أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-07-2015
1031
التاريخ: 10-5-2020
1618
التاريخ: 31-3-2018
1505
التاريخ: 2-07-2015
1018
|
هناك كلمة قيّمة لأهل المعرفة و هي : إنَّ الطرق إلى معرفة الله بعدد أنفاس الخلائق بل فوقها بكثير و كثير ، فإنَّ لكل ظاهرة من الظواهر الطبيعية وجهين ، يشبهان وجهي العملة الواحدة ، أحدهما يحكي عن وجودها و حدودها و خصوصياتها و موقعها في الكون ، و الآخر يحكي عن اتّصالها بعلّتها و قوامها بها و نشوئها منها. فهذه الظاهرة الطبيعية ـ من الوجه الأول ـ تقع موضوع البحث في العلوم الطبيعية ، فيأخذ كل باحث جهة خاصة من هذا الوجه حسب تخصصه و ذوقه و اطّلاعه، فواحد يبحث عن التراب و المعادن و آخر عن النبات و الأشجار ، و ثالث عن الحيوان إلى غير ذلك من الموضوعات.
كما أنها من الوجه الثاني تقع طريقاً لمعرفة الله سبحانه و التعرف عليه من ناحية آثاره :
إِنَّ آثارَنَا تَدُلُّ علينَا ... فَانْظُروا بَعْدَنا إلَى الآثارِ
و بما أنَّ الظواهر الطبيعية ، جليلها و حقيرها لها و جهان ، فقد أكَّد الإِسلام على معرفتها و الغور في آثارها و خصوصياتها ، قائلا : {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس: 101] لكن لا بمعنى الوقوف عند هذا التعرف و اتخاذه هدفاً ، بل بمعنى اتخاذ تلك المعرفة جسراً لمعرفة بارئها و خالقها ، و من أوجد فيها السُّنَن و النُّظُم.
إِنَّ الفرق الواضح بين تعرّف المادي على الطبيعة و تعرّف الإِلهي عليها هو أَنَّ الأول ينظر إلى الطبيعة بما هي هي ، ويقف عندها من دون أنْ يتخذها وسيلة لتعرف آخر ، و هو التعرف على مبادئ وجودها و علل تكونها ، في حين أنَّ الإِلهي ، مع أنَّه ينظر إلى الظواهر الطبيعية مثلما ينظر إليها المادي ويسعى إلى التعرف على كل ما يسودها من نُظُم و سُنَن ، فإِنَّه يتخذها وسيلة لتعرف عال و هو التعرف على الفاعل الذي قام بإيجادها و إجراء السُّنن فيها ، فكأَن النظرة في الأولى نظرة إلى ظاهر الموجود ، و في الثانية نظرة إلى الظاهر متجاوزاً منها إلى الباطن.
و بعبارة أوضح ، إنَّ المادي يقتصر في عالم المعرفة ، على معرفة الشيء و يغفل عن معرفة أخرى ، و هي معرفة مبداً الشيء من طريق آثاره و آياته ، فلو اكتفينا في معرفة الظواهر بالمعرفة الأولى حبسنا أنفسنا في زنزانات المادة ، ولكن إذا نظرنا إلى الكون بنظرة وسيعة و أخذنا مع تلك المعرفة معرفة أخرى و هي المعرفة الآيوية لوصلنا في ظل ذلك ، إلى عالم أفسح ملي بالقدرة و العلم و الكمال و الجمال. و على ذلك فكل المظاهر الطبيعية مع ما فيها من الجمال و الروعة و مع ما فيها من النُظم و السُنن آيات وجود بارئها و مكونها و منشئها ، و عند ذلك يتجلى للقارئ صدق ما قلنا من أنَّ الطرق إلى معرفة الله بعدد الظواهر الطبيعية بدءاً بالذرة و انتهاء إلى المجرة. و لأجل ذلك نرى أنَّ رجال الوحي و دعاة التوحيد يركّزون في معرفته سبحانه على الدعوة إلى النظر في جمال الطبيعة و روعتها فإِنها أَصدق شاهد على أَنَّ لها صانعاً و مبدعاً ، و هذا مشهود لمن طالع القرآن و تدبّر في آياته.
فهو من خلال توجيه الإِنسان إلى الطبيعة و إلى السماء و الأَرض و ما فيها من كائنات ، يريد هدايته إلى مبدئها ، و يكفي في ذلك قوله سبحانه : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [البقرة: 164]
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|