x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
إنشاء لسان الدين بتولية ابن زمرك
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج5، ص: 134-136
2024-01-08
945
ظهير من إنشاء لسان الدين بتولية ابن زمرك كتابة السر
ونظير هذا ما أنشأه لسان الدين على لسان سلطانه للكاتب أبي عبد الله ابن زمرك حين تولى كتابة السر، ونصه:
هذا ظهير كريم نصب المعتمد به للأمانة الكبرى ببابه فرفعه، وأفرد له متلو العز وجمعه، وأوتره وشفعه، وقربه في بساط الملك تقريباً فتح له باب السعادة وشرعه، وأعطاه لواء القلم الأعلى فوجب على من دون رتبته من أولي صنعته أن يتبعه، ورعى له وسيلة السابقة عند استخلاص الملك لما ابتزه الله من يد الغاصب وانتزعه، وحسبك من زمام (1) لا يحتاج إلى شيء معه، أمر به أمير المسلمين محمد نب كذا الكذا فلان، وصل الله سعادته، وحرس مجادته، أطلع الله تعالى له وجهة العناية أبهى من الصبح الوسيم، وأقطعه جناب الإنعام الجسيم، وأنشقه آراج الحظوة عاطرة النسيم، ونقله من كرسي التدريس والتعليم، إلى
134
مرقى التنويه والتكريم، والرتبة التي لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم، وجعل أقلامه جياداً لإجالة أمره العلي، وخطابه السني، في ميدان الأقاليم، ووضع في يده أمانة القلم الأعلى، جارياً من الطريقة المثلى، على المنهج القويم، واختصه بمزية الشفوف على كتاب بابه والتقديم، لما كان ناهض الفكر في طلبة حضرته زمن البداية، ولم تزل تظهر عليه بأولي التمييز مخايل هذه العناية، فإن حضر في حلق العلم جلى في حلبة الحفاظ إلى الغاية، وإن نظم أو نثر أتى بالقصائد المصقولة، والمخاطبات المنقولة، فاشتهر في بلده وغير بلده، وصارت أزمة العناية طوع يده، بما أوجب له المزية في يوم وغده.
وحين رد الله عليه ملكه الذي جبر به جناح الإسلام، وزين وجوه الليالي والأيام، وأدال الضياء من الظلام، كان ممن وسمه الوفاء وشهره، وعجب الملك عود خلوصه وخبره، فحمد أثره، وشكر ظاهره ومضمره، واستصحب على ركابه الذي صحب اليمن سفره، وأخلصت الحقيقة نفره، وكفل الله ورده وصدره، ميمون النقيبة، حسن الضريبة، صادقاً في الأحوال المريبة، ناطقاً عن مقامه بالمخاطبات العجيبة، واصلاً إلى المعاني البعيدة العبارة القريبة، مبرزاً في الخدم الغريبة، حتى استقام العماد، ونطق بصدق الطاعة الحي والجماد، ودخلت في دين الله أفواج العباد والبلاد، لله الحمد على نعمه الثرة العهاد، وآلائه المتوالية الترداد، رعى له أيد الله هذه الوسائل وهو أحق من يرعاها، وشكر له الخدم المشكور مسعاها، فنص (2) عليه الرتبة الشماء التي خطبها بوفائه، وألبسه أثواب اعتناءه، وفسح له مجال آلائه، وقدمه، أعلى الله قدمه، كاتب السر، وأمين النهي والأمر، تقديم الاختيار بعد الاختبار، والاغتباط بخدمته الحسنة الآثار، وتيمن باستخدامه قبل الحلول بدار الملك والاستقرار، وغير ذلك من موجبات الإكبار.
135
فليتول ذلك عارفاً بمقداره، متقفياً لآثاره، مستعيناً بالكتم لأسراره، والاضطلاع بما يحمد من أمانته وعفافه ووقاره، معطياً هذا الرسم حقه من الرياسة، عارفاً بأنه أكبر أركان السياسة، حتى يتأكد الاغتباط بتقريبه وإدانته، وتتوفر أسباب الزيادة في إعلائه، وهو إن شاء الله غني عن الوصاة فهماً ثاقباً يقتدى بضيائه، وهو يعمل في ذلك أقصى العمل، المتكفل ببلوغ الأمل. وعلى من يقف عليه من حملة الأقلام، والكتاب الأعلام، وغيرهم من الكافة والخدام، أن يعرفوا قدر هذه العناية الواضحة الأحكام، والتقديم الراسخ الأقدام ويوجب ما أوجب من البر والإكرام، والإجلال والإعظام، بحول الله، وكتب في كذا، انتهى.
فانظر صانني الله وإياك من الأغيار، وكفانا شر من كفر الصنيعة التي هي على النقص عنوان ومعيار، إلى حال الوزير لسان الدين ابن الخطيب مع هذين الرجلين، القاضي ابن الحسن والوزير ابن زمرك الذين تسببا في هلاكه حتى صار أثراً بعد عين، مع تنويهه بهما في هذا الإنشاء وغيره، وتفيئهما - كما هو معلوم - ظلال خيره، فقابلاه بالغدر، وأظهرا عند الإمكان حقد القلب وغل الصدر، وسددا لقتله سهاماً وقسياً، وصيرا سبيل الوفاء نسياً منسياً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ق ص: ذمام.
(2) ق ص: فقص.