المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
أزواج النبي "ص" يشاركن في الصراع على الخلافة
2024-11-06
استكمال فتح اليمن بعد حنين
2024-11-06
غزوة حنين والطائف
2024-11-06
اية الميثاق والشهادة لعلي بالولاية
2024-11-06
اية الكرسي
2024-11-06
اية الدلالة على الربوبية
2024-11-06

مدينة صلخد
2-2-2016
تنوع البيئات الطبيعية وأهمية العلاقات المكانية والثروة المعدنية
2-6-2016
Euler,s Hypergeometric Transformations
11-6-2019
حيود – حيدان diffraction
30-5-2017
Overreaction during base promoted α halogenation
14-11-2019
أنواع الحديث الصحفي- حديث الرأي
2023-06-25


فضولي البغدادي  
  
5612   01:31 مساءً   التاريخ: 4-6-2017
المؤلف : ناظم رشيد
الكتاب أو المصدر : في أدب العصور المتأخرة
الجزء والصفحة : ص117-121
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-1-2016 2457
التاريخ: 11-3-2016 2092
التاريخ: 29-3-2021 2924
التاريخ: 12-08-2015 1840

هو محمد بن سليمان، المعروف بفضولي البغدادي (1). تلقب بـ (فضولي) جرياً على طريقة الشعراء الذين كانوا يتلقبون في شعرهم بلقب يسمى (مخلصاً) يذكرونه في آخر بيت من القصيدة إيذاناً بالانتهاء ويشتهر كل شاعر بمخلصه الذي اختاره لنفسه، وقد ذكر الشاعر في مقدمة ديوانه الفارسي أسباب اختيار هذا اللقب، ومن جملة تلك الأسباب: إنه أراد أن ينفرد بلقب لا يشاركه فيه شاعر آخر، ويصون شعره من أن ينسب الى غيره.

ولد فضولي في مدينة الحلة في حدود سنة 900هـ من أصل تركي وقيل كردي، وكان أبوه مفتيا في هذه المدينة، ويذهب أحد الباحثين الى أن فضولي من مدينة كركوك (2).

كان فضولي يحب بغداد يزورها بين حين وآخر مما جعلته ينتسب اليها، أما زواجه فكان من ابنة أحد شيوخه المسمى (رحمه الله) وكانت في غاية الجمال والحسن وأنجبت له ولده فضلي.

نشأ في أسرة دينية، وتوجه منذ الصغر نحو الدرس والتحصيل واكتساب المعارف. وأتقن اللغات الثلاث: العربية والتركية والفارسية، ووقف على العلوم المكتوبة بهذه اللغات، وأجاد النظم فيها، وقال في مقدمة ديوانه الفارسي (3) (تارة قرضت الشعر بالعربية فأطربت فصحاء العرب أجمعين، وكان ذلك سهلاً علي؛ لأن العربية لغتي في العلم والدرس، وتارة أخرى أجريت طرف الطبع في ميدان التركية وأمتعت ظرفاء الترك وألباءهم بلطائف الشعر التركي، وما وجدت في ذلك عنتاً ولا غضاضة؛ لأنه كان مني انطلاقاً على سجيتي واستجابة لسليقتي، وطوراً سلكت الجوهر في سمط العبارة الفارسية، فجنيت من ذلك ثمرات هي للقلب رغبات.

وكان ذكيا كيساً، قال أحد الباحثين عنه (4): (فضولي شاعر عظيم، انتهت اليه إمارة الشعر ورياسة الكلام في القرن العاشر، وقد فخر به الترك، وأطبقوا على تبجيله، وأجمعت عليه آراؤهم؛ لأنه مجدد الشعر التركي ومبدعه، وحفي الفرس بآدابه، واعتزوا به؛ لأنه حاك الشعر بالفارسية ونمنم فيها نثراً يروق البصائر، ويونق الأبصار).

كسب ود الكثيرين ونال رضاهم، ومن الشخصيات البارزة التي حظي بتقديرها واكرامها السلطان سليمان القانوني الذي زار العراق وقرر له راتباً جيداً صلح به حاله وتفرغ للكتابة ونظم الشعر بعدما كان يعاني الفقر والعوز، وقد ألف كتبًا كثيرة عرف منها الى الآن ثمانية عشر مؤلفاً، وهو صاحب ديوان عربي، وديوان تركي، وديوان فارسي (5).

اعتزل فضولي الحياة، ومال الى الزهادة، وآثر الانقطاع الى العبادة في بيت بسيط جوار قبر الحسين – عليه السلام- الى أن أدركته المنية بعد اصابته بداء الطاعون سنة 963هـ ودفن بكربلاء.

إن أبرز ملحظ في حياة فضولي أنه كان متصوفاً يحب الجمال، ويرى فيه قدرة الله، ومن هنا نراه يتغزل بالوجوه الصباح وقدود الملاح، فقال (6): (ما أبدع ذلك التكوين الكامل الذي تجلى في تناسق أعضاء حسان، لهن طلعة الحور. وفي ملاحة شفاه كالخمر وكلام كالدر المنثور، وقد هفاف وجبين صبيح، وفي صفاء ذلك الجسم الغض المليح، ورقة الجوهر الطاهر  وفي ... المسك الأذفر، وغدائر كالعنبر. إنها الشهود بالحق على كمال قدرة وعلم الحق. وهي حلقات وحلقات لسلسلة لها طراز الدنيا دورات ودورات). فهذا بعض صنيع الصوفية في العشق الإلهي؛ لأنهم يرون الجمال صورة من جمال الخالق، وفي حسن الجسد معانٍ كحسن الروح.

