أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2017
5667
التاريخ: 16-10-2014
1736
التاريخ: 2024-09-14
298
التاريخ: 2024-09-14
259
|
يعد علما المعاني والبيان من ابرز العلوم التي يحتاج اليها المفسر، فلا طريق الى الوقوف على معنى الخطاب في القرآن الكريم الا بإتقان علمي المعاني والبيان، قال الزمخشري (ت 538هـ): (من حق مفسر كتاب الله الباهر، وكلامه المعجز ان يتعاهد في مذاهبه بقاء النظم على حسنه، والبلاغة على كمالها، وما وقع به التحدي سليما من القادح)(1)، فان معرفة هذه الصناعة بأوضاعها هي عمدة التفسير، المطلع على عجائب كلام الله، وقد دل على ذلك قوله الله تعالى:
{الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1 - 4].
وحذفت الواو في قوله تعالى: (علمه البيان لنكتة علمية، حيث جعل تعليم البيان بمستوى خلق الانسان)(2).
فلا يمكن اهمال علمي المعاني والبيان اذ بهما تتبين دقائق العربية واسرارها، ولتوقف معرفة جملة من النكات التي لها مدخل في معرفة المعنى المراد من الخطاب في القرآن الكريم، والتفسير بذلك هو تفسير باللغة، لا تفسير بمحض الراي المنهي عنه(3).
فبهما تعرف خواص تراكيب الكلام من جهة افادتها المعنى وخواصها من جهة اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها، وهذان العلمان من اعظم اركان المفسر(4).
فعلم المعاني: هو أصول وقواعد يعرف بها حالات اللفظ العربي التي بها يطابق اللفظ لمقتضى الحال(5).
وعلم البيان: أصول وقواعد يعرف بها ايراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة العقلية وخفائها على ذلك المعنى(6).
فهما ركنا البلاغة التي وصفت (عند اهل اللسان: لمحة دالة واشارة مقنعة)(7)، تشبيها بإشارة المتكلم الى معان كثيرة، باللفظ البليغ المختصر الذي يحمل معاني كثيرة، وذلك لقلة الكلام واختصاره بإشارة اليد، فان المشير بيده يشير الى أشياء لو عبر عنها بلفظ لاحتاج الى الفاظ كثيرة.
هذا مع مراعاة ان الإشارة المقصودة في وصفهم يعد فيها صحة الدلالة وحسن البيان مع الاختصار، لان المشير بيده ان لم يفهم المشار اليه معنى الإشارة بأسهل ما يكون، فاشارته معدودة من العبث، وحينئذ خارجة عن الوصف(8).
وهذا لا يعني بالضرورة ان يكون الكلام مختصرا ليسمى بليغا، فقد يقتضي الحال إطالة الكلام، اذ (البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال ورعاية وضوح الدلالة)(9)، فهي الاقتضاب عند البداهة، والغزارة عند الحاجة الى الاطالة، فالبليغ الذي يبلغ القصد باقرب طرق الافهام مع حسن الغرض، وليس اقرب طرق الافهام تقليل الحروف واختصار الكلام، مع انه قد يكون كذلك، ولكن اقرب الطرق في الافهام ان تكون الغاية مثالا للعقل، ثم يكون المعنى مسوقا اليها، واللفظ منسوقا عليها، فهم السامع او قصر(10). (فوضع الالفاظ في موضعها المناسب من البيان بحسب مقتضيات الخطاب هو البلاغة، سواء اكان في تلك الالفاظ تطويل ليعود الكلام مطنبا، ام تقليل ليكون الكلام موجزا)(11)، فكما يلزم البليغ في مظان الاجمال ان يجمل ويوجز، فكذلك يلزمه في موارد التفصيل ان يفصل ويطنب(12).
