عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) قال:
" ليس من شيعتنا من خلا ثم لم يرع قلبه "
كان هناك شخص يأمل أن يكون من شيعة أهل البيت -عليهم السلام- فيتردد على الإمام موسى بن جعفر الكاظم -عليه السلام- في المدينة المنورة ليتعلم منه ويستفيد من علومه ومواعظه ... ودخل ذات مرة المدينة ونزل في أحد فنادقها فوقعت عينه على فتاة اعجبته تعمل بذلك الفندق - كما كانت العادة في ذلك الزمان – فطلب يدها للزواج فلم توافق، ولما خرج لبعض شؤونه وعاد الى الفندق في وقت متأخر ليطرق بابه ،ففتحت له الباب ولم يكن هناك من أحد ، فبادر هذا الشخص الى مخالفة الحدود الشرعية ووضع يده حيث يحرم عليه وضعها ، ولما أصبح ذهب الى منزل الإمام الكاظم -عليه السلام- ولما دخل على الإمام -عليه السلام- قال له الإمام ابتداء: يا فلان : " ليس من شيعتنا من خلا ثم لم يرع قلبه "
إن معيار الاستقامة هو الخشية في الغيب، ومراقبة القلب وتهذيبه في الخلوات، فما أكثر الناشطون في الطاعات والقربات في العلانية وما أكثر المنساقون وراء شهواتهم في الخلوات!
إن الشيعي الحقيقي هو من يهتم لتهذيب قلبه ويحرص على تنقيته من شوائب الآثام، ويتولد هذا الاهتمام والحرص من خلال إدراك حقيقتين:
الأولى: إن القلب المعنوي الذي يكون موطن النوايا هو حقيقة الإنسان والمسؤول يوم القيامة، وليس بدنه أو ظواهره التي يراها الناس.
الثانية: إن مراقبة هذا القلب وتحصينه وتنظيم الخواطر التي تدور فيه هي الوظيفة الأساسية طوال العمر، وإن الفرد مسؤول عن سلامة قلبه من الأمراض المعنوية التي قد تصيبه في أي لحظة وينحرف في أي موقف.
هاتان حقيقتان إذا تجاهلهما الفرد فإن قلبه سيكون خارج السيطرة وستتحكم فيه الأهواء وتستولي عليه الوساوس، ويكون فريسة الأبالسة ويبادر دون تردد نحو أي شيء يرضي غرائزه دون أن يهتم بالحلال أو الحرام!
إن الانتماء الى مدرسة أهل البيت -عليهم السلام-يعني السير في طريق تهذيب النفس ومراقبة السلوك تحت ضوء المعايير الأخلاقية والشرعية وحمل النفس على خشية الله تعالى في الخلوات كما لو كان في العلن، وأن يراعي نظر الله تعالى قبل نظر المخلوقين، وأن لا يكون سبحانه أهون الناظرين إليه فيتستر من عباده ويعرض عن نظر الخالق الذي هو سبحانه الشاهد الحاكم.