المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24

Cantor Dust
13-9-2021
المدرسة السلوكية
4-5-2016
استراتيجيات تقديم وتطوير المنتوج الجديد
12-1-2021
سمات إعلام العولمة
26-8-2022
الطقس والمناخ
2024-09-30
الشيخ حسن العطار
21-9-2019


الإنصاف في نقد الآمدي  
  
1600   11:35 صباحاً   التاريخ: 26-7-2017
المؤلف : علي علي مصطفى صبح
الكتاب أو المصدر : في النقد الأدبي
الجزء والصفحة : ص:87-89
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2018 1881
التاريخ: 23-3-2018 11593
التاريخ: 26-7-2017 8884
التاريخ: 19-1-2020 1784


لو كان أبو تمام حيًّا حينما تناوله الآمدي في كتابه لاستغاث من تعصبه عليه وتحامله وتمثل بقول الشاعر:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته ... ولا الأصيل ولا ذو الرأي والجدل
والبحتري إن هو إلا تلميذ لأبي تمام أخذ منه. ونأهل من فيضه ومقتفى لأثره. وإذا سألتم البحتري نفسه يقول:
"
كنت في حداثتي أروم الشعر، وكنت أرجع فيه إلى طبعي، ولم أكن أقف على تسهيل مأخذه، ووجوه اقتضائه، حتى قصدت أبا تمام، وانقطعت فيه إليه. واتَّكلت في تعريفه عليه، فكان أول ما قال لي:
يا أبا عبادة: تخيَّر الأوقات وأنت قليل الهموم، صفر من الغموم واعلم أن العادة جرت في الأوقات أن يقصد الإنسان لتأليف شيء أو حفظه في وقت السحر، وذلك أن النفس قد أخذت حظَّها من الراحة، وقسطها من النوم.
فإذا أردت التشبيب فأجعل اللفظ رقيقًا، والمعنى رقيقًا، وأكثر فيه من بيان الصبابة، وتوجع الكآبة وقلق الاشتياق ولوعة الفراق.
وإذا أخذت في مدح سيد ذي أباد، فأشهر مناقبه. وأظهر مناسبه وابن معالمه. وشرف مقامه، ونضد المعاني، وأحذف المجهول منها. وإياك أن تشين شعرك بالألفاظ الرديئة. ولتكن كأنك خياط يقطع الثياب على مقادير الأجساد.
ولهذا عارضك التضجر فأرح نفسك، ولا تتعمل شعرك إلا وأنت فارغ القلب، وأجعل شهوتك لقول الشعر الذريعة إلى حسن نظمه، فإن الشهوة نعم المعين.
وجملة الحال: أن تعتبر شعرك بما سلف من شعر الماضين، فما استحسن العلماء فاقصده: وما تركوه فاجتنبه. ترشد إن شاء الله".
ولقد وصف الآمدي شعر أبي تمام فقال فيه:

ولأن أبا تمام شديد التكلف. صاحب صنعة. ومستكره الألفاظ والمعاني. وشعره لا يشبه أشعار الأوائل. ولا على طريقتهم لما فيه من الاستعارات البعيدة والمعاني المولدة.
بينما نجد الحسن بن وهب يصف شعر أبي تمام هو الآخر من رسالة كتبها إليه فيقول:
"
أنت -حفظ الله - تحتذى من البيان في النظام مثل ما يقصد بحر في الدرر من الأفهام، والفضل لك -أعزك الله- إذ كنت تأتي به في غاية الاقتدار. لغاية الاقتصار. في منظوم الاشعار. فتحلّ معقده وتربط متشرده. وتنظم أشطاره. وتجلو أنواءه. وتفصله في حدوده وتخرجه من قيوده ثم لا تأتِ به. مهما اقتبسه مشتركًا فيلبس ولا متعقدًا فيطول. ولا متكلفًا فيحول فهو كالمعجزة تضرب فيها الأمثال، ويشرح فيها المقال".
فأيها الصادق في قوله: المتحري لحقيقة الشاعر؟ وفي وصفه؟ ليردّ عظم أبي تمام حكم الآمدي. ويدلي بهذه البراهين على براعته. في الشاعرية وأنه أستاذ البحتري ومن فضله عرف الأخير.
فيحدثنا جحظة فيقول: "تحادثنا يومًا في أبي تمام الطائي والبحتري أيهما أشعر؟ قال بعض من حضر مجلسنا.
هل يحسن الطائي أن يقول قول البحتري:
تسرع حتى قال من شهد الوغي ... لقاء عدو أم لقاء حبيب
فقلت من الطائي سرقه حيث يقول:
حن إلى الموت حتى قال جاهله ... بأنه حق مشتاقًا إلى وطن
وهذا امتحان لسرعة بديهية أبي تمام. وحضور خاطره في الشعر، وأنه القارض لذلك الفن على الطبع والسليقة، دون قصور منه أو توقف وتجبل وعي. فنجده في نصاعة البيان وسرعة البديهية. وذلك الإلهام المصيب. وعلو الكعب في قرض الشعر فوق الذي كنا نأمل. وذلك عندما أنشد أبو تمام أحمد بن المعتصم مدحته التي مطلعها.

ما في وقوفك ساعة من باس ... تقضي حقوق الأربع الأدراسي
وانتهى إلى قوله:
أقدام عمرو في سماحة حاتم ... في حلم أحنف في ذكاء إياسي
قال له الفيلسوف "أبو يوسف الكندي" وكان حاضرًا: الأمير فوق من وصفت فأطرق أبو تمام قليلًا ثم رفع رأسه وقال:
لا تشكروا ضربي له من دونه ... مثلًا شرودًا في الندى و الباس
والله قد ضرب الأقل لنوره ... مثلًا من المشكاة و النبراس

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.