وعلى هذا وبما ان بلاغة القرآن فاقت حد بلاغة البشر، يلزم المفسر ان ينظر الى آياته نظرة البليغ الذي قد أحاط بمذاهب العربية وغرائب الصنعة، ليقف على دلالة كل دقيقة من دقائق البلاغة من معرفة ما ينطوي عليه الخبر والانشاء والتقديم والتاخير والفصل والوصل والحقيقة والمجاز والتشبيه والاستعارة والكناية، وغير ذلك من فنون البلاغة التي لها اوثق الصلة في دلالة الخطاب في الجملة، اذ البلاغة فن يوصف به الكلام والمتكلم من دون الكلمة المفردة(13).
فقد أولى المفسرون عناية فائقة بالبلاغة لدى استيضاح دلالات الفاظ القرآن الكريم والوقوف على مقاصدها العظيمة، وادراك مراد خطاباته. وذلك ما درج عليه المفسرون اتساقا مع تضمن القرآن من المعاني والبيان، والفصاحة والبلاغة، مما كان له الأثر البالغ في نفوس المسلمين من تجسيم الحقائق وتوضيحها وتبيينها، اذ بين كثيرا من المسائل الدقيقة وذات الأهمية البالغة بأساليب بلاغية اخاذة، فجلا حقائقها في احسن صورة، اذ التجاوا الى العناية بدقائق البلاغة لبيان مراد الخطاب واستجلاء الصور الفنية التي لها الأثر الكبير في النفوس في إيصال المعنى الظاهر والكامن في باهر آيات الكتاب العزيز، اتكالا على توظيف الأسس البلاغية التي يبتني عليه علما البيان والمعاني، بما انتظما من مجاز وتشبيه واستعارة وكناية، والخبر والانشاء والتقديم والتأخير والفصل والوصل، وعلى ذلك:
1- لابد للمفسر من معرفة علمي المعاني والبيان بأوضاعهما التي هي من أعمدة التفسير(14)، فبالمعاني يعرف خواص تراكيب الكلام من جهة افادتها المعنى، للاحتراز عن نسبة الخطأ في تأدية المعنى المراد، وبالبيان يعرف خواص الكلم من جهة اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها(15) للاحتراز عن نسبة التعقيد المعنوي للقرآن الكريم.
2- ينبغي للمفسر الاعتناء بما يمكن احصاؤه من المعاني التي يتكلم فيها البيغ(16)، للتعرف على دقائق العربية واسرارها، لما تضمنه القرآن الكريم من معان دقيقة اشتملت وجوها تفسيرية عديدة.
3- لابد للمفسر من التمرن على مطاب علمي المعاني والبيان، اذ لا طريق الى تحصيل التفسير لغير ذوي الفطر السليمة بإتقان علمي المعاني والبيان والتمرن فيهما(17).
4- لابد لمفسر كتاب الله الباهر وكلامه المعجز ان يتعاهد بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها وما وقع به التحدي سليما من القادح، بحيث لا يخل بالصورة الفنية من جهة، والحفاظ على المعنى المراد من جهة أخرى(18).
5- لابد للمفسر ان لا يخرج عن حدود ما يستفاد من علمي المعاني والبيان،
عند توظيفهما، ليكون تفسيره بذلك من التفسير باللغة، لا تفسير بمحض الراي المنهي عنه(19).
6- لا مناص للمفسر من التأمل في الامارات المحيطة بالكلام على الاعتبار المناسب لمعرفة مقتضى الحال، اذ ان مقتضى الحال قد يتكيف بكيفية مخصوصة بغض النظر عن الكيفيات البلاغية(20).
فمن شواهد إفادات المفسرين لدى فهم الخطاب اعتمادا على توظيف مباحث المعاني والبيان:
المجاز
المجاز في لغة العرب من الفنون الاصيلة التي ضربت جذورها منذ الصر الجاهلي، وظللت افانينها على مرابع الشعر والنثر على حد سواء، وقد اثمر الادب الجاهلي شواهد حية في مضمار المجاز، اذ يفوح شذاه في المعلقات السبع شعرا، والخطابة والسجع نثرا. وكتب الحماسة والادب قبل الإسلام، ومنتخبات الاعلام كالضبي (ت 168هـ) والاصمعي (ت 213هـ) وابن الشجري (ت 542هـ)، وامالي المصنفين كالقالي (ت 356هـ) والمرتضى (ت 436هـ)، غنية بأصول هذا الفن وارهاصاته التاريخية، والتي يجد فيها المتتبع إشاعة الحياة في الجماد، واضافة الحس الى الكائنات، فتجاوزت بذلك حدود الحقيقة العرفية الى مناخ أوسع شمولا، وابلغ تعبيرا، وادق إرادة.. يحدوها التحرر من الضيق اللفظي، والانطلاق في أوسع مجالات الخيال، والتأثر بالوجدان. واساس هذا الاستعمال هو الاتساع في اللغة(21).
