أجلت وكالة الفضاء الأوروبية إطلاق قمر صناعي إلى كوكب المشتري.
وتبين أن الظروف الجوية، مثل خطر البرق، يمكن أن تؤثر على عمل المهمة الخاصة بتحديد ما إذا كانت أقمار المشتري تتمتع بالظروف اللازمة للعيش واستمرار الحياة.
وتقول وكالة الفضاء الأوروبية إنها ستحاول إطلاق الصاروخ مرة أخرى يوم غدٍ.
ومن المفترض أن تستغرق الرحلة ثماني سنوات للوصول إلى الأقمار الرئيسية الجليدية لكوكب المشتري العملاق.
إذ أن هناك دليل جيد على أن هذه العوالم الجليدية - غانيميد وكاليستو وأوروبا - تحتفظ بداخل أعماقها بمحيطات من المياه السائلة.
ويحمل هذا المشروع اسم "مستكشف الأقمار الجليدية للمشتري"، أو اختصاراً "جوس".
مهمة المسبار الفضائي "جوس" ليست اكتشاف الحياة، فـ "جوس" لن يرسل صوراً للأسماك داخل المحيطات هناك. لكنه يمكن أن يساعد في تحديد ما إذا كانت بيئة المحيطات الخفية للأقمار الجليدية، صالحة لحياة الكائنات الميكروبية البسيطة.
تقول الأستاذة كارول مونديل، مديرة العلوم في وكالة الفضاء الأوروبية، إن هذه المهمة ليست فكرة مجنونة على الإطلاق.
وتُضيف مونديل لـ بي بي سي نيوز: "في كل بيئة قاسية اختبرناها على سطح الأرض، سواء كانت عالية الحموضة، أو عالية النشاط الإشعاعي، أو تمتلك درجات حرارة منخفضة أو مرتفعة، كنا بشكل ما نعثر على وجود كائنات ميكروبية".
وتتابع بالقول: "إذا نظرت إلى الفتحات البركانية في قاع محيطات الأرض، فستبدو وكأنها عوالم غريبة. لا يوجد سبب يمنع وجود حياة ميكروبية في أيّ مكان آخر، لذلك نريد أن يدرس المسبار جوس ظروف الأقمار الجليدية".
وكان من المقرر إطلاق المسبار "جوس"، والذي بلغت تكلفته 1.6 مليار يورو (1.4 مليار جنيه إسترليني؛ 1.7 مليار دولار) عبر صاروخ آريان-5 من قاعدة كورو في غويانا الفرنسية، في تمام الساعة 09:15 بالتوقيت المحلي (13:15 بتوقيت جرينتش) وبسبب الظروف الجوية تأجلت مهمة إطلاق جوس.
بالطبع لا يمتلك صاروخ آريان-5، الطاقة اللازمة لإرسال جوس مباشرة إلى المشتري، وبالتأكيد لن تتم المهمة ضمن إطار زمني قصير.
وبدلاً من ذلك، سيرسل الصاروخ جوس إلى مسار حول النظام الشمسي الداخلي. وستنطلق سلسلة من رحلات الطيران لكوكب الزهرة والأرض من أجل إيصال جوس إلى وجهته المقصودة.
من المتوقع أن يتم الوصول إلى نظام جوفيان في يوليو تموز من عام 2031.
سينفذ "جوس" 35 جولة قريبة من الأقمار الجليدية - للوصول إلى مسافة 400 كيلومتر من أسطحها في بعض الأحيان - قبل الاستقرار في مدار حول غانيميد.
وتحمل المركبة الفضائية ما مجموعه 10 أدوات. إذ يوجد العديد من الكاميرات وأجهزة الكشف عن الجسيمات والرادار من أجل معرفة مميزات البيئة تحت الأسطح. ويوجد أيضاً جهار كشف الضوء والمدى، والذي يستخدم لعمل خرائط ثلاثية الأبعاد للتضاريس السطحية.
لكن أداة مقياس المغناطيسية، التي قدمتها المملكة المتحدة هي التي يمكن أن توفر بعض البيانات الأكثر تأثيراً وفائدة. كما ستخبرنا التجربة التي صممتها وبنتها كلية إمبريال بلندن عن خصائص المحيطات المخفية للأقمار. ويجب أن تكون المعلومات مفصلة تماماً عن القمر الجليدي غانيميد.
وقال البروفيسور ميشيل دوجيرتي، الباحث الرئيسي في مقياس المغناطيسية في كلية إمبريال: "سنعرف عمق المحيط، ومحتواه الملحي، ومدى سمك القشرة فوق المحيط، وما إذا كان المحيط على اتصال مع الوشاح الصخري".
وأضاف: "لذلك، سوف نفهم البنية الداخلية للقمر الجليدي، ومن الملاحظات التي تصلنا من الأجهزة الأخرى التي تستكشف السطح، سنكون قادرين على تحديد ما إذا كانت هناك مادة عضوية على ذلك السطح".
لمتنا الأرض أن الحياة تتطلب أربعة مدخلات أساسية: الماء السائل، والعناصر الغذائية، ومصدر الطاقة، والوقت - فترة ممتدة من الاستقرار يمكن خلالها للبيولوجيا أن تحصل على موطئ قدم وأن ترسخ نفسها.
ولطالما اعتبرنا كوكب المريخ هو المرشح الأكثر احتمالا لاستضافة حياة عليه خارج الأرض، إن لم يكن اليوم، فربما في وقت ما في المستقبل.
وبالنسبة لعلماء الأحياء الفلكية - العلماء الذين يدرسون إمكانية الحياة في مكان آخر في الكون - فإن أقمار المشتري وكذلك زحل المغطاة بالجليد بدأت بالفعل في إثارة اهتمامهم.
ومن الأمور الأخرى التي تتطلبها إمكانية وجود حياة، توافر مصدر للطاقة. وفي ظل درجات الحرارة المتجمدة لنظام المشتري، لا تشكل الشمس مصدراً للطاقة بل الجاذبية التي يمارسها كوكب المشتري على أقماره وتتسبب في إحداث "تأثيرات مد وجزر" مشابهة لما يحدث على كوكب الأرض مع القمر. وتؤدي هذه الظاهرة إلى "تبديد الحرارة داخل الأقمار والحفاظ على الشكل السائل من المياه".
يقول البروفيسور لويس دارتنيل، عالم الأحياء الفلكية في جامعة وستمنستر: "لو الأمر مراهنة، ربما كنت سأضع أموالي على قمر يوروبا لوجود حياة عليه اليوم".
ستطلق الولايات المتحدة مهمتها الفضائية، المعروفة باسم كليبر، العام المقبل. وستركز على دراسة القمر الجليدي يوروبا، وستقوم المهمة بـ 50 رحلة طيران، بعضها يصل إلى 25 كم.
عملية استكشاف أقمار المشتري وزحل ليست متقدمة حتى الآن، ولكن من الممكن أن نتصور مشاريع ومهام تنطلق في وقت لاحق من هذا القرن و تهبط على أسطح هذه الأقمار.
يقول عالم الفلك البروفيسور السير مارتن ريس: "إذا وجدنا دليلاً على وجود حياة على أقمار زحل أو كوكب المشتري، فمن المؤكد أنه سيكون من أصل مستقل".
ويُضيف أيضاً: "قد نحصل على رسالة مهمة مفادها أن الحياة - إذا بدأت مرتين، وبشكل مستقل في نظامنا الشمسي، من المؤكد تقريباً أنها موجودة في مليار مكان في مجرتنا، وهذا سيغير طريقة نظرنا إلى السماء".