المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

قيمة الاعتراف الدستوري بحقوق الإنسان
7-12-2017
THE SECOND
10-9-2020
The sound patterns of language
21-2-2022
Neutralizations of the Wells sets
2024-04-16
تخطيط الحدود الدولية
19-1-2021
آثار اللعان
8-5-2017


قضية اللفظ والمعنى  
  
62895   01:55 مساءً   التاريخ: 4-6-2017
المؤلف : مصطفى عبد الرحمن إبراهيم
الكتاب أو المصدر : في النقد الأدبي القديم عند العرب
الجزء والصفحة : ص197-201
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-04-2015 4560
التاريخ: 23-3-2018 1489
التاريخ: 4-6-2017 35658
التاريخ: 14-08-2015 3641

من أهم القضايا التي شغلت النقاد العرب قضية اللفظ والمعنى، وقد اختلفت وجهات النظر حول هذه القضية، منهم من يرد أهم مقومات العمل الأدبي، وأقوى دعائم نجاحه، الى المعنى مقللا من شأن اللفظ في ذلك، ومنهم من يردها الى اللفظ ومنهم من يسوي بينهما.

فمن الذين عرفوا بالاحتفال بالمعنى وتقديمه أبو عمرو الشيباني والآمدي وأبو تمام والمتنبي وابن الرومي وابن الأثير، وهؤلاء لم يسقطوا شأن الألفاظ في الكلام، ولكنهم يؤخرون مرتبتها وتأثيرها، وينزلونها في الأهمية منزلة تالية للمعنى وقد بنوا رأيهم على أن المعاني هي ضالة الناس وغايتهم، وأنهم يتكلمون للدلالة عليها ويلبسونها الألفاظ للإبانة عنها، فما الألفاظ إلا وسيلة لتلك الغاية(1).

فإذا تركنا أنصار المعاني المقدمين لها في الكلام وجدنا في الجانب الآخر أنصار الألفاظ، الذين يفضلونها ويشيدون بأثرها، ويرعون حقها، ويرون في الصياغة المقوم الحق للأدب، فلابد عندهم من أن تستوفي الجمل والعبارات خصائص الصياغة الفنية على يد الشاعر والكاتب والخطيب ليدخل الكلام بذلك في باب الأدب.

والجاحظ على رأس النقاد الذين احتفلوا بالألفاظ، ولذلك نجده يرد على أبي عمرو الشيباني الذي يقدم المعنى فيقول: " وذهب الشيخ الى استحسان المعنى، والمعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي، والبدوي والقروي والمدني، وإنما الشأن في إقامة الوزن وتخير اللفظ، وسهولة المخرج، وكثرة الماء، وفي صحة الطبع؟ وجودة السبك، فإما الشعر صياغة، وضرب من النسج، وجنس من التصوير" (2)

ولكن علينا –مع هذا- أن نذكر أن الجاحظ يشيد بقيمة المعنى في غير موضع، مما يدل على أنه لم يعن باللفظ إلا لجلاء الصورة الأدبية، ولهذه الصورة أوثق رباط بالمعنى.

على أن من نقاد العرب من كانوا ينظرون الى اللفظ والمعنى على سواء، ومن أقدم ما أثر في هذا صحيفة بشر بن المعتمر، يدعو فيها الى ترك التكلف والتوعر" فان التوعر يسلمك الى التعقيد، والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك ويشين ألفاظك، ومن أراغ معنى كريماً فيلتمس له لفظاً كريماً، فإن حق المعنى الشريف اللفظ الشريف، ومن حقهما ان تصونهما عما يفسدهما ويهجنهما"، وأولى المنازل عنده" أن يكون لفظك رشيقاً عذبا، وفخما سهلاً، ويكون معناك ظاهراً مكشوفاً وقريباً معروفاً، عند الخاصة إن كانت للخاصة قصدت، والعامة إن كنت للعامة أردت، فالمعنى لا يشرف بأن يكون من معاني الخاصة، ولا يتضع أن يكون من معاني العامة، وإنما مدار الأمر على الصواب وإحراز المنفعة، مع موافقة الحالي، وما يجب لكل مقام المقال(3)".

