التوحيد
النظر و المعرفة
اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته
صفات الله تعالى
الصفات الثبوتية
القدرة و الاختيار
العلم و الحكمة
الحياة و الادراك
الارادة
السمع و البصر
التكلم و الصدق
الأزلية و الأبدية
الصفات الجلالية ( السلبية )
الصفات - مواضيع عامة
معنى التوحيد و مراتبه
العدل
البداء
التكليف
الجبر و التفويض
الحسن و القبح
القضاء و القدر
اللطف الالهي
مواضيع عامة
النبوة
اثبات النبوة
الانبياء
العصمة
الغرض من بعثة الانبياء
المعجزة
صفات النبي
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
الامامة
الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها
صفات الأئمة وفضائلهم
العصمة
امامة الامام علي عليه السلام
إمامة الأئمة الأثني عشر
الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الرجعة
المعاد
تعريف المعاد و الدليل عليه
المعاد الجسماني
الموت و القبر و البرزخ
القيامة
الثواب و العقاب
الجنة و النار
الشفاعة
التوبة
فرق و أديان
علم الملل و النحل ومصنفاته
علل تكون الفرق و المذاهب
الفرق بين الفرق
الشيعة الاثنا عشرية
أهل السنة و الجماعة
أهل الحديث و الحشوية
الخوارج
المعتزلة
الزيدية
الاشاعرة
الاسماعيلية
الاباضية
القدرية
المرجئة
الماتريدية
الظاهرية
الجبرية
المفوضة
المجسمة
الجهمية
الصوفية
الكرامية
الغلو
الدروز
القاديانيّة
الشيخية
النصيرية
الحنابلة
السلفية
الوهابية
شبهات و ردود
التوحيـــــــد
العـــــــدل
النبـــــــوة
الامامـــــــة
المعـــاد
القرآن الكريم
الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
الزهراء (عليها السلام)
الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء
الامام المهدي (عليه السلام)
إمامة الائمـــــــة الاثني عشر
العصمـــــــة
الغلـــــــو
التقية
الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة
الاسلام والمسلمين
الشيعة والتشيع
اديان و مذاهب و فرق
الصحابة
ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم
نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)
البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين
التبرك و الزيارة و البناء على القبور
الفقه
سيرة و تاريخ
مواضيع عامة
مقالات عقائدية
مصطلحات عقائدية
أسئلة وأجوبة عقائدية
التوحيد
اثبات الصانع ونفي الشريك عنه
اسماء وصفات الباري تعالى
التجسيم والتشبيه
النظر والمعرفة
رؤية الله تعالى
مواضيع عامة
النبوة والأنبياء
الإمامة
العدل الإلهي
المعاد
القرآن الكريم
القرآن
آيات القرآن العقائدية
تحريف القرآن
النبي محمد صلى الله عليه وآله
فاطمة الزهراء عليها السلام
الاسلام والمسلمين
الصحابة
الأئمة الإثنا عشر
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أدلة إمامة إمير المؤمنين
الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام
الإمام المهدي عليه السلام
إمامة الأئمة الإثنا عشر
الشيعة والتشيع
العصمة
الموالات والتبري واللعن
أهل البيت عليهم السلام
علم المعصوم
أديان وفرق ومذاهب
الإسماعيلية
الأصولية والاخبارية والشيخية
الخوارج والأباضية
السبئية وعبد الله بن سبأ
الصوفية والتصوف
العلويين
الغلاة
النواصب
الفرقة الناجية
المعتزلة والاشاعرة
الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب
أهل السنة
أهل الكتاب
زيد بن علي والزيدية
مواضيع عامة
البكاء والعزاء وإحياء المناسبات
احاديث وروايات
حديث اثنا عشر خليفة
حديث الغدير
حديث الثقلين
حديث الدار
حديث السفينة
حديث المنزلة
حديث المؤاخاة
حديث رد الشمس
حديث مدينة العلم
حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه
احاديث متنوعة
التوسل والاستغاثة بالاولياء
الجبر والاختيار والقضاء والقدر
الجنة والنار
الخلق والخليقة
الدعاء والذكر والاستخارة
الذنب والابتلاء والتوبة
الشفاعة