والمجاز في اللغة: قطع الشيء وتعديه، وسلوكه والنفوذ فيه، ووسط الشيء المعترض، ومنه (جزت الطريق وجاز الموضع جوزا وجؤوزا وجوازا ومجازا وجاز به وجاوزه جوازا وأجازه وأجاز غيره وجازه: سار فيه وسلكه، وأجازه: خلف وقطعه، وأجازه: أنفذه)(22)، ومرجع هذه المعاني الى اصلين من مادة (جوز) فالجيم والواو والزاء اصلان احدهما قطع الشيء والآخر وسط الشيء. فأما الوسط فجوز كل شيء وسطه. ومنه الجوزاء نجم، سميت بها لأنها تعترض جوز السماء أي وسطها. وقال قوم سميت بذلك للكواكب الثلاثة التي في وسطها. والاصل الآخر جزت الموضع سرت فيه، وأجزته خلفته وقطته(23).
وفي الاصطلاح: كما يظهر انه (متسلسل عن الأصل اللغوي، فقد اكد عبد القاهر الجرجاني (ت 471هـ) العلاقة بين اللغة والاصطلاح في اشتقاق لفظ المجاز، فالمجاز مفعل من جاز الشيء يجوزه اذا تعداه، واذا عدل باللفظ عما يوجبه اصل اللغة، وصف بانه مجاز على معنى انهم جازوا به موضعه الأصلي، او جاز هو مكانه الذي وضع فيه أولا)(24).
وانما يعدل الى المجاز اذا كان فيه زيادة في الفائدة، واستيعاب للمعنى الحقيقي بإضافة معنى جديد ينتقل اليه ذهن السامع، وهذا الانتقال بذهن السامع ذو قيمة فنية ودلالية، وعلى هذا فالمجاز حدث لغوي يفسر تطور اللغة بتطور دلالة الفاظها على المعاني الجديدة، والمعاني الجديدة في عملية ابتدأعها لا يمكن ادراك حقائقها الا بالتعبير عنها، والتصوير اللفظي لها، والمجاز خير وسيلة للتعبير عن ذلك بما يضيفه من قرائن وما يضيفه من علاقات لغوية جديدة توازن بين اللفظ والدلالة(25)، فالمجاز قنطرة الحقيقة، اذ به يتوصل الى المعنى المراد.
وعلى ذلك فلابد للمفسر من الوقوف على الدقائق التي تعينه في استشراف كوامن المعاني في الخطاب الإلهي، واستجلاء كنوز القرآن واسراره، وسبر اغوار حكمه وفهم احكامه، وقد اغرق المفسرون والباحثون في تتبع المجاز واقسامه ووظائفه، فمن تلك الشواهد التي سارت على الأسس المنهجية لتفسير النص القرآني، ما ذكره المفسرون في قوله تعالى : {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } [البقرة: 245].
حيث ان القرض استعمل مجازا، اذ انه تعالى غني لا يحتاج الى استقراض حقيقي، فالقرض في اللغة : (ما تعطيه الانسان من مالك لتقضاه، وكانه شيء قد قطعته من مالك)(26).
وانما المالك الحقيقي هو الله تعالى، على ان نظم الآية الكريمة يقتضي دخول النفس والمال في هذا القرض، بيد ان القرض الحقيقي (اكثر ما يستعمل في العين والورق هو ان تأخذ من مال الرجل درهما لترد عليه بدله درهما فيبقى دينا عليك الى ان ترده)(27)، والقرض يكون من جنس ما اقترض(28)، في حين ان جزاء الله تعالى لا يوازيه قيمة ولا يضارعه جنسا ما قدم عبده الفقير من الطاعات.
