أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-10-2015
3740
التاريخ: 19-10-2015
4728
التاريخ: 23-11-2017
3690
التاريخ: 25-3-2016
3360
|
هذا السؤال كثيراً ما يوجه إلى الشيعة من قبل مخالفيهم منذ القدم وإلى الآن وقد لا يحصل المتسائلون على الجواب الشافي والردّ المقنع الصحيح ؛ لأنّ المسؤولين عن هذا السؤال قد لا يكونون من أهل العلم والاختصاص ؛ وطبيعي أن التعرّف على تقاليد الاُمّة وعادات الطائفة يجب أن يكون عن طريق علمائها وكتب عقائدها : {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] .
والحقيقة هي : إنّ الشيعة لا يلتزمون بالسجود على التربة الحسينية بالخصوص بل يلتزمون بالسجود على التربة الطبيعية مطلقاً من أيّ مكان كانت ؛ سواء من أرض كربلاء أو من أيّ أرض في العالم بشرط أن تكون التربة طاهرة من النجاسة ونظيفة من الأوساخ وطبيعية أوّلية يعني غير مفخورة مثل : الخزف والسمنت والجص وما شاكل .
فإذا لم تحصل هذه التربة بهذه الشروط حينئذ يجوّزون السجود على ما تنبته التربة من أنواع النباتات والأخشاب وأوراق الأشجار ممّا لا يؤكل ولا يلبس عادة .
فالمأكول من النبات كالفواكه والخضر وما شاكلها التي يأكل منها الإنسان عادة وعرفاً لا يصح السجود عليها وكذلك الأعشاب التي يصنع منها بعض الملبوسات عادة كالحرير الصناعي والقطن مثلاً .
فأقول : إنّ الشيعة لا يلتزمون بالسجود على التربة الحسينية وإنّما يفضلون ويرجّحون السجود عليها فقط حيث يتيسّر لهم السجود عليها .
وإليك الآن الأدلّة التي يستندون إليها في ذلك الالتزام وهذا التفضيل :
أمّا وجوب السجود على الأرض الطبيعية ؛ فلقول الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) في الحديث المتواتر بين المسلمين : جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً .
فالأرض لغة ـ وحسب مفهومها الحقيقي ـ : هي التراب أو الرمل أو الحجر الطبيعي دون المعادن كالذهب والفضة والفحم الحجري وسائر الأحجار الكريمة وغيرها كالجص والإسمنت والآجر وكلّ المفخورات الاُخرى ولا يعدل عن هذا المعنى الحقيقي إلى غيره إلاّ بقرينة صارفة واضحة ولا يوجد في الحديث مثل تلك القرينة .
وكلمة (مسجد) تعني مكان السجود ، والسجود لغة : هو وضع الجبهة على الأرض تعظيماً . وهذا هو معناه الحقيقي الذي لا يعدل عنه إلاّ بقرينة لفظية أو معنوية كما في بعض الآيات الكريمة التي جاء فيها كلمة سجود أو مشتقاتها بمعنى الطاعة والانقياد أو مطلق التعظيم والاحترام مثل قوله تعالى : {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] ، وقوله تعالى : {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرعد: 15] , وفي غيرها : {يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ ... } [الحج: 18]إلى غير ذلك .
( وطهوراً ) أي مطهّراً : فالأرض الطبيعية تطهّر الإنسان من الحدث عند فقد الماء بالتيمم . قال تعالى : {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } [النساء: 43] أي طاهراً .
والصعيد وجه الأرض مطلقاً أو التراب الخالص كما أنّ الأرض تطهّر أيضاً من الخبث كلّ ما لامسها مثل : الإناء الذي ولغ فيه الكلب فإنّه يعفّر بالتراب سبعاً وباطن الخف إذا مشي به الإنسان على الأرض الطبيعية وباطن القدم كذلك وطرف العصا الملامس للأرض وما يشبه ذلك .
فعلى ضوء هذا الحديث يعرف أن السجود لا يصح إلاّ على الأرض الطبيعية الفطرية حسب معناها اللغوي والحقيقي وذلك بوضع الجبهة عليها مباشرة بدون حائل بينها وبين الجبهة .
