أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2017
4256
التاريخ: 7-11-2017
3173
التاريخ: 6-11-2017
4978
التاريخ: 14-6-2021
9954
|
قال تعالى : {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام : 151 - 153].
قال تعالى : {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام : 151] .
لما حكى سبحانه عنهم ، تحريم ما حرموه ، عقبه بذكر المحرمات ، فقال : سبحانه {قل} يا محمد لهؤلاء المشركين {تعالوا} أي : أقبلوا وادنوا {أتل} أي : أقرأ {ما حرم ربكم عليكم} أي : منعكم عنه بالنهي . ثم بدأ بالتوحيد فقال {أن لا تشركوا به شيئا} أي : أمركم أن لا تشركوا ، ولا فرق بين أن تقول : لا تشركوا به شيئا ، وبين أن تقول حرم ربكم عليكم أن تشركوا به شيئا ، إذ النهي يتضمن التحريم ، وقد ذكرنا ما يحتمله من المعاني في الإعراب . وقد قيل أيضا : إن الكلام قد تم عند قوله {حرم ربكم} ثم قال {عليكم أن لا تشركوا} كقوله سبحانه {عليكم أنفسكم} .
{وبالوالدين إحسانا} أي : وأوصى بالوالدين إحسانا ، ويدل على ذلك أن في حرم كذا معنى أوصى بتحريمه ، وأمر بتجنبه ، ولما كانت نعم الوالدين ، تالية نعم الله سبحانه ، في الرتبة ، أمر بالإحسان إليهما بعد الأمر بعبادة الله تعالى {ولا تقتلوا أولادكم من املاق} أي : خوفا من الفقر ، عن ابن عباس ، وغيره .
{نحن نرزقكم وإياهم} أي : فإن رزقكم ورزقهم جميعا علينا . {ولا تقربوا الفواحش} أي : المعاصي والقبائح كلها {ما ظهر منها وما بطن} أي : ظاهرها وباطنها ، عن الحسن . وقيل : إنهم كانوا لا يرون بالزنا في السر بأسا ، ويمنعون منه علانية ، فنهى الله سبحانه عنه في الحالتين ، عن ابن عباس ، والضحاك ، والسدي ، وقريب منه ما روي عن أبي جعفر عليه السلام ، إن ما ظهر هو الزنا ، وما بطن هو المخالة (2) . وقيل : إن ما ظهر : أفعال الجوارح ، وما بطن : أفعال القلوب ، فالمراد ترك المعاصي كلها ، وهذا أعم فائدة .
{ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} : أعاد ذكر القتل ، وإن كان داخلا في الفواحش ، تفخيما لشأنه ، وتعظيما لأمره ، والنفس المحرم قتلها هي نفس المسلم والمعاهد ، دون الحربي ، والحق الذي يستباح به قتل النفس المحرم قتلها ، ثلاثة أشياء : القود ، والزنا بعد إحصان ، والكفر بعد إيمان .
{ذلكم} خطاب لجميع الخلق ، أي : ما ذكر في هذه الآية {وصاكم به} أي : أمركم به {لعلكم تعقلون} أي : لكي تعقلوا ما أمركم الله تعالى به ، فتحللوا ما حلله لكم ، وتحرموا ما حرمه عليكم .
ودل قوله سبحانه {وصاكم به} على أن الوصية مضمرة في أول الآية على ما قلناه ، وفي قوله سبحانه {أن لا تشركوا به شيئا} دلالة على أن التكليف قد يتعلق بأن لا يفعل ، كما يتعلق بالفعل ، وعلى أنه يستحق الثواب والعقاب على أن لا يفعل ، وهو الصحيح من المذهب .
- {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام : 152 - 153] .
ثم ذكر سبحانه تمام ما يتلو عليهم ، فقال {ولا تقربوا مال اليتيم} والمراد بالقرب : التصرف فيه ، وإنما خص مال اليتيم بالذكر ، لأنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه ، ولا عن ماله ، فيكون الطمع في ماله أشد ، ويد الرغبة إليه أمد ، فأكد سبحانه النهي عن التصرف في ماله ، وإن كان ذلك واجبا في مال كل أحد {إلا بالتي هي أحسن} أي : بالخصلة ، أو الطريقة الحسنى ، ولذلك أنث . وقد قيل في معناه أقوال أحدها : إن معناه إلا بتثمير ماله بالتجارة ، عن مجاهد ، والضحاك ، والسدي ، وثانيها : بأن يأخذ القيم عليه بالأكل بالمعروف دون الكسوة ، عن ابن زيد ، والجبائي وثالثها : بأن يحفظ عليه حتى يكبر .
{حتى يبلغ أشده} اختلف في معناه ، فقيل : إنه بلوغ الحلم ، عن الشعبي ، وقيل : هو أن يبلغ ثماني عشرة سنة . وقال السدي : هو أن يبلغ ثلاثين سنة ، ثم نسخها قوله {حتى إذا بلغوا النكاح} الآية . وقال أبو حنيفة : إذا بلغ خمسا وعشرين سنة ، دفع المال إليه ، وقبل ذلك يمنع منه إذا لم يؤنس منه الرشد ، وقيل : إنه لا حد له . بل هو أن يبلغ ويكمل عقله ، ويؤنس منه الرشد ، فيسلم إليه ماله ، وهذا أقوى الوجوه ، وليس بلوغ اليتيم أشده مما يبيح قرب ماله بغير الأحسن ، ولكن تقديره : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن على الأبد ، حتى يبلغ أشده ، فادفعوا إليه بدليل قوله : {ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا} .