إن رقعة الحب الصوفي واسعة في أدب فضولي، فلنسمع اليه ما يقول (7): (قد أنار العشق للعشاق منهاج الهوى، وسالك طريقة الحقيقية بالعشق اهتدى والعشق هو تلك النشوة الكاملة التي تستمد الخمر دوماً وقدها، وللناي تأثير الصدى. إن وادي الوحدة في الحقيقة مقام للعشق، وفي ذلك الوادي ليس بين أمير وفقير فرق. إن المطلع على خلوة سر الوحدة، لا يفرق عاشقاً عن معشوق، ولا معشوقاً عن عاشق مدة، يا من تنحى على أهل العشق باللائمة كف الملامة عنهم، وقل أفي المقدور تغيير ما كتب الله لهم؟ لقد خطت يراعة العشق حرف الوجود للعاشق، ويثبت في اثبات الله، نفي كل ما عداه، يا فضولي، لقد تذوقت من نشوة العشق ما لا تدرك مداه، وكذلك كل عمل تستفتحه باسم الله).

لقد تشبه بالصوفية، وحذا حذوهم، وردد مصطلحاتهم، ومثال ذلك كثرة ذكره للخال، فهو عند الصوفية إشارة الى نقطة الوحدة، وهي مبدأ ومنتهى الكثرة، منه بدأ وإليه يرجع الأمر كله، قال في قصيدة عينية (8):

جمالك خلاق البدائع كلها      له موجد في كل آن ومبدع

لدائرة الأرواح خالك مركز      لجمعية الألباب وجهك مجمع

إن الحالة الاقتصادية السيئة في الطبقات الدنيا من المجتمع، والويلات التي رافقت حملات الغرباء، كانت دافعاً كبيراً لالتجاء الكثيرين الى الله والملاذ به، والانضواء تحت رحمته، وكذلك الحيف والظلم والاعتداء الذي أصاب فريقاً من الناس بسبب اضطرابات الحياة السياسية والتقلبات الكثيرة التي تعاقبت على البلاد، والتطاحن الشديد بين العثمانيين والفرس على أرض العراق، وقد شاهد فضولي طرفاً منها.

أودع فضولي خفقات قلبه في شعره الصوفي، وجعل منه صورة لنفسه الحزينة، ونراه يكثر فيه من الدعاء والتضرع مثل قوله (9):

باسمك اللهم يا فتاح أبواب المنى

                          يا غني الذات، يا من فيه برهان الغنى

يا مفيض الجود، يا فياض آثار الوجود

                          يا قديم الملك، يا من لم يغيره الفنا

يا عميم اللطف، يا واهب الذات السرور

                          يا طيب القلب، يا حلال أشكال العنا

قد جنى قليب من الدنيا ذنوباً ثم تاب

                          قد أتى مستغفراً فاغفر له ما قد جنى

وقال في دوبيت (10):

يا من بسط الأرض وأجرى الأفلاك

                          إدراك كماله كمال الإدراك

في الأرض وفي السماء لا رب سواك

                          ما نعبد يا واحداً إلا إياك

ومن شعره في الحب الإلهي قوله (11):

شربت رحيقاً من إناء محبة

                          ولا عدت أدري ما الإناء ومن أنا

هويت حبيباً قد سما الغصن قامة

                          ووجهاً يفوق البدر في أفق السما

وفي النثر العربي لن نجد لفضولي غير كتاب واحد بعنوان (مطلع الاعتقاد) وهو زاخر بأهم مظاهر الحياة الروحية والفكرية عند المسلمين بأسلوب أدبي جميل (12).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ينظر كتاب (فضولي البغدادي) للدكتور علي حسين محفوظ، وكتاب (في أدب الأدب الاسلامي، فضولي البغدادي أمير الشعر التركي) للدكتور حسن مجيب المصري، وتاريخ الأدب العربي في العراق لعباس العزاوي 2: 251.

(2) الشاعر التركي الأشهر فضولي بغداد: عزيز سلمي، جريدة البلد، العدد 537، 38 شباط، بغداد 1966.

(3) في الأدب الاسلامي، فضولي البغدادي ص196.

(4) فضولي البغدادي ص3.

(5) انظر مضامين كتبه ودواوينه في كتاب (في الأدب الاسلامي، فضولي البغدادي) ص307 – 353 وفضولي البغدادي للدكتور حسين علي محفوظ ص 17 – 26.

(6) في الأدب الاسلامي، فضولي البغدادي ص 232

(7) نفسه ص232.

(8) نفسه ص 234.

(9) في الأدب الاسلامي، فضولي البغدادي ص613.

(10) نفسه ص421.

(11) نفسه ص 616.

(12) طبعة حميد ارسلي في باكو عام 1958 بعنوان (مطلع الاعتقاد والقصائد العربية لفضولي).

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.