المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05

Bernard Frenicle de Bessy
18-1-2016
من موارد الكذب على الله
22-7-2019
التجاوب مع القرآن  
2023-12-16
كوكبة الحواء والحوية Ophiuchus) Serpentarius, Serpens)
2023-11-08
وراثة إنتاج اللحم من الماشية والمظهر الخارجي لها
2024-10-17
مستحبات الطعام
12-4-2017


النظرة النبوية في النقد الأدبي  
  
7218   01:50 مساءً   التاريخ: 4-6-2017
المؤلف : مصطفى عبد الرحمن إبراهيم
الكتاب أو المصدر : في النقد الأدبي القديم عند العرب
الجزء والصفحة : ص69-79
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /

إن الحديث عن النظرة النبوية في النقد الأدبي يتمثل في ثلاثة أمور هي :

1- نقد المضمون.

2- نقد الشكل.

3- الحكم على الشعراء.

أولاً : نقد المضمون :

اذا نظرنا الى ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث وتعليقات على العشر والشعراء، باستحسان او استهجان نجدها قد ركزت على مضمون الشعر ومادته، وتوقفت بإصرار عندما فيه من قيم وأفكار، وقد كان هذا الاهتمام بمادة العشر طبيعيا الأمور :

أحدها : إن محمدا صلى الله عليه وسلم نبي رسول، بعث مصلحا ومعلما وهاديا ودالا للناس على طريق الخير، أُرسل ليتمم مكارم الاخلاق، ويرسخ القيم الفاضلة الخيرة، وليحارب مفاهيم الجاهلية ومثلها المنحرفة الفاسدة.

ثانيها : إن للشعر العربي أثراً كبيراً في صياغة فكر القوم، وتكوين فلسفتهم، إنه مستودع علمهم، وسجل حكمتهم، ومصدر المعرفة الثر الرحيب عندهم، عنه يصدرون وإليه يرجعون، ولحكمه يصدعون، ومن ثم كان طبيعياً بل ضرورياً تأصيل القيم الرفيعة لهذا الفن المهم في حياة العرب، أو تسديد ما اعتور هذه القيم من زيغ وانحراف.

وثالث هذه الأمور : إن الأداة الفنية – عند الحديث عن نظرية إسلامية في الفن الشعري مثلا – لا تشكل عقبة ما، ولا تحدث إشكالية معينة، فالإسلام لا يلزم الشعراء بأسلوب فني محدد، ولا يقيدهم بطريقة خاصة من طرائق القول وأفانين التعبير، وإنما يترك ذلك للشعراء – في كل زمان ومكان – إبراز مواهبهم وتفردهم وتمكنهم من نواحي الفن أن الأداة الفنية قيمة متغيرة متجددة متطورة، كما ان هذه الأداة كانت لدى الشعراء العرب – حين جاء الاسلام – في قمة نضجها وتألقها، لم تكن فجة ولا بدائية، كل العرب أساتذة في فن القول، أساطين في البلاغة والبيان، وعندما تعانق هذه الأداة المتألقة قيماً رفيعة – راح الاسلام يرسخها ويدعوها إليها – يصل الشعر الى القمة السامقة النبيلة التي يرضى الاسلام عنها (1).

والملاحظ على نقد المضمون في كلامه صلى الله عليه وسلم انه يتفرع الى فرعين احدهما يدخل تحت نمط الاستحسان وثانيهما يدخل تحت نمط الرفض والاستهجان.

أما عن الفرع الأول فقد استحسن الرسول – عليه السلام – نماذج معينة من الشعر، وكان استحسانه لها يمثل موقفاً نقدياً، كما يمثل – في الوقت نفسه – توجيها الى نمط من القول تصلح به الحياة، ويرضى عنه الاسلام وكان له – عليه السلام – تعليقات وتعقيبات على هذه النماذج ترسم بعض الملامح والمعالم التي نتحدث عنها في سبيل بناء شعر اسلامي صحيح التصور سليم الرؤية.

قال – عليه السلام - : " أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد :

ألا كل شيء ما خلا الله باطل " (2).

