أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-9-2017
848
التاريخ: 26-8-2017
651
التاريخ: 17-9-2017
1142
التاريخ: 14-3-2018
2647
|
شهادته ومزاره
وأخيراً دسّ إليه السم فمضى شهيداً شأن سائر أئمة الهدى الذين جاء عنهم الحديث الشريف: " ما منا إلاّ مسموم أو مقتول ".
ولكن من الذي فعل ذلك؟ يرى طائفة كبيرة من العلماء أن المأمون كان وراء ذلك، بينما يستبعد ذلك البعض ويتساءل عما إذا كان المأمون بهذا المستوى من الدناءة أن يلوث يده بهذه الجريمة النكراء؟
وقد رأيت بعضهم قد ساق عشر أدلة على براءة المأمون عن دم سيدنا الإمام الرضا (عليه السلام) ولكنها عند التمحيص تنتهي إلى دليل واحد هو استبعاد وقوع تلك الجريمة من شخص نصب نفسه للدفاع عن أفكار المذهب الشيعي، وتبني أفضلية الإمام (عليه السلام).
ولكن إذا عرفنا أن المأمون العباسي كان واحداً من الخلفاء العباسيين الذين تميز نظامهم بالغدر بأنصارهم، أو بالذين يخشون منهم من تابعيهم، ابتداء من أبو مسلم الخراساني وإلى برمك، وانتهاءً بفضل بن سهل. وإن المأمون كان متسنماً قمة هرم ذلك النظام الذي قد بنيت مؤسساته على أساس البغي والمكر والغيلة، فما الذي يمنعه عن اتباع سيرة أسلافه، وممارسة جرائم اجداده؟
على أن عقائده في خلق القرآن أو تفضيل الإمام علي على سائر الصحابة أو ما أشبه لم تجعله من شيعة علي وآل علي (عليه السلام)، لأن استمراره في حكم المسلمين بذاته أكبر جريمة، وأعظم ذنب، وأُعثى طغيان في منطق علي وشيعة علي. إذ أنه نوع من ادعاء الربوبية ومنازعة الله في الألوهية!
ثم إن سيرته - مع الناس من القتل والتنكيل ونشر الفساد بمختلف ألوانه -، تتنافى وأبسط مبادئ التشيع لآل البيت (عليه السلام). فماذا الذي يمنعه إذاً من ارتكاب جريمة القتل.. بحق آل بيت الرسالة؟.
وإننا لنقرأ في صفحات التاريخ ما يهدينا إلى أن شخص المأمون قد أشرف على عملية اغتيال الإمام عبر جهازه السري، الذي يشابه في أيامنا مخابرات قصر الإمارة أو الرئاسة في الدولة الأشد ديكتاتوريةً في العالم.
وقد جاءت هذه الخطوة بعد أن قمعت أو هدأت ثورات العلويين في أطراف الأرض، وانتهت فلسفة استدعاء الإمام إلى خراسان. وبعد أن بدأت تتجمع الغيوم فوق بغداد، وظهرت ارهاصات ثورة العباسيين، وأزمع المأمون على العودة إلى بغداد لاسترضاء بني عمه.. والعودة إلى سيرة أجداده من لبس السواد وتوزيع المناصب على ذوي قرباه.
ولعل الحديث التالي يوضح هذه الحالة التي تنبه لها الإمام الرضا (عليه السلام) وأشار إليها للمأمون ربما ليعرف هذا الأخير أن الإمام واقف على نواياه، وأنه إنما يسايره حسب المصلحة العامة.
قال الإمام الرضا للمأمون يوماً في حديث مفصل:
" اتق الله يا أمير المؤمنين في أمور المسلمين، وارجع إلى بيت النبوة، ومعدن المهاجرين والأنصار، ثم قال: أرى أن تخرج من هذه البلاد، وتتحول إلى موضع آبائك وأجدادك، وتنظر في أمور المسلمين، ولا تكلهم إلى غيرك، فإن الله عز وجل سائلك عما ولاّك " (1).