نعم هذا هو الفرض الإسلامي بالنسبة إلى السجود ولكن بما أنّ الأرض الطبيعية الطاهرة النظيفة قد لا تتيّسر للسجود في بعض الأمكنة مثل البيوت والمساجد التي غُطي أرضها بالرخام المفخور أو الإسمنت أو ما شاكل ذلك أو التي فرش أرضها بالسجاد أو البسط الصوفية أو القطنية أو ما شابهها ممّا لا يصح السجود عليها ؛ لذلك اتّخذ الشيعة أقراصاً من التراب الخالص الطاهر يصنعونها للسجود عليها طاعة لله تعالى وامتثالاً للفرض .
فهذه الأقراص التي يسجد الشيعة عليها ما هي إلاّ جزء من الأرض الطاهرة الطبيعية أُعدت للسجود فقط ؛ تسهيلاً لأداء الفرض الأولي فهل تجد في ذلك خلافاً أو منافاة للكتاب والسنة الشريفة ؟!
أترى أيّها القارئ الكريم أنّ السجود على الفرش التي تحت الأقدام والأرجل أحسن من السجود على قطعة طاهرة نظيفة من الأرض التي لم يلامسها شيء سوى جبهة المصلّي فقط ؟
الجواب : طبعاً كلاّ ثمّ كلاّ .
إنّ الشيعة بعملهم هذا يجمعون بين أداء الفرض وهو السجود على الأرض الطبيعية وبين مراعاة النظافة التي هي من لوازم الإيمان وسمات المؤمن .
وأمّا تفضيل الشيعة لتربة الحسين (عليه السّلام) على غيرها من الأرض ؛ فلأنّها ـ أي تربة الحسين (عليه السّلام) ـ رمز عمق الدلالة على أقدس بقعة وأطهر تربة حيث جرى عليها أقدس تضحية في تاريخ بني الإنسان في سبيل الحفاظ على الصلاة وإقامتها بل في سبيل الدين وبقائه .
إنّ تربة الحسين تذكّر المصلّي بعظم أهمية الصلاة في الإسلام ومدى تأكّد وجوبها على الإنسان ذلك الوجوب الذي لا يسقط عن المسلم بحال إلاّ نادراً .. ؛ لأنّ الحسين (عليه السّلام) أقامها في أحرج المواقف وأدّاها في أشدّ الحالات .
فصلى صلاة الظهر عند الزوال يوم عاشوراء في ميدان القتال وساحة الحرب حيث الأعداء يحيطون به من كلّ جانب يرمونه بالسهام وأصحابه تُصرع من حوله ولو لم يقف رجلان من أصحابه أمامه وهما سعيد بن عبد الله الحنفي وزهير بن القين اللذان وقفا أمامه يدرآن عنه سهام القوم لما استطاع الحسين (عليه السّلام) أن يكمل صلاته ولصرع في أثنائها كما صرع بعض أصحابه فيها منهم : سعيد بن عبد الله الذي سقط إلى الأرض صريعاً وقد أصابه ثلاثة عشر سهم فأيّ عمل يمكن أنْ يعبّر عن أهميّة الصلاة ويؤكّد وجوب أدائها على المسلم مهما كانت الظروف والأحوال مثل هذا العمل الذي قام به الحسين (عليه السّلام) ؟
هذا بالإضافة إلى ما يمكن أنْ يستوحيه المصلّي أثناء صلاته من ذكرى الحسين (عليه السّلام) من معاني جمّة وعظيمة منها مثلاً تصوّر عظمة الإسلام وأهميّة الدين بشكل عام حيث دفع الحسين (عليه السّلام) ثمن بقائه وصيانته غالياً جدّاً فكشف (عليه السّلام) بذلك عن حقيقة أنّ الدين أثمن وأغلا وأفضل من كلّ ما في الحياة والوجود وهو أولى بالبقاء من كلّ شيء ؛ سواء في مقام دوران الأمر بين بقائه أو بقاء غيره فالغير أولى بالتضحية به لأجل بقاء الدين .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|