{وأوفوا} أي : أتموا {الكيل والميزان بالقسط} أي : بالعدل والوفاء ، من غير بخس {لا نكلف نفسا إلا وسعها} أي : إلا ما يسعها ، ولا يضيق عنه ، ومعناه هنا : إنه لما كان التعديل في الوزن والكيل على التحديد من أقل القليل ، يتعذر ، بين سبحانه أنه لا يلزم في ذلك إلا الاجتهاد في التحرز من النقصان {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قرى} أي : فقولوا الحق ، وإن كان على ذي قرابة لكم ، وإنما خص القول بالعدل دون الفعل ، لأن من جعل عادته العدل في القول ، دعاه ذلك إلى العدل في الفعل ، ويكون ذلك من آكد الدواعي إليه . وقيل : معناه : إذا شهدتم أو حكمتم فاعدلوا في الشهادة والحكم ، وإن كان المقول عليه ، أو المشهود له ، أو عليه ، قرابتك ، وهذا من الأوامر البليغة التي يدخل فيها مع قلة حروفها الأقارير ، والشهادات ، والوصايا ، والفتاوى ، والقضايا ، والأحكام ، والمذاهب ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر .
{وبعهد الله أوفوا} قيل في معنى عهد الله قولان أحدهما : إن كل ما أوجبه الله تعالى على العباد ، فقد عهد إليهم بإيجابه عليهم ، وبتقديم القول فيه ، والدلالة عليه والآخر : إن المراد به النذور والعهود في غير معصية الله تعالى ، والمراد أوفوا بما عاهدتم الله عليه من ذلك {ذلكم} أي ذلك الذي تقدم ذكره من ذكر مال اليتيم ، وأن لا يقرب الا بالحق ، وإيفاء الكيل ، واجتناب البخس والتطفيف ، وتحري الحق فيه على مقدار الطاقة ، والقول بالحق ، والصدق ، والوفاء بالعهد {وصاكم} الله سبحانه {به لعلكم تذكرون} أي : لكي تتذكروه وتأخذوا به ، فلا تطرحوه ، ولا تغفلوا عنه فتتركوا العمل به ، والقيام بما يلزمكم منه .
{وان هذا صراطي} أي : ولأن هذا صراطي ، ومن خفف فتقديره ولأنه هذا صراطي ، ومن كسر إن فإنه استأنف . قال ابن عباس : يريد إن هذا ديني دين الحنيفية ، أقوم الأديان ، وأحسنها . وقيل : يريد إن ما ذكر في هذه الآيات من الواجب والمحرم صراطي ، لأن امتثال ذلك على ما أمر به ، يؤدي إلى الثواب والجنة ، فهو طريق إليها وإلى النعيم فيها {مستقيما} أي : فيما لا عوج فيه ، ولا تناقض ، وهو منصوب على الحال {فاتبعوه} أي : اقتدوا به ، واعملوا به ، واعتقدوا صحته ، وأحلوا حلاله ، وحرموا حرامه {ولا تتبعوا السبل} أي : طرق الكفر ، والبدع ، والشبهات ، عن مجاهد . وقيل : يريد اليهودية ، والنصرانية ، والمجوسية ، وعبادة الأوثان ، عن ابن عباس .
{فتفرق} وأصله فتتفرق {بكم عن سبيله} أي : فتشتت ، وتميل ، وتخالف بكم عن دينه الذي ارتضى ، وبه أوصى . وقيل : عن طريق الدين {ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} أي : لكي تتقوا عقابه باجتناب معاصيه .
قال ابن عباس : هذه الآيات محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب ، وهي محرمات على بني آدم كلهم ، وهم أم الكتاب ، من عمل بهن دخل الجنة ، ومن تركهن دخل النار ، وقال كعب الأحبار : والذي نفس كعب بيده إن هذا لأول شيء في التوراة ، {بسم الله الرحمن الرحيم : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} الآيات .
_____________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص 191-195 .
2 . المخالة : المصادقة .
أشار سبحانه في الآيات السابقة إلى ان المشركين حللوا وحرموا بالحدس والأهواء ، وانهم نسبوا الشرك إليه جهلا وافتراء ، ورد عليهم بمنطق العقل والفطرة ، وذكر من المحرمات الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير وما أهل لغير اللَّه ، وفي هذه الآيات الثلاث ذكر طرفا من المحرمات ، وهي التي لا يختص تحريمها بشريعة من الشرائع السماوية ، وذكر إلى جانبها بعض الواجبات كالوفاء بالكيل والميزان ، وبعهد اللَّه واتباع العدل . . وبديهة ان كل ما وجب فعله حرم تركه ، وكل ما حرم فعله وجب تركه ، وأطلق بعض المفسرين على محتويات هذه الآيات الثلاث الوصايا العشر .
