أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-10-2017
13001
التاريخ: 4-10-2017
8615
التاريخ: 3-10-2017
3901
التاريخ: 3-10-2017
18082
|
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } [الممتحنة: 10، 11].
لما قطع سبحانه الموالاة بين المسلمين والكافرين بين حكم النساء المهاجرات وأزواجهن فقال {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} بالإيمان أي استوصفوهن الإيمان وسماهن مؤمنات قبل أن يؤمن لأنهن اعتقدن الإيمان {الله أعلم بإيمانهن} أي كنتم تعلمون بالامتحان ظاهر إيمانهن والله يعلم حقيقة إيمانهن في الباطن ثم اختلفوا في الامتحان على وجوه {أحدها} أن الامتحان أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله عن ابن عباس {وثانيها} ما روي عن ابن عباس أيضا في رواية أخرى أن امتحانهن أن يحلفن ما خرجن إلا للدين والرغبة في الإسلام ولحب الله ورسوله ولم يخرجن لبغض زوج ولا لالتماس دنيا وروي ذلك عن قتادة {وثالثها} أن امتحانهن بما في الآية التي بعد وهو أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين الآية عن عائشة.
ثم قال سبحانه {فإن علمتموهن مؤمنات} يعني في الظاهر {فلا ترجعوهن إلى الكفار} أي لا تردوهن إليهم {لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} وهذا يدل على وقوع الفرقة بينهما بخروجها مسلمة وإن لم يطلق المشرك {وآتوهم ما أنفقوا} أي وآتوا أزواجهن الكفار ما أنفقوا عليهن من المهر عن ابن عباس ومجاهد وقتادة قال الزهري لولا الهدنة لم يرد إلى المشركين الصداق كما كان يفعل قبل.
{ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن} أي ولا جناح عليكم معاشر المسلمين أن تنكحوا المهاجرات إذا أعطيتموهن مهورهن التي يستحل بها فروجهن لأنهن بالإسلام قد بن من أزواجهن {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} أي لا تمسكوا بنكاح الكافرات وأصل العصمة المنع وسمي النكاح عصمة لأن المنكوحة تكون في حبال الزوج وعصمته وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز العقد على الكافرة سواء كانت حربية أو ذمية وعلى كل حال لأنه عام في الكوافر وليس لأحد أن يخص الآية بعابدة الوثن لنزولها بسببهن لأن المعتبر بعموم اللفظ لا بالسبب {واسألوا ما أنفقتم} أي إن لحقت امرأة منكم بأهل العهد من الكفار مرتدة فاسألوهم ما أنفقتم من المهر إذا منعوها ولم يدفعوها إليكم كما يسألونكم مهور نسائهم إذا هاجرن إليكم وهو قوله {وليسألوا ما أنفقوا ذلكم} يعني ما ذكر الله في هذه الآية.
{حكم الله يحكم بينكم والله عليم} بجميع الأشياء {حكيم} فيما يفعل ويأمر به قال الحسن كان في صدر الإسلام تكون المسلمة تحت الكافر والكافرة تحت المسلم فنسخته هذه الآية قال الزهري ولما نزلت هذه الآية آمن المؤمنون بحكم الله وأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين على نسائهم وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما أمرهم به من أداء نفقات المسلمين فنزل {وإن فاتكم شيء من أزواجكم} أي أحد من أزواجكم {إلى الكفار} فلحقن بهم مرتدات.
{فعاقبتم} معناه فغزوتم وأصبتم من الكفار عقبى وهي الغنيمة فظفرتم وكانت العاقبة لكم وقيل معناه فخلفتم(2) من بعدهم وصار الأمر عن مؤرج وقيل إن عقب وعاقب مثل صغر وصاغر بمعنى عن الفراء وقيل عاقبتم بمصير أزواج الكفار إليكم إما من جهة سبي أو مجيئهن مؤمنات عن علي بن عيسى {فأتوا الذين ذهبت أزواجهم} أي نساؤهم من المؤمنين {مثل ما أنفقوا} من المهور عليهن من رأس الغنيمة وكذلك من ذهبت زوجته إلى من بينكم وبينه عهد فنكث في إعطاء المهر فالذي ذهبت زوجته يعطى المهر من الغنيمة ولا ينقص شيئا من حقه بل يعطى كملا عن ابن عباس والجبائي وقيل معناه إن فاتكم أحد من أزواجكم إلى الكفار الذين بينكم وبينهم عهد فغنمتم فأعطوا زوجها صداقها الذي كان ساق إليها من الغنيمة ثم نسخ هذا الحكم(3) في براءة فنبذ إلى كل ذي عهد عهده عن قتادة وقال علي بن عيسى معناه فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا من المهور كما عليهم أن يردوا عليكم مثل ما أنفقتم لمن ذهب من أزواجكم.
{واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون} أي اجتنبوا معاصي الله الذي أنتم تصدقون به ولا تجاوزا أمره وقال الزهري فكان جميع من لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين راجعات عن الإسلام ست نسوة : أم الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن شداد الفهري وفاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة أخت أم سلمة كانت تحت عمر بن الخطاب فلما أراد عمر أن يهاجر أبت وارتدت وبروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان وعبدة بنت عبد العزى بن فضلة وزوجها عمرو بن عبد ود وهند بنت أبي جهل بن هشام كانت تحت هشام بن العاص بن وائل وكلثوم بنت جرول كانت تحت عمر فأعطاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) مهور نسائهم من الغنيمة .
____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص453-455.
2- في نسخة فلحقتم بدل فخلفتم.
3- في المخطوطة سورة براءة.
في سنة ست من الهجرة عقد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) صلح الحديبية مع قريش . أنظر تفسير الآية 10 من سورة الفتح فقرة (خلاصة القصة) ، وجاء في عهد الصلح :
ان من أتى محمدا (صلى الله عليه واله وسلم) من قريش رده عليهم ، ومن أتى قريشا من عند محمد (صلى الله عليه واله وسلم) لم يردوه عليه . وقال المفسرون : بعد ان تم الصلح بين الطرفين جاءت امرأة من قريش مهاجرة إلى رسول اللَّه (صلى الله عليه واله وسلم) وجاء زوجها على أثرها ، وكان مشركا ، فقال : يا محمد ، أردد عليّ امرأتي ، فإنك شرطت لنا ان ترد علينا من أتاك منا . . فنزلت هاتان الآيتان لبيان حكم الزوجات اللائي آمنّ من دون أزواجهن ، واللائي ارتددن عن الإسلام . وفيما يلي التفصيل :
1 - {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} . يقول سبحانه للمسلمين : إذا جاءتكم امرأة من دار الشرك ، وقالت : أتيت مؤمنة باللَّه ورسوله فاختبروها . واختلف المفسرون في أي شيء يختبرها المسلمون ؟ .
وأرجح الأقوال أن تشهد المرأة ان لا إله إلا اللَّه وان محمدا رسول اللَّه ، لأن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) كان يكتفي بذلك لاثبات الإسلام ، وعليه إجماع المسلمين ، ولقوله تعالى بلا فاصل : {اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ} أي خذوا بالظاهر ، أما الباطن فهو للَّه وحده ، وللآية 94 من سورة النساء : {ولا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} . فبالأولى ان لا نقول ذلك لمن نطق بالشهادتين .
{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ} أي نطقن بالشهادتين {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} . لا تعيدوا إلى الزوج المشرك - أيها المسلمون - زوجته التي هاجرت إليكم مؤمنة لأنها لا تحل له بعد ان انقطعت العصمة بينهما .
وان سأل سائل : ان قوله تعالى : {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ} يغني عن قوله : {ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} فما هي فائدة التكرار ؟ قلنا في جوابه : من الجائز أن يكون التكرار للإشارة إلى أنه لا أثر لاعتقاد المشرك انها ما زالت في عصمته وأيضا يجوز أن يكون لمجرد التأكيد {وآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا} . ولكن ردوا أيها المسلمون إلى الأزواج مثل ما أعطوا الزوجات من المهر . ويختص هذا الحكم بحال الهدنة بين الرسول والمشركين ، ولا ينسحب إلى ما بعدها ، لأن المهر يستقر على الزوج بمجرد الدخول ، ولا يسقط بانفساخ العقد ، سواء أسلمت هي من دونه أم أسلم هومن دونها .
2 - {ولا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} . للمسلم أن يتزوج المهاجرة المؤمنة بعد أن حرمت على زوجها ، شريطة أن يفرض لها المسلم مهرا ، وأن يتم الزواج بعد انقضاء العدة من المشرك إذا كان قد دخل بها .
3 - {ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ} . إذا كان الزوجان مشركين ، وأسلم هومن دونها حرمت عليه لانقطاع العصمة بينهما تماما كما لو أسلمت هي من دونه . .