الفقه
القبور
المرأة
الملائكة
أولياء وخلفاء وشخصيات
أبو الفضل العباس عليه السلام
زينب الكبرى عليها السلام
مريم عليها السلام
ابو طالب
ابن عباس
المختار الثقفي
ابن تيمية
أبو هريرة
أبو بكر
عثمان بن عفان
عمر بن الخطاب
محمد بن الحنفية
خالد بن الوليد
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
عمر بن عبد العزيز
شخصيات متفرقة
زوجات النبي صلى الله عليه وآله
زيارة المعصوم
سيرة وتاريخ
علم الحديث والرجال
كتب ومؤلفات
مفاهيم ومصطلحات
اسئلة عامة
أصول الدين وفروعه
الاسراء والمعراج
الرجعة
الحوزة العلمية
الولاية التكوينية والتشريعية
تزويج عمر من ام كلثوم
الشيطان
فتوحات وثورات وغزوات
عالم الذر
البدعة
التقية
البيعة
رزية يوم الخميس
نهج البلاغة
مواضيع مختلفة
الحوار العقائدي
* التوحيد
* العدل
* النبوة
* الإمامة
* المعاد
* الرجعة
* القرآن الكريم
* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
* فضائل النبي وآله
* الإمام علي (عليه السلام)
* فاطمة الزهراء (عليها السلام)
* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء
* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم
* العـصمة
* التقيــة
* الملائكة
* الأولياء والصالحين
* فرق وأديان
* الشيعة والتشيع
* التوسل وبناء القبور وزيارتها
* العلم والعلماء
* سيرة وتاريخ
* أحاديث وروايات
* طُرف الحوارات
* آداب وأخلاق
* الفقه والأصول والشرائع
* مواضيع عامة
مناظرة السيد محمد جواد المهري مع الأستاذ عمر الشريف في حديث الثقلين
المؤلف: الشيخ عبد الله الحسن
المصدر: مناظرات في العقائد
الجزء والصفحة: ج1 ، 395-405
14-12-2019
731
بعد تبادل التحية والسلام مع الأستاذ، بدأت الحديث بالشكل التالي: يا حضرة الأستاذ، كنا قد اتفقنا على مطالعة ودراسة الآيات النازلة في ولاية علي وأهل بيته (عليهم السلام)، وقد بحثنا في ما سبق آية منها، وهي آية الولاية، وأريد الآن أن أنقل لك حديثا مشهورا ومتواترا جدا، يكفي لوحده لإثبات خلافة علي (عليه السلام) بلا منازع. هذا الحديث الشريف هو الذي أشرنا إليه في ما سبق مرة أو مرتين أثناء حوارنا، ويعرف بحديث الثقلين، وهو موضع إجماع العلماء والأكابر من السنة والشيعة، ونقله أكابر السنة في صحاحهم ومسانيدهم، قال ابن حجر في الصواعق المحرقة: ولهذا الحديث طرق كثيرة عن نيف وعشرين صحابيا (1).
ونقل أحمد بن حنبل في مسنده ما يلي: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وأن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما (2).
وأورده مسلم أيضا في صحيحه. (3) دهش الأستاذ وقطع حديثي بغتة وقال: تمهل! هذه الرواية التي تقول أنها مشهورة ومتواترة جدا لم نسمع بها بهذه الصورة، بل سمعنا أنه قال: كتاب الله وسنتي . نعم! هذه الرواية مشهورة بكلمة سنتي لا عترتي ! قلت: يا أستاذ، وهل لديك ما يثبت صحة هذا الكلام أو لا؟ فأنا كنت أترقب مثل هذا الاعتراض، لأن هذه الرواية: أولا: جاءت في المسانيد والصحاح المختلفة - كما ذكرت آنفا - بعبارة عترتي أهل بيتي ، إلا أن الأيدي الخفية برزت هنا مرة أخرى وحرفت هذه الرواية، ووضعت كلمة السنة بدل أهل البيت (عليهم السلام)، ولا أدري هل هذا عداء لأهل البيت أو هو شيء آخر لا أفقه اسمه، ولا أدري ما أسميه!؟ هب أن شخصا أو شخصين أو عشرة أشخاص نقلوا هذه الرواية بكلمة سنتي ولكن ماذا عساها أن تكون في قبالة سيل الروايات التي جاءت بصيغة عترتي أهل بيتي ؟ ولو أنك صبرت حتى أنقل لك نص الرواية مع عدد من الأسانيد الصحيحة والقطعية لكان أفضل، وأنا أعطيك الحق في هذا لأنك لم تنقل هذه الرواية من المسانيد الأصلية بل من الكتب المطبوعة حديثا، والتي تدرس حتى في المدارس، فإن رأيت هذا الاعتراض في موضعه فمن الأفضل - مع فائق الاعتذار - بحث الروايات المختلفة لكتبكم من مصادرها الأصلية حتى تقف على هذه التحريفات.
