x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
رجع إلى أخبار النساء
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج4، ص:205-212
2024-01-31
1103
رجع إلى أخبار النساء :
1_ ومن أشهرهن بالأندلس ولادة بنت المستكفي محمد بن عبد الرحمن
ابن عبيد الله بن الناصر لدين الله وكانت واحدة زمانها المشار إليها في أوانها
حسنة المحاضرة مشكورة المذاكرة كتبت بالذهب على طرازها الأيمن :
أنا والله أصلح للمعالي وأمشي مشيي وأتيه تيها
وكتبت على الطراز الأيسر:
وأمكن عاشقي من صحن خدي وأعطي قبلتي من يشتهيها
وكانت مع ذاك مشهورة بالصيانة والعفاف وفيها خلع ابن زيدون عذاره
وقال فيها القصائد الطنانة والمقطعات وكانت لها جارية سوداء بديعة المعنى
فظهر لولادة أن ابن زيدون مال إليها فكتبت إليه :
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا لم تهو جارتي ولم تتخير
وتركت غصنا مثمرا بجماله وجنحت للغصن الذي لم يثمر
ولقد علمت بأني بدر السما لكن ولعت لشقوقي بالمشتري
ولقبت ابن زيدون بالمسدس وفيه تقول :
ولقبت المسدس وهو نعت تفارقك الحياة ولا يفارق
فلو طي ومأبون وزان وديوث وقرنان وسارق
وقالت فيه :
إن ابن زيدون على فضله يغتابني ظلما ولا ذنب لي
يلحظني شزرا إذا جئته كأني جئت لأخصي علي
وقالت فيه أيضا :
إن ابن زيدون على فضله يعشق قضبان السراويل
لو أبصر الأبر على نخلة صار من الطير الأبابيل
وقالت ولادة هجو الأصبحي:
يا أصبحي اهنأ فكم نعمة جاءتك من ذي العرش رب المنن
قد نلت باست ابنك ما لم ينل بفرج بوران أبوها الحسن
وكتبت إليه لما أولع بها بعد طول تمنع :
ترقب إذا جن الظلام زيارتي فإني رأيت الليل أكتم للسر
وبي منك ما لو كان بالشمس لم تلح وبالبدر لم يطلع وبالنجم لم يسر
ووفت بما وعدت ولما أرادت الانصراف ودعته بهذه الأبيات:
ودع الصبر محب ودك ذائع من سره ما استودعك
يقرع السن على أن لم يكن زاد في تلك الخطى إذ شيعك
يا أخا البدر سناء وسنا حفظ الله زمانا أطلعك
إن يطل بعدك ليلي فلكم بت أشكو قصر الليل معطك
وكتبت إليه:
ألا هل لنا من بعد هذا التفرق سبيل فيشكو كل صب بما لقي
وقد كنت أوقات التزاور في الشتا أبيت على جمر من الشوق محرق
فكيف وقد أمسيت في حال قطعة لقد عجل المقدور ما كنت أتقي
تمر الليالي لا أرى البين ينقضي ولا الصبر من رق التشوق معتقي
سقى الله أرضا قد غدت لك منزلا بكل سكوب هاطل الويل مغدق
فأجابه بقوله:
لحى الله يوما لست فيه بملتق محياك من أجل النوى والتفرق
وكيف يطيب العيش دون مسرة وأي سرور للكئيب المؤرق
وكتب في أثناء الكلام بعد الشعر : وكنت ربما حثني على أن أنبهك
على ما أجد فيه عليك نقدا وإني انتقدت عليك قولك :
سقى الله أرضا قد غدت لك منزلا
فإن ذا الرمة قد انتقد عليه قوله مع تقديم الدعاء بالسلامة
ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ولا زال منهلا بجرعائك القطر
إذ هو أشبه بالدعاء على المحبوب من الدعاء له وأما المتحسن فقول الآخر :
فسقى ديارك غير مفسدها صوب الربيع وديمة همي
وبسببها المشارقة كالجمال ابن نباتة والصفدي وغيرهما وفيها من التلميحات
والتنديرات ما لمزيد عليه .
وقد ذكر ولادة ابن بشكوال في الصلة فقال : كانت أديبة شاعرة
جزلة القول حسنة الشعر وكانت تناضل الشعراء وتساجل الأدباء وتفوق
البرعاء وعمرت عمرا طويلا ولم تتزوج قط وماتت لليلتين خلتا من صفر سنة ثمانين وقيل: أربع وثمانين وأربعمائة رحمها الله تعالى .