وإنما جاء هذا الصدق من ترجمة هذا القول عن وحي الروح الإسلامية وكان يعجب بقول طرفة :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا      ويأتيك بالأخبار من لم تزود

ويقول : " إنها كلمة نبي " (3).

وبقول عدي بن زيد :

عن المرء لا تسل وسل عن قرينه       فكل قرين بالمقارن يقتدي

ويقول : " كلمة نبي ألقيت على لسان شاعر ... " (4)

وسمع عائشة تنشد قول الشاعر

ارفع ضعيفك لا يحر بك ضعفه     يوما فتدركه عواقب ما جنى

يجزيك او يثني عليك وإن من      أثنى عليك بما فعلت فقد جزى

فقال : " صدق يا عائشة، لا يشكر الله من لا يشكر الناس " (5).

وأنشد قول سويد بن عامر المصطلقي :

لا تأمنن وإن أمسيت في حرم       ان المنايا بجنبي كل إنسان

فاسلك طريقك تمشي غير مختشع        حتى تلاقي الذي مني لك الماني

فكل ذي صاحب يوما مفارقه       وكل زاد وإن أبقيته فان

والخير والشر مقرونان في قرن     بكل ذلك يأتيك الجديدان

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو أدرك هذا الاسلام لأسلم " (6).

وقال لكعب بن مالك : أترى الله نسى لك قولك

زعمت سخينة ان ستغلب ربها         وليغلبن مغالب الغلاب (7).

وينشد ابن رواحة في مدحه

فثبت الله ما آتاك من حسن      تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا

فيقبل عليه بوجهه، ويقول داعيا له : " وإياك فثبت الله يا ابن رواحة " (8).

وينشده النابغة الجعدي :

ولا خير في حلم إذا لم يكن له       بوادر تحمي صفوه أن يكدرا

ولا خير في جهل إذا لم يكن له        حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا

فيزداد ارتياح الرسول الى ما يسمع من وحي الروح الدينية، ومن التوجيه الخلقي الرشيد، ويقول له. أجدت، لا يفضض الله فاك .

قال: فبقى عمره و لم ينقص له سن (9)

أما عن الفرع الثاني الذي استهجنه النبي صلى الله عليه وسلم ورفضه وأبدى عليه ملاحظات تشعر بالتحفظ وعدم الرضى، " لأن الرؤية الإسلامية لم تكن شديدة الوضوح لدى أصحابها، فما تزال تشوب هذه الرؤية نزعات جاهلية تفسد صفاءها وتعكر سلامتها، فكانت تعليقات رسول الله عليها تسديدا وتوجيها " (10). ولفت نظر للشاعر الى ان يلتزم الحق، وألا يجمح به القول في تلك الوديان التي حذر منها القرآن الكريم في آية الشعراء

سمع – صلى الله عليه وسلم – رجلا ينشد :

إني امرؤ حميري حين تنسبني       لا من ربيعة آبائي ولا مضر

 

فقال له : ذلك ألأم لك وأبعد من الله ورسوله " (11).

فمن الواضح ان الرجل يفخر فخرا جاهليا، ومبعثه عصبية قبلية نهى عنها الاسلام، يفخر بحمير، ويسفه ما عداها، وهو مزهو بأنه منها وليس من ربيعة أو مضر، وفي ذلك ما فيه من التباعد من الله ورسوله، فنبهه النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى ان الفخر الحقيقي ينبغي ان يكون بكل ما يقرب من الله ورسوله، ويدني من الاسلام، فهي نفي لقيمة وإرساء قيمة اخرى محلها.

وأنشد النابغة الجعدي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : (12)

بلغنا السماء مجدنا وجدودنا      وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

فقال له صلى الله عليه وسلم : " إلى أين المظهر يا أبا ليلى؟ " وكأنه ينبه بهذا التساؤل الكيس الى ما في ظاهر الكلام من استعلاء جاهلي، وإلى هذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينبه إليه، فأحسن التخلص، وأجاب بالمعية : "الى الجنة "، وقبل الرسول الجواب ما دام صاحبه قد فهم المراد وعده تخريجا ذكيا، فأمن على قول النابغة : " إن شاء الله " .