وقد سمعت أن الجامع الأزهر استحدث مؤخرا قسما خصصه لدراسة التحريف والتلاعب في المصادر الأصلية للحديث والسنة، ولعلهم يوقعون التحريف حتى في صحيحي البخاري ومسلم مع ما لهما من شهرة. الأستاذ: لا علم لي بالقسم المذكور في الجامع الأزهر، ولعل هذا نوع من الافتراء والتهمة لا أكثر، هذا مع أنا لا نجهل كتبنا إلى هذا الحد الذي تقوله فإن هذه الرواية منقولة في مستدرك الحاكم، وقد نصت صراحة على كتاب الله وسنتي ، وأنت تعلم أن كتاب المستدرك للحاكم من الكتب الصحيحة والمعتبرة عند السنة، وإن نقل الآخرون فإنما نقلوا عنه، لا بمعنى أنهم حرفوا. قلت: أعتذر إن كنت قد أغضبتك، فقضية جامع الأزهر مثلما ذكرتها لك سماعية، وليس لدي معلومات دقيقة عنها، طبعا أحد علماء الأزهر واسمه محمود أبو ريه هو من كبار علماء السنة في مصر، وله كتب تحقيقية كثيرة، وهو الذي ذكر هذا الموضوع لأحد أقاربي، وأرجو أن لا يكون صحيحا، وإنه لمن دواعي السرور أن تعرف سند هذه الرواية. طبعا أنا أدرك سعة معلوماتك وعمق معرفتك، ومن الطبيعي إننا ننقب في الكتب السنية أكثر منكم بحثا عن الروايات، لأننا مضطرون لأجل مناظرة أهل السنة للبحث في كتبهم، ولكننا مع هذا نعتقد بوجوب بذلكم المزيد من الدراسة والدقة في كتبكم، فالرواية التي نتحدث عنها قد رأيت (متنها) في المستدرك بلفظة سنتي (4).
ووردت في صحيح مسلم (5) الذي يعد أكثر اعتبارا وأهمية من مستدرك الحاكم بعبارة أهل بيتي ، وهذه العبارة وردت في مصادر أخرى أيضا، ولم ترد كلمة سنتي إلا في مستدرك الحاكم، إذن فالإجماع على أهل بيتي وهذه الرواية يجب أن تذكر وتطبع في الكتب بدلا من الرواية التي وردت فيها كلمة سنتي. أؤكد هنا ثانية، أن بعض الأيدي تستهدف حذف الروايات المتعلقة بأهل البيت (عليهم السلام) ولكنها لم تحقق هدفها طبعا، لأن العصر عصر التقدم والدراسة ولا يمكن إرغام الناس على اتباع هذا الدين أو ذلك المذهب: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256].
نعود إلى ذكر الرواية وسندها القطعي في الكتب المعتبرة جهد الإمكان جاء في صحيح مسلم - كما ذكرنا - عن زيد بن أرقم أنه قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا يا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي (6)، أذكركم الله في أهل بيتي (7).
وجاء في سنن الترمذي بسنده الصحيح عن جابر بن عبد الله أنه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجته يوم عرفة، وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي (8).
ونقل الترمذي بعد هذه الرواية عن زيد بن أرقم رواية بالنص التالي: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني كيف تخلفوني فيهما (9).
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر أضيفت الجملة التالية - عن الطبراني -: فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم (10).
ونقل الحاكم في الجزء الثالث من المستدرك هذه الرواية نفسها بمزيد من التفصيل، وقال في ختامها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال ثلاث مرات: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم، يا رسول الله، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه (11)، وجاءت أيضا في كنز العمال نقلا عن ابن جرير وبسنده عن أبي الطفيل (12)، ونقل النسائي في خصائصه هذا الحديث نفسه ضمن حديث غدير خم عن زيد بن أرقم (13).
