المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الغزل  
  
2994   02:44 مساءً   التاريخ: 17-6-2017
المؤلف : ابتسام مرهون الصفار
الكتاب أو المصدر : الأمالي في الأدب الإسلامي
الجزء والصفحة : ص161-163
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاسلامي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015 5216
التاريخ: 25-4-2021 2798
التاريخ: 22-03-2015 4608
التاريخ: 17-6-2017 2995

   إذا أردنا أن نقارن بين الغزل والأغراض الشعرية الأُخرى في عصر صدر الإسلام وجدنا تفاوتاً، ليس في المعاني الجديدة التي طرأت على الأغراض الشعرية، ولكن في مقدار الشعر الذي سجّل في هذا العصر، ومن المعلوم أنّ الأغراض الشعرية التي عرضناها من قبل استطاعت أن تواكب الدعوة الإسلامية، وأن تسخّر كلّ غرض في خدمة الدين الجديد أو تصوير حدث من أحداث الدولة الجديدة. أمّا الغزل فما كان له أن يأخذ هذا الدور في الأدب الملتزم، أو الموجّه لخدمة الدعوة، لطبيعة موضوعاته ومعانيه. هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى فإنّ طبيعة موضوع الغزل في عصر ما قبل الإسلام، وكونه في الغالب جزءاً من موضوعات متعدّدة تشتمل عليها القصيدة الجاهلية جعل تطوّره في عصر الدعوة المبكّرة محدوداً. فكلّنا نعرف أنّ معظم ما قيل من شعر الغزل في الجاهلية، قيل في المقدّمات الغزلية التي ابتدأ بها الشعراء قصائدهم، وبقيت هذه البداية سمة فنية يتبعها الشعراء فيما بعد. فإذا أردنا تتبع أبيات الغزل في عصر الدولة الإسلامية لم نجد فيها تطوّراً واضحاً كالذي سنجده في العصر الأموي، لأنّ الشعراء وهم يبدأون قصائدهم بموضوع تقليدي أحسّوا بأنّ هذه البداية لا تنسجم مع الموضوع المهمّ الذي وجّهوا إليه أشعارهم، وهو موضوع الدعوة الإسلامية، وما يريد الشاعر أن يقول فيه مدحاً أو هجاءً أو فخراً، فجاء تطوّر

القصيدة أو المقدّمة الغزلية من ناحية أُخرى حين وجدنا نماذج لشعراء حاولوا أن يجتزؤا أبياتها، لينتقلوا عنها بسرعة إلى موضوعهم الذي يشغلهم ويشغل المسلمين كافة، وهي بدايات لم يلتفت إليها.

ونجد في قصائد حسّان الإسلامية التي التزم بها بالشكل الفنّي للقصيدة العربية لمحات خاطفة تشير إلى شعوره بعدم جدوى هذه الافتتاحية مع تعوّده عليها، والتزامه بها من قبل، فنراه يبدأ القصيدة ببيتين أو ثلاثة سرعان ما يساوره شعور حادّ بوجوب الالتزام بموضوعه الهادف، فيحيد عن المقدّمة بأُسلوب الردع الذي يستعمل فيه لفظة (دع) وقد مرّ بنا تفصيل ذلك في شعره.

أمّا قصيدة كعب بن زهير وافتتاحها بالغزل الذي اشتهرت القصيدة بتسميتها بالمطلع (بانت سعاد) فإنّ حصّة الغزل فيها تنحصر بذكر حزن الشاعر على فراق سعاد التي لم تثبت على ودّ، وإنّ مواعيدها كانت مواعيد عرقوب في تسويفه تحقيق وعده، لينتقل بعدها مباشرة إلى وصف رحلته ثمّ طلب العفو من رسول اللهq. وقد مرّ بنا في تحليل قصيدته في غرض المديح، بأنّ هذا المطلع لا يمكن أن يُبنى عليه حكم نقدي أو فنّي، لكن القصيدة رائعة جدّاً بكلّ ما تحمله من معان أبدع الشاعر في تصويرها في وصف سعاد إلى وصف مشاعر الخوف والذعر من الرسولq إلى الأمل والاستبشار والثقة بعفوه عن الشاعر. وإذا كان هناك تعقيب على مقطع الغزل الوارد في قصيدة كعب فعلاً فهو أنّ الرسولq لم يؤثر عنه أنّه منع الغزل، أو أبدى استياءه منه كما لم يمنع الخلفاء الراشدون شعر الغزل، وإنّما حاولوا أحياناً توجيهه، وإذا كانوا قد ذكروا أنّ الشاعر سحيم عبد بني الحسحاس كان يذكر شريفات قريش في شعره، فإنّنا لم نسمع شكوى رفعت ضدّه إلى الخليفة، أما لأنّهم تقصّدوا تجاهله، أو أنّهم لهم ثقة ببناتهم ما كانوا يعيرون شعره أي أهمية. ومثال توجيه الخليفة عمر لشعر سحيم أنّه حين أنشده قوله:

عميرة ودّع إن تجهزت غاديا
 

 

كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
 

 

فقال: لو قلت شعرك مثل هذا أعطيتك. وقيل أنّه قال: لو قدمت الإسلام

على الشيب لأعطيتك. وواضح انّه كان يريد من الشاعر أن يردعه الإسلام، لا كبر السنّ. أو أنّه أراد أن يكون شعره على هذه الشاكلة، لا على شاكلة شعره الذي يتعرّض فيه للنساء الشريفات. وفي رواية أُخرى سمع الخليفة عمر أبيات غزل فاحش من سحيم فعلّق عليه: ويلك، إنّك مقتول.

أمّا الأبيات التي قتل بسببها فهي ليست في الغزل بشيء وإنّما تجاهر بانتهاك حرمة.

ومع ذلك فإنّ الموقف من الغزل لم يكن موقف المعارض أو المانع، كما رأينا مع الهجاء، لأنّ الأخير يفضح المهجويين، ويقلّل من قدرهم بين القبائل. أمّا الغزل فلم يكن إزاءه موقف حادّ، ولم نسمع بمن رفع شكوى إلى الخليفة بسبب أبيات غزل قيلت في إحدى النساء، أما لأنّهم لا يريدون الفضيحة، أو أنّهم كانوا يعتقدون بأنّ الشعراء المتغزّلين إذا لم يكونوا فاحشين، فإنّهم لا يسبّبون الأذى لهم أو لبناتهم.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.