وعندما أنشده كعب بن زهير مادحاً وتائباً قصيدته المشهورة، وفيها :

إن النبي لنور يستضاء به     مهند من سيوف الهند مسلول

فقال له مصححا : " بل من سيوف الله " (13) فشتان – في القيمة – ما بين سيف الله وسيف الهند.

والخلاصة أن نقد المضمون عند النبي صلى الله عليه وسلم كان نقدا توجيهيا دفع الشعر للاغتراف من بحر العقيدة، والنهل من ينبوعها الثر، وكل ما اتفق معها فهو الحق، وكل ما جافاها، او اعتد بقيم تتنكب لها مرفوض مستهجن، يحتاج الى توجيه وتصويب.

ثانياً نقد الشكل

أثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم أقوال حددت بعض الملامح لفن القول، وهي ملامح لا تخص الشعر وحده، بل يشترك فيها الشعر والنثر، بل ربما كانت أقرب الى تصوير طبيعة النثر كالخطبة والموعظة وما شاكل ذلك، ومن هذه الملامح التي تتصل بالشكل.

1- الطبع والتكلف :

هذا مقياس نقدي دقيق يعد وليد هذا العصر وأثر من آثار ثقافته الجديدة – القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف-، فلقد ذم القرآن التكلف ونهى عنه، وحسبك في ذمه ان الله عز وجل امر رسوله الكريم بالتبرؤ منه في قوله : " قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين (14) :

وقد أثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم أقوال كثيرة نهى عن التكلف والمبالغة وحذر من التشادق والتنطع، فقال : "فقال : " هلك المتنطعون " أو " هلك المكثرون " (15)، وقال في حديث آخر : " إن أبغضكم الي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون " (16).

فالبلاغة تنفر من التقعر والتكلف في القول، فإن ذلك مما ينافي الطبع، ويحول بين الكلام وبين وصوله الى النفس، لأنه لم يصدر عن طبع سليم وسليقة صافية، وإنما هو نتاج الكد والاستكراه (17).

ومن منطق ذم التكلف وتهجين صاحبه وعيب كلامه، أنكر صلى الله عليه وسلم على من سأله قائلا : " أرأيت من لا شرب ولا أكل وصاح فاستهل(18)، أليس مثل ذلك يطل " (19) بقوله : "أسجع كسجع الجاهلية" (20)، لأن هذا اللون من السجع الممقوت يتوارى من خلقه المعنى وتفتقد قيمته بين بهرج الصنعة، وهو ما يشين الكلام ويبعد الأسلوب عن الطبع السمح السهل، وهذا إلى أنه كان يعمد فيه أصحابه الى التضليل والتمويه وخدعة الناس.

2- جمال اللفظة واختيارها :

الناظر في كلامه صلى الله عليه وسلم يلاحظ أنه كان يتخير في خطابه ويختار لامته أحسن الألفاظ وأجملها وألطفها وأبعدها عن ألفاظ أهل الجفاء والغلظة والفحش، فلم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا ضخابا ولا فظا، وكان يكره ان يستعمل اللفظ الشريف المصون في حق من ليس كذلك، وأن يستعمل اللفظ المهين المكروه في حق من ليس من أهله.

ومن الأمثلة الواضحة على ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم ان يقول الرجل خبثت نفسي ولكن ليقل لقست نفسي، ومعناها واحد أن غثت نفسي وساء خلقها فكره لهم لفظ الخبث لما فيه من القبح والشناعة وأرشدهم الى استعمال الحسن وهجران القبيح وإبدال اللفظ المكروه بأحسن منه.

ومن الأمثلة أيضاً عيبه صلى الله عليه وسلم على خطيب قوله : " من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصيهما فقد غوى، وقال له " بئس الخطيب أنت " وإنما كرهه من ذلك الجمع بين الاسمين لما فيه من التسوية، ومن ذلك قوله : " لا تقولوا : ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا : ما شاء الله ثم ما شاء فلان " وقال له رجل : ما شاء الله وشئت، فقال : "جعلتني لله ندا؟ قل : ما شاء الله وحده " (21).