كانت هذه بعض الأسانيد المعروفة لهذا الحديث الذي ورد أيضا في مواضع متعددة من كتب الحديث الأخرى التي ليس الآن وقت بحثها، وعلى العموم بلغت هذه الرواية حد التواتر عند السنة والشيعة، وأعتقد أن هذا الحديث كاف وحده لإثبات أحقية اتباع أهل البيت (عليهم السلام)، ويضئ كالشمس الساطعة في ظلمة العالم المعاصر، ويفتح سبيل الهداية أمام الباحثين عن الحقيقة، ويجلي الحق ويظهره. تعالوا وانظروا إلى هذه الرواية بقلب نقي، على أن تحرروا أنفسكم مسبقا من كل ألوان التعصب المذهبي وغير المذهبي، وتغاضوا عن معتقدات الآباء والأجداد، ولا تأخذوها بنظر الاعتبار في إزاء الحق، وتأملوا هذا الحديث المقدس بنظرة عميقة وفكروا فيه حتى تصلوا إلى النتيجة التي تخرجكم من التيه والضياع، وترشدكم إلى الطريق الذي اختاره لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمركم به. لم يشأ رسول الله الذي شملت رأفته ورحمته الأمة أن يرحل عنها إلا وقد هداها إلى سبيل الحق، وكيف له أن يتركهم بلا وصية، وبدون تعيين الخليفة والوصي؟ أراد الرسول في هذه الوصية أن يبين لأصحابه أنهم إذا شاءوا مواصلة السير على طريق الهداية فعليهم بالتمسك بميراثيه، وهما القرآن والعترة لكي لا يضلوا بعده أبدا، وأراد أن يوضح للأجيال القادمة أن الحق لا يمكن بلوغه إلا عبر هذين الثقلين. فإذا شئتم النجاة في منعطفات هذه الحياة الحافلة بالفتن فاعتصموا بهذه التركة، التي خلفها لكم الرسول وهي القرآن والعترة، وإذا أردتم إرتقاء البناء الشامخ للحق والحقيقة، وصعود قمة الإيمان فلا بد لكم ومن غير شك بسلم متين يمكن التعويل عليه، وإلا فسوف تزل أقدامكم في الخطوة الأولى وتسقطون في وادي الهلكة وهاوية الضلالة. نعم، إذا أردتم معرفة الأحكام الإلهية بكل اطمئنان، وإدراك معاني القرآن فاستعينوا بمفسريه الحقيقيين، وبأهل الذكر، وبالخلفاء الحقيقيين للرسول وتمسكوا بهم، ولا تسلكوا وديان الضلالة من غير دليل. وإذا أردتم أن تبقوا إلى الأبد في مأمن من الانحراف والزيغ، فعليكم بمعرفة كنه كتاب الله، وتوجهوا إلى من لديهم علم الكتاب وهم سفينة النجاة، وإياكم والإعراض عنهم أو التقدم عليهم أو الانفصال عنهم، فهم عدل القرآن والمعصومون عن الخطأ والنسيان. ألم يذكرهم الرسول إلى جانب القرآن؟ ألم يطهرهم الرحمن من كل رجس ونجس؟ أليسوا هم أجر الرسول (صلى الله عليه وآله) قبال مشقة إبلاغ الرسالة؟ ألم يعلن الرسول إلى الناس ما جاء من الوحي بحقهم، وهو قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى: 23] وهل تصدق المودة بمجرد الادعاء؟ وهل المودة إلا الاتباع الصادق؟ ولم لا؟ وهل هناك ثقل ثالث؟ إذن ليس من خليفة للرسول إلا القرآن وأهل البيت (عليهم السلام)، ولو تمسكنا بهما فهو الفلاح، وإلا فإن أي طريق آخر لا يقود سوى إلى الهاوية، الكتاب والعترة محك التمييز بين الأنصار الأوفياء والمنافقين.