ثم إن الفضل بن سهل تنبه إلى ذلك أيضاً فتراه يمتنع عن الرحيل مع المأمون، ويعتذر في ذلك إليه بالقول: إن ذنبي عظيم عند أهل بيتك وعند العامة، والناس يلومونني بقتل أخيك المخلوع، وبيعة الرضا ولاءً من السعادة والحساد، وأهل البغي ان يسعوا بي، فدعني أخلفك بخراسان) (2).
ولكن المأمون يصد عليه بذلك وقد دبر له أمراً. إنه لا يريد اغتياله في معقل قوته وبين أنصاره وأعوانه بل في الطريق. و- فعلاً تقول الرواية - فلما كان بعد ذلك (والحوار بين المأمون والفضل) - بأيام ونحن في بعض المنازل - دخل الفضل الحمام فدخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه، واجتمع القواد والجند ومن كان من رجال ذي الرئاستين على باب المأمون، فقالوا: اغتاله وقتله فلنطلبن بدمه (3).
وهكذا تخلص المأمون من أبرز مراكز القوى داخل سلطته، ولم يبق أمامه إلاّ الإمام الرضا (عليه السلام) الذي تم اغتياله بعد ذلك بأيام قلائل.. أوَلا يدل قرب وفاته (عليه السلام) وقتل الفضل على وجود مؤامرةٍ قذرةٍ ضده.
هكذا يتأكد لنا ما يذهب إليه المشهور من العلماء الشيعة بأن الإمام استشهد بسم المأمون حسبما يقول العلاَّمة المجلسي بقوله: الأشهر بيننا أنه مضى شهيداً بسم المأمون، ونضيف.. وينسب إلى السيد علي بن طاووس أنه أنكر ذلك (4).
دعنا نستمع إلى نبأ شهادته من لسان المعاصرين:
ألف: كان أبو الصلت الهروي من المعاصرين للإمام ومن صانعي الأحداث أو المراقبين لها عن كثب لصلته الوثيقة بالإمام، فيسأله أحمد بن علي الأنصاري عن سبب اغتيال المأمون للإمام الرضا (عليه السلام) فيقول له: (كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا (عليه السلام) مع إكرامه ومحبته له، وما جعل له من ولاية العهد بعده؟ فقال: إن المأمون إنما كان يكرمه ويحبه لمعرفته بفضله، وجعل له ولاية العهد من بعده ليري الناس أنه راغب في الدنيا فيسقط محله من نفوسهم، فلما لم يظهر منه في ذلك للناس إلاّ ما ازداد به فضلاً عندهم ومحلاً في نفوسهم، جلب عليه المتكلمين من البلدان طمعاً في أن يقطعه واحد منهم فيسقط محله عند العلماء، وبسببهم يشتهر نقصه عند العامة.
فكان لا يكلّمه خصم من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين والبراهمة والملحدين والدهرية ولا خصم من فرق المسلمين المخالفين له إلاّ قطعه وألزمه الحجة، وكان الناس يقولون: والله إنه أولى بالخلافة من المأمون فكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك ويشتد حسده، وكان الرضا (عليه السلام) لا يحابي المأمون من حق، وكان يجيبه بما يكره في أكثر أحواله فيغيظه ذلك، ويحقده عليه، ولا يظهره له، فلما أعيته الحيلة في أمره اغتاله فقتله بالسم) (5).
باء: وينقل الشيخ المفيد - رضوان الله عليه - مجمل قصة شهادته، مع بعض التفسير لأسباب غيظ المأمون منه - فيقول:
(دخل الرضا (عليه السلام) يوماً عليه فرآه يتوضأ للصلاة يصب الماء على يديه، فقال: لا تشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربك أحداً.
فصرف المأمون الغلام وتولى تمام وضوء نفسه وزاد ذلك في غيظه ووجده) .
وكان (عليه السلام) يزري على الفضل والحسن ابني سهل عند المأمون، إذا ذكرهما ويصف له مساوئهما وينهاه عن الإصغاء إلى قولهما، وعرفا ذلك منه، فجعلا يخطئان عليه عند المأمون، ويذكران له عنده ما يبعده منه، ويخوفانه من حمل الناس عليه فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأيه فيه، وعمل على قتله (عليه السلام).
