المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05

ظاهرة الفقر
9-6-2022
من هم أصحاب الأعراب
8-10-2014
سيادة الروح القبلية على المجتمع الإسلامي الفتي
25-11-2014
امراض نقص المناعة Immunodeficiency Diseases
10-9-2018
ابن أبي جمهور
12-8-2016
واقع الفلاحة في الوطن العربي ضيق الرقعة وصعوبة التوسع
2024-07-27


المُعاناة  
  
3645   11:31 صباحاً   التاريخ: 14-11-2017
المؤلف : سليمان كتَّاني
الكتاب أو المصدر : الإمام الحسين في حِلَّة البرفير
الجزء والصفحة : ص88-94.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

والمُعاناة يا لها مِن عِمارة يبنيها الإنســـــان مِن كــلِّ ضـجيـج يصـخب بـه مِن نفسه وفي نفسه ! 
إنَّها العِمارة التي يبنيها هذا الإنسان لتعود ـ هي ـ فتبنيه بالحِجارة ذاتها التي بناها ـ هو ـ بها أمَّا الحِجارة فهي التي تكون قد انرصَّت بها نفسه وروحه وذاته مِمَّا اختلط فيها وتجمَّع إليها مِن غبار الأيَّام وهي تتزاحم ـ بقوافلها ـ عابرة مِن قُطبٍ إلى قُطبٍ في وجوده الإنساني الصامد في صدر الحياة , سيكون مِن هذا الغبار تأليف المقالع المقطوعة منها حِجارة العِمارة التي أُسمِّيها الآن عِمارة المعاناة .
والمُعاناة : بمعناها المجازي هذا تُفسرِّها الحقيقة بأنَّها الخُبرة الطويلة التي يتمرَّس بها الإنسان عِبر تطوُّره في مُجتمعاته الإنسانيَّة ليكون له التحقيق المُتطوِّر نتيجة حتميَّة لكلِّ ما عاناه في رحلاته المُتمادية في حِضن الكون إنَّ المُعاناة التاريخيَّة الطويلة هي التي تبني هذا الإنسان المُحقِّق ذاته بذاته وهي التي تُكيِّف روحه وعقله وفكره وكلُّ المُثل التي يجنيها لتكون عماده الصحيح المُعبِّر عنه في البحث والبناء والسعي إلى حقيقته المُتكاملة .
والمُعاناة : بمعنى واحد هي التي تُصيب دائماً في وجود الإنسان وهي التي تُحدِّد حاجته أو بالأحرى مجاعته إلى ما ينقصه في مُشتهاه وهي التي تدلُّه إلى هذا المُشتهى وهي التي تُعيِّن له ـ في ما بعد ـ هل هو المُشتهى الجميل المُحيي أم أنَّه المُشتهى الخاطئ المُميت ؟ إلاَّ أنَّه يبقى ـ في كلا الحالين ـ تعييناً هزَّته المُعاناة المُتولِّدة في النفس وحرَّكت إليه .
أمَّا المُعاناة الكبيرة التي تتولَّد في النفس وتبنيها بناءً كبيراً فهي لا تزال مِن الصنف الفريد ولا يتعزَّز وجودها ويتعيَّن إلاَّ في تفاوت نسبي يلمح في المُجتمعات المُتطوِّرة والمُنقَّحة بالعلم والفَهم المُنعكسين حضارة وثقافة هنالك يكون للعقل يد وللروح ملامس ولا يكون مجال التعبير عنها إلاَّ في احترام الإنسان لذاته الجميلة وعندئذ فإنَّ المُجتمع هو الكريم والعدل والحَقِّ والمُساواة هي دروسه في الحقوق والموجبات والصدق والنزاهة ونظافة الكَفِّ هي كلُّها صفاته في البروز الصحيح واقتصاده المبنيِّ والمعنيِّ والشبعان ـ مع العِفَّة في جني الثمر ـ هي نهجه في الزرع وفي عمليَّات الحصاد . 
أمَّا المُجتمع الذي يبنيه إنساناً عظيماً يدور في حِضن الحياة مُجلَّلاً بالقيمة وعِزَّة النفس فهو مُداره الفخم الذي يُردُّ إليه ـ مِن مُعاناته ـ شعوراً ضمنيَّاً بأنَّ الجمال هو مُتعة النفس الكريمة التي يتعزَّز بها وجود الإنسان بنعمة وعظمة الحَقِّ والصدق المَغروسين في جِنان الإنسان .
