أقرأ أيضاً
التاريخ:
721
التاريخ: 21-4-2018
11578
التاريخ: 29-4-2018
767
التاريخ: 29-4-2018
2318
|
ان جزءا من صعوبة ربط اللغة بالعالم الخارجي قد ينجم من حقيقة ان الطريقة التي ننظر بها الى العالم تعتمد الى حد ما على اللغة التي نستعملها . فبما اننا نصنف اشياء خبرتنا بمساعدة اللغة ، فان التعرف على العالم والتعرف على اللغة يصبحان فعاليتين لا يمكن فصلهما ، وبالتالي يتقرر عالمنا الى حد ما بلغتنا . لقد ذكر ماليونوفسكي (انظر ٣ _ ٣ ) ان الاقوام البدائية لا تسمي الا تلك الاشياء الموجودة حواليهم في عالم لا يميز بين عناصره لولا وجود هذه
ص53
العناصر المحسوسة فيه . فمن الخليط المرتبك للخبرة اذا جاز التعبير، تلتقط هذه الاقوام بالكلمات تلك الاجزاء ذات الصلة بهم.
وقد وقف بعض الباحثين موقفا متطرفا من ذلك . اقترح سابير ( ١٩٢٨ [ ٩٤٩ ا : 160 ] ) مثلا، ان العالم الذي نعيش فيه مبني بصورة لاشعورية الى حد كبير، على العادات اللغوية للقوم . وقد فصل وورف هذا الموقف وفسره بدقة واصبح معروفا بفرضية سابير - وورف قال وورف اننا لا نشعر بطيعة خلفية لغتنا ، تماما مثل عدم شعورنا بوجود الهواء حتى نبدأ بالاختناق، واننا اذا نظرنا الى لغات اخرى فسنلاحظ ان اللغة لا تعبر فقط عن الافكار، بل انها ، تقولب الافكار. اننا نحلل الطبيعة بموجب مؤشرات تحددها لغتنا . وهذا ما قاد وورف الى " مبدأ جديد للنسبية يذهب الى ان الذين يلاحظون ظاهرة ما في الطبيعة فانهم لا يلاحظون الشيء نفسه تماما ، مالم تكن خلفيتهم اللغوية متشابهة او متقاربة بشكل ما" .
في المقالة نفسها "العلم واللسانيات" ١٩٥٦ يدعم وورف رأيه بعدة ادلة . فهو يقترح أولا ان ليس ثمة تقسيم في عالم الحقيقة موافق للاسم والفعل في الانكليزية (ولافي العربية). اذ لماذا نستعمل الكلمات التالية بصيغة اسماء؛ برق وشرارة وموجه ودوامة ونبض وشعلة وعاصفة ، ودورة وتشنج وضوضاء وعاطفة ؟ وفي الهوبي احدى لغات الهنود الحمر في امريكا ، فان كل الاحداث ذات الديمومة القصيرة (المشمولة بالأسماء في اعلاه مثلا) تتمثل في افعال وفي لغة هندية امريكية اخرى ، ليس هناك تمييز بين الاسم والفعل ابدا . فبدلا من «يوجد بيت» تكون الصيغة (في الترجمة) "بيت يحدث". ثانيا ، وكما رأينا في ٢ - 1 ، ففي لغة الهوبي كلمة واحدة للحشرة والطيار والطائرة ، في حين ان في الاسكيمو اربع كلمات للجليد . ويمكن ان نضيف ان في بعض لهجات اللغة العربية عددا كبير من الكلمات (ربما مائة) للجمل. ثالثا ، يقول وورف ان مفهوم الوقت غير موجود في هوبي . والتمييز الوحيد المعمول به فيها هوبين
ص54
ما هو ذاتي وما هو موضوعي . يشمل الذاتي المستقبل وما هو فكرى . ولا تميز هذه اللغة (ولا يميز الناطقون بها تبعا لذلك) بين البعد في الزمان والبعد في المكان .