الوصايا العشر :
1 - { قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } . ابتدأ سبحانه بالأصل الأول من العقيدة ، وهو نفي الشرك الذي يقابله ثبوت التوحيد ، واليه ترجع جميع الأصول والفروع ، ومنه تستمد جميع الحقوق والواجبات ، وبه تقبل الطاعات وعمل الخيرات ، ويتلخص معنى التوحيد بقوله تعالى : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال .
2 - { وبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً } . قرن سبحانه الوصية بالوالدين بربوبيته المتفردة إشعارا بأن الإحسان إليهما يجب أن يكون فريدا في بابه . . فكأنه قال : لا تشركوا باللَّه ، ولا تشركوا بالإحسان إلى الوالدين إحسانا . وتكلمنا بشبهه عن البر بالوالدين عند تفسير الآية 83 من سورة البقرة ج 1 ص 141 .
3 - { ولا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وإِيَّاهُمْ } . بعد ما أوصى الأبناء بالآباء أوصى الآباء بالأبناء . وسبق الكلام عن ذلك عند تفسير الآية 137 من هذه السورة .
4 - { ولا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ } . كل ما تجاوز الحد في القبح فهو فحش ، ومنه الزنا واللواط والظلم والتهتك والتبرج ، والكذب والغيبة والنميمة واللؤم والحسد ، وأعظم الفواحش كلها الإلحاد والشرك باللَّه ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس المحترمة ، وأكل مال اليتيم ، وإنما أفرد اللَّه هذه بالذكر ، مع انها تدخل في الفواحش للتنبيه إلى انها قد بلغت الغاية والنهاية من القبح والفحش ، سواء اقترفت سرا أم علانية ، وعن ابن عباس ان أهل الجاهلية كانوا يكرهون الزنا علانية ، ويفعلونه سرا ، فنهاهم اللَّه عنه في الحالين .
وعن رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله ) انه قال : الا أخبركم بأبعدكم مني شبها ؟ قالوا : بلى يا رسول اللَّه . قال : الفاحش المتفحش البذيء البخيل المختال الحقود الحسود القاسي القلب البعيد عن كل خير يرجى غير مأمون من كل شر يتقى .
5 - { ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } . الأصل في قتل النفس التحريم ، ولا يحل إلا بسبب موجب ، وهو واحد من أربعة : نصت السنة النبوية على ثلاثة منها ، وهي قوله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد ايمان ، وزنا بعد إحصان ، وقتل نفس بغير حق . ونص الكتاب على السبب الرابع في الآية 33 من سورة المائدة : {إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهً ورَسُولَهُ ويَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} . { ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي تعرفون قبح الشرك وقتل النفس والفواحش ، وحسن البر بالوالدين .
6 – {ولا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} . والنهي عن القرب منه أبلغ من النهي عنه بالذات ، ويعم جميع وجوه التصرف ، كما ان التي هي أحسن أبلغ من التي هي حسنة ، والمعنى المقصود هو التشدد في شأن أموال كل قاصر عن التصرف في أمواله إلا على الوجه المألوف يتيما كان أو مجنونا أو سفيها أو غائبا أو صغيرا يتولى أبوه شؤونه المالية ، وان على أولياء هؤلاء أن يحافظوا على أموال القاصرين ، ويدبروها لمصلحتهم ، ومن هنا ذهب جماعة من كبار الفقهاء إلى أن تصرفات الولي في مال القاصر لا تنفذ إلا مع الغبطة والمصلحة ، ونحن على هذا الرأي ، حتى ولو كان الولي أبا أو جدا لأب ، ودليلنا كلمة أحسن . أما حديث : أنت ومالك لأبيك فهو حكم أخلاقي لا شرعي بدليل كلمة أنت فان الابن ليس سلعة يملكها الأب .
وتسأل : ان كلمة اليتيم يختص بمن مات أبوه ، وهو صغير ، فكيف جعلتها عامة تشمل كل قاصر ؟ .
الجواب : نحن نعلم علم اليقين ان السبب المبرر لوجوب التصرف بالتي هي أحسن هو القصور ، وليس اليتم بما هو يتم ، والقصور متحقق في الجميع من غير تفاوت .
{حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} وتجد تفسيره في الآية 5 من النساء : {وابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ} وتقدم تفسيرها في ج 2 ص 256 .
7 – {وأَوْفُوا الْكَيْلَ والْمِيزانَ بِالْقِسْطِ بعتم أو اشتريتم لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها} هذه جملة معترضة ، والقصد منها التنبيه إلى ان الوفاء المطلوب بالكيل والميزان هو الوفاء الممكن المعروف بين الناس ، وهم يتسامحون بزيادة ما قل أو نقصانه ، لأن مراعاة الحد العادل فيه نحو من العسر والحرج وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ . وعلى أية حال ، فإن الأساس في شتى أنواع التجارة هو رضى الطرفين ، سواء أ كانت السلعة مما يكال أو يوزن أو يعد أو يذرع ، أو يقدر بالفكر كالكتاب ، أو النظر كالقطعة الفنية .