والمُعاناة في الطبيعة : إنَّما هي عُنصر مِن عناصرها الجامعة ونَبرة مِن نبراتها المُعبِّرة في خُنوعها فجموحها فبُروزها في ثورة ما مِن ثوراتها التي تتنفَّس بها حتَّى تعود فتعتدل وتستقرُّ في بُروزٍ جديد تتولَّد منه حوملة أُخرى يتألَّف منها مَدار يُعينه شوق آخر مِن الأشواق التي يزخر بها فنُّ الحياة كلَّ هذا إنَّما هو موزَّع في الوجود أكان في الإنسان أم في الحيوان أم في النبات أم حتَّى في ما يُسمَّى جماداً كأنَّ المُعاناة هي التي تلمح كلَّ شيء حتَّى تُطوِّره وتخلق منه الحالة الأُخرى التي تشتاق إليها الحالة الأُولى التي هي حلقة منها في سلسلة الوجود . 
أليست هذه كلُّها هي ـ أيضاً ـ لعُبة الحياة في البقاء وتعلُّقها ـ أبداً ـ بالتطوُّر الذي هو تحوَّل يتلوَّن به جوهر الحياة في وجودها الأفسح ؟
ليست المُحاولة هذه في تقديم هذه اللمحة عن المُعاناة غوصاً في علم النفس فإنَّ ذلك يتطلَّب إحاطة في الموضوع الفلسفي الذي يحتاج إلى تحقيقات باهرة الطرافة وواسعة الدرس والتدقيق إنَّما التلميح هذا يقصد إعطاء المُعاناة حِصَّة مِن الاهتمام والاحترام ـ فهي التي تتولَّد في نفسيَّة الإنسان ـ ومُطلق إنسان ـ وهي التي تعيُّن شوقه إلى أيِّ شيءٍ يُحرَم منه أو يحتاج إليه وهي التي تبنيه بناءً جديداً مُتولِّداً منها ومِن مُقدار ثقلها فيه وضغطها عليه ولا فرق أنْ يكون الحِرمان قد زال , والحاجة قد أُشبعت أو أنْ يكون كلاهما قد زادا عُنفاً في تورُّطهما عليه فقفزا به : إمَّا إلى خُنوع واستسلام وإمَّا إلى ثورةٍ ما عُبِّر عنها بطريقة ما .
هذا هو الغرض الآن مِن خدمة الموضوع هذا حتَّى يتبيَّن لنا أنَّ الحسين الذي هو موضوعنا الجليل ... قد اشتغلت بصياغته عظيماً هذه المُعاناة التي تبنَّاها وتبنَّته مُنذ الطفولة وراحت تتجسَّد وتتجسَّم فيه عِبر مراحل الفتوَّة والرُّشد وعِبر بلوغه مرحلة سديدة مِن مراحل التعمق الفِكري ـ النفسي ـ الروحي التي زجَّته فيها ظروف قاهرة ما انفكَّت تُعمِّق بصماتها عليه حتَّى فجرتها فيه ثورة هادفة مُركَّزة ما ارتضت مِن التحقيق إلاَّ بذل الذات في سبيل إشباع المُعاناة التي أصبحت لا ترضى إلاَّ ببذل الذات إشباعاً للذات الأُخرى التي هي إطار أكبر تنطوي فيه ذاته ـ هو ـ ملصوقة بذات أبيه وأُمِّه وأخيه وجَدِّه وكلِّ خَطِّ أجداده الصيَّد في مُجتمع واحد هو إطار الأُمَّة التي هي أُمَّة جَدِّه التي بناها بقضيَّة واحدة مختومة بالرسالة . 
... لقد كانت للطفولة على الحسين خيوط لذيذة مِن المُعاناة حوَّشت منها نفسه كلَّ البطانات التي راحت تتلوَّن بها أيَّامه الطالعة . ما مِن لَمسة غَنج تدلَّع بها في مُحيطه البيتي المُشبع بالحُبِّ والحنان وكلُّ أساريره الهانئة بغِبطتها لقد مَرَّ بنا كلُّ ذلك ونحن نستعرضها في كلِّ ما تخصَّص لها مِن مُناسبة وحين .
