوم واسع يعد من بين ما يشمله حق الدفاع والمساواة الذي تبنته في قضائها وبالأخص ما يتعلق بموقف الأفراد من الإدارة (52)، وقد حكمت المحكمة بان خصومة الإدارة يجب أن تكون عادلة (53) على اثر دعوى قضائية رفعت إليها تأسيسا على انتهاك المادة السادسة من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، انتقد فيها قضاء مجلس الدولة الفرنسي لعدم كفالته لمبدأ الوجاهية، حيث أدانت جزء من الإجراءات التي عمل بها المجلس تطبيقاً لنظرية الظاهر المعروفة في قضاء المحكمة وأن تفاصيل هذه القضية تعود إلى سيدة تدعى (Krees)، أجرت في عام 1986 عملية جراحية في احد المستشفيات المدنية في مدينة (Strasborg)، وقد أصابها من جراء العملية مضاعفات عصبية عديدة ثم إلى حروق على مستوى كتفها الأيسر من جراء سقوط كأس من الشاي الساخن عليها في داخل المستشفى فقدمت السيدة( Krees) على اثر ذلك طلبا مستعجلا إلى رئيس المحكمة الإدارية في مدينة (Strasborg) من اجل تعين خبيرا لفحصها وتقييم الأضرار التي أصابتها، وبعد ذلك أقامت الدعوى أمام نفس المحكمة للمطالبة بالتعويض على أساس الخطأ الطبي ومسؤولية المستشفى عن ما أصابها من ضرر. وفي تاريخ 1993/4/8 حكمت المحكمة الإدارية بالتعويض للمدعية بمبلغ خمسة آلاف فرنك فرنسي.
إلا إن المدعية قدمت طعنا موضوعيا بالنقض أمام مجلس الدولة الفرنسي على قرار الحكم، مؤسسة طعنها على قرار سبق للمجلس ان أصدره في قضية تتعلق بالتعويض على أساس المسؤولية الطبية غير الخطئية، وبعد غلق باب المرافعة ووضع القضية للمداولة، أثار محامي الطاعنة مسالة تتعلق بمفوض الحكومة الذي عبر في تقريره عن التشكيك في استثنائية الضرر الذي تعرضت له السيدة (Krees) منذ 4/8 / 1986 . وفي تاريخ 1997/7/30 اصدر مجلس الدولة قرار برفض الطعن بالنقض موضوعا، بما ثبت لديهم في وقائع ملف الدعوى، ان القضاة قد طبقوا القانون تطبيقا سليما عليها، وحيث ان عناصر المسؤولية غير الخطنية لم تكتمل قرر رفض الطعن وعدم تطبيقها . إلا ان السيدة (Krees) استنادا إلى أحكام المادة السادسة الفقرة أولا من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية (54) أودعت في تاريخ 1997/12/30 عريضة لدى اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان ضد الدولة الفرنسية، وقد أبدت في القضية دفعها المرتبط بمفوض الحكومة، المبني على أنها لم تعلم بما توصل إليه المفوض من نتائج قبل الجلسة مما لم يمنحها حق الرد أثناء المرافعة كون المفوض هو آخر المتكلمين قبل في الجلسة قبل انصراف المحكمة للمداولة، هذا من جانب ومن جانب آخر ان حضور المفوض للمداولة مع ان تقريره خلص إلى رفض الطعن هو مدعاة للشك في حياد القضاء ويتعارض مع مبدأ تساوي الدفوع وحق المدعي في محاكمة عادلة (55) . وقد حكمت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان بان دعوى الطاعنة تستند إلى الفقرة أولا من المادة السادسة من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لعدم استفادتها من محاكمة عادلة أمام القضاء الإداري(56).
____________
1-أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري، لسان العرب، ط 4، دار صادر بيروت، 2005، مج 5، ص 83.
2- بطرس البستاني، محيط المحيط، ط 1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2009، مج 3، ص 13.
3- ينظر : تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، ط 1 ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 2001 ،مادة (خصم)، مج 7، ص 72 ، ومعجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس ط 2 ، دار الكتب العلمية، بيروت، 2008، مادة (خصم، مج 1، ص 362، ولسان العرب لابن منظور ، ط 4 ، دار صادر، بيروت، 2005، مادة (خصم): مج 5، ص 83 ، ومحيط المحيط لبطرس البستاني، ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت، 2009، مادة (خصم): مج 6، ص 16.
