الاستخدامات الصناعية والطبية لشمع النحل

Industrial and medicinal uses of bees wax

مقدمة:

استخدم شمع النحل استخدامات عملية عديدة في الماضي والحاضر، كما أن هناك تزايدًا في الطلب عليه بصفة مستمرة في البلاد المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا. وشمع النحل يعتبر من المواد القابلة للتصدير من بعض الدول التابعة لأمريكا الوسطى والجنوبية وكذلك أفريقيا، حيث تنتشر النحالة التقليدية التي تعتبر المصدر الأساس لإنتاج الشمع الخام.

ولا يزال شمع النحل سلعة خاصة أسعارها مرتفعة دائماً؛ لأن شمع النحل مزيج من عديد من المركبات، ولا يمكن تقليده صناعياً. كما لا توجد حتى الآن مواد بديلة له بشكل كامل، ولذا لا يزال يشكل جزءاً مهماً من دخل النحال في العديد من دول العالم. كما يعتبر شمع النحل الأساس في الصناعة الرئيسة المؤثرة في تربية النحل في الخلايا الحديثة، وهي صناعة الأساسات الشمعية.

ويستخدم شمع النحل في العديد من الصناعات التقليدية، والصناعات الدوائية، ومركبات التجميل، وصناعة شموع الإضاءة، بالإضافة إلى استخداماته الطبية المتعددة.

وتعزى القيمة العلاجية لشمع النحل إلى مكوناته الأساسية من الكحولات الدهنية والصبغات والسيرولين ceroleine وفيتامين أ A حيث الجرام الواحد من الشمع به 49٫6 وحدة من فيتامين أ ، والمواد المانعة لنمو البكتريا Bacteriostatic ، كما أن للشمع خواص مطرية (ملينة) وملطفة emollient ومهدئة cicatrizing ومضادة للالتهابات، وعلاوة على ذلك فإن المواد الملوثة وغيرها التي لم تدرس بعد ، والتي تستخلص من النباتات ترتبط بهذه الخواص العلاجية، وتعمل بالارتباط مع منتجات النحل الأخرى، ويعتبر شمع النحل هو أقل منتجات النحل إحداثاً للحساسية، حيث يوجد تقرير واحد يوضح أن شمع النحل قد يسبب حساسية للجلد في بعض الأحيان (Lucente et al., 1996). ومن أمثلة استخدام الشمع في المجالات المختلفة بجانب استخدامه في تصنيع الاساسات الشمعية.

أولا: استخدام شمع النحل في بعض المجالات الصناعية المختلفة:

يدخل شمع النحل كمكون رئيس ومهم في العديد من الصناعات والحرف، قدرت بنحو 125 صناعة، ومن أمثلتها:

- صناعة ورنيش الأحذية والأرضيات، وورنيش طلاء السيارات.

- تقوية الخيوط المستعملة في حياكة الجلود.

- صناعة المواد اللاصقة.

- صناعة النسيج وقماش الخيام.

- أقلام الطباشﻴﺮ الملونة (الباستيل).

- الحبر.

- مواد الت شحيم.

- تغطية المعادن لوقايتها من الأحماض.

- صناعة الورق الم قوى.

- صناعة العوازل للملفات الكهربائية.

- صناعة الكمبيوتر والأسطوانات المدمجة.

- شمع الأختام.

- مواد صقل الحلي.

- مواد الصباغة.

- صناعة ورق الكربون.

- صناعة الإلكترونيات.

ويوضح الشكل التالي أمثلة لبعض المنتجات الصناعية التي يدخل في تركيبها شمع النحل.

أمثلة لمنتجات صناعية يدخل في تركيبها شمع النحل

ثانيًا: استخدام شمع النحل في صناعة شموع الإضاءة:

تُعد صناعة شموع الإضاءة هي الصناعة الرئيسة من شمع النحل على مدى آلاف السنين، إذ تصنع منه شموع إضاءة ذات مواصفات عالية للمنزل والأغراض الدينية. إذ تعطي الشمعة المصنوعة من شمع النحل إضاءة قوية، وفي الوقت نفسه يفوح منها عطر طيب، وهي تحترق ولا تدخن، ومن ثمّ فهي أقل تأثيراً في ألوان الأشياء القريبة منها، لقد قل استخدام شمع النحل في السنوات الأخيرة لصناعة شموع الإضاءة لأسباب عدة، ربما كان ارتفاع التكلفة أهمها، ويفضل شمع النحل عن شمع البرافين في ذلك الأمر حيث إن درجة انصهاره أعلى من درجة انصهار شمع البرافين، ومن ثمّ فلا تثنى الشموع المصنوعة منه عند إشعالها.