وتدل هذه العبارات على أن بشراً يساوي في المنزلة بين اللفظ والمعنى، ويحفظ لكل منهما حقه في وجوب العناية به، والحكم على الأديب بالفنية بقدر ما يستطيع الإجادة فيهما معا(4).

ولا تجد في تلك العبارات ما يشعر بالغض من قيمة احدهما، أو محاولة الانتصار له على حساب الآخر، أو القول بأن فنية الأديب تبدو في أحدهما دون الآخر، وتلك هي النظرة الأولى، وهي في الوقت نفسه النظرة المثلى الى الفن الأدبي، وما ينبغي ان يتوافر في ركنيه من الجودة ووجوب الرعاية والاهتمام بكل منهما.

هذه هي وجهات نظر النقاد العرب القدامى، في شأن قضية اللفظ والمعنى وهي وجهات متقاربة، تكاد تجتمع على أهمية اللفظ والمعنى في العمل الأدبي وإن كانت هذه النظرة قد تطورت واتجهت اتجاهاً جديداً نحو ما يسمى بنظرية (النظم) التي استقرت عند عبد القاهر الجرجاني، والتي بدأت شعاعاً خافتاً يلمع في أذهان بعض النقاد من قبله، حتى أصبحت مناراً وهاجاً على طريق النقد البلاغي عنده.

قضية اللفظ والمعنى عند عبد القاهر الجرجاني.

جاء عبد القاهر الجرجاني بعد اصحاب هذه المذاهب جميعاً، وقد استفاض كلامهم فيها، وجدلهم حولها، فاجتمعت لديه آراؤهم، وأفاد من خبرتهم، ولكنه تجاوزهم الى رأي خاص، وكانت له في هذا المجال أصالة وتعمق، وكان صاحب مدرسة في النقد، أدرك فيها ما لم يدرك النقاد، ونستطيع ان نلخص ما قاله عبد القاهر في هذه القضية فيما يأتي(5).

أولاً:-

1- يرى عبد القاهر أن اللفظ رمز لمعناه، وهو في ذلك يتلاقى مع كل النقاد العالميين القدامى والمحدثين، ومع مدرسة الرمزية في اللغة، فالكلمة رمز للفكرة أو التجربة أو العاطفة أو المعنى، وقيمتها فيما ترمز إليه، وليست في البلاغة وحدها.

2- العلاقات الأسلوبية بين الألفاظ هي في رأي عبد القاهر موطن البلاغة، وهي ما عبر عنه بالنظم وما يعبر النقاد عنه بالشكل أو الصورة، فمن مجموعة العلاقات بين الألفاظ في النص الأدبي تتكون الصورة، وفيها تظهر البلاغة أو الجمالية.

3- ولا يغفل عبد القاهر أهمية المعاني الثانوية ودلالتها الجمالية في النص الأدبي، سواء كانت هذه المعاني الثانوية لزومية، أو من مستتبعات التراكيب، أو أثراً لرموز صوتية، وإيحاءات نفسية، فهي التي تعطي الأسلوب دلالاته البلاغية، وتمنحه قيمة جمالية .

ثانياً:

من كل هذه القيم صاغ عبد القاهر فلسفته البلاغية التي جعل محورها نظريته في النظم التي ربط فيها بين اللفظ والمعنى وبين دلالات الألفاظ الأسلوبية ودلالتها الثانوية وجعل النظم وحده هو مظهر البلاغة ومثار القيمة الجمالية في النص الأدبي.

وكل ذلك هو أساس فكرة عبد القاهر في كتابه دلائل الإعجاز الذي شرح فيه نظريته في النظم، وعرض للتطبيق الأدبي عليها، وجلاها في الكتاب في أجلى صورة وأوضح بيان.