وكذلك لوكانا مسلمين ، وارتد أحدهما عن الإسلام {وسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ ولْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا} إذا أسلم هومن دونها يحق له أن يطالب بما أعطاها من المهر ، تماما
كما يحق للمشرك أن يطالب بمهر زوجته المؤمنة {ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} . هذا الحكم فرض لا تجوز معصيته ، فلقد شرعه سبحانه لحكمة هوبها أعلم .
{وإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ} - منكم - {مِثْلَ ما أَنْفَقُوا} . إذا هربت زوجة المسلم إلى الكفار مرتدة عن دينها ، ولم يردوا إلى زوجها المهر فردوا أنتم إليه أيها المسلمون المهر إلى الزوج من الغنائم التي تكسبونها من الكفار {واتَّقُوا اللَّهً الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} . اتقوا محارم اللَّه ، وامتثلوا أحكامه ان كنتم صادقين في ايمانكم .
____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص306-308.
قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} الآية، سياق الآية يعطي أنها نزلت بعد صلح الحديبية، وكان في العهد المكتوب بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين أهل مكة أنه إن لحق من أهل مكة رجل بالمسلمين ردوه إليهم وإن لحق من المسلمين رجل بأهل مكة لم يردوه إليهم ثم إن بعض نساء المشركين أسلمت وهاجرت إلى المدينة فجاء زوجها يستردها فسأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يردها إليه فأجابه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الذي شرطوه في العهد رد الرجل دون النساء ولم يردها إليهم وأعطاه ما أنفق عليها من المهر وهو الذي تدل عليه الآية مع ما يناسب ذلك من أحكامهن.
فقوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} سماهن مؤمنات قبل امتحانهن والعلم بإيمانهن لتظاهرهن بذلك.
وقوله: {فامتحنوهن} أي اختبروا إيمانهن بما يظهر به ذلك من شهادة وحلف يفيد العلم والوثوق، وفي قوله: {الله أعلم بإيمانهن} إشارة إلى أنه يجزي في ذلك العلم العادي والوثوق دون اليقين بحقيقة الإيمان الذي هو تعالى أعلم به علما لا يتخلف عنه معلومه.
وقوله: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار} ذكرهم بوصف الإيمان للإشارة إلى أنه السبب للحكم وانقطاع علقة الزوجية بين المؤمنة والكافر.
وقوله: {لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} مجموع الجملتين كناية عن انقطاع علقة الزوجية، وليس من توجيه الحرمة إليهن وإليهم في شيء.
وقوله: {وآتوهم ما أنفقوا} أي أعطوا الزوج الكافر ما أنفق عليها من المهر.
وقوله: {ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن} رفع المانع من نكاح المؤمنات المهاجرات إذا أوتين أجورهن والأجر المهر.
وقوله: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} العصم جمع عصمة وهي النكاح الدائم يعصم المرأة ويحصنها، وإمساك العصمة إبقاء الرجل - بعد ما أسلم - زوجته الكافرة على زوجيتها فعليه بعد ما أسلم أن يخلي عن سبيل زوجته الكافرة سواء كانت مشركة أو كتابية.
وقد تقدم في تفسير قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] ، وقوله: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } [المائدة: 5] ، أن لا نسخ بين الآيتين وبين الآية التي نحن فيها.
وقوله: {واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا} ضمير الجمع في {واسألوا} للمؤمنين وفي {ليسألوا} للكفار أي إن لحقت امرأة منكم بالكفار فاسألوهم ما أنفقتم لها من مهر ولهم أن يسألوا مهر من لحقت بكم من نسائهم.
ثم تمم الآية بالإشارة إلى أن ما تضمنته الآية حكم الله الذي شرع لهم فقال: {ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم}.
قوله تعالى: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا} إلخ، قال الراغب: الفوت بعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه، قال تعالى: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار}.
انتهى.
وفسر المعاقبة والعقاب بمعنى الوصول والانتهاء إلى عقبى الشيء، والمراد عاقبتم من الكفار أي أصبتم منهم غنيمة وهي عقبى الغزو، وقيل: عاقب بمعنى عقب، وقيل: عاقب مأخوذ من العقبة بمعنى النوبة.