فحيث كان القرض: اقتطاع جزء من المال واعطاؤه الغير على ان يرد بدلا منه. فقوله: 0يُقْرِضُ اللهَ) مجاز، لان الأصل في القرض ان يستعمل في الحاجة، وفي هذا الموضع يستحيل ذلك، ولذلك لابد ان يلتجا الى كونه مجازا)(29).
ويكون المعنى المفاد من الآية التلطف في الاستدعاء الى اعمال البر(30)، وذلك كاستعمال لفظ (الاشتراء) في قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ } [التوبة: 111].
فهو هنا على سبيل المجاز، لان المشتري في الحقيقة هو الذي يشتري مالا يملك والله تعالى مالك انفسنا واموالنا، فسماه شراء، فأجرى لفظه مجرى مالا لا يملكه، استدعاء للثوار وترغيبا فيه(31).
فلما جاز اللفظ معناه الذي وضع له واستحال الالتزام ببقائه على وضعه الأول، عُدِل الى معنى آخر يحتمله المقام، وانتفى حينئذ عن مسمياته فهو مجاز(32).
ثم ان لاستعمال المجاز فائدة بلاغية، اذ ( ان المجاز ابدا ابلغ من الحقيقة)(33)، فتنزيل العبد منزلة المالك والتعبير عن بذله بالقرض، تعظيما، ولان القرض يبدل بالجزاء، ولان جزاءه يكون بعد حيث في الدنيا او في الآخرة او في كليهما، ولتأكيد استحقاق الثواب به، اذ لا يكون قرض الا والعوض مستحق به(34).
التشبيه :
قال استاذنا الدكتور محمد حسين علي الصغير:
(التشبيه محاولة بلاغية جادة لصقل الشكل وتطوير اللفظ، ومهمته تقريب المعنى الى الذهن بتجسيده حيا، ومن ثم فهو ينقل اللفظ من صورة الى صورة أخرى على النحو الذي يريده المصور، فاذا أراد صورة متناهية في الجمال والاناقة شبه الشيء بما هو ارجح منه حسنا، وان أراد صورة متداعية في القبح والتفاهة شبه الشيء بما هو اردأ منه صفة)(35).
والتشبيه في اللغة: من مادة (شبه)، ويستعمل للمماثلة والملابسة والمشاكلة(36)، فالمادة من (الشين واباء والهاء اصل واحد يدل على تشابه الشيء وتشاكله لونا ووصفا)(37).
ولم يظهر فرق واضح عند اهل اللغة بين الشبه والمثل، الا مثل ما يستشعر من كلام ابي هلال العسكري (ت 395هـ) من ان المشابهة تكون فالمحسوسات، بخلاف المماثلة، حيث قال: (ان الشبه يستعمل فيما يشاهد فيقال السواد شبه السواد، ولا يقال القدرة كما يقال مثلها)(38).
اما علماء البلاغة فبما انهم اهل هذا الاصطلاح، فعرفوا التشبيه اصطلاحا، بتعريفات عديدة، محاولة منهم لوضع حد فاصل، يسور افراده ويجمعها، ويمنع الاغيار من الدخول في حضيرة مصاديقه، وكانت هذه التعريفات تدور في فلك واحد، خلاصته ان التشبيه نوع مشاركة في امر ما، او أمور بامر آخر، في صفة واحدة، او صفات متعددة. ولعل ارصنها، ما اجمله السكاكي بقوله: (ان التشبيه مستدع طرفين، مشبها ومشبها به، واشتراكا بينهما في وجه، وافتراقا في آخر، ان يشتركا في الحقيقة ويختلفا في الصفة، او بالعكس)(39).