لقد كان لكلِّ هاتيك البَهجات تأثير وسَّع نفسه المُعانية على فَهم كان يزداد بها وهي تتحوَّل فيه إلى مُعاناة أُخرى كان يولِّدها ازدياد الفَهم مع وضوح التحليل والتعليل .
كان الطفل الحسين ـ وأظنُّه كان في الخامسة مِن العُمر أو ما يزيد قليلاً ـ يلعب في باحة الدار في ظِلِّ شجرة الأراك مع صبيٍّ آخر مِن صِبْية الحيِّ قال الحسين ـ وهو يتباهى ـ : 
الحسين : جَدِّي أنا هو الرسول . وأنت مَن هو جَدُّك ؟
الصبيُّ : وجَدِّي أنا هو الرسول أمس دلَّتني إليه أُمِّي عندما كان مُتوجِّهاً إلى ساحة المسجد .
وحاول الحسين أنْ يعترض بعد أنْ وسَّع فتحة عينيه وبدأ عليه بعض الغضب ولكنَّه سمع أُمَّه فاطمة تُناديه وكانت تُراقبهما يلعبان وهي واقفة على الباب وبلحظتين كان الحسين بين يديها قالت فاطمة : معه حَقٌّ ـ يا حسين يا ولدي ـ جَدُّك الرسول هو جَدُّ كلِّ صبيان المدينة ـ افْهَم عليَّ ـ وإنَّه جَدُّ كلِّ صبيان الجزيرة ـ أتفهم عليَّ ؟ ـ جَدُّك رسول السماء لكلِّ أهل الأرض يا حسين يا ولدي أتفهم عليَّ ؟ أظنُّ جَدَّك لا يقبل أنْ تمتلكه وحدك ـ يا حسين ـ وهكذا تكبُر أنت يا ولدي ويكبر معك إخوتك في كلِّ المدينة وفي كلِّ الجزيرة التي هي لنا على السواء أفهمت عليَّ ما أقصد يا حسين ؟
وسَرَت على وجه الحسين بَهجة مقطوفة مِن ثَغر أُمِّه وهي تُدغدغ وجنتيه بقُبلة مسحوبة سَحباً ناعماً مِن بين ضلوعها رَدَّ لها مثلها ولوى قافزاً نحو رفيقه المُتهلِّل برجوعه لقد هفا إليه وقبَّله وهو يلتفت صوب أُمِّه وكأنَّه يُخبرها أنَّه فهم مليَّاً ما فاهت به بفَمها الأطهر .
بعد خمس دقائق بالضبط ـ ولا تزال الأُمِّ فاطمة تسهر بعينيها على الصبيَّين اللاعبين في ظِلِّ الشجرة ـ وفد الحسن ليشترك معهما باللُّعبة المرحة فأخذه الحسين ليُسرَّ إليه بحديث أُمِّه ـ وما أنْ أدرك الحسن المغزى الجميل حتَّى تَهلَّل فرحاً وهو يلتفت صوب الباب فوجد أُمَّه مسرعة إليهم وكلُّ بهجات الدنيا في محياها وما أنْ وصلت حتَّى أخذت الصبيان الثلاثة إلى عِبِّها وهي ـ مِن فرحٍ ـ تبكي وعند المساء ما كاد عليٌّ يطأ عتبة البيت حتَّى هبَّ الحسين إليه قافزاً بين ذراعيه وهو يقول :
الحسين : عندي ما أقوله لك.
علي : وما عندك يا حسين ؟
الحسين : قالت لي أُمِّي فاطمة إنَّ جَدِّي هو جَدُّ كلِّ صبيان الجزيرة وأنت ألست أباً للجميع ؟
علي : وأنا كذلك يا حسين ألم تسمع جَدَّك يقول أنا وعليٌّ أبوا هذه الأُمَّة ؟ .
الحسين : وأنا وأخي الحسن ـ يا أبي ـ كيف سنكون ؟
علي : ألم تسمع أيضاً جَدَّك يقول : هذان ابناي إنَّهما إمامان قاما أم قعدا وهما سيِّدان مِن أسياد الجَنَّة ؟ 
الحسين : وكيف نكون إمامين وسيِّدين ؟!