8 – {وإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ولَوْ كانَ ذا قُرْبى} هذا هو المحك لمن يخاف اللَّه ويخلص له ويشعر أمامه بالمسؤولية ، لا أمام زوجة أو أب أو أم أو ابن أو صهر . . لا شيء إلا الحق والعدل ، أما من يتكلم باسم الدين ، ثم يميل به هواه مع قريب أو صديق فما هو من الدين في شيء .
9 – {وبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} . وكل ما أمر اللَّه به ، ونهى عنه فهو عهد اللَّه ، أما الوفاء به فامتثاله وطاعته {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ولا تغفلون عن طاعة من لا يغفل عنكم .
10 - { وأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً } هذا إشارة إلى كل ما ذكر ، وهو صراط اللَّه المستقيم ، وليس بعده إلا الضياع والضلال { فَاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ } كالشرك والإلحاد والأحزاب والأديان الباطلة { فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } . فأية سبيل غير القرآن والإسلام فهي من وضع الأهواء ، وليس للأهواء حد ولا ضابط ، فإذا اتبعها الناس تفرقوا شيعا وأحزابا متناحرة ، أما إذا اتبعوا جميعا دين اللَّه فتوحدهم العقيدة الحقة ، والإيمان القويم ، وفي الحديث : ان النبي ( صلى الله عليه وآله ) خط خطا بيده ، وقال : هذا سبيل اللَّه مستقيما ، ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله ، وقال : هذه ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ : { وأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } . . { ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } سبل الشيطان التي تميل بكم مع الأهواء والشهوات .
____________________________
1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 282-285 .
قوله تعالى : {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} قيل : تعال مشتق من العلو وهو أمر بتقدير أن الأمر في مكان عال وإن لم يكن الأمر على ذلك بحسب الحقيقة ، والتلاوة قريب المعنى من القراءة ، وقوله : {عَلَيْكُمْ} متعلق بقوله : {أَتْلُ} أو قوله : {حَرَّمَ} على طريق التنازع في المتعلق ، وربما قيل : إن {عَلَيْكُمْ} اسم فعل بمعنى خذوا وقوله : {أَلَّا تُشْرِكُوا} معموله والنظم : عليكم أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا {إلخ} ، وهو خلاف ما يسبق إلى الذهن من السياق .
ولما كان قوله : {تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ} إلخ ، دعوة إلى التلاوة وضع في الكلام عين ما جاء به الوحي في مورد المحرمات من النهي في بعضها والأمر بالخلاف في بعضها الآخر فقال : {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} كما قال : {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} {وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ} إلخ ، وقال : {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} كما قال : {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ} {وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} إلخ .
وقد قدم الشرك على سائر المحرمات لأنه الظلم العظيم الذي لا مطمع في المغفرة الإلهية معه قال : {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} [النساء : 48] وإليه ينتهي كل معصية كما ينتهي إلى التوحيد بوجه كل حسنة .
قوله تعالى : {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} أي أحسنوا بالوالدين إحسانا ، وفي المجمع : ، أي وأوصى بالوالدين إحسانا ، ويدل على ذلك أن في {حرم كذا} معنى أوصى بتحريمه وأمر بتجنبه . انتهى .
وقد عد في مواضع من القرآن الكريم إحسان الوالدين تاليا للتوحيد ونفي الشرك فأمر به بعد الأمر بالتوحيد أو النهي عن الشرك به كقوله : {وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} [الإسراء : 23] وقوله : {وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ} [لقمان : 14] وغير ذلك من الآيات .
ويدل ذلك على أن عقوق الوالدين من أعظم الذنوب أو هو أعظمها بعد الشرك بالله العظيم ، والاعتبار يهدي إلى ذلك فإن المجتمع الإنساني الذي لا يتم للإنسان دونه حياة ولا دين هو أمر وضعي اعتباري لا يحفظه في حدوثه وبقائه إلا حب النسل الذي يتكئ على رابطة الرحمة المتكونة في البيت القائمة بالوالدين من جانب وبالأولاد من جانب آخر ، والأولاد إنما يحتاجون إلى رحمتهما وإحسانهما في زمان تتوق أنفسهما إلى نحو الأولاد بحسب الطبع ، وكفى به داعيا ومحرضا لهما إلى الإحسان إليهم بخلاف حاجتهم إلى رأفة الأولاد ورحمتهم فإنها بالطبع يصادف كبرهما ويوم عجزهما عن الاستقلال بالقيام بواجب حياتهما وشباب الأولاد وقوتهم على ما يعنيهم .
وجفاء الأولاد للوالدين وعقوقهم لهما يوم حاجتهما إليهم ورجائهما منهم وانتشار ذلك بين النوع يؤدي بالمقابلة إلى بطلان عاطفة التوليد والتربية ، ويدعو ذلك من جهة إلى ترك التناسل وانقطاع النسل ، ومن جهة إلى كراهية تأسيس البيت والتكاهل في تشكيل المجتمع الصغير ، والاستنكاف عن حفظ سمة الأبوة والأمومة ، وينجر إلى تكون طبقة من الذرية الإنسانية لا قرابة بينهم ولا أثر من رابطة الرحم فيهم ، ويتلاشى عندئذ أجزاء المجتمع ، ويتشتت شملهم ، ويتفرق جمعهم ، ويفسد أمرهم فسادا لا يصلحه قانون جار ولا سنة دائرة ، ويرتحل عنهم سعادة الدنيا والآخرة ، وسنقدم إليك بحثا ضافيا في هذه الحقيقة الدينية إن شاء الله .