فاتفق أنه أكل هو والمأمون يوماً طعاماً فاعتل منه الرضا (عليه السلام) وأظهر المأمون تمارضاً، فذكر محمد بن علي بن حمزة، عن منصور بن بشر، عن أخيه عبد الله بن بشر، قال: أمرني المأمون أن أطول أظفاري على العادة، ولا أظهر ذلك لأحد ففعلت، ثم استدعاني فأخرج إلى شيئاً يشبه التمر الهندي فقال لي: أعجن هذا بيديك جميعاً، ففعلت، ثم قام وتركني ودخل على الرضا (عليه السلام) وقال له: ما خبرك؟
قال: أرجو أن أكون صالحاً.
قال له: أنا اليوم بحمد الله أيضاً صالح، فهل جاءك أحد من المترفقين في هذا اليوم؟ قال: لا، فغضب المأمون وصاح على غلمانه ثم قال: فخذ ماء الرمان الساعة فإنه مما لا يستغنى عنه، ثم دعاني فقال: أئتنا برمّان فأتيته به، فقال لي: أعصر بيديك، ففعلت وسقاه المأمون الرضا (عليه السلام) بيده وكان ذلك سبب وفاته، فلم يلبث إلاّ يومين حتى مات (عليه السلام).
وذكر عن أبي الصلت الهروي أنه قال: دخلت على الرضا (عليه السلام) وقد خرج المأمون من عنده.
فقال لي: يا أبا الصلت قد فعلوها، وجعل يوحد الله ويمجده.
وروي عن محمد بن الجهم أنه قال: كان الرضا (عليه السلام) يعجبه العنب، فأخذ له منه شيئاً فجعل في موضع أقماعه الأبر أياماً، ثم نزع وجيء به إليه، فأكل منه وهو في علته التي ذكرنا فقتله، وذكر أن ذلك من لطيف السموم.
ولما توفي الرضا (عليه السلام) كتم المأمون موته يوماً وليلة، ثم أنفذ إلى محمد بن جعفر الصادق (عليه السلام) وجماعة آل أبي طالب الذين كانوا عنده، فلما حضروه نعاه إليهم وبكى، وأظهر حزناً شديداً وتوجع وأراهم إياه صحيح الجسد، وقال: يعزّ علي يا أخي أن أراك في هذه الحال. قد كنت أؤمّل أن أقدم قبلك، فأبى الله إلاّ ما أراد.
ثم أمر بغسله وتكفينه وتحنيطه، وخرج مع جنازته فحملها حتى أتى إلى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن فدفنه، والموضع دار حميد بن قحطبة في قرية يقال لها سناباد على دعوة من نوقان من أرض طوس، وفيها قبر هارون الرشيد وقبر أبي الحسن (عليه السلام) بين يديه في قبلته، ومضى الرضا (عليه السلام) ولم يترك ولداً نعلمه إلاّ ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) وكان سنّه يوم وفاة أبيه سبع سنين (6).
جيم: ويصف ياسر الخادم اللحظات الأخيرة من حياة الإمام الرضا (عليه السلام) حيث تجلت فيها روحه الربانية وخلقه المحمدي فيقول:
(لما كان بيننا وبين طوس سبعة منازل اعتل أبو الحسن (عليه السلام) فدخلنا طوس وقد اشتدت به العلة، فبقينا بطوس أياماً، فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين فلما كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفاً في ذلك اليوم فقال لي بعدما صلى الظهر: يا ياسر أكل الناس شيئاً؟
قلت: يا سيدي من يأكل ههنا مع ما أنت فيه.
فانتصب (عليه السلام) ثم قال: هاتوا المائدة .
ولم يدع من حشمه أحداً إلاّ أقعده معه على المائدة، يتفقَّدهم واحداً واحداً، فلما أكلوا قال: ابعثوا إلى النساء بالطعام.