وفكرة النظم تقوم على الألفاظ ولا تتفاضل من حيث هي ألفاظ مجردة، ولا من حيث هي كلمات مفردة، ولكنها تتفاضل في ملاءمة معانيها للمعاني التي تليها في السياق الذي وردت فيه، وأن اللفظة قد تروق وتحسن في موضع، وتثقل وتوحش في آخر، وان التأمين والنظم هو وحده الذي يحدد ملاءمة الكلمة و عدم ملاءمتها بالنسبة لما قبلها وما بعدها يقول في ذلك:

" وهل يقع في وهم أن تتفاضل الكلمتان المفردتان من غير أن ينظر الى مكان تقعان فيه من التأليف والنظم بأكثر من تكون هذه مألوفة مستعملة، وتلك غريبة وحشية، أو أن تكون حروف هذه أخف، وامتزاجها أحسن، وهل تجد أحداً يقول هذه اللفظة فصيحة إلا وهو يعتبر مكانها من النظم، وحسن ملاءمة معناها لمعاني جارتها؟" " وهل تشك إذا فكرت في قوله تعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فتجلي لك منها الاعجاز، وبهرك الذي ترى وتسمع، أنك لم تجد ما وجدت من المزية الظاهرية إلا لأمر يرجع الى ارتباط هذه الكلمة بعضها ببعض، وإن لم يعرض لها الحسن والشرف الا من حيث لاقت الأولى بالثانية، والثالثة بالرابعة وهكذا الى ان تستقر بها الى آخرها، وان الفضل تناج ما بينها، وحصل من مجموعها"

" وإن شككت فتأمل هل ترى لفظة منها بحيث لو أخذت من بين أخواتها وأفردت لأدت من الفصاحة من تؤديه وهي في مكانها من الآية؟ قل (ابلعي) واعتبرها وحدها من غير أن تنظر ما قبلها، ولا الى ما بعدها. وكذلك فاعتبر سائر ما يليها، وكيف بالشك في ذلك ومعلوم أن مبدأ العظمة في أن نوديت الأرض، ثم أمرت، ثم في أن كان النداء بيا دون أي نحو يا أيتها الأرض ثم إضافة الماء الى الكاف دون أن يقال ابلعي الماء، ثم ان اتبع نداء الأرض وأمرها بما هو شأنها نداء السماء وأمرها كذلك بما يخصها، ثم أن قيل وغيض الماء وجاء الفعل على صيغة فعل –المبني للمجهول- والدالة على أنه لم بعض إلا بأمر آمر، وقدرة قادر، ثم تأكيد ذلك وتقديره بقوله تعالى: (وقضي الأمر) ثم ذكر ما هو فائدة هذه الأمور وهو (استوت على الجودي) ثم إضمار السفينة قبل الذكر كما شرط الفخامة والدلالة على عظم الشأن ثم مقابلة قيل في الخاتمة بقيل في الفاتحة، افترى لشيء من هذه الخصائص التي تملؤها بالإعجاز روعة، وتحضرها عند تصورك هيبة تحيط بالنفس من أقطارها تعلقا باللفظ من حيث هو صوت مسموع، وحروف تتوالى في المنطق؟ أم كل ذلك لما بين معاني الألفاظ من الاتساق العجيب؟(6)".

وبهذا تكون قد نضجت على يد عبد القاهر قضية اللفظ والمعنى، أو الشكل والمضمون، أو الفكرة وقالبها الفني، وإن رأيناه –كسائر نقاد العرب- لم يتجه الى فكرة وحدة العمل الأدبي باعتباره كلا، وإنما قصد الى الصورة الأدبية المفردة، التي يتكون العمل الأدبي من مجموعها.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1)في النقد الأدبي عند العرب د/ محمد الطاهر درويش ص 191.

2)الحيوان 3/131- 132.

3)البيان والتبيين 1/134-139.

4)دراسات في نقد الأدب العربي د/ بدوي طبانة ص141.

5)راجع مقدمة تحقيق دلائل الإعجاز للدكتور/ محمد عبد المنعم خفاجي ص21 ما بعدها ط مكتبة القاهرة.

6)دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ص93 وما بعدها.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.