قوله تعالى : {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} الإملاق الإفلاس من المال والزاد ومنه التملق ، وقد كان هذا كالسنة الجارية بين العرب في الجاهلية لتسرع الجدب والقحط إلى بلادهم فكان الرجل إذا هدده الإفلاس بادر إلى قتل أولاده تأنفا من أن يراهم على ذلة العدم والجوع .
وقد علل النهي بقوله : {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} أي إنما تقتلونهم مخافة أن لا تقدروا على القيام بأمر رزقهم ولستم برازقين لهم بل الله يرزقكم وإياهم جميعا فلا تقتلوهم .
قوله تعالى : {وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ} الفواحش جمع فاحشة وهي الأمر الشنيع المستقبح ، وقد عد الله منها في كلامه الزنا واللواط وقذف المحصنات ، والظاهر أن المراد مما ظهر ومما بطن العلانية والسر كالزنا العلني واتخاذ الأخدان والأخلاء سرا .
وفي استباحة الفاحشة إبطال فحشها وشناعتها ، وفي ذلك شيوعها لأنها من أعظم ما تتوق إليه النفس الكارهة لأن يضرب عليها بالحرمان من ألذ لذائذها وتحجب عن أعجب ما تتعلق به وتعزم به شهوتها ، وفي شيوعها انقطاع النسل وبطلان المجتمع البيتي وفي بطلانه بطلان المجتمع الكبير الإنساني ، وسوف نستوفي هذا البحث إن شاء الله فيما يناسبه من المحل .
وكذلك استباحة القتل وما في تلوه من الفحشاء إبطال للأمن العام وفي بطلانه انهدام بنية المجتمع الإنساني وتبدد أركانه .
قوله تعالى : {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ} أي حرم الله قتلها أو حرمها بالحرمة المشرعة لها التي تقيها وتحميها من الضيعة في دم أو حق ، قيل : إنه تعالى أعاد ذكر القتل وإن كان داخلا في الفواحش تفخيما لشأنه وتعظيما لأمره ، ونظيره الكلام في قتل الأولاد خشية الإملاق اختص بالذكر عناية به ، وقد كانت العرب تفعل ذلك بزعمهم أن خشية الإملاق تبيح للوالد أن يقتل أولاده ، ويصان به ماء وجهه من الابتذال ، والأبوة عندهم من أسباب الملك .
وقد استثنى الله تعالى من جهة قتل النفس المحترمة التي هي نفس المسلم والمعاهد قتلها بالحق وهو القتل بالقود والحد الشرعي .
ثم أكد تحريم المذكورات في الآية بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} سيجيء الوجه في تعليل هذه المناهي الخمس بقوله : {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} .
قوله تعالى : {وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} النهي عن القرب للدلالة على التعميم فلا يحل أكل ماله ولا استعماله ولا أي تصرف فيه إلا بالطريقة التي هي أحسن الطرق المتصورة لحفظه ، ويمتد هذا النهي وتدوم الحرمة إلى أن يبلغ أشده فإذا بلغ أشده لم يكن يتيما قاصرا عن إدارة ماله وكان هو المتصرف في مال نفسه من غير حاجة بالطبع إلى تدبير الولي لماله .
ومن هنا يظهر أن المراد ببلوغه أشده هو البلوغ والرشد كما يدل عليه أيضا قوله : {وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء : 6] .
ويظهر أيضا أنه ليس المراد بتحديد حرمة التصرف في مال اليتيم بقوله : {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} رفع الحرمة بعد بلوغ الأشد وإباحة التصرف حينئذ بل المراد بيان الوقت الذي يصلح للاقتراب من ماله ، وارتفاع الموضوع بعده فإن الكلام في معنى : وأصلحوا مال اليتيم الذي لا يقدر على إصلاح ماله وإنمائه حتى يكبر ويقدر .
قوله تعالى : {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها} الإيفاء بالقسط هو العمل بالعدل فيهما من غير بخس ، وقوله : {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها} بمنزلة دفع الدخل كأنه قيل : إن الإيفاء بالقسط والوقوع في العدل الحقيقي الواقعي لا يمكن للنفس الإنسانية التي لا مناص لها عن أن تلتجئ في أمثال هذه الأمور إلى التقريب فأجيب بأنا لا نكلف نفسا إلا وسعها ، ومن الجائز أن يتعلق قوله : {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها} بالحكمين جميعا أعني قوله : {وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ} إلخ ، وقوله : {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ} .
قوله تعالى : {وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى} ذكر ذي القربى وهو الذي تدعو عاطفة القرابة والرحم إلى حفظ جانبه وصيانته من وقوع الشر والضرر في نفسه وماله يدل على أن المراد بالقول هو القول الذي يمكن أن يترتب عليه انتفاع الغير أو تضرره كما أن ذكر العدل في القول يؤيد ذلك ، ويدل على أن هناك ظلما ، وأن القول متعلق ببعض الحقوق كالشهادة والقضاء والفتوى ونحو ذلك .
