x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ترجمة المقري من نيل الابتهاج
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج5، ص:279-284
2024-01-07
856
ترجمة المقري من نيل الابتهاج
ولنرجع إلى بقية أنباء مولاي الجد رحمه الله، فنقول: قال صاحب نيل الابتهاج بتطريز الديباج ما صورته (1) : محمد بن محمد بن أحمد القرشي التلمساني الشهير بالمقري بفتح الميم، وتشديد القاف المفتوحة كذا ضبطه الشيخ عبد الرحمن الثعالبي في كتابه العلوم الفاخرة وضبطه ابن الأحمر في فهرسته وسيدي أحمد زروق بفتح الميم وسكون القاف الإمام العلامة النظار المحقق القدوة الحجة الجليل الرحلة (2) ، أحد فحول أكابر علماء المذهب المتأخرين الأثبات قاضي الجماعة بفاس، ذكره ابن فرحون في الأصل، يعني الديباج، وأثنى عليه؛ انتهى.
وقال الخطيب ابن مرزوق (3) : كان صاحبنا المقري معلوم القدر، مشهور الذكر بالخير، تبعه بعد موته من حسن الثناء وصالح الدعاء، ما يرجى له النفع به يوم اللقاء، وعوارفه معلومة عند الفقهاء، ومشهورة بين الدهماء؛ انتهى.
279
وقال أبو العباس الونشريسي في بعض فوائده: ومقرة بفتح الميم بعدها قاف مفتوحة مشددة قرية من قرى بلاد الزاب من أعمال إفريقية، سكنها سلفه، ثم تحولوا إلى تلمسان، وبها ولد الفقيه المذكور، وبها نشأ، وقرأ وأقرأ، إلى أن خرج منها صحبة الركاب المتوكلي العناني أمير المؤمنين فارس عام تسعة وأربعين وسبعمائة إلى مدينة فاس المحروسة، فولاه القضاء، فنهض بأعباءه علماً وعملاً، وحمدت سيرته، ولم تأخذه في الله لومة لائم، إلى أن توفي بها إثر قدومه من بلاد الأندلس في غرض الرسالة لأبي عنان عام تسعة وخمسين وسبعمائة، ثم نقل إلى مسقط رأسه تلمسان.
وقال في موضع آخر: إنه توفي رحمه الله تعالى يوم الأربعاء التاسع والعشرين من جمادى الأولى عام تسعة وخمسين وسبعمائة، بمدينة فاس المحروسة، ثم نقل تلمسان محل ولادته ومقر أسلافه، ودفن بها في البستان الملاصق لقبلي داره الكائنة بباب الصرف من البلد المذكور، وهو الآن على ملك بعض ورثة الشيخ أبي يحيى الشريف؛ انتهى.
ومن أخبار مولاي الجد رحمه الله تعالى أنه قال (4) : شهدت الوقفة سنة أربع وأربعين وسبعمائة، وكانت جمعة، وقام الخطيب في سابع ذي الحجة في الناس بالمسجد الحرام، وقال: إن جمعة وقفتكم هذه خاتمة مائة جمعة وقف بها من الجمعة التي وقف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع آخر عشر من الهجرة، وشاع ذلك في الناس وذاع وكان علم ذلك مما تواتر عندهم، والله أعلم، وهم يزعمون أن الجمعة تدور على خمس سنين، وهذا مناف لذلك، ولكن كثير منهم ينكر اطراد هذا ويقول: إنها قد تكون على خلاف ذلك، فلا أدري.
280
ومنها أنه قال: شهدت شمس الدين بن قيم (5) الجوزية قيم الحنابلة بدمشق، وقد سأله رجل عن قوله عليه الصلاة والسلام " من مات له ثلاثة من الولد كانوا له حجاباً من النار " كيف إن أتى بعد ذلك بكبيرة فقال: موت الولد حجاب، والكبيرة خرق لذلك الحجاب، وإنما يكون الحجاب حجاباً ما لم يخرق فإذا خرق فقد زال عن أن يكون حجاباً، ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام " الصوم جنة " ما لم يخرقها، ثم قال: وهذا الرجل أكبر أصحاب تقي الدين ابن تيمية.
ومن أخبار مولاي الجد الدالة على صرامته ما حكاه ابن الأزرق عنه (6) : أنه كان يحضر مجلس السلطان أبي عنان لبث العلم، وكان نقيب الشرفاء (7) بفاس إذا دخل مجلس السلطان يقوم له السلطان وجميع من في المجلس إجلالاً له، إلا الشيخ المقري، فإنه كان لا يقوم في جملتهم، فأحس النقيب من ذلك، وشكاه إلى السلطان، فقال له السلطان: هذا رجل وارد علينا نتركه على حاله إلى أن ينصرف، فدخل النقيب في بعض الأيام على عادته، فقام له السلطان على العادة وأهل المجلس، فنظر إلى المقري، وقال له: أيها الفقيه، ما لك لا تقوم كما يفعل السلطان نصره الله وأهل مجلسه إكراماً لجدي ولشرفي ومن أنت حتى لا تقوم لي فنظر إليه المقري وقال له: أما شرفي فمحقق بالعلم الذي أنا أبثه ولا يرتاب فيه أحد، وأما شرفك فمظنون، ومن لنا بصحته منذ أزيد من سبعمائة سنة، ولو علمنا شرفك قطعاً لأقمنا هذا من هنا، وأشار إلى السلطان أبي عنان، وأجلسناك مجلسه، فسكت؛ انتهى.
281
قال ابن الأزرق: وعلى اعتذاره ذلك بأن الشرف الآن مظنون (8) ، فمن معنى ذلك أيضاً ما يحكى عنه أنه كان يقرأ بين يدي السلطان أبي عنان المذكور صحيح مسلم بحضرة أكابر فقهاء فاس وخاصتهم، فلما وصل إلى أحاديث الأئمة من قريش قال الناس: إن قال الشيخ الأئمة من قريش وأفصح بذلك استوغر قلب السلطان، وإن ورى وقع في محظور، فجعلوا يتوقعون له ذلك، فلما وصل إلى الأحاديث قال بحضرة السلطان: والجمهور أن الأئمة من قريش، ثلاثاً، ويقول بعد كل كلمة: وغيرهم متغلب، ثم نظر إلى السلطان وقال له: لا عليك، فإن القرشي اليوم مظنون، أنت أهل للخلافة، إذ بعض الشروط قد توفرت فيك والحمد لله، فلما انصرف إلى منزله بعث له السلطان بألف دينار؛ انتهى.
قال أبو عبد الله ابن الأزرق: قلت: ويلزم أيضاً من اعتذاره أن قيام السلطان لذي الشرف المحقق بالعلم أولى بالمحافظة (9) على تعظيم حرمات الله، وقد روي عن بعض الأمراء أنه تكبر على ذلك، واستخف بمنزلة من عظم به غيره، فسلبه الله ملكه وملك بنيه من بعده؛ انتهى.
ومن أجوبة مولاي الجد رحمه اله تعالى قوله (10) : سألني السلطان عمن لزمته يمين على نفي العلم فحلف جهلاً على البت، هل يعيد أم لا فأجبته بإعادتها، وقد كان من حضر من الفقهاء أفتوا بأن لا تعاد، لأنه أتى بأكثر مما أمر به على وجه يتضمنه، فقلت له: اليمين على وجه الشك غموس، قال ابن يونس: والغموس: الحلف على تعمد الكذب، أو على غير يقين، ولا شك أن الغموس محرمة منهي عنها، والنهي يدل على الفساد، ومعناه في العقود عدم ترتب أثره؛ فلا أثر لهذا اليمين، ويجب أن تعاد، وقد يكون من هذا اختلافهم فيمن إذنها
282
السكوت، فتكلمت هل يجتزأ بذلك والإجزاء هنا أقرب، لأنه الأصل، والصمات رخصة لغلبة الحياء، فإن قلت: البت أصل، ونفي العلم إنما يعتبر عند تعذره، قلت: ليس رخصة كالصمات.
ومنها أنه قال (11) : سألني بعض الفقراء عن السبب في سوء بخت المسلمين في ملوكهم، إذ لم يل أمرهم من يسلك بهم الجادة ويحملهم (12) على الواضحة، بل من يغتر في مصلحة دنياه (13) ، غافلاً عن عاقبة أخراه، فلا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة، ولا يراعي عهداً ولا حرمة، فأجبته بأن ذلك لأن الملك ليس في شريعتنا وذلك أنه كان فيمن كان قبلنا شرعاً، قال الله تعالى ممتناً على بني إسرائيل " وجعلكم ملوكاً " ولم يكن ذلك في هذه الأمة، بل جعل لهم خلافة، قال الله تعالى " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض " وقال تعالى " وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً " وقال سليمان " رب اغفر لي وهب لي ملكاً " فجعلهم الله تعالى ملوكاً، ولم يجعل في شرعنا إلا الخلفاء، فكان أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يستخلفه نصاً، لكن فهم الناس ذلك فهماً، وأجمعوا على تسميته بذلك، ثم استخلف أبو بكر عمر، فخرج بها عن سبيل الملك الذي يرثه الولد عن الوالد، إلى سبيل الخلافة الذي هو النظر والاختيار، ونص في ذلك على عهده، ثم اتفق أهل الشورى على عثمان، فإخراج عمر لها عن بنيه إلى الشورى دليل على أنها ليست ملكاً، ثم تعين علي بعد ذلك، إذ لم يبق مثله، فبايعه من آثر الحق على الهوى، واصطفى الآخرة على الدنيا، ثم الحسن كذلك، ثم كان معاوية أول من حول الخلافة ملكاً، والخشونة
283
ليناً، ثم إن ربك من بعدها لغفور رحيم، فجعلها ميراثاُ، فلما خرج بها عن وضعها (14) لم يستقم ملك فيها، ألا ترى أن عمر بي عبد العزيز رضي الله عنه كان خليفة لا ملكاً، لأن سليمان رحمه الله تعالى رغب عن بني أمية إيثار لحق المسلمين ولئلا يتقلدهم حياً وميتاً، وكان يعلم اجتماع الناس عليه فلم يسلك طريق الاستقامة بالناس قط إلا خليفة، وأما الملوك فعلى ما ذكرت إلا ما قل، وغالب أفعاله غير مرضية؛ انتهى.
وفوائد مولاي الجد وتحفه وطرفه ولطائفه ودقائقه يستدعي استقصاؤها مجلدات (15) ، فلنكتف بما قدمناه:
وفي الإشارة ما يغني عن الكلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر نيل الابتهاج: 250.
(2) الرحلة: سقطت من نيل الابتهاج.
(3) انظر هذا النقل في نيل الابتهاج أيضا.
(4) انظر نيل الابتهاج: 252.
(5) ق: مفتي، وتيل الابتهاج: مقيم.
(6) النص في نيل الابتهاج: 254.
(7) نيل الابتهاج: مزوار الشرفاء؛ والمزوار لقب يعني المقدم وهو من البربرية " امزوار " فيقال مزوار الأطباء ومزوار الطلبة ... إلخ. (انظر معجم دوزي) .
(8) نيل الابتهاج: يكون الشرف الآن مظنونا.
(9) ق ص ونيل الابتهاج: في المحافظة.
(10) ق: ومن أنبائه أيضا قوله؛ والحكاية في نيل الابتهاج: 253.
(11) راجع المصدر السابق.
(12) نيل الابتهاج: سلك ... وحملهم.
(13) نيل الابتهاج: صلاح دنياه.
(14) نيل الابتهاج: موضعها.
(15) ق: وإن تتبعنا أخبار مولاي الجد وفوائده وأقواله وأفعاله خرجنا بالاستطراد عن المراد ... إلخ.