أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-04
997
التاريخ: 14-6-2019
1514
التاريخ: 27-8-2017
635
التاريخ: 17-9-2017
799
|
عاش الإمام أبو جعفر محمد الجواد (عليه السلام) معظم حياته في عهد المأمون، ولم يلبث بعده إلاّ قليلاً حتى وافاه الأجل المحتوم.. ويرى بعض المؤرّخين أنّ المأمون كان يكنّ له أعظم الودّ وخالص الحبّ، فزوّجه من ابنته أم الفضل، ووفرّ له العطاء الجزيل، وكان يحوطه، ويحميه ويخشى عليه عوادي الدهر، ويضنّ به على المكروه، وكان يصرّح أنّه يبغي بذلك الأجر من الله، وصلة الرحمة التي قطعها آباؤه، وفيما أحسب أنّ ذلك التكريم لم يكن عن إيمان بالإمام أو إخلاص له، وإنّما كان لدوافع سياسية، نعرض لها في البحوث الآتية.
وعلى أيّ حال فلابدّ لنا من وقفة قصيرة لدراسة حياة المأمون، والوقوف على اتجاهاته الفكرية والعقائدية، والنظر فيما صدر منه من تكريم للإمام (عليه السلام) فإنّ ذلك ممّا يرتبط ارتباطاً موضوعيّاً في البحث عن حياة الإمام أبي جعفر (عليه السلام)، وفيما يلي ذلك:
نزعات المأمون وصفاته:
من أبرز نزعات المأمون وصفاته ما يلي:
أ - الدهاء:
ولم تعرف الدبلوماسية الإسلامية في العصر العباسي من هو أذكى من المأمون، ولا من هو أدرى منه في الشؤون السياسية العامّة فقد كان سياسياً من الطراز الأول، فقد استطاع بحدّة ذكائه، وقدراته السياسية أن يتغلّب على كثير من الأحداث الرهيبة التي ألمّت به، وكادت تطوي حياته، وتقضي على سلطانه، فقد استطاع أن يقضي على أخيه الأمين الذي كان يتمتّع بتأييد مكثّف من قِبل الأسرة العباسية، والسلطات العسكرية، كما استطاع أن يقضي على أعظم حركة عسكرية مضادّة له، تلك ثورة أبي السرايا التي اتّسع نطاقها فشملت الأقاليم الإسلامية حتى سقط بعضها بأيدي الثوار، وكان شعار تلك الثورة الدعوة (إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله)) فحمل الإمام الرضا (عليه السلام) إلى خراسان، وكان (عليه السلام) زعيم الأسرة العلويّة وعميدها، فأرغمه على قبول ولاية العهد، وعهد إلى جمع أجهزة حكومته بإذاعة فضائله ومآثره، كما ضرب السكّة باسمه، فأوهم على الثوار والقوى الشعبية المؤيّدة لهم أنه جادّ فيما فعله، حتى أيقنوا أنّه لا حاجة إلى الثورة وإراقة الدماء بعد أن حصل الإمام (عليه السلام) على ولاية العهد، وقضى بذلك على الثورة، وطوى معالمها، وهذا التخطيط من أروع المخطّطات السياسية التي عرفها العالم في جميع مراحل التاريخ.
ب - القسوة:
وصفة أخرى من صفات المأمون البارزة، هي القسوة، وانعدام الرحمة والرأفة من آفاق نفسه، أمّا ما يدعم ذلك فهو قتله لأخيه حينما استولت عليه قوّاته العسكرية، ولو كان يملك شيئاً من الرحمة لما قتل أخاه.
كما أنّه قابل العلويّين بعد قتله للإمام الرضا (عليه السلام) بمنتهى الشدّة والقسوة، فعهد إلى جلاّديه بقتلهم والتنكيل بهم أينما وجِدوا.
ج - الغدر:
وظاهرة أخرى من نزعات المأمون وصفاته وهي الغدر، فقد بايع للإمام الرضا (عليه السلام) بولاية العهد، وبعد ما انتهت مآربه السياسية دسّ إليه السمّ فقتله ليتخلّص منه.
د - ميله إلى اللهو:
أمّا الميل إلى اللهو فقد كان عنصراً من عناصر حياته، فقد أقبل عليه بنهم وفيما يلي بعض ما أثر عنه:
لعبه بالشطرنج:
ولم يكن شيء من الملاهي أحبّ إلى المأمون من الشطرنج (1) فقد هام في هذه اللعبة وقد وصفها بهذه الأبيات:
أرض مـــربّعة حمــــراء مـــــن أدم *** مــا بين الفين موصوفين بالكرم
تذاكــرا الحرب فـــاحتلا لهـــا شبهاً *** من غير أن يسعيا فيها بسفك دم
هــذا يغير على هـذا وذاك على هذا *** يغير وعيــن الحـــرب لـــــــم تنم
فانظر إلى الخيل قد جاشت بمعركة *** فـــي عسكرين بــلا طبل ولا علم (2)
وألمّ هذا الشعر بوصف دقيق للشطرنج، ولعلّه أسبق من نظم فيه الشعر الذي أحاط بأوصافه، وكان أبوه الرشيد مولعاً بالشطرنج، وقد أهدى إلى ملك فرنسا أدواته، وتوجد حالياً في بعض متاحف فرنسا.
ولعه بالموسيقى:
وكان المأمون مولعاً بالغناء والموسيقى، وكان له هوى شديد في ذلك وكان معجباً كأشدّ ما يكون الإعجاب بأبي إسحاق الموصلي، الذي كان من أعظم العازفين والمغنّيين في العالم العربي، وقد قال فيه: (كان لا يغني أبداً إلاّ وتذهب عنّي وساوسي المتزايدة من الشيطان) (3).
وكان يحيي لياليه بالغناء والرقص، والعزف على العود، ولم يمرّ اسم الله ولا ذكره في قصوره ولياليه.
إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعات المأمون وصفاته، وهي تكشف عمّا كان يتمتّع به من القابليات الدبلوماسية، كما كشفت عن ميوله ورغباته الخاصّة في اللهو والدعارة والمجون.
___________
(1) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 147.
(2) الصواعق المحرقة: ص 207.
(3) بحر الأنساب: ج 2 ص 19 من مصورات مكتبة الإمام أمير المؤمنين، دلائل الإمامة: 29، ضياء العالمين: ج2، مخطوطات مكتبة الحسينية الشوشترية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|