تتألف شمعة الإضاءة من الشمع الذي يتألف بشكل رئيس من الكربون والهيدروجين، مثبتاً حول فتيل، يحول الشمع إلى لهب. ولا يمكن للشمعة أن تحترق دون فتيل بالحجم الصحيح والتركيب الصحيح. وقبل أن نكمل، لابد من معرفة كيفية عمل شمعة الإضاءة وفهمها. فقد كتب الدكتور كوغشال: «حين تضاء الشمعة للمرة الأولى، يزحف اللهب إلى أسفل عبر الفتيل حتى يذيب بعض الشمع الذي يبرز عن طريق الخاصية الشعرية في الفتيل؛ ليغذي اللهب، ويزيد من حجمه. وتبقى هناك «بركة» من الشمع السائل باستمرار، ويتحرك الشمع الذائب للأعلى تاركاً ما يشبه فنجاناً، يتسع حجمه ببطء مع استمرار الشمعة بالاحتراق. يتشكل الفنجان بسبب حركة الهواء للأعلى من قوة التيار الناشئ عن حرارة الشمعة وبرودة الطبقة الخارجية لها. يذوب الجزء المتجه نحو المركز من اللهب الذي يتجه نحو أسفل الفتيل قدر الإمكان، قبل أن يطفئه السائل الشمعي.

هناك طرق متنوعة لصناعة الشموع، بما في ذلك التغطيس والسكب والقولبة والدرج والبثق والسحب والضغط. لكن ما يناسب صناعتها عملياً في البيت التغطيس والقولبة ؛ لأن الطرق الأخرى تتطلب آلات وطرقاً معقدة، والشكل التالي يوضح أمثلة لنماذج وأشكال مختلفة من شموع الإضاءة.

نماذج وأشكال مختلفة من شموع الإضاءة.

ثالثًا: استخدام شمع النحل في بعض المجالات الزراعية (شمع التطعيم)

فضل العاملون في البستنة مدة طويلة شمع النحل لتغطية الطعوم الجديدة، والغرض الرئيس من ذلك هو منع إصابة النباتات المطعمة بالفطريات والبكتيريا عن طريق الجروح. والشمع المستخدم في الزراعة يجب أن تكون له مواصفات نوعية، كالطراوة والليونة؛ ليغطي الطعوم جيداً، وفي بعض الأحيان يستخدم حاراً. كذلك يجب أن يكون غير سام، ويتحمل البقاء شهرين على الأقل، بينما يلتحم الطعم مع الأصل. وقد كانت الخلطة التالية مرغوبة: جزء من شمع النحل، مع جزء من الراتنج، وكمية كافية من الشحم الحواني، بحيث يصبح المزيج طرياً، وأخيراً كان يضاف الفحم الحجري الأرضي أحياناً لتجنب وصول أشعة الشمس إلى خلايا النبات النامية.

كما تستخدم في تغليف الثمار المخصصة للتصدير، مثل الرمان والبرتقال واليوسفي، والتفاح مما يعطي الثمار لوناً لامعاً، ويحميها من الخدوش والإصابة بالتعفنات الفطرية، ويقلل من نسبة فقد رطوبة الثمرة عن طريق القشرة.

نموذج لتغليف ثمار التفاح بطبقة من شمع النحل.

رابعًا: استخدام شمع النحل في صناعة المستحضرات الطبية:

يستخدم العديد من المصانع شمع النحل النقي لتغطية بعض الحبوب الدوائية لتسهيل عملية الهضم، غير أنها تؤخر عملية الذوبان، كما يمكن أن تخرج مع بعض الأدوية، حيث تؤخر تحرر تلك الأدوية مدة معينة عند تناولها.

