قيل: "إذا أردت هدم التعليم اهدم المعلم"
مما يؤسف له انتشار الانتقاص من المعلم والتقليل من احترامه بين أوساط بعض الطلاب، بل أن بعضا منهم تعدى حدوده بالاعتداء والضرب، فبدل أن يكرم المعلم وينظر له بعين القداسة والإكبار هناك من يوجه له الإهانة وينظر له بعين الامتهان.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق:
ذو شيبة في الإسلام، وإمام مقسط، ومعلم الخير).
ولعله من أقرب الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة السلبية: هو غياب تأديب بعض الأسر، وتنشئة أبنائهم على قيم الاحترام والإكرام للمعلم وتعظيم حقه وقدره!، وكذلك ضعف الدور الرقابي والتوجيهي في البلد، وعدم اتخاذ تدابير صارمة تجاه من يثبت عليه بأنه أهان المعلم فعلا أو تسبب في الإضرار به.
وعليه نضع بين يدي الوالدين والمربين عدة توصيات لترسيخ قيم احترام المعلم وتعظيم منزلته:
أولا: للمعلم حق يجب معرفة حدوده والوقوف عنده، قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام: (حق سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه ، وأن لا ترفع صوتك عليه ، ولا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدث في مجلسه أحدا ، ولا تغتاب عنده أحدا ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدوا وتعادي له وليا ، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله عز و جل بأنك قصدته ، وتعلمت علمه لله عز و جل اسمه لا للناس)
ثانيا: كل الأديان والملل تقدس المعلم وترفعه الى منزلة الرسول، إذ يتحد هدف المعلم والرسول في هداية الناس ودورهما في بناء الإنسان روحيا بما يجعله فردا صالحا في المجتمع؛ قال الشاعر:
قـم للمعلم وفـه التبجيـلا ...كـاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي...يبني وينشئ أنفـسا وعقولا
ثالثا: المعلم أعظم منزلة من الأب والأم، ورتبته أشرف منهما؛ وقد سئل الإسكندر: أ معلمك أكرم عليك أم أبوك؟ فقال: " إن أبي سبب حياتي الفانية ومعلمي سبب حياتي الباقية "
رابعا: كل خير يناله الإنسان إنما هو بفضل العلم الذي يتعلمه من أستاذه، فما من حركة إلا ويحتاج فيها الإنسان الى المعرفة، وما من مهارة يراد اتقانها إلا بعد التعلم، والمعلم هو صاحب الخبرة الذي يؤخذ منه العلم والطريقة، ولولاه لما انتشرت المهن والمهارات.
خامسا: إن العالم أفضل من العابد؛ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر )؛ وقال (صلى الله عليه وآله): (ركعتان يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يصليها العابد)، بل ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) بأنه قال: (عالم أفضل من ألف عابد، وألف زاهد).
مما تجب المبادرة إليه هو خدمة العالم والسعي في قضاء حوائجه تكريما واحتراما لشخصه، وما يحمله من منزلة رفيعة، قال الإمام علي (عليه السلام): (إذا رأيت عالما فكن له خادما).