والأقرب أن يكون المراد بالشيء المهر و{من} في {من أزواجكم} لابتداء الغاية و{إلى الكفار} متعلق بقوله: {فاتكم} والمراد بالذين ذهبت أزواجهم، بعض المؤمنين وإليهم يعود ضمير {أنفقوا{.
والمعنى: وإن ذهب وانفلت منكم إلى الكفار مهر من أزواجكم بلحوقهن بهم وعدم ردهم ما أنفقتم من المهر إليكم فأصبتم منهم بالغزو غنيمة فأعطوا المؤمنين الذين ذهبت أزواجهم إليهم مما أصبتم من الغنيمة مثل ما أنفقوا من المهر.
وفسرت الآية بوجوه أخرى بعيدة عن الفهم أغمضنا عنها.
وقوله: {واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون} أمر بالتقوى، وتوصيفه تعالى بالموصول والصلة لتعليل الحكم فإن من مقتضى الإيمان بالله تقواه.
قوله تعالى: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} إلخ، تتضمن الآية حكم بيعة النساء المؤمنات للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد شرطت عليهن في {على أن لا يشركن} إلخ، أمورا منها ما هو مشترك بين الصنفين: الرجال والنساء كالتحرز من الشرك ومن معصية الرسول في معروف ومنها ما هو أمس بهن من حيث إن تدبير المنزل بحسب الطبع إليهن وهن السبيل إلى حفظ عفة البيت والحصول على الأنسال وطهارة مواليدهم، وهي التجنب من السرقة والزنا وقتل الأولاد وإلحاق غير أولاد أزواجهن بهم، وإن كانت هذه الأمور بوجه من المشتركات.
__________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص311-213.
تعويض خسائر المسلمين والكفّار:
إستعرضت الآيات السابقة موضوع «البغض في الله» وما يترتّب على ذلك من قطع أي صلة مع أعداء الله .. أمّا موضوع هذه الآيات فهوعن «الحبّ في الله» وعن طبيعة العلاقة مع الذين إنفصلوا عن الكفر وإرتبطوا بالإيمان.
وينصبّ الحديث في الآية الاُولى ـ من هذه الآيات المباركات ـ عن النساء المهاجرات، حيث ضمّت هذه الآية سبع نقاط تتعلّق بالنساء المهاجرات، كما تناولت نقاطاً اُخرى تختّص بالنساء المشركات.
النقاط التي تختّص بالنساء المهاجرات هي:
1 ـ إمتحان النساء المهاجرات، حيث يوجّه سبحانه الحديث إلى المؤمنين فيقول تعالى: {يا أيّها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ). فالأمر الأوّل هو إمتحان النساء المؤمنات، وبالرغم من تسميتهنّ بالمؤمنات إلاّ أنّ إعلان الشهادتين ظاهرياً لا يكفي، فمن أجل المزيد من الإطمئنان على إنسجام الظاهر مع الباطن كان الأمر بالإمتحان للوثوق والتأكّد.
أمّا طريقة واُسلوب هذا الإمتحان فكما مرّ بنا، وهو أن يستحلفن أنّ هجرتهنّ لم تكن إلاّ من أجل الإسلام، وأنّها لم تكن بسبب بغض أزواجهنّ أو علاقة مع شخص آخر، أو حبّاً بأرض المدينة وما إلى ذلك.
كما يوجد إحتمال آخر حول كيفية إمتحان النسوة المهاجرات، وذلك كما ورد في الآية الثانية عشرة من نفس السورة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ} [الممتحنة: 12].
ومن الممكن أن يكون الكذب في الحلف أيضاً، فيقول البعض خلافاً لما يعتقد به، إلاّ أنّ التزام الكثير من الناس حتّى المشركين في ذلك الزمان بمسألة البيعة والحلف بالله كان سبباً في تقليص دائرة غير الصادقين. ومن هنا نلاحظ أنّ الإمتحان المذكور بالرغم من أنّه لم يكن دليلا قطعيّاً على الإيمان حقيقة، إلاّ أنّه غالباً ما يكون كاشفاً عن الحقيقة بصورة كبيرة.
لذا يضيف سبحانه في العبارة التالية: {الله أعلم بإيمانهنّ}.
2 ـ يقول سبحانه في الأمر اللاحق: {فإن علمتموهنّ مؤمنات فلا ترجعوهنّ إلى الكفّار}.
ورغم أنّ البند المثبت في (وثيقة صلح الحديبية) يشير إلى أنّ الأشخاص الذين أسلموا وهاجروا إلى المدينة يجب إرجاعهم إلى مكّة، إلاّ أنّه خاصّ بالرجال ولا يشمل النساء، لذا فإنّ رسول الله لم يرجع أيّة امرأة إلى الكفّار. وإلاّ فرجوع المسلمة إلى الكفّار يمثّل خطراً حقيقيّاً على وضعها الإيماني، وذلك بلحاظ ضعفها وحاجتها إلى الرعاية المستمرّة.
3 ـ في ثالث نقطة التي هي في الحقيقة دليل على الحكم السابق يضيف تعالى: {لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ}.
فالإيمان والكفر لا يجتمعان في مكان واحد، لأنّ عقد الزواج المقدّس لا يمكن أن يربط بين محورين وخطّين متضادّين (خطّ الإيمان) من جهة و(الكفر) من جهة اُخرى، إذ لابدّ أن يكون عقد الزواج يشكّل نوعاً من الوحدة والتجانس والإنسجام بين الزوجين، وهذا ما لا يمكن أن يتحقّق نتيجة الإختلاف والتضادّ التي سيكون عليها الزوجان في حالة كون أحدهما مؤمناً والآخر كافراً.
ونلاحظ في بداية صدر الإسلام حالات من هذا القبيل لزوجين أحدهما مؤمن والآخر كافر، ولم ينه عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث لم يزل المجتمع الإسلامي قلقاً وغير مستقرّ بعد، إلاّ أنّه عندما تأصّلت جذور العقيدة الإسلامية وترسّخت مبادئها، أعطى أمراً بالإنفصال التامّ بين الزوجين بلحاظ معتقدهما، وخاصّة بعد صلح الحديبية، والآية ـ مورد البحث ـ هي إحدى أدلّة هذا الموضوع.
4 ـ كان المتعارف بين العرب أن يدفعوا للمرأة مهرها سلفاً، ولهذا المعنى أشار سبحانه في قوله في الأمر الرابع: {وآتوهم ما أنفقوا).
بالرغم من أنّ أزواج المؤمنات كفّار فلابدّ من إعطائهم ما أنفقوا من مهور على زوجاتهم، وذلك لأنّ الطلاق والإنفصال قد تمّ بمبادرة من المرأة بسبب إيمانها، لذا توجب العدالة الإسلامية دفع خسارة الزوج.
ويتساءل هنا: هل المقصود من الإنفاق هو المهر فقط، أو أنّه يشمل كافّة المصاريف التي بذلها الرجل لهذا الشأن؟
رجّح أغلب المفسّرين المعنى الأوّل، وهذا هو القدر المسلّم به، بالرغم من أنّ البعض ـ كأبي الفتوح الرازي ـ يرى وجوب تحمّل كافّة النفقات الاُخرى أيضاً(2).
وطبيعي أنّ دفع المهر يكون لمن عقد معاهدة صلح من الكفّار مع المسلمين، كما في صلح الحديبية.
وأمّا من الذي يدفع المهر؟ فالظاهر أنّ هذا العمل يجب أن تتبّناه الدولة الإسلامية (بيت المال) لأنّ جميع الاُمور التي لم يكن لها مسؤول خاصّ في المجتمع الإسلامي يجب أن تتصدّى الدولة لإدارتها، وخطاب الجمع في الآية مورد البحث دليل على هذا المعنى. (كما يلاحظ في آيات حدّ السارق والزاني).
5 ـ الحكم الآخر الذي يلي الحكم أعلاه، فهو قوله تعالى: {فلا جناح عليكم أن تنكحوهنّ إذا آتيتموهنّ اُجورهنّ}.
وهنا تؤكّد الآية الكريمة على ضرورة إعطاء النساء المهاجرات مهورهنّ في حالة الرغبة بالزواج منهنّ، شاجبة التصوّر الذي يدور في خلد البعض بأنّ النساء المهاجرات لا يستحققن مهوراً جديدة بسبب إستلامهنّ المهور من أزواجهنّ السابقين، وقد تحمّل بيت المال مبالغها ودفعها لأزواجهنّ السابقين.
إنّ زواجكم من هؤلاء النسوة لا يمكن أن يكون مجانيّاً، ولابدّ أن يؤخذ بنظر الإعتبار مهر يتناسب مع حرمة المرأة المؤمنة.
ومن الضروري ملاحظة أنّ إنفصال المرأة المؤمنة عن زوجها الكافر لا يحتاج إلى طلاق، إلاّ أنّه لابدّ من إنتهاء العدّة.
وقد ذكر الفقيه «صاحب الجواهر» في شرحه لكلام «المحقّق الحلّي» «وأمّا في الزوج والزوجة غير الكتابين، فالحكم فيهما انّ إسلام أحد الزوجين موجب لإنفساخ العقد في الحال ان كان قبل الدخول وان كان بعده وقف على إنقضاء العدّة بلا خلاف في شيء من ذلك ولا إشكال نصّاً وفتوى، بل لعلّ الإتّفاق نقلا وتحصيلا عليه»(3).
6 ـ أمّا إذا كان الأمر على العكس، وكان الزوج قد آمن بالإسلام، وبقيت المرأة كافرة، فهنا تنفصل الرابطة الزوجية، فتنقطع صلة زواجهما، كما في قوله تعالى في تكملة الآية: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر}.
«عصم»: جمع عصمة، وهي في الأصل بمعنى المنع، وهنا ـ بمعنى النكاح والزوجية ـ لوجود القرائن ـ وصرّح البعض بأنّه النكاح الدائم ـ والتعبير بالعصمة أيضاً مناسب لهذا المعنى، لأنّه يمنع المرأة من الزواج من أيّ شخص آخر إلى الأبد.
«الكوافر»: جمع كافرة، بمعنى النساء الكافرات.
وقد بحث الفقهاء في أنّ هذا الحكم هل هو مختّص بالنساء المشركات فقط، أم أنّه يشمل أهل الكتاب أيضاً كالنسوة المسيحيات واليهوديات؟ وتختلف الروايات في هذا المجال، حيث يجدر متابعتها في كتب الفقه. إلاّ أنّ ظاهر الآية مطلق ويشمل جميع النساء الكافرات، كما أنّ سبب النزول لم يحدّد ذلك.
أمّا مسألة «العدّة» فهي باقية بطريق أولى، لأنّها إذا أنجبت طفلا فسيكون مسلماً لأنّ أباه مسلم.
7 ـ أمّا آخر حكم ذكر في الآية الكريمة، فهو مهور النساء اللواتي ارتددن عن الإسلام والتحقنّ بالكفّار فانّ لكم الحقّ في المطالبة بمهورهنّ مثلما للكفّار الحقّ في المطالبة بمهور زوجاتهم اللاتي دخلن دائرة الإسلام والتحقن بالمسلمين، حيث يقول تعالى: {واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا) وهذا ما توجبه العدالة والإحترام المتقابل للحقوق.
وفي نهاية الآية ـ وتأكيداً لما سبق ـ يقول سبحانه: {ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم}.
إنّ هذه الأحكام المستلهمة من العلم الإلهي، الممتزجة بحكمته تعالى، والتي لاحظت في تشريعاتها كافّة الحقوق، تنسجم مع مبادىء العدل والمرتكزات والاُصول الإسلامية، ولابدّ من الإلتفات إلى حقيقة أنّ كون جميع هذه الأحكام إلهيّة يُعدّ أكبر ضمانة إجرائية لها في قوّة التنفيذ.
وإستعرضت ثاني وآخر آية من هذه الآيات متابعة لما تقدّم، بعض الاُمور في هذا الصدد يقول تعالى أنّه في كلّ مرّة ترتدّ امرأة متزوّجة عن الإسلام وتلتحق بالكفّار، ثمّ حدثت معركة بينكم وبين الكفّار وحالفكم النصر عليهم وغنمتم منهم مغانم فاعطوا الذين ذهبت زوجاتهم إلى الكفّار: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفّار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا}.
وتمشّياً مع النصّ القرآني فإنّ بإمكان المسلمين الذين فقدوا زوجاتهم اللواتي التحقن بمعسكر الكفر أن يأخذوا مهورهنّ من الكفّار، كما كان يحقّ للكفّار إستلام مهور زوجاتهم اللواتي إعتنقن الإسلام وهاجرن إلى المدينة.
وتحدّثنا بعض الروايات أنّه في الوقت الذي طبّق المسلمون هذا الحكم العادل، فإنّ مشركي مكّة إمتنعوا عن الإلتزام به وتنفيذه، لذا فقد اُمر المسلمون بصيانة حقّ هؤلاء الأفراد وذلك بإعطائهم ما يعادل المهور التي دفعوها لزوجاتهم اللواتي التحقن بالمشركين من الغنائم التي حصلوا عليها قبل تقسيمها على الآخرين.