فالمعنى : وراقبوا أقوالكم التي فيها نفع أو ضرر للناس واعدلوا فيها ، ولا يحملنكم رحمة أو رأفة أو أي عاطفة على أن تراعوا جانب أحد فتحرفوا الكلام وتجاوزوا الحق فتشهدوا أو تقضوا بما فيه رعاية لجانب من تحبونه وإبطال حق من تكرهونه .
قال في المجمع : ، وهذا من الأوامر البليغة التي يدخل فيها مع قلة حروفها الأقارير والشهادات ، والوصايا والفتاوى ، والقضايا ، والأحكام ، والمذاهب ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر .
قوله تعالى : {وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا} قال الراغب في المفردات ، : العهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال . انتهى . ولذا يطلق على الفرامين والتكاليف المشرعة والوظائف المحولة وعلى العهد الذي هو الموثق وعلى النذر واليمين .
وكثرة استعماله في القرآن الكريم في الفرامين الإلهية ، وإضافته في الآية إلى الله سبحانه ، ومناسبة المورد وفيه بيان الأحكام والوصايا الإلهية العامة كل ذلك يؤيد أن يكون المراد بقوله : {وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا} التكاليف الدينية الإلهية ، وإن كان من الممكن أن يكون المراد بالعهد هو الميثاق المعقود بمثل قولنا : عاهدت الله على كذا وكذا ، قال تعالى : {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً} [الإسراء : 34] فيكون إضافته إلى الله نظير إضافة الشهادة إليه في قوله : {وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ} [المائدة : 106] للإشارة إلى أن المعاملة فيه معه سبحانه . ثم أكد التكاليف المذكورة في الآية بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .
قوله تعالى : {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} إلى آخر الآية ، قرئ : {وَأَنَ} بفتح الهمزة وتشديد النون وتخفيفها وكأنه بالعطف على موضع قوله : {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} وقرئ بكسر الهمزة على الاستئناف .
والذي يعطيه سياق الآيات أن يكون مضمون هذه الآية أحد الوصايا التي أمر النبي صلى الله عليه وآله أن يتلوها عليهم ويخبرهم بها حيث قيل : {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} ، ولازم ذلك أن يكون قوله : {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} مسوقا لا لتعلق الغرض به بنفسه لأن كليات الدين قد تمت في الآيتين السابقتين عليه بل ليكون توطئة وتمهيدا لقوله بعده : {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} كما أن هذه الجملة بعينها كالتوطئة لقوله : {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} فالمراد بالآية أن لا تتفرقوا عن سبيله ولا تختلفوا فيه ، فتكون الآية مسوقة سوق قوله : {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى : 13] فالأمر في الآية بإقامة الدين هو ما وصى من الدين المشروع كأنه أعيد ليكون تمهيدا للنهي عن التفرق بالدين .
فالمعنى : ومما حرم ربكم عليكم ووصاكم به أن لا تتبعوا السبل التي دون هذا الصراط المستقيم الذي لا يقبل التخلف والاختلاف وهي غير سبيل الله فإن اتباع السبل دونه يفرقكم عن سبيله فتختلفون فيه فتخرجون من الصراط المستقيم إذ الصراط المستقيم لا اختلاف بين أجزائه ولا بين سالكيه .
ومقتضى ظاهر السياق أن يكون المراد بقوله : {صِراطِي} صراط النبي صلى الله عليه وآله فإنه هو الذي يخاطب الناس بهذه التكاليف عن أمر من ربه إذ يقول : {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ} إلخ ، فهو المتكلم معهم المخاطب لهم ، ولله سبحانه في الآيات مقام الغيبة حتى في ذيل هذه الآية إذ يقول : {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} ولا ضير في نسبة الصراط المستقيم إلى النبي صلى الله عليه وآله فقد نسب الصراط المستقيم إلى جمع من عباده الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في قوله : {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الحمد : 7] .
لكن المفسرين كأنهم تسلموا أن ضمير التكلم في قوله : {صِراطِي} لله سبحانه ففي الآية نوع من الالتفات لكن لا في قوله : {صِراطِي} بل في قوله : {عَنْ سَبِيلِهِ} فإن معنى الآية : تعالوا أتل عليكم ما وصاكم به ربكم وهو أنه يقول لكم : {إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه} أو وصيته {إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلي} فالالتفات ـ كما مر ـ إنما هو في قوله : {عَنْ سَبِيلِهِ} .