خامسًا: استخدام شمع النحل في مواد التجميل:

لا تزال مصانع مواد التجميل تستخدم شمع النحل على نطاق واسع، حتى لو كانت الكمية التي تستخدم في مختلف السلع تشكل نسبة مئوية قليلة. لقد أدركت مصانع المواد التجميلية الميزات العديدة لشمع النحل: فهو لا يتزنخ ، ولا يثير الجلد ، ويحمل اللون بشكل جيد، ويعمل مثبتاً للمكونات الأخرى.

وهناك ما يزيد على خمسين منتجاً لمواد التجميل تحتوي على شمع النحل، مثل: الكريم البارد الذي يستخدم لتنظيف الجلد الذي يحتوي على ٨-12 ٪ شمع نحل، وكان يمزج قديماً مع زيت الزيتون والماء. ولكن لوحظ أن زيت الزيتون يتزرنخ، مما يجعل ذلك النوع من الكريم قصير العمر؛ ولذا استخدمت معه بعض الزيوت المعدنية كبديل لزيت الزيتون لتقليل احتمالات التزرنخ. كما يستخدم شمع النحل في تحضير أحمر الشفاه، وأحمر الخدود، وأقلام الحواجب، وأقلام الرموش، والدهانات العطرية، ومزيلات الشعر الزائد، وكثير من اللوسيونات، والشكل التالي يوضح بعض تلك المنتجات.

أمثلة لمنتجات ومواد تجميل يدخل في تركيبها شمع النحل.

سيجد المهتم بهذا الشأن الكثير من المجلات والكتب التي تتحدث عن ذلك، وتعطي الكثير من المعلومات المختلفة عن طرق التركيب المستخدمة. وقد كانت صناعة مواد التجميل سراً ذات يوم، ولكنها اليوم متاحة للجميع. وسنذكر فقط أمثلة لتحضير بعض أنواع الكريمات المذكورة في كتاب (نحل العسل في القرآن والطب).

طرق تحضير الكريمات واستعمالها:

- كريم التنظيف: ٦ جم شمع نحل + ٦ جم شمع سبيرماسيتي + 24 جم زيت خوخ + 4 جم جلسرين.

- كريم الجلد الدهني: ٥ جم شمع نحل + ٥ مل كحول نشادري + ٧٫٥ ملي ماء.

- كريم علاج التجاعيد: 30 جم شمع نحل + 30 جم عسل + 30 جم عصير بصل + 30 جم عصير أزهار الزنبق الأبيض.

- قناع مغذي: 5 جم شمع نحل + 70 جم عسل + عصير بصلة واحدة من الزنبق الأبيض.

- المراهم الصناعية: 10 جم شمع نحل + 10 جم زيت خوخ + 10 جم لانولين +

٥ جم فازلين + ٢/١ جم كبريتات زنك + 1 جم نترات بزموت + ٨ جم أكسيد زنك، يحافظ على رطوبة الجلد ويحميه من الجفاف.

- يسخن الشمع في حمام مائي حتى الانصهار، بينما تخلط المكونات الأخرى في هاون من الفخار أو الصيني، ثم يضاف إليها الشمع المنصهر، ويقلب بعصا خشبية حتى يبرد تماماً.

- يغسل الوجه بماء دافئ، وتوضع عليه كمية كبيرة من الكريم، وبعد 2٥ - 30 دقيقة يزال الكريم الزائد بورقة ناعمة أو فوطة نظيفة، ثم بعد وقت قصير يزدهر الوجه.

سادسًا: استخدام شمع النحل في علاج الأمراض:

١ – علاج انسداد الأنف والتهاب الجيوب الأنفية:

يستخدم شمع النحل في وقاية الجهاز التنفسي وإكسابه مناعة قوية ضد الميكروبات، وعلاج الزكام الشديد، وانسداد الأنف، والتهاب الجيوب الأنفية. وقد أكدت الاختبارات المتعددة حدوث الشفاء السريع باستخدام شمع النحل.

الجيوب الأنفية جزء مهم في الجهاز التنفسي؛ لأنها متصلة بالممرات الأنفية، وتساعد على ترشيح الهواء الذي نتنفسه وترطيبه وتدفئته، ونظراً لأنها مساحات مجوفة في العظام فإنها تؤثر في الصوت وتخفف وزن الجمجمة.