فالملاحظ ان النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسى قاعدة نقدية مهمة وهي حسن انتقاء الألفاظ التي تشاكل المعاني وتليق بها : وهذا ما أسماه البلاغيون" مشاكلة اللفظ للمعنى " أي اختيار الألفاظ التي تعبر عن المعنى بلفظ جميل.

3 – الإيجاز

الواضح في نظرته صلى الله عليه وسلم الى الفن القولي ميله الى الايجاز، وعدم التزيد والتطويل، وهذا شيء طبيعي لأن الله منحه كمال العقل، وغلبة فكره على لسانه، فقل كلامه وتنزه عن الحشو، وبرئت نظراته النقدية من شوائب الإطالة.

فالنبي صلى الله عليه وسلم أعجب بقول " لبيد " :

" ألا كل شيء ما خلا الله باطل "

لأنه بالإضافة الى ما يحمله من معنى يتفق مع العقيدة الإسلامية فقد دل على هذا المعنى في عبارة وجيزة من شأنها ان تذاع وتنتشر وكذلك استحسن قول طرفة :

ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا       ويأتيك بالأخبار من لم تزود

ثالثاً الحكم على الشعراء :

كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد الفصحاء والبلغاء، ذا حاسة نقدية ومتميزة، وقد كان عارفا بمكانة الشعراء وأقدارهم، ومدى ما يمكن ان يبلغه شعر كل منهم (22). وقد أثرت عنه أحكام نقدية دقيقة على شعراء الدعوة الإسلامية الثلاثة وعلى غيرهم، لقد كان عليه السلام يدرك شاعرية حسان، ويحس بتفوقه على صاحبيه، وأنه استطاع ان يبلغ من الكفار ما لم يبلغه صاحباه، وقد تجلى ذلك في قوله : " أمرت عبدا لله بن رواحة فقال وأحسن، وأمرت كعب بن مالك فقال وأحسن، وأمرت حسان بن ثابت فشفى واشتفى (23).

وبسبب تقدير النبي صلى الله عليه وسلم لشاعرية حسان، وإدراكه لها كان يستدعيه في الملمات، ويطلب منه أن يقول ... قدم عليه وفد تميم وفيهم شعراؤهم وخطباؤهم اللسن المفوهون، ونادوا بصوت عال جاف : اخرج الينا يا محمد، فخرج اليهم، فقالوا جئنا لنفاخرك، فأئذن لشاعرنا وخطيبنا، فقال نعم : قد أذنت لخطيبكم فليقم، فتحدث خطيبهم عطارد بن الحاجب، ثم قام خطيب النبي، ثابت بن قيس، فأفحمه، ثم قام الزبرقان بن بدر شاعرهم، فأنشد مفاخرا في استعلاء :

نحن الكرام فلا حي يعادلنا      منا الملوك وفينا تنصب البيع

فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم يستدعي من بين شعرائه حسان بالذات، فجاء حسان، وأجاب الزبرقان على البديهة بقصيدته المشهورة :

إن الذوائب من فهر وأخوتهم      قد بينوا سنة للناس تتبع

فقام عطارد بن الحاجب فقال :

اتيناك كيما يعلم الناس فضلنا       إذا اجتمعوا وقت احتضار المواسم

بأنا فروع الناس في كل موطن       وأن ليس في أرض الحجاز كدارم

فقال حسان بن ثابت :

منعنا رسول الله من غضب له        على أنف راض من معد وراغم

هل المجد إلا السؤدد الفرد والندى        وجاه الملوك واحتمال العظائم

فما كان من القوم – وقد أدت الكلمة دورها على أمثل وجه – إلا أن وقف منهم الأقرع بن حابس فقال " إن هذا الرجل لمؤتى له (24)، والله لشاعره أشعر من شاعرنا، ولخطيبه أخطب من خطيبنا " (25). ثم أسلموا جميعاً، فمن الواضح صدق فراسة النبي في حسان، وصواب حسه النقدي فيه، فقد أقر له الأعداء أنفسهم، وحملهم شعره الذي لا قبل لهم به.