وكيف كان فهو تعالى في الآية يسمي ما ذكره من كليات الدين بأنه صراطه المستقيم الذي لا تخلف في هداية سالكيه وإيصالهم إلى المقصد ولا اختلاف بين أجزائه ولا بين سالكيه ما داموا عليه فلا يتفرقون البتة ثم ينهاهم عن اتباع سائر السبل فإن من شأنها إلقاء الخلاف والتفرقة لأنها طرق الأهواء الشيطانية التي لا ضابط يضبطها بخلاف سبيل الله المبني على الفطرة والخلقة ولا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم . ثم أكد سبحانه حكمه في الآية بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
وقد اختلفت الخواتيم في الآيات الثلاث فختمت الآية الأولى بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} والثانية بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} والثالثة بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
ولعل الوجه في ذلك أن الأمور المذكورة في الآية الأولى وهي الشرك بالله العظيم وعقوق الوالدين وقتل الأولاد من إملاق وقربان الفواحش الشنيعة وقتل النفس المحترمة من غير حق مما تدرك الفطرة الإنسانية حرمتها في بادئ نظرها ولا يجترئ عليها الإنسان الذي يتميز من سائر الحيوان بالعقل إلا إذا اتبع الأهواء وأحاطت به العواطف المظلمة التي تضرب بحجاب ثخين دون العقل . فمجرد الاعتصام بعصمة العقل في الجملة والخروج عن خالصة الأهواء يكشف للإنسان عن حرمتها وشامتها على الإنسان بما هو إنسان ، ولذلك ختمت بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} .
وما ذكر منها في الآية الثانية وهي الاجتناب عن مال اليتيم ، وإيفاء الكيل والميزان بالقسط ، والعدل في القول ، والوفاء بعهد الله أمور ليست بمثابة ما تليت في الآية الأولى من الظهور بل يحتاج الإنسان مع تعبيه بالعقل في إدراك حالها إلى التذكر وهو الرجوع إلى المصالح والمفاسد العامة المعلومة عند العقل الفطري حتى يدرك ما فيها من المفاسد الهادمة لبنيان مجتمعة المشرفة به وبسائر بني نوعه إلى التهلكة فما ذا يبقى من الخير في مجتمع إنساني لا يرحم فيه الصغير والضعيف ، ويطفف فيه الكيل والوزن ، ولا يعدل فيه في الحكم والقضاء ، ولا يصغي فيه إلى كلمة الحق ، ولهذه النكتة ختمت الآية بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .
والغرض المسوق له الآية الثالثة هو النهي عن التفرق والاختلاف في الدين باتباع سبل غير سبيل الله ، واتباع هاتيك السبل من شأنه أن التقوى الديني لا يتم إلا بالاجتناب عنه .
وذلك أن التقوى الديني إنما يحصل بالتبصر في المناهي الإلهية والورع عن محارمه بالتعقل والتذكر ، وبعبارة أخرى بالتزام الفطرة الإنسانية التي بني عليها الدين ، وقد قال تعالى : {وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها} [الشمس : 8] وقد وعد الله المتقين إن اتقوا يمددهم بما يتضح به سبيلهم ويفرق به بين الحق والباطل عندهم فقال : {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق : 2] وقال : {إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً} [الأنفال : 29] .
فهو على صراط التقوى ما دام ملازما لطريق التعقل والتذكر جاريا على مجرى الفطرة ، وإذا انحرف إلى الخارج من هذا الصراط وليس إلا اتباع الأهواء والإخلاد إلى الأرض والاغترار بزينة الحياة الدنيا جذبته الأهواء والعواطف إلى الاسترسال والعكوف على مخالفة العقل السليم وترك التقوى الديني من غير مبالاة بما يهدده من شؤم العاقبة كالسكران لا يدري ما يفعل ولا ما يفعل به .
والأهواء النفسانية مختلفة لا ضابط يضبطها ولا نظام يحكم عليها يجتمع فيه أهلها ولذلك لا تكاد ترى اثنين من أهل الأهواء يتلازمان في طريق أو يتصاحبان إلى غاية ، وقد عد الله سبحانه لهم في كلامه سبلا شتى كقوله : {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام : 55] وقوله : {وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف : 142] وقوله : {وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [يونس : 89] وقوله في المشركين : {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى} [النجم : 23] وأنت إن تتبعت آيات الهدى والضلال والاتباع والإطاعة وجدت في هذا المعنى شيئا كثيرا .
وبالجملة التقوى الديني لا يحصل بالتفرق والاختلاف ، والورود في أي مشرعة شرعت ، والسلوك من أي واد لاح لسالكه بل بالتزام الصراط المستقيم الذي لا تخلف فيه ولا اختلاف فذلك هو الذي يرجى معه التلبس بلباس التقوى ، ولذلك عقب الله سبحانه قوله : {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
وقال في روح المعاني : وختمت الآية الأولى بقوله سبحانه : {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} وهذه ـ يعني الثانية ـ بقوله : {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} لأن القوم كانوا مستمرين على الشرك وقتل الأولاد وقربان الزنا وقتل النفس المحرمة بغير حق غير مستنكفين ولا عاقلين قبحها فنهاهم لعلهم يعقلون قبحها فيستنكفوا عنها ويتركوها ، وأما حفظ أموال اليتامى عليهم وإيفاء الكيل والعدل في القول والوفاء بالعهد فكانوا يفعلونه ويفتخرون بالاتصاف به فأمرهم الله تعالى بذلك لعلهم يذكرون إن عرض لهم نسيان ، قاله القطب الرازي . انتهى .
وأنت خبير بأن الذي ذكره من اتصافهم بحفظ أموال اليتامى وإيفاء الكيل والعدل في القول لا يوافق ما ضبط التاريخ من خصال عرب الجاهلية ، على أن الذي فسر به التذكر إنما هو معنى الذكر دون التذكر في عرف القرآن .