والأغشية التي تبطن هذه الجيوب سمكها حوالي مليمتر واحد، مغطاة بوسادة من الأهداب أو الشعيرات الدقيقة، ومن هذه الوجهة فهي تشبه السطح الداخلي للأنف الذي له بطانة مماثلة، وتتحرك الأهداب للأمام وللخلف؛ فتعمل هذه الحركة على طرد المخاط من التجويف، ولها تنظيم في غاية الكفاءة للتنظيف الذاتي.

وعند التهاب جيب أو أكثر من الجيوب الأنفية عادة ما يظهر على أساس من التفاعل القلوي للبول. وعند مضغ شمع العسل يتحول تأثير البول إلى حمضي بدلاً من قلوي، أي أنه يغير كيمياء الجسم بسرعة غريبة. وكمية شمع العسل لمضغة واحدة يمكن تقديرها بمثل مضغة عادية من اللبان، فتؤخذ مضغة واحدة من شمع العسل كل ساعة لمدة 4-6 ساعات، وتمضغ كل كمية مدة 15 دقيقة، ثم يلفظ الباقي منها، فإذا كانت الإصابة حادة فإن 4-6 مضغات تزيل أعراض المرض في ظرف يوم واحد أو نصف يوم، حيث يتفتح الأنف ويزول الألم، ويعود النشاط للجسم وتصبح الجيوب الأنفية طبيعية.

ومن المستحسن أن تؤخذ مضغة واحدة من شمع العسل مرة يومياً لمدة أسبوع آخر لمنع عودة المشاكل في الحال. كما أن استعمال شمع العسل يمكن به الوقاية من حمي الدريس وعلاجها.

٢ – علاج التهاب المفاصل والأعصاب:

شمع النحل الدافئ له خصائص ممتازة للتدفئة عندما يستخدم في علاج التهاب الأعصاب والمفاصل، ولهذا السبب اقترح الطبيب البلغاري ( Pochinkova (1992 استخدام شمع النحل للعلاج الحراري Thermo-therapy لعلاج العضلات، والتهاب الأربطة، والآلام أسفل الظهر، والنقرس؛ وذلك بالطريقة الآتية:

تغطس قطعة من قماش القطن الناعم بعد قطع مساحة منها بحسب الجزء من الجسم المراد تغطيته، وتوضع في شمع سائل، ثم توضع على سطح مستوٍ، وتترك للتجميد على درجة حرارة الغرفة. وقبل الاستخدام تدفأ في فرن على درجة أقصاها ٥0 °م، ثم توضع مباشرة على جزء الجسم المراد علاجه، وتترك طوال الليل بعد وضع غطاء عازل أعلاها، ويمكن لقماش الشمع أن يستعمل أكثر من مرة. وقماش الشمع قد يكون متاحاً في بعض الصيدليات أو أماكن بيع الأدوية في بعض الدول. يوضح الشكل التالي استخدام تلك الضمادات على صدر طفل لعلاجه من أمراض البرد والكحة.

استخدام ضمادات شمع النحل لعلاج البرد في الأطفال

٣ – علاج بعض أمراض الجهاز الهضمي:

يعتبر الشمع مادة ملينة وملطفة ومهدئة. وقد أتضح حديثاً أن مضغ الحلويات المحتوية على العسل والشمع مفيدة، حيث تسبب زيادة إفراز اللعاب الذي يزيد القدرة الإفرازية والهضمية للمعدة، ويزيد من امتصاص المواد الغذائية (Pot Schinkva, 1992)، ويؤثر جيداً في الدورة الدموية وقوة العضلات.

- في مجال طب الأسنان:

استخدام شمع النحل مع العسل يفيد في علاج التهابات اللثة وتسوس الأسنان، حيث ينظف الأسنان من الرواسب، ويقوي اللثة. كما يستعمل في طب الأسنان لعمل نماذج ومقاسات الفكوك عند عمل التركيبات الصناعية للأسنان.

- علاج الأمراض الجلدية:

يستخدم شمع النحل في إزالة القروح إذا استعمل مع زيت البنفسج، كما يشفي الدمامل. وقد سجل (Lavie (1960 أن لشمع النحل فعل مضاد للبكتريا التي تصيب الجلد.

في الطب الشعبي الروسي تم خلط شمع النحل مع الزبدة لعلاج الثعلبة. وعند استخدام شمع النحل لتحسين حالة الجلد، لوحظ أنه أعطى ليونة، وأعطى نضارة ونعومة.