وكان أبوها المستكفي بايعه أهل قرطبة لما خلعوا المستظهر كما به في غير هذا الوضع وكان جاهلا ساقطا وخرجت هي في نهاية من الأدب والظرف : حضور شاهد وحرارة أوابد وحسن منظر ومخبر وحلاوة
مورد ومصدر وكان مجلسها بقرطبة منتدى لأحرار المصر وفناؤها ملعبا لجياد النظم والنثر يعشو أهل الأدب إلى ضوء غرها ويتهالك أفراد الشعراء والكتاب على حلاوة عشرتها وعلى سهولة حجابها وكثرة منتابها تخلط ذلك بعلو نصاب وكرم أنساب وطهارة أثواب على أنها أوجدت للقول فيها السبيل بقلة مبالاتها ومجاهرتها بلذاتها ولما مرت بالوزير أبي عامر ابن عبدوس وأمام داره بركة تتولد عن كثرة الأمطار وربما استمدت بشي ء مما هنالك من الأقذار وقد نشر أبو عامر كميه ونظر في عطفيه وحشر أعوانه إليه فقال له :
أنت الخصيب وهذه مصر فتدفقا فكلاكما بحر
فتركته لا يحير حرفا ولا طرفا .
وقال في المغرب بعد ذكره أنها بالغرب كعلية بالشرق : إلا أن هذه تزيد بمزية الحسن الفائق وأما الأدب والشعر والنادر وخفة الروح فلم تكن تقصر عنها وكان لها صنعة في الغناء وكان لها مجلس يغشاه أدباء قرطبة وظرفاؤها فيمر من النادر وإنشاد الشعر كثير لما اقتضاه
عصرها من مثل ذلك وفيها يقول ابن زيدون :
بنتم وبنا فما ابتلت جوا نحنا شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
وقال أيضا يخاطب ابن عبدوس لاشراكه معه في هواها :
أثرت هزبر الشمرى إذ ربض ونبهته إذ هدا فاغتمض
وما زلت تبسط مسرسلا إليه يد لما انقبض
حذار حذار فإن الكريم إذا سيم خسفا أبى فامتعض
وإن سكون الشجاع النهوس ليس بمانعه أن يعض
عمدت لشعري ولم تتئد تعارض جوهره بالعرض
أضاقت أساليب هذا القريض أم قد عفا رسمه فانقرض
لعمري فوقت سهم النضال وأرسلته لو أصبت الغرض
ومنها :
وغرك من عهد ولادة سراب تراءى وبرق ومض
هي الما يعز على قابض ويمنع زبدته من مخض
ومن أخبار ولادة مع ابن زيدون ما قاله الفتح في القلائد: إن ابن زيدون
كان يكلف بولادة ويهيم ويستضيء بنور محياها في اليل البهيم وكانت من الأدب والظرف وتتميم السمع والطرف بحيث تختلس القلوب
والألباب وتعيد الشيب إلى أخلاق الشباب فلما حل بذلك الغرب وانحل
عقد صبره بيد الكرب فر إلى الزهراء ليتوارى في نواحيها ويتسلى برؤية
موافيها فوافاها والربيع قد خلع عليها برده ونشر سوسنه وورده وأترع
جداولها وأنطلق بلابلها فارتاح ارتياح جميل بوادي القرى وراح بين
روض يانع وريح طيبة السرى فتشوق إلى لقاء ولادة وحن وخاف تلك النوائب والمحن فكتب إليها يصف حسن محضره بها ومشهده :
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله كأنما رق لي فاعتلا إشفاقا
والروض عن مائه الفضي مبتسم كما حللت عن اللبات أطواقها
يوم كأيام لذات لنا انصرمت بتنا لها حين نام الدهر سراقا
نلهو بما يستميل العين من زهر جال الندى فيه حتى مال أعناقا
كأن أعينه إذ عاينت أرقي بكت لما فجال الدمع رقراقا
ورد تألق في ضاحي منابته فازداد منه الضحى في العين إشراقا
سرى ينافحه نيلوفر عبق وسنان نبه منه الصبح أحداقا
كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا إليك لم يعد عنها الصدر أن ضاقا
لو كان وفي المنى في جمعنا بكم لكان من أكرم الأيام أخلاقا
لا سكن الله قلبا عن ذكركم فلم يطر بجناح الشوق خفاقا
لو شاء حملي نسيم الريح حين هفا وافاكم بفتى أضناه ما لاقى