ثم قال : وقال الإمام ـ يعني الرازي ـ في التفسير الكبير : ، السبب في ختم كل آية بما ختمت أن التكاليف الخمسة المذكورة في الآية الأولى ظاهرة جلية فوجب تعقلها وتفهمها والتكاليف الأربعة المذكورة في هذه الآية ـ يعني الثانية ـ أمور خفية غامضة لا بد فيها من الاجتهاد والفكر الكثير حتى يقف على موضوع الاعتدال وهو التذكر . انتهى .
وما ذكره من الوجه قريب المأخذ مما قدمناه غير أن الأمور الأربعة المذكورة في الآية الثانية مما يناله الإنسان بأدنى تأمل ، وليست بذلك الخفاء والغموض الذي وصفه ، ولذا التجأ إلى إرجاع التذكر إلى الوقوف على حد الاعتدال فيها دون أصلها فأفسد بذلك معنى الآية فإن مقتضى السياق رجوع رجاء التذكر إلى أصل ما وصى به فيها ، والذي يحتاج منها بحسب الطبع إلى الوقوف حد اعتداله هما الأمران الأولان أعني قربان مال اليتيم وإيفاء الكيل والوزن ، وقد تدورك أمرهما بقوله : {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها} فافهم ذلك .
ثم قال في الآية الثالثة : قال أبو حيان : ولما كان الصراط المستقيم هو الجامع للتكاليف وأمر سبحانه باتباعه ونهى عن اتباع غيره من الطرق ختم ذلك بالتقوى التي هي اتقاء النار إذ من اتبع صراطه نجا النجاة الأبدية ، وحصل على السعادة السرمدية انتهى .
وهو مبني على جعل الأمر باتباع الصراط المستقيم في الآية مما تعلق به القصد بالأصالة وقد تقدم أن مقتضى السياق كونه مقدمة للنهي عن التفرق باتباع السبل الأخرى . وتوطئة لقوله : {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} .
___________________________
1. تفسير الميزان ، ج7 ، ص 316-323 .
الأوامر العشرة :
بعد نفي أحكام المشركين المختلفة التي مرّت في الآيات المتقدمة ، أشارت هذه الآيات الثلاثة إلى أصول المحرمات في الإسلام ، وذكرت الذنوب الرئيسية الكبيرة في عشرة أقسام ببيان مقتضب ، عميق وفريد ، ودعت المشركين إلى أن يحضروا عند النّبي ويستمعوا إلى ما يتلى عليهم من المحرمات الإلهية الواقعية ، ويتركوا المحرمات المختلقة جانبا .
يقول أوّلا : {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} .
1 ـ {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} .
2 ـ {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} .
3 ـ {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} أي بسبب الفقر والحرمان لأنّنا {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} .
4 ـ {وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ} أي لا تقربوها فضلا عن أن لا ترتكبوها .
5 ـ {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ} فلا تسفكوا الدّماء البريئة ، ولا تقتلوا النفوس التي حرم الله قتلها إلّا ضمن قوانين العقوبات الإلهية ، فيجوز أن تقتلوا من أذن الله لكم بقتله .
ثمّ إنّه تعالى بعد ذكر هذه الأقسام الخمسة يقول لمزيد من التأكيد : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} فلا ترتكبوها .
6 ـ {وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} فلا تقربوا مال اليتيم إلّا بقصد الإصلاح حتى يبلغ أشده ويستوي .
7 ـ {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ} فلا تطففوا ولا تبخسوا .
وحيث أن الإنسان ـ مهما دقق في الكيل والوزن ـ قد يزيد أو ينقص بما لا يمكن أن تضبطه الموازين والمكاييل المتعارفة لقلته وخفائه ، لهذا عقب على ما قال بقوله : {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها} .
8 ـ {وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى} فلا تنحرفوا عن جادة الحق عند الشهادة أو القضاء أو أمر آخر حتى ولو كان على القريب ، فاشهدوا بالحق ، واقضوا بالعدل .
9 ـ {وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا} ولا تنقضوه .
وأمّا ما هو المراد من العهد الالهي المذكور في هذه الآية؟ فقد ذهب المفسّرون إلى احتمالات عديدة فيه ، ولكن مفهوم الآية يشمل جميع العهود الالهيّة «التكوينية» و «التشريعية» والتكاليف الالهية وكل عهد ونذر ويمين .
ثمّ إنّه سبحانه يقول في ختام هذه الأقسام الأربعة ـ للتأكيد : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .
10 ـ {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} إن طريقي هذا هو طريق التوحيد ، طريق الحق والعدل ، طريق الطهر والتقوى فامشوا فيه ، واتبعوه ، واسلكوه ولا تسلكوا الطرق المنحرفة والمتفرقة ، فتؤدي بكم إلى الانحراف عن الله وإلى الاختلاف ، والتشرذم ، والتفرق ، وتزرع فيكم بذور الفرقة والنفاق .
ثمّ يختم جميع هذه الأقسام وللمرّة الثّالثة ـ لغرض التأكيد بقوله : {ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
__________________________
1. تفسير الأمثل ، ج4 ، ص 255-257 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|