ويحتمل أن يكون هذا الحكم خاصّاً بالجماعات التي لم يكن لها عهد مع المسلمين، حيث من الطبيعي أنّ مثل هؤلاء لم يكونوا مستعدّين لدفع مهور أمثال هؤلاء النسوة للمسلمين، كما يمكن الجمع بين الرأيين أيضاً.
«عاقبتم» من مادّة معاقبة، وهي في الأصل من عقب (على وزن كدر) بمعنى: (كعب القدم) ولهذا السبب فإنّ كلمة «عقبى» جاءت بمعنى الجزاء والعقوبة، أي بمعنى عقاب لعمل فيه مخالفة. لذا فإنّ المعاقبة تستعمل بمعنى القصاص، كما يستعمل هذا المصطلح أيضاً (معاقبة) بمعنى (التناوب) في أمر ما، لكون الأشخاص الذين ينجزون عملا ما بشكل متناوب، يعقب كلّ منهم الآخر.
ولذا فإنّ كلمة (عاقبتم) في الآية أعلاه جاءت بمعنى إنتصار المسلمين على الكفّار وعقابهم، وأخذ الغنائم منهم، كما جاءت أيضاً بمعنى «التناوب» أي يوم ينتصر فيه الكفّار على المسلمين ويوم بالعكس.
ويحتمل أيضاً المقصود من هذه العبارة هو: الوصول إلى نهاية وعاقبة عمل ما، والمراد من نهاية العمل هنا هو أخذ الغنائم الحربية.
وأي من هذه المعاني كان، فإنّ النتيجة واحدة، إلاّ أنّ طرق الوصول إلى هذه النتيجة متفاوتة.
وتدعو الآية الكريمة في نهايتها جميع المسلمين إلى الإلتزام بالتقوى حيث يقول تعالى: {واتّقوا الله الذي أنتم به مؤمنون}.
والأمر بالتقوى هنا يمكن أن يكون بمراعاة الدقّة والعدل في تعيين مقدار مهر الزوجة، باعتبار أنّ هذا الأمر يعتمد فيه على قول الزوج في الغالب، ولا يوجد سبيل لإثبات هذا الحقّ إلاّ أقوال الزوجين، ولإحتمال أن تسبّب الوساوس الشيطانية في الإدّعاء بمبلغ أكثر من المقدار الحقيقي للمهر، لذا يوصي بالتقوى.
وجاء في التواريخ والروايات أنّ هذا الحكم الإسلامي قد شمل ستّ نسوة ـ فقط ـ انفصلنّ عن أزواجهنّ المسلمين والتحقن بالكفّار، وقد أعطى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أزواجهنّ مهورهنّ من الغنائم الحربية.
العدل حتّى مع الأعداء:
من خلال إستعراضنا الآيات الكريمة أعلاه نلاحظ عمق الدقّة وروعة الظرافة واللطف في طبيعة الأحكام التي وردت فيها، موضّحة إلى أي حدٍّ يهتمّ الإسلام بأصل العدالة والقسط في تشريع أحكامه حتّى في أحرج الظروف وأصعبها، لأنّه يسعى لتعميم الخير وإبعاد الأذى والضرر حتّى عن الكفّار.
في الوقت الذي نلاحظ أنّ العرف العامّ في حياتنا العملية يتعامل في الظروف والأوقات العصيبة بخصوصية معيّنة وإستثناء خاصّ ويتخلّى عن الكثير من قيم الحقّ والعدل ويدّعي أن لا مكان لإحقاق الحقّ فيها .. في حين تؤكّد التشريعات الإلهية على تحمّل كلّ صعوبة حتّى في أدقّ الظروف وأشدّها ضيقاً منعاً لهدر أيّ حقّ، لا للقريبين فقط. بل حتّى للأعداء، إذ يجب أن يحافظ على حقوقهم وترعى حرماتهم.
إنّ مثل هذه الأحكام الإسلامية هي في الحقيقة نوع من الإعجاز، ودليل على حقّانية دعوة الرّسول الأعظم حيث السعي بمنتهى الجهد لإقامة العدل حتّى في أسوأ حالات الإنتهاك للحرمات الإسلامية في مجال النفس والمال كما كان عليه فعل المجتمع الجاهلي.
__________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج14 ، ص133-138.
2 ـ تفسير أبو الفتوح الرازي، ج11، ص126.
3 ـ جواهر الكلام، ج30، ص54.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|