والالتجاء الى التشبيه لاجل إيصال المراد الى المخاطب بعبارة ابلغ واخصرن وصورة اجلى وابين مما هي عليه، فالتشبيه صورة تحسن الشكل وتوضح الفكرة، وتدفع بالصورة الى ذهن السامع لتصور وجه الشبه بين المشبه والمشبه به، فتحصر تفكيره وتضعه امام الصورة وتدبرها، اذ ان (الغرض منه وهو تانيس النفس باخراجها من خفي الى جلي، وادنائه البعيد من القريب، ليفيد بيانا)(40)، فالتشبيه يفيد الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار، فالتعبير بـ: (زيد أسد)، عن حال زيد، وانه متصف بقوة البطش والشجاعة وغير ذلك، ابين وابلغ واخصر من عبارة: (زيد شهم شجاع قوي البطش)(41). فلابد للمفسر من التامل في نكات التشبيه لملاحظة نوع العلاقة بين المشبه والمشبه به، كما في العلاقة بين المثال بالتشبيه للشجاع بالاسد، فالملحوظ الصفة المشهورة في الأسد – الشجاعة – وهي التي اخذت في التشبيه، ولم تلحظ الصفات الاخر كالافتراس او المشي على الأربع او الصفات الخفية كالبخر(42).
فللتشبيه اركان أربعة: المشبه، والمشبه به، واداة التشبيه، ووجه الشبه، ولابد للمفسر من ملاحظتها ومجالات توظيفها، مراعيا اعتبارات اقسامه، كالتشبيه الحسي،
والعقلي، والمختلف، والخيالي، والوهمي، والوجداني، وما هو مفرد وما هو مركب، وملاحظة تعدد المشبه والمشبه به، الى غير ذلك من الاعتبارات التي جاء على ذكرها أئمة البلاغة والبيان(34)، وما افيد منها من القواعد الهامة في التشبيه المستعمل في القرآن الكريم، والتي تناثرت في المصنفات التفسيرية وأشار الى جملة وافرة منها ارباب مصنفات علوم القرآن(44).
واولى المفسرون تلك الأسس المفادة من مباحث البلاغة وما نبه عليه اساطين التأسيس لعلم التفسير، اهتماما واضحا في تتبع الدقائق التي تترتب على التشبيه، لكشف النكات البيانية في النص القرآني وبيان المراد.
فمن ذلك التشبيه في قوله تعالى:
{مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} [آل عمران: 117].
فقد شبه بين انفاق الكفار من جهة، واهلاك الزرع بريح التي تحمل الصر، فبين تعالى ان أموال الكفار لا تغني عنهم شيئا، بصورة بلاغية موجزة، اذ ان الكفار ربما انفقوا أموالهم في وجوه الخيرات، فيخطر ببال الانسان انهم ينتفعون بذلك، فأزال الله تعالى بهذه الآية تلك الشبهة، فاخر جل وعلا انهم لا ينتفعون بتلك الانفاقات، وان كانوا قد قصدوا بها اوجه الله.
فقوله عز من قائل: (مثل ما ينفقون): المثل الشبه الذي يصير كالعلم لكثرة استعماله فيما يشبه به وحاصل الكلام ان كفرهم يبطل ثواب نفقتهم، كما ان الريح الباردة تهلك الزرع.
قال الرازي (ت 606هـ): (فعلى هذا التقدير مثل انفاقهم هو الحرث الذي هلك، فكيف شبه الانفاق بالريح الباردة المهلكة)(45).
وأجاب عليه موضحا بان: (المثل قسمان منه ما حصلت فيه المشابهة بين ما هو المقصود من الجملتين وان لم تحصل المشابهة بين أجزاء الجملتين، وهذا هو المسمى بالتشبيه المركب، ومنه ما حصلت المشابهة فيه بين المقصود من الجملتين، وبين أجزاء كل واحدة منهما)(46)، فاذا جعلنا هذا االمثل من التشبيه المركب زال السؤال، اذ هو من (التشبيه بين شيئين وشيئين، وترك من كل منهما ما دل عليه الكلام، وهذه غاية الايجاز والبلاغة)(47).
وان كان مما حصلت المشابهة فيه بين المقصود من الجملتين، وبين أجزاء كل واحدة منهما ففيه وجوه:
الأول: ان يكون التقدير: مثل الكفر في اهلاك ما ينفقون، كمثل الريح المهلكة للحرث.