علي : وسوف يقول لك الغَد يا ابني : كيف يكون ذلك . ألا تصبر ـ يا ولدي ـ إلى الغَد ؟
أمَّا الحسين فإنَّه نام تلك الليلة وفي عِبِّه تسرح أحلام نابتةٌ مِن اللَّغز وهو يبسم لها ويترنَّح أمَّا جَدُّه وأبوه فإنَّه كان يشاهدهما فوق حِصانين أبيضين يصهلان فوق قُرب نجمة الصبح .
بعد سنتين وعِدَّة أشهُر ـ كان جَدُّه قد أغمض عينيه عن المسجد وعن صبيان كلِّ الجزيرة ـ عاد الحسين فاختلى بأبيه يوشوشه والحُزن يشرب مِن عينيه :
الحسين : أيكون أبو بكر أباً لهذه الأُمَّة ولا تكون أنت ـ يا أبي ـ بعد جَدِّي الذي غاب وترك الأُبوَّة لك ؟!!!
علي :  أبو بكر أبٌ بالحميَّة القبليَّة لا بالوصيَّة النبويَّة !!!
صلى الله على جَدِّك ـ يا ابني ـ و اله وسلم !!!
قال الامام ذلك وهو يتمشَّى في باحة البيت دون أنْ يلتفت صوب الحسين ليتبين وقع كلماته عليه ولمَّا وصل البيت وابنه الحسين يسحب نفسه كئيباً خلف خُطواته كانت فاطمة قابعة في الزاوية ينهكها الحُزن ويدعك عينيها الدم ولكنَّها انتفضت عندما وقعت عينها على الحسين وهو يقفو خُطوات أبيه مُنكِّسا رأسه كأنَّه فرخ بازٍ هبط مِن عِشِّه إلى الأرض وسريعاً ما تلفَّعت بخمارها وقفزت إلى الخارج صوب ساحة المسجد .
وعندما كان صوتها الخافت يقرع أُذني أبي بكر بذلك الخطاب الذي كانت ترتجف فيه ثورة ما حسبها التاريخ إلاَّ فاعلة كان الحسين لاصقاً بها مِن الخلف وهو يسجِّل في نفسه نبراتها المُتأوِّدة بالعظمة ذاتها التي كانت تسرح فوق جبين جَدِّه وهو يُعلِّم الناس في المسجد ذاته كيف يعتزُّون بالصدق والحَقِّ وكيف يكونون ضلوع أُمَّة عظيمة هُمْ أبناؤها وهو أبوهم الذي يجمعهم إلى مراحل المَجد وعندما انسحبت مِن ساحة المسجد راجعة إلى البيت أوقفها الحسين على العَتبة حتَّى يغمر جيدها بذراعين مِن لُطف ويلثمه بثغر مِن عِطر الزهر وهو يقول :
الحسين : صوتك مِن صوت جَدِّي يا أُمِّي طاب صوتك في كلِّ صُبح وفي كلِّ مساء !
فاجابته وهي تَنْعس نَعاساً ذائباً في مقاطع الكلمات :
فاطمة : يا حُلمي ... وحُلم جَدِّك وأبيك ... ما أشدُّ خوفي عليك وأنا أُطالب لك ... بروعة الميراث !!!
ولكنَّ الحسين وهو ما انفكَّ يُعانقها ويُعاني مِن وقع ولوج صوتها إلى العميق مِن أُذنيه حتَّى أحسَّ أنَّها تهبط أمامه على العَتبة كأنَّها الخيطان تتراخى عن المِغزل ولكَّن الأب الكبير ـ وهو الآن علي ـ كان يلفُّ بين ذِراعيه الأعصاب المُنهارة عن مِغزلها ويحملها إلى الفراش الذي أسرعت إلى ترتيبه أسماء بنت عُميس لقد شاهد الحسين ـ على مدى يومين ـ كيف كانت تبسم أُمُّه فاطمة وهي تُلاقي أباها في غَفوة الموت !!!
لم تختتم ـ بانتقال أُمِّه إلى حِضن أبيها ـ طفولة الحسين ولكنَّها وسَّعت انتقاله إلى الرُّشد الباكر والمُطَّلع على واقع الأُمور ومزاجها الملفوف بالرموز لقد راحت تتطوَّر المُعاناة في حياكة نفسه على ضوء ما كان يُفسِّره له فهمه النبيه وإدراكه المُتوسَّع إلاَّ أنَّ موت أبي بكر هو الذي كان خاتمة طفولته التي شاهدت انتقال الولاية إلى عمر بن الخطَّاب .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.