ان جميع الأنشطة الاقتصادية يدرسها عدد من أصحاب التخصصات المختلفة مثل الاقتصادي والمؤرخ وعديد غيرهم من العلماء الاجتماعيين كذلك شان الجغرافيا الا ان طريقة تناول كل منهم لها تختلف، وكذلك طريقة الجغرافي فأنها تتميز أيضا عن طريقة أي منهم وتتضح الكيفية التي تختلف فيها الجغرافيا عن غيرها من العلوم في دراسة الأنشطة البشرية في مفهوم الجغرافيا نفسه.

والسياحة واحدة من هذه الأنشطة الا انها تجمع بين اكثر من نشاط بشري فهناك الجانب الاقتصادي وهناك الجانب العمراني، وهناك الجانب الحضاري، وهناك الجوانب التي ترتبط بمستويات معيشة الناس ورغباتهم وميولهم كما ان هناك عديدا من الموارد المتنوعة بطبيعتها طبيعية وبشرية وحضارية تتدخل.

فالدراسة لهذا الموضوع هي في الواقع مجمع لدراسات جغرافية متنوعة. ومن هنا كانت مشكلة انتماء هذا الجانب من الدراسة لأي من مجالات التخصص الجغرافي.

ولما كانت دراسة هذه الظاهرة تهدف في النهاية الى نتائج عملية فأنها بذلك تنتمي الى ذلك الاتجاه التي اخذ يتبلور أخيرا الى جانب الجغرافيا الأصولية متمثلا في الجغرافيا التطبيقية.

وتهتم الجغرافيا في دراستها بمجموعتين من الظاهرات احداها ظاهرات ثابتة والثانية ظاهرات سائبة (متحركة) وتوجد مثل هاتين السمتين في السياحة هناك أماكن الإقامة ومناطق المنتجعات وأماكن الترويح وادواته وهي علامات ثابتة في اماكنها على الأرض نشأت وتطورت لعوامل متباينة وهي تختلف في مظهرها وخصائصها ونوعها من مكان الى آخر.

وهناك أيضا جماعات السائحين او المتجولين للترويح وقضاء وقت الفراغ فيخرجون من مواطنهم زرافات ووحدانا لفترة مؤقتة على هيئة تيارات الهجرة وينتشرون الى مناطق جاذبة لهم يقضون فترات متفاوتة الطول. وتمثل حركة الافواج المنتقلين محليا وعبر الحدود الدولية الى أخرى خلاف موطنهم ظاهرة متحركة. وتشترك مجموعة من العوامل في دفع الناس للترويح ومجموعة أخرى لجذب الناس الى مناطق معينة.

كما يختلف تيار الحركة زمانيا ومكانيا في اتجاهه وحجمه ومداه وما ينفق فيه وعليه كما تختلف مستويات الناس ومدى حركتهم محليا او خارجيا. ولهذا كله خصائصه كما ان له عوامله وله أيضا آثاره وتتعدد آثار ظاهرة السياحة بشقيها الثابت والمتحرك في الأماكن المختلفة من نواحي عديدة اقتصادية واجتماعية وحضارية وعمرانية وغيرها.

فدراسة السياحة والحال كذلك هي دراسة جغرافية كاملة متعددة الجوانب والمظاهر وهذا يعطي دراساتها نوعا من التعقيد لصعوبة التوليف المنهجي لها. فهناك توزيع للظاهرة وتعرف على خصائصها ولها علاقات بظاهرات متنوعة تأثيرا وتأثرا.