4- سورة ص الآية (21).
5- أبو منصور محمد بن احمد الأزهري، تهذيب اللغة الطبعة الأولى دار احياء التراث العربي بيروت 2001، ص 72.
6- أبي نصرا إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح تاج اللغة وصحاح اللغة العربية، ط 1 دار الكتب العلمية، بيروت، 1999، ج 5، ص 242.
7- بطرس البستاني، مصدر سابق، ص13.
8- أبي نصرا إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح تاج اللغة وصحاح اللغة العربية، ط 1 دار الكتب العلمية، بيروت، 1999، ج 5 ، ص 242.
9- بطرس البستاني، مصدر سابق، ص 133.
10- د. إبراهيم أبو النجا، انعقاد الخصومة طبقاً لأحكام قانون المرافعات الليبي، ط 1 ،دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 1997،ص 13.
11- ينظر : 193645 Vizioz H. Etudes de Procedduer نقلاً عن د. محمود محمد هاشم، اعتبار الخصومة كان لم تكن في قانون المرافعات مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، العدد الأول والثاني، 1983،ص 133، هامش رقم (11).
12- طلعت يوسف خاطر، القضاء العادل كضمانة للعدالة الانتقالية ، دار الفكر والقانون ، 2016 ،ص46.
13- إبراهيم أمين النفياوي، مبادئ الخصومة المدنية ، ط1 دار النهضة العربية القاهرة 2015 ص 23، هامش (2).
14- لقد عرف كيوفندا الخصومة بأنها مجموعة الأعمال المرتبطة بغرض تطبيق إرادة القانون في حالة معينة - بالنسبة إلى مال يدعى حماية القانون له - بواسطة أعضاء من القضاء العادي" ينظر: د. فتحي والي، نظرية البطلان في قانون المرافعات، ط 2 ، دار الطباعة الحديثة ، القاهرة، 1997 ص 38.
15- د. محمد باهي أبو يونس، انقضاء الخصومة الإدارية بالإرادة المنفردة للخصوم، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية 2014 ، ص 5 هامش رقم (3).
16- د. فتحي والي، مصدر سابق، ص 37
17- د. أحمد أبو الوفاء المرافعات المدنية والتجارية، ط 12 سمنشأة المعارف، الاسكندرية، من دون تاريخ نشر،
ص 476.
18- د. مصطفى محمود الشربيني، بطلان إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2006، ص 18.
19- د. إبراهيم أبو النجا، مصدر سابق ص 16
20- د. احمد محمد احمد حشيش مبادئ قانون المرافعات المصري، ط 2 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2017، ص 311
21- القاضي دارا محمد إبراهيم، الخصومة في الدعوى، مؤسسة .P.L.C... للطباعة والنشر، اربيل، 2009،ص11
22- د. عباس العبودي، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، ط 1 ، دار السنهوري، بيروت، 2016، ص 222.
23- د. مصطفى محمود الشربيني، مصدر سابق، ص 20.
24- ينظر : 0.31 1965 .Auby et Drago : traite de contentieux administrattif: Paris نقلا عن مصطفى محمد تهامي منصورة، إجراءات الخصومة الإدارية، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق بجامعة عين شمس القاهرة، 2006، ص 14
25- د. محمد باهي أبو يونس، مصدر سابق، ص 16.
26- د. زكريا محمود ،رسلان إجراءات دعوى الإلغاء أمام مجلس الدولة، ط 1، دار أبو المجد للطباعة 2013،ص 92.
27- د. سامي جمال الدين إجراءات المنازعة الإدارية في دعوى إلغاء القرارات الإدارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2005، ص 14
28- مصطفى محمد تهامي منصورة، إجراءات الخصومة الإدارية، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق بجامعة عين شمس القاهرة، 2006 ص 18
29- ينظر حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر الطعن رقم (24708) لسنة 59 ق، تاریخ 2015/1/18، موسوعة أحكام المحكمة الإدارية العليا منذ إنشائها حتى عام 2015 ، الدكتور مجدي محمود محب حافظ، دار محمود، القاهرة ، ج 3، بند 2654، ص 1410.
30- ينظر حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر ، الطعن رقم (941) لسنة 29ق، تاریخ 1986/3/15، أشار إليه الدكتور مصطفى محمود الشربيني، مصدر سابق، ص 21.