فحمل الطعام إلى النساء فلما فرغوا من الأكل أغمي عليه وضعف، فوقعت الصيحة وجاءت جواري المأمون ونساؤه حافيات حاسرات، ووقعت الوجبة بطوس وجاء المأمون حاسراً يضرب على رأسه، ويقبض على لحيته، ويتأسف ويبكي وتسيل الدموع على خديه فوقف على الرضا (عليه السلام) وقد أفاق، فقال: يا سيدي والله ما أدري أي المصيبتين أعظم على فقدي لك وفراقي إياك أو تهمة الناس لي أني اغتلتك وقتلتك، قال: فرفع طرفه إليه ثم قال:
" أحسن يا أمير المؤمنين معاشرة أبي جعفر، فإن عمرك وعمره هكذا وجمع بين سبابتيه " (7).
كما أنه يصف الحوادث التي وقعت بعد وفاته مباشرةً، فيقول:
(فلما كان من تلك الليلة، قضى عليه بعد ما ذهب من الليل بعضه، فلما أصبح اجتمع الخلق وقالوا: هذا قتله واغتاله يعني المأمون، وقالوا : قتل ابن رسول الله واكثروا القول والجلبة، وكان محمد بن جعفر بن محمد (عليه السلام)استأمن إلى المأمون وجاء إلى خراسان وكان عم أبي الحسن، فقال له المأمون : يا أبا جعفر أخرج إلى الناس وأعلمهم أن أبا الحسن لا يخرج اليوم وكره أن يخرجه فتقع الفتنة، فخرج محمد بن جعفر إلى الناس فقال : أيها الناس تفرّقوا فإن أبا الحسن لا يخرج اليوم، فتفرق الناس وغسل أبو الحسن في الليل، ودفن) (8).
وبقي ضريح الإمام الرضا (عليه السلام) مزاراً يؤمه شيعة أهل البيت (عليه السلام) ومحبوهم لما أُثر عن النبي (ص) وأهل بيته من الترغيب في ذلك، فقد روي عن النبي (ص) أنه قال :
" ستدفن بضعة مني بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلاّ أوجب الله عزّ وجلّ له الجنة، وحرّم جسده على النار " (9).
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:
" يخرج ولد من ابني موسى اسمه اسم أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) إلى أرض طوس، وهي خراسان يقتل فيها بالسم، فيدفن فيها غريباً، من زاره عارفاً بحقه أعطاه الله تعالى أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل " (10).
وطفق الشعراء يرثونه بما يفتت كبد الحجر ألماً. كما أخذوا بفضح أولئك الغدرة الذين اغتالوه بالسم، فقال دعبل ضمن قصيدة:
أَرعتم ذئـــاباً مـن أميّة وانتحت *** عليهـم دراكاً أزمة وسنون
وعاثت بنوا العبّـــاس في الدين *** عيثة تحكـم به ظالم وظنين
وسموا رشيداً ليس فيهم لرشده *** وما ذاك مأمون وذاك أمين
فمـا قبلت بـــالرشد منهم رعاية *** ولا لـــولي بــــالأمـانة دين
رئيسهم غــــاد وطفـــــلاً بعـــده *** لهـــذا دنــا باد وذاك مجون
ألا أيهـــا القبر الغــــريب محلـه *** بطوس عليك الساريات هتون (11)
وقال أبو فراس الحمداني يرثي الرضا (عليه السلام):
باؤوا بقتل الرضا مـن بعد بيعته *** وأبصروا بعضه من رشدهم وعموا
عصابة شقيت من بعد ما سعدت *** ومعشـــر هلكوا مــــن بعدما سلموا
لا بيعة ردعتهم على دمائهم ولا *** يميـــــن ولا قـــــــربى ولا رحــــــم (12)
كلماته المضيئة:
هل يكفي الإنتماء الاسمي إلى الإمام الرضا (عليه السلام) من دون معرفته، والاستضاءة بنور علمه ومعارفه؟ وكيف يرجو شفاعة النبي وأهل بيته يوم الجزاء من لم يتبع سننهم، ويهتدي بنورهم؟
إن علينا أن نبحث عن وصاياهم التي خلفوها لنا كنوز لا تنفد، وتلاد نعم لا تضاهى.