يا علقي الأخطر الأسنى الحبيب إلى نفسي إذا ما اقتنى الأحباب أعلاقا
كان التجاري بمحض الود مذ زمن ميدان أنس جرينا فيه أطلاقا
فالآن أحمد ما كنا لعهدكم سلوتم وبقينا نحن عشاقا
وقال أيضا : إن ابن زيدون لم يزل يروم دنو ولادة فيتعذر ويباح دمه
دونها ويهدر لسوء أثره في ملك قرطبة وواليها وقبائع كان ينسبها إليه
ويواليها أحقدت بني جهور عليه وسددت أهمهم إليه فلما يئس من لقياها
وحجب عنه محياها كتب إليها يستديم عهدها ويؤكد ودها ويعتذر من فراقها بالخطب الذي غشيه والامتحان الذي خشيه ويعلمها أنه ما سلا عنها بخمر ولا ما في ضلوعه من ملتهب الجمر وهي قصيدة ضربت في الإبداع بسهم وطلعت في كل خاطر ووهم ونزعت منزعا قصر عنه حبيب وابن الجهم وأولها :
بنم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
وأخبار ولادة كثيرة وفيما ذكرناه كفاية
2 _ ومن المشهورات بالأندلس اعتماد جارية المعتمد بن عباد وأم
أولاده وتشتهر بالرميكية وفي المسهب والمغرب أنه ركب المعتمد في النهر
ومعه ابن عمار وزيره وقد زردت الريح النهر فقال ابن عباد لابن عمار :أجز :
صنع الريح من الماء زرد
فأطال ابن عمار الفكرة فقالت امرأة من الغسالات :
أي درع لقال لو جمد
فتعجب ابن عباد من حسن ما أتت به مع عجز ابن عمار ونظر إليها فإذا هي صورة حسنة فأعجبته فسألها : أذات زوج هي ؟ فقالت : لا فتروجها
وولدت له أولاده الملوك النجباء رحمهم الله تعالى
وحكى البعض منهم صاحب البدائه بسنده إلى بعض أدباء الأندلس
وسماه ولم يحضرني الآن أنه هو الذي قال للمعتمد :
أي درع لقتال لو جمد
قال: فاستحسنه المعتمد وكنت رابعا في الإنشاد فجعلني ثانيا وأخبرني بجائزة سنية
قال ابن ظافر: وقد أخذت هذا المعنى فقلت أصف روضا
فلو دام ذاك النبت كان زبرجدا ولو جمدت أنهاره كان بلورا
ولما قال ابن ظافر:
قد أذكت الشمس على الما لهبا
قال القاضي الأعز:
فكست الفضة منه ذهبا
رجع :
ولما خلع المعتمد وسجن بأغمات قالت له : يا سيدي لقد هنا هنا فقال :
قالت لقد هنا هنا مولاي أين جاهنا
قلت لها إلهنا صيرنا إلى هنا
وحكي أنها قالت له وقد مرض : يا سيدي ما لنا قدرة على مرضاتك في مرضاتك
ولما قال الوزير ابن عمار قصيدته اللامية الشهيرة في المعتمد والرميكية أغرت
المعتمد به حتى قتله وضربه بالطبرزين ففلق رأسه وترك الطبرزين في رأسه
فقالت الرميكية : قد بقي ابن عمار هدهدا والقصيدة أولها :
ألا حي بالغرب حيا حلا لا أنا خوا جمالا وحازوا جمالا
وعرج بيومين أم القرى ونم فعسى أن تراها خيالا
ويومين: قرية بإشبيلية كانت منها أولية بني عباد وفي هذه القصيدة يقول معرضا بالرميكية:
تخيرتها من بنات الهجان رميكية ما تساوي عقالا
فجاءت بكل قصير العذار لئيم النجارين عما وخالا
قصار القدود ولكنهم أقاموا عليها قرونا طوالا
أتذكر أيامنا بالصبا وأنت إذا لحت كنت الهلالا
أعانق منك القضيب الرطيب وأرشف من فيك ماء زلا لا
وأقنع منك بدون الحرام فتقسم جهدك أن لا حلا لا
سأهتك عرضك شيئا فشيئا وأكشف سترك حالا فحالا
ومنها :
فيا عامر الخيل يا زيدها منعت القرى وأجت العيالا
وسبب قول ابن عمار هذه القصيدة أن المعتمد ندر به وذيل على قصيدته
الرواية المذكورة في القلائد بعد قوله
كيف التفلت بالخديعة من يدي رجل الحقيقة من بني عمار
وسخر به في أبيات مشهورة