كما أثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحكام نقدية على عدد آخر من الشعراء، ولعل أبرزها حكمة المشهور على امرؤ القيس، فقد أقر بشاعريته – على شركه وعهره – وسماه قائد الشعراء، أو صاحب لواء الشعراء. ومن الواضح ان هذا حكم فني خالص، أشار فيه النبي الى الملكة الفنية العالية التي يتمتع بها هذا الشعر والتي تجعله على رأس الشعراء، ولكن الإقرار بالشاعرية – وهو العدل والانصاف – شيء، وقبول هذا الشعر أو رفضه شيء آخر، فامرؤ القيس عند النبي شاعر، ولكنه شاعر ضلال وعهر، ولم يسخر شعر في خير أو حق، فمصيره الى النار.

قال صلى الله عليه وسلم وقد ذكر عند امرؤ القيس : " امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء الى النار " (26) وفي رواية " هو قائد الشعراء وصاحب لوائهم " (27) وفي رواية ان حسان سئل : من أشعر الناس؟ فقال امرؤ القيس. فأيده النبي وقال "صدقت" ولكنه بين رأي الاسلام في هذا الشاعر وأمثاله فقال : " رفيع في الدنيا، خامل في الآخرة، شريف في الدنيا، وضيع في الآخرة هو قائد الشعراء الى النار " (28).

وهكذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم من خلال هذه الأقوال التي أثرت عنه ذا حس نقدي مرهف، وموهبة عالية في تذوق الشعر، وتمييز أقدار الشعراء، معرفة مكانتهم وموقعهم في الشعر العربي، وقد نبهنا، في حكمه على امرؤ القيس ، الى قاعدة نقدية مهمة، وهي أن الاقرار بشاعرية شاعر، وتقدير هذه الشاعرية، والتنويه بها، لا يعني على الاطلاق وقبول ما يصدر عنها، فالحكم الفني على الشعر والشعراء شيء، والموقف الفكري او العقدي من هذا الشعر شيء آخر.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1)النظرة النبوية في نقد الشعر، د / وليد قصاب ص 59، 60 ط المكتبة الحديثة العين.

2)فتح الباوي 10 / 447، وسنن ابن ماجة 2 / 1226 ط الريان.

3)الأدب المفرد : 348 / والترمذي 4/8/2، والعقد الفريد لابن عبدربه 6/105

4)الايجاز والاعجاز للثعالبي : 38.

5)العقد الفريد لابن عبدربه 6/09/ ط مكتبة الرياض الحديثة.

6)نفس المرجع والصفحة

7)طبقات فحول الشعراء 1/222.

8)العمدة 1 / 210.

9)الشعر والشعراء 1/295، والعقد الفريد 6/110.

10)النظرية النبوية في نقد الشعر، د / وليد قصاب ص 42.

11)المحاسن والمساوئ للبيهقي ص 76 ط دار صادر بيروت.

12)الشعر والشعراء 1/295، والعمدة 1/53.

13)معجم الشعراء : للمرزباني ص 231 تحقيق عبد الستار فراج، ط البابي الحلبي.

14)سورة ص آية 86.

15)رياض الصالحين : 657.

16)الترغيب والترهيب 3/562.

17)النظرة النبوية في نقد الشعر، د / وليد قصاب ص 61.

18)استهل الصبي رفع صوته عند الولادة.

19)بطل : أي لا تدفع ديته، ويعرف هذا الحديث بحديث الجنين.

20)نقد النثر ص 107 ط دار الكتب العلمية بيروت.

21)زاد المعاد في هدى خير العباد لابن القيم 2 / 9ط المطبعة العصرية.

22)النظرة النبوية في نقد الشعر د. وليد قصاب ص81.

23)مصابيح السنة للإمام البغوي 2/108 ط دار القلم بيروت

24)مؤتى ميسر له مسهل

25)الاغاني 2/512 ط كتاب التحرير.

26)طبقات الشافعية الكبرى للسبكي، تحقيق عبد الفتاح الحلو ومحمود الطناحي 1 / 226ط عيسى البابي الحلبي.

27)العقد الفريد 6/104.

28)شرح شواهد المغني للسيوطي 1 / 23 ط دار الحياة بيروت.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.