والإمام الرضا (عليه السلام) خلّف ميراثاً عظيماً من المعارف والعلوم، خصوصاً في ا لحكمة الإلهية وبيان فلسفة الأحكام والرد على المذاهب الباطلة.
قال علي بن شعيب:
(دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال لي: يا علي من أحسن الناس معاشاً؟ قلت: يا سيدي أنت أعلم مني، فقال: يا علي من حسن معاش غيره في معاشه، يا علي من أسوأ الناس معاشاً؟ قلت: أنت أعلم، قال: من لم يعش غيره في معاشه، يا علي أحسنوا جوار النعم فإنها وحشية ما نأت عن قوم فعادت إليهم، يا علي إن شر الناس من منع رفده وأكل وحده وجلد عبده، أحسن الظن بالله فإن من حسن ظنه بالله كان الله عند ظنه، ومن رضي بالقليل من الرزق قبل منه اليسير من العمل، ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤونته ونعم أهله، وبصَّره الله داء الدنيا ودواءها وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام. ليس لبخيل راحة، ولا لحسود لذة، ولا لملول وفاء، ولا لكذوب مروءة) (13).
وقال (عليه السلام):
(أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم ولد فيرى الدنيا ويوم يموت فيعاين الأخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاماً لم يرها في دار الدنيا، وقد سلّم الله على يحيى وعيسى (عليه السلام) في هذه الثلاثة المواطن، فقال في يحيى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 15]، وفي عيسى: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 33].
لا يتم عقل امرئ مسلم حتى تكون فيه عشر خصال:
(الخير منه مأمول والشر منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، ويستقل كثير الخير من نفسه، لا يسأم من طلب الحوائج إليه، ولا يمل من طلب العلم طول دهره، الفقر في الله أحب إليه من الغنى، والذل في الله أحب إليه من العز في عدوه والخمول أشهى إليه من الشهرة، ثم قال : العاشرة وما العاشرة، قيل له ما هي ؟ قال : لا يرى أحداً إلاّ قال هو خير مني واتقى، إنما الناس رجلان رجل خير منه وأتقى ورجل شر منه وأدنى، فإذا لقي الذي هو شر منه وأدنى قال : لعل خير هذا باطن وهو خير له وخيري ظاهر وهو شر لي، وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وطاب خيره وحسن ذكره وساد أهل زمانه) (14).
وكان ينشد أشعاراً يقول فيها (ولعلها من إنشائه):
إذا كـــان دونــي مـــــن بليت بجهلــــه *** أبيـــت لنفسـي أن أقابل بالجهل
وإن كـــان مثلـــي في محلي من النهى *** أخذت بحملي كي أجلّ عن المثل
وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى *** عرفـــــت له حق التقدم والفضل (15)
وقال :
إنَّـــك فــي دنياً لهــا مـــدة *** يقبـــل فيـها عمل العامل
أما ترى الموت محيطاً بها *** يصلــــب فيهـا أمل الآمل
تعجــــل الذنب بمــا تنتهي *** وتــــأمل الـتوبة مـن قابل
والمـــوت يأـتي أهله بغتة *** ما ذاك فعل الحازم العـاقل (16)
___________
(1) بحار الأنوار : (ج 49، ص 165) .
(2) المصدر .
(3) المصدر : (ص 169) .
(4) المصدر : (ص 311) .
(5) المصدر : (ص 290) .
(6) المصدر : (ص 308) .
(7) المصدر : (ص 299) .
(8) المصدر : (ص 299) .
(9) المصدر : (ص 284) .
(10) المصدر : (ص 286) .
(11) المصدر : (ص 315) نقلاً عن مقاتل الطالبيين : (ص 372 - 373) .
(12) المصدر : (ص 314) .
(13) في رحاب أئمة أهل البيت : (ص 148) .
(14) المصدر : (ص 147) .
(15) المصدر: (ص 150) .
(16) المصدر.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|