31- ينظر حكم محكمة القضاء الإداري في مصر، الطعن رقم (45365) لسنة 62ق، تاریخ 6/23/ 2009، أشار إليه عبد الناصر عبد الله أبو سمهدانة ، مبادئ الخصومة الادارية المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة ، ط 1 ، 2012، ص 28-29.
32- ينظر: المادة رقم (10) من قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972 المعدل.
33- د. مصطفى محمود الشربيني، مصدر سابق، ص28.
34- ينظر: المادة رقم (128) من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 المعدل.
35- ينظر: المادة رقم (184) من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 المعدل.
36- ينظر : المادة رقم (130) من القانون نفسه.
37- ينظر: المادة رقم (82) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل.
38- ينظر: المادة رقم (84) من القانون السابق.
39- ينظر: المادة رقم (2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي المرقم (23) لسنة 1971 المعدل.
40- ينظر: المادة رقم (52) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل.
41- ينظر: الفقرة (أولا) من المادة رقم (80) من القانون السابق.
42- أبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، مصدر سابق، ص 125
43- أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري، لسان العرب، ط 4، دار صادر بيروت، 2005، ، ص 61.
44- أبي نصرا إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح تاج اللغة وصحاح اللغة العربية، ط 1 دار الكتب العلمية، بيروت، 1999 ، ص 24
45- بطرس البستاني، محيط المحيط، ط 1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2009، ، ص98-99
46- د. احمد خليفة شرقاوي احمد العدالة الإجرائية في التقاضي، ط 1 ، شركة ناس للطباعة، القاهرة، 2015، ص 13 وما بعدها.
47- د. مازن ليلو راضي الخصومة الادارية العادلة بين احكام القضاء الاداري وقضاء المحكمة الأوربية لحقوق الانسان، مجلة الحقوق، م ، ع (29-30) ، 2016،ص2.
48- د. محمد محمد مصباح القاضي، حق الإنسان في محاكمة عادلة دار النهضة العربية، القاهرة، 1996،ص58.
49- ينظر: المادة رقم (13) من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان.
50- د. مازن ليلو راضي الخصومة الادارية العادلة بين احكام القضاء الاداري وقضاء المحكمة الأوربية لحقوق الانسان، مجلة الحقوق، م ، ع (29-30) ، 2016 ، ص3.
51- ينظر: الفقرة سادسا من المادة رقم (19) من الدستور العراقي لسنة 2005.
52- ينظر: حكم المحكمة Borgers Judgment في تاريخ 1991/10/30 نقلا عن الدكتور عادل عمر شريف، قراءة مبسطة في ضمانة المحاكمة المنصفة في قضاء المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان وقضاء المحكمة الدستورية في مصر، أعمال ندوة اتحاد المحامين العرب اتحاد المحامين العرب ، القاهرة، 6-1995/12/8، ص 133
53- د. مازن ليلو راضي، الخصومة الادارية العادلة بين احكام القضاء الاداري وقضاء المحكمة الأوربية لحقوق الانسان، مصدر سابق، ص 20.
54- نصت الفقرة أولا من المادة السادسة من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية على لكل شخص - عند الفصل في حقوقه المدنية والتزاماته.... الحق في مرافعة علنية عادلة خلال مدة معقولة أمام محكمة مستقلة غير منحازة مشكلة طبق للقانون ويصدر الحكم علنيا ويجوز منع الصحفيين والجمهور من حضور كل الجلسات أو بعضها حسب مقتضيات النظام العام أو الآداب أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي. أو عندما يتطلب ذلك مصلحة الصغار أو حماية الحياة الخاصة للأطراف. وكذلك إذا رأت المحكمة في ذلك ضرورة في ظروف قصوى خاصة حيث تكون العلنية ضارة بالعدالة ينظر: المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان: دليل بشأن المادة (6) الحق في محاكمة عادلة ص 6، منشور في شبكة الانترنت على الموقع: http://www.echr.coe.int/Documents/Guide Art 6 ARA.pdf آخر زيارة للموقع في
2017/7/6 )
55- الدكتور مازن ليلو راضي الخصومة الادارية العادلة بين احكام القضاء الاداري وقضاء المحكمة الأوربية الحقوق الانسان مصدر سابق، ص 20.
56- مازن ليلو راضي الخصومة الادارية العادلة بين احكام القضاء الاداري وقضاء المحكمة الأوربية الحقوق الانسان مصدر سابق ، ص 21.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي