أكدت اللجنة التحضيرية، قبول (60) بحثًا في مؤتمر حَراك كربلاء العلميّ في القرن العاشر الهجريّ، الذي ينظّمه قسم شؤون المعارف الإسلامية والإنسانية في العتبة العباسية المقدسة. جاء ذلك في كلمة اللجنة التي ألقاها الدكتور فلاح عبد علي سركال، خلال
ews/index?id=22209&lang=ar>انطلاق فعاليات مؤتمر تراث كربلاء العلمي الدولي بنسخته الثانية، الموسوم بـ (حراك كربلاء العلمي في القرن العاشر الهجري). ويُقام المؤتمر تحت شعار (تُراثُنا هُويَّتُنا)، وينظمه مركز تراث كربلاء التابع للقسم، ويستمر ليومي 17 – 18 من شهر تشرين الثاني الجاري. وجاء في نص الكلمة: فما من شك أنّ مدينة كربلاء واحدة من المدن الإسلامية الخالدة التي أنجبت طائفة كبيرة من رجال العلم والفكر والمعرفة، فكانوا سببًا رئيسًا في ازدهار الحركة العلمية والفكرية فيها، وإثراء علومها على امتداد الزمن، ومثلت بنتاجاتهم الفكرية، ومصنفاتهم المعرفية الإرث الثمين لهذه المدينة. ولما كان لكربلاء هذا التاريخ المعرفي المشرف، والسجل التراثي الزاخر بكلّ نفيس وقيم، أخذ مركز تراث كربلاء على عاتقه الاضطلاع بمهمة نشر هذا التراث وإحياء علومه، عن طريق دعوة الأقلام المبدعة؛ الأكاديمية والحوزوية وغيرها إلى إحيائه، والتنقيب في مكنوناته، وتحقيق مخطوطاته، وبيان قيمته المعرفية، وإماطة اللثام عمّا خفي منه؛ لأنّ قلة الوعي بالتراث يُمثل سببًا رئيسًا في إهماله، وعدم الاكتراث له واندثاره وضياعه، وبذلك يفقد المجتمع هويته، وتنقطع به السبل عن أصوله الثقافية والمعرفية بفقدانه العلقة والآصرة التي تربط حاضره بماضيه، وبذلك يفقد الأسباب الكفيلة التي تدفعه نحو التقدم والتطور والرقي، فقد قيل: إنْ من لا ماضي له لا مستقبل له، فالعلاقة بالتراث تمثّل النواة التي تصنع مستقبل الأمم والشعوب. فضلاً عن ذلك أنّ أهمية التراث تتأتّى من كونه السجل الحافظ لهوية الأمم، والكاشف عن أصالة الشعوب، إذ إنّ لكلّ أمّةٍ هويتها الخاصة التي تستمدها من إرثها الثقافي والمعرفي، ولا تعالي إذا قلنا إنّ التراث الكربلائي قد توافر على خصائص التراث المهمة التي جعلته تراثًا يُعتد به، ويَحظى بمنزلة رفيعة، ويجد لنفسه مكانًا متميزًا بين التراث الفكري البشري، إذ تبوّأ منزلة سامية، وبلغ شأوًا بعيدًا في الجودة والغزارة والتنوع، ووقف شامخًا يُصوّر آفاق الحياة المختلفة، ويُعبر عن نوازع العلماء في ميادين الحياة شتّى. ولذلك يأتي في مقدمة سبل نشر التراث الكربلائي إحياء تراث علمائنا الأعلام، والظهارة إلى النور، ودراسته واستخراج الكنوز العلمية والمعرفية من تلك الآثار، وإعادة صياغتها بلغة علمية معاصرة تسهم في رفد الحركة المعرفية بمعطيات علمية جديدة تفتح الآفاق أمام الدارسين والباحثين للشروع بدراسات علمية رصينة؛ فضلًا عن استكمال مسيرتهم العلمية بالانطلاق من النتائج التي توصلوا إليها، والارتقاء نحو سلّم التقدم العلمي، وبذلك تصل الماضي بالحاضر عن طريق التكامل العلمي والمعرفي. ومن هنا جاءت الرغبة في عقد هذا المؤتمر العلمي الدولي الثاني، الذي حمل عنوان (حراك كربلاء العلمي في القرن العاشر الهجري) لكون هذا القرن لم يُظهر إِلى النور، ولم تُسلط على نتاجاته العلمية خدمة البحث والدراسة ولم يحظ أعلامه بالشهرة والذيوع، ولم يستوفوا حقوقهم من لدن الباحثين والدارسين فلم يُحص الدارسون منهم إلا عددًا قليلًا لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولهذا شمّر الأخوة في مركز تراث كربلاء عن سواعد الجد بالبحث والتنقيب والتنقير عن هؤلاء الأعلام ، فتكللت جهودهم بالنجاح عن طريق إماطة اللثام عن أسماء جديدة لم يعرف عنها أنها تنتمي إلى هذا القرن، ليصل عددهم إلى (38) علمًا، جمعهم كتاب من إصدارات المركز، وسم بعنوان (تراث أعلام الحائر في القرن العاشر)، وهذه النتائج شكلت الدافع الرئيس لإقامة هذا المؤتمر العلمي المُبارك ، ليكون ردًّا على ادعاء من قال بعدم وجود حركة علمية في كربلاء إيَّان القرن العاشر الهجري. وكان من ثمار ذلك أن تناولت أيدي الباحثين هذا التراث العلمي بالبحث والدراسة والتحقيق، فبلغ عدد البحوث الواردة للمؤتمر (78) بحثًا، في مختلف الجوانب التراثية المتعلقة بتراث كربلاء، لباحثين حوزويين وأكاديميين من مختلف الجامعات العراقية، ومن دول متعددة، كالكويت والسعودية وإيران ومصر ولبنان، وقد قُبل من هذه البحوث (60) بحثًا، بعد أن عُرضت على لجان علمية متخصّصة. فضلاً عن ذلك كان لمركز تراث كربلاء مساهمة فاعلة في كثير من الأعمال التحقيقية لمخطوطات التراث الكربلائي، واصدارات قيّمة تنتمي إلى هذا القرن، طُبعت ضمن إصدارات المؤتمر، وقد بلغ عددها واحدًا وعشرين إصدارًا. وأيضًا ينبغي أن تشير إلى أنّ البحوث التي وردت إلى المؤتمر قد استوفت جميع المحاور المحققة لأهداف المؤتمر، وقد تنوعت ما بين أبحاث فقهية، وأصولية، ولغوية، وأدبية، وكلامية، وتاريخية، وترجمة لبعض أعلام الحائر، ومنها في علوم القرآن والحديث النبوي الشريف، فضلاً عن أعمال تحقيقية لعدد من المخطوطات الكربلائية. كما تجدر الإشارة إلى أنّ مركز تراث كربلاء يعقد العزم على إقامة مؤتمر علمي ثالث يحيي به تراث مدينة كربلاء في القرن الحادي عشر الهجري بعد سنتين من الآن إن شاء الله تعالى. وفي هذا المقام: يُجدد القائمون على مركز تراث كربلاء دعوتهم إلى الباحثين الكرام لرفد المركز بالأبحاث والدراسات والمؤلفات والتحقيقات، ويؤكدون فتح أبواب المركز الاستقبال نتاجاتهم التراثية المتنوعة التي تثري المشهد العلمي، وتقدّم الخدمة للتراث الفكري والمعرفي لمدينة سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام). وفي الختام: نتقدم بالشكر والعرفان إلى الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة، المتمثلة بسماحة المتولي الشرعي السيد أحمد الصافي لدعمه المتواصل لإحياء تراث مدينة سيد الشهداء (عليه السلام).
والشكر موصول إلى جناب الشيخ عمار الهلالي رئيس قسم شؤون المعارف الإسلامية والإنسانية لمتابعته المباشرة لجميع حيثيات المؤتمر. مثلما نقدم عظيم شكرنا وامتناننا لجميع الباحثين الذين أسهموا برفد هذا المؤتمر بالأبحاث القيمة والمشاركات العلمية، ولا يفوتنا أن نتقدم بآيات الشكر والعرفان لكل من شارك في إنجاح هذا المنجز العلمي.