ان من غير الواضح ما اذا كان سابيرووورف قد اعتقدا بان شكل العالم محدد كليا بلغتنا اوانه ليس للعالم شكل على الاطلاق بدون اللغة . ان تفسيرا متطرفا مثل هذا لا يمكن الدفاع عنه لذات الحجة القائلة ان الرأي التسموي للكلمات هو مجرد اسماء للأشياء . فان كانت اللغة تصنف الخبرة فان عليها ان تفعل ذلك على اساس الخواص المستقلة عن اللغة لتلك الخبرة وبمعنى خاص اذن ، هناك عالم مشترك لنا بغض النظر عن اللغة التي نستعملها . اضافة الى هذا فما لم يكن هناك عالم خبرة غير لغوي محدد المعالم ، فمن الصعب ان نرى كيف يمكننا تعلم لغة ما او استعمالها مع جيراننا بانتظام. يبدوان آراء وورف غير مقنعة كليا . فادن لم تكن لدينا صور. العالم الموجودة نفسها عند الناطقين باللغات الاخرى ، فستكون لدينا مع ذلك صورة يمكن ربطها بشكل ما بالصورة الموجودة عند غيرنا . وهذا ما تثبته حقيقة ان بوسعنا ان ندرس اللغات الاخرى (كما فعل وورف!) وان نترجم ايضا . وقد يكون صحيحا اننا لا نستطيع ان نستوعب او نفهم كليا. ، عالم اللغات الاخرى، الا ان من الواضح بما يكفي اننا نحقق تفهما محدودا لها . وهذا مالا نستطيع تحقيقه ان كانت الصورة مختلفة كليا . وبالمثل ، فإننا نواجه غالبا مصاعب في الترجمة ، غيراننا لا نفشل كليا في الترجمة من لغة الى اخرى. وقد لا يكون هناك مكافئ متطابق ، لكن اللغات ليست مختلفة كليا . ان معظم نقاشات وورف اضافة الى ذللك ، غير معقولة . انه ينطلق من بعض الخواص القواعدية القابلة للملاحظة الشكلية الى نموذج الكون . فنموذجه عن هوبي يستند أساسا على النظام الفعلي . لكننا بمنطق مشابه ، سنستطيع ان ندعي ان الانكليزية ايضا ليس فيها مفهوم الزمان . فاذا عرفنا الصيغة الزمنية بموجب صيغ الفعل ،
ص55
ففي الانكليزية صيغتان فقط المضارع والماضي ( انظر بالمر 1٩٧٤) . وجميع الصيغ الزمنية الاخرى تتضمن الافعال المساعدة will live و was living كما ان صيغة الزمن الماضي ، المعرفة بهذه الطريقة لا ترتبط فقط بالزمن الماضي مثل :
l went there yesterday ، ذهبت الى هناك امس ، اذ يمكن ان يستعمل للافتراض البعيد الاحتمال lf l went tomorrow , l should see him. (اذا ذهبت غدا فسوف اراه) أو لامتناع الشرط : wish l went there everyday اتمنى ان اكون هناك كل يوم) . ويذكر جوس ( ١٩٦٤ ) ان ليس في الانكليزية صيغة الزمن الماضي . بل صيغة بعيدة تشير الى ما هو بعيد في زمانه او بعيد عن واقعه . وهذا ما يجعل الانكليزية اقرب الى الهوبي . ومن السهل ان نرى انه لو كانت الانكليزية لغة هندية امريكية ، لكنا قد استعملناها مئالا للغة لا تميز فيها العلاقات الزمانية. لكن قليلا منا يصدقون ان الناطقين بالإنكليزية لا يميزون بين هذه العلاقات الزمانية . فمن الواضح ان البنية القواعدية للغة لا تخبرنا الكثير عن طريقة تفكير الناس بالعالم .
على الرغم من هذه الاعتراضات ، تحقق فرضية سابير- وورف هدفا نافعا بتذكيرنا بان التصانيف التي نستخدمها لا تتواجد ببساطة في عالم الخبرة . ومع ان اللغة قد لا تقرر فعلا عالمنا فإننا لا نستطيع على الاقل ان نميز بوضوح بينما هو في العالم وما هو في اللغة . فالعلاقات الترابطية التي يجب الا تعتبر مجرد انعكاسات للحقيقة ، اذ ان مثل هذا الرأي سيضعنا ثانية امام جميع المشاكل التي واجهناها مع نظرية التسمية للمعنى . وعلى الرغم من ان الاختلاف في الجنس قد يعتبر فرقا طبيعيا بحتا ينعكس في ثور / بقرة ومهر / فرس وكبش / عنزة ، فإن تمييزات العمر ، اقل واقعية وموضوعية . فالى جانب calf عجل و foal مهر و lamp حمل، نجد heifer عجلة steer صغير الثور ، و colf مهر صغير و filly مهرة و teg حمل بعمر سنتين . ومن الصعب جدا ان ندي وجود