ولم يكن اعتباطا قول الرسول (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق (14). الكتاب والعترة مع بعضهما مفتاح الفلاح، لأن العترة هم اللسان الناطق للقرآن، وأنى لنا لولاها من إدراك معاني القرآن العميقة وتشخيص محكمه من متشابهه، ومعرفة الناسخ والمنسوخ؟ إن الكتاب والعترة يستطيعان سوية إنقاذنا من الضلالة في هذا العالم المتلاطم الذي يعرض كل شخص فيه رأيا واجتهادا، ويعتبر نفسه مبينا للقرآن، وهم في ما بينهم مختلفون، وكل هؤلاء الأئمة الذين ناصروا خلفاء الجور من بني أمية وبني العباس لأجل أهوائهم ونزواتهم، ودسوا كل هذه الروايات الكاذبة والإسرائيليات في السنة النبوية المطهرة إرضاء للحكام، كيف يمكن التعويل عليهم؟ فحينما يكون عليا (عليه السلام) كيف يمكن الانقياد لمعاوية؟ وعندما يكون هناك حق، كيف يجوز التمسك بالباطل؟ كفى غفلة! وكفى غيابا عن الذات! وكفى تجاهلا لوصية الرسول (عليه السلام)! كيف ندعي اتباع الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) ونحن نأتي ما تأمر به أهواؤنا النفسية؟ فنقبل بعض الأحكام وننكر بعضها، عسى الله أن لا يشملنا بمفاد الآية الشريفة التي تقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 150، 151].
فالكفار كانوا يفرقون بين الرسل، ونحن نفرق بين أقوال رسولنا، ومع أن الله ورسوله إذا أرادا أمرا، فلا مجال للتأخير والتأويل، بل تجب الطاعة التامة ولا ينبغي أن نأتي برأي من عندنا، ولكن مع كل الأسف نلاحظ أن كلام الرسول يعارض أحيانا إلى حد اتهامه بأنه يهجر. دققوا النظر في هذه الرواية التي نتحدث عنها، فقد وردت في أكثر المصادر عبارة وعترتي أهل بيتي ، ومع هذا لا نجد اليوم في كتب السنة سوى وسنتي . وهذا ليس تناقضا بل تحريفا، وهذه معارضة واضحة وصريحة من أهل السنة لإجماع علماء الحديث. غط الأستاذ في تفكير عميق، ثم رفع رأسه وقال: مع كل هذه المصادر التي ذكرتها لا يبقى ثمة مجال للتأويل، فإنه من الواضح أن هناك غرضا وراء استبدال كلمة عترتي بكلمة سنتي . وربما يكون هناك شخص اقترف مثل هذا العمل عمدا أو جهلا، ثم تابعه آلاف الناس على ذلك. وعلى كل حال فالحق معك، ولكن يتبادر هنا سؤال إلى الذهن وهو: من هم أهل بيت الرسول؟ هل هم الأئمة الذين تعتقدون بهم، أم يشمل هذا المفهوم آخرين غيرهم؟ ولا يفوتني التذكير هنا بأن الآية الشريفة: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33] قد وردت بين الآيات التي تتحدث عن نساء النبي، فهل نساء النبي من أهل البيت أم لا؟ أوكلت الإجابة عن هذه الأسئلة إلى اللقاء التالي بسبب تأخر الوقت (15).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 150.
(2) مسند أحمد بن حنبل: ج 3 ص 17.
(3) صحيح مسلم: ج 4 ص 1873 ح 36، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 149 - 150.
(4) المستدرك للحاكم: ج 1 ص 93.
(5) صحيح مسلم: ج 4 ص 1873 ح 36.
(6) وذكر ابن حجر في الصواعق المحرقة: ص 65 عن مسلم - كما في مسنده: ج 4 ص 1874 ح 37 - عن زيد بن أرقم الحديث... وزاد أذكركم الله في أهل بيتي قلنا لزيد من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا أيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.
(7) صحيح مسلم: ج 4 ص 1873 ح 36 (ك الصحابة ب 4 من فضائل علي بن أبي طالب)، السنن الكبرى للبيهقي: ج 2 ص 148 كتاب فضائل الصحابة (44) (ب من فضائل علي) ح 36 / 2408، مصابيح السنة للبغوي: ج 4 ص 185 ح 4800.
(8) الجامع الصحيح للترمذي: ج 5 ص 621 ح 3786.
(9) الجامع الصحيح للترمذي: ج 5 ص 622 ح 3788.
(10) الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 150.
(11) المستدرك للحاكم: ج 3 ص 109.
(12) كنز العمال: ج 13 ص 104 ح 36340.
(13) خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) للنسائي: ص 100 ح 84.
(14) الجامع الصحيح للترمذي: ج 5 ص 601 ح 3736، وكنز العمال: ج 11 ص 598 ح 32878.
(15) مذكرات المدرسة للسيد محمد جواد المهري: 119 - 127.