الثاني: (ان يقدر كمثل مهلك ريح وهو الحرث)(48).
الثالث: لعل الإشارة في قوله تعالى: ((مثل ما ينفقون)) الى ما انفقوا في إيذاء رسول الله (صلى الله عليه واله) في جمع العساكر عليه، وكان هذا الانفاق مهلكا لجميع ما أتوا به من اعمال الخير والبر السابقة لما انفقوا في سبيل الايذاء، وحينئذ يستقيم التشبيه من غير حاجة الى اضمار وتقديم وتأخير، ويكون التقدير: مثل ما ينفقون في كونه مبطلا لما أتوا به قبل ذلك من اعمال البر كمثل ريح فيها صر في كونها مبطلة للحرث، فان انفاقهم في إيذاء الرسول (صلى الله عليه واله) من اعظم أنواع الكفر ومن اشدها تاثيرا في ابطال آثار اعمال البر(49).
الرابع: ان مثل ما انفقوه في عداوة الرسول وضاع عنهم – اذ لم يبلغوا بانفاقه مقاصدهم – كمثل الحرث المهلك(50).
وهناك نكتة أخرى وهي ان المشبه به وهو (الصر) اما البرد والبرد الشديد(51)، او السموم الحارة والنار(52)، (فالمقصود من التشبيه حاصل، لانه سواء كان بردا مهلكا او حرا محرقا فانه يصير مبطلا للحرث والزرع فيصح التشبيه به)(53).
وهذا وشبهه من بيان الدقائق التفسيرية استند الى ما لابد للمفسر من الإحاطة به من الكليات المنبثقة من تقصي اركان التشبيه الذي يحمل مجموعات العلاقات الفنية بين اركان التشبيه التي سخرها النص القرآني الكريم وابداء الصورة المشبه بها محسوسة متعارفة عند ضم هذه الأركان بعضها للبعض الآخر، بما انتظمته من قدرة الهية في الابداع للتشبيه في تكييف الصورة(54)، لتوظف هذه الكليات لتحكم العملية التفسيرية وتسير بالاداء التفسيري للنص القرآني على أسس منهجية تفضي الى استكشاف المراد وتتبع المعاني الجليلة التي يحملها الخطاب القرآني المعجز.
الاستعارة :
الاستعارة شعبة من فنون البلاغة، اذ هو فن قولي يشيع بالنص اللفظي الجامد روح السيرورة بالتعبير والمرونة في الاستعمال، اذ يتجلى بالاستعارة إعطاء صفة الفعل لمن لا يفعل، واضفاء صفة من يعقل الى ما لا يعقل، ومزية من يعمل الى ما لا يعمل، ويتمثل بالاستعارة تهويل الامر، ودقة المبالغة، وشدة الوقع، بما تضيفه من دلالات بيانية تفوق المفهوم الحقيقي للكلمات في اصل اللغة، بما لها من قدرة على تقريب الوصف، ومراعاة المناسبة، ولمح الصلة بين الأصل والنقل الاستعاري، فقد تجمع الاستعارة بين المتخالفين، وتوفق بين الاضداد، وتكشف عن ايحائية جديدة في التعبير، لا تتاتى للسامع في الاستعمال الحقيقي، لتضمنها (ادعاء معنى الحقيقة في الشيء، للمبالغة في التشبيه)(55)، وهي من ابرز صور البيان العربي التي كشف عنها القرآن الكريم في كثير من مواطنه(56).
والاستعارة في اللغة: من التعاور والاعتوار، وهو: ان يكون هذا مكان هذا، وهذا مكان هذا، ومستعار بمعنى متعاور أي متداول(57). فاللفظ المستعار قد نقل من اصل الى فرع(58).
وعرفت في الاصطلاح بتعريفات عديدة(59)، كان من اتمها: (نقل العبارة عن
موضع استعمالها في اصل اللغة الى غيره لغرض، وذلك الغرض اما ان يكون شرح المعنى وفضل الابانة عنه، او تأكيده والمبالغة فيه، او الإشارة اليه بالقليل من اللفظ، او تحسين المعرض الذي يبرز فيه)(59)، اذ انه لخص معنى الاستعارة من جهة نقل المعنى من لفظ الى لفظ، واستحداث معنى جديد في اللفظ، وجعل الكلمة ذات دلالة لم تجعل لها في اصل الوضع اللغوي، وزيادة الفائدة في الاستعمال الاستعاري الاسبدالي التي لم تكن لتظهر لدى الاستعمال الحقيقي.
فيعد هذا التعريف بما انتظم من المزايا، كشفا جديدا يتناسب مع النماذج القرآنية التي يستشهد بها للاستعارة(60)، وكونه تعريفا يتعدى الوصفية التي تسمح بالتعرف على المعرف فقط، مترقيا الى التعريف الواقعي الذي يتيح التعرف على تولد الاستعارة(61).
ويمكن للمفسر ان ينطلق من هذا الاصطلاح للاستعارة ليتتبع دقائق الاستبدال فيها مستكشفا بعض اسرار النص القرآني وكنوزه ليحظى بتجليات المعاني الجليلة على وفق هذه الأسس المنهجية العامة وتطبيقها جراء عمله التفسيري للوقوف على الصور المستحدثة ابان النظر الى العلاقة بين المستعار والمستعار له، واضعا نصب عينيه ما استكشفه اساطين هذا الفن مضيفا اليه قابلياته وامكاناته التفسيرية الأخرى في فهم المراد، فمن النماذج التي استجليت بعض صورها.
قوله تعالى :{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} [الملك: 7، 8].
فحقيقة (الشهيق ها هنا الصوت الفظيع، وهما لفظتان، والشهيق لفظة واحدة فهو اوجز على ما فيه من زيادة البيان.
وتميز: حقيقته تنشق من غير تباين، والاستعارة ابلغ، لان التميز في الشيء هو ان يكون كل نوع منه مباينا لغيره وصائرا على حِدَتِهِ، وهو ابلغ من الانشقاق، لان الانشقاق قد يحصل في الشيء من غير تباين.
والغيظ حقيقته شدة الغليان، وانما ذكر الغيظ، لان مقدار شدته على النفس مدرك محسوس، ولان الانتقام منا يقع على قدره، ففيه بيان عجيب وزجر شديد لا تقوم مقامه الحقيقة البتة)(62).
وهكذا فان الاستعارة قد حققت في الالفاظ الثلاثة (الشهيق، تميز، الغيظ) دلالة لا يمكن استيعابها في دلالتها الحقيقية الموضوعة لها في اصل اللغة، لو استعملت بدلها، وفي هذا الاستعمال الاستعاري صوت نار جهنم بصورة هائلة اذا تخيلها السامع ازداد منها رعبا، وملئ منها فزعا، وكانها مخلوق ذو قوة وبطش، ومجهول ذو منظر عبوس، وبذلك يتجلى في هذه الاستعارة إعطاء صفة الفعل لمن لا يفعل، واضفاء وصف التمكن للكائنات وان كانت غير متمكنة بنفسها(63).
فينبغي للمفسر ان يتامل كثيرا منفقا قصارى جهده فيما تحمله الاستعارة من دلالات جديدة، اذ لولاها لضاق اللفظ الحقيقي عن الإحاطة الشاملة لمراد الخطاب الإلهي الذي ينتقل بالسامع الى خيال عالم الغيب الذي لا يمكن ان يدركه على واقعه، وذلك بواسطة بديل هو استعارة صورة يمنحها قوة تتوغل بواسطتها في النفس، فيستعظمها الخطاب بحيث يعود لفظ الاستعارة متميزا لا يسد مسده لفظ سواه.
الكناية
(ان اللغة المهذبة مصدر ايحائي من مصادر الفكر العربي والقرآني، وقد كان القرآن الكريم حريصا كل الحرص على إيصال مفاهيمه الى الجميع دون جرح العواطف او خدش المشاعر، او اشمئزاز النفوس، وكان الطريق الى ذلك هو الكناية بما تمتلك من قدرة على التعبير الموحي والمهذب بوقت واحد)(64)، وقد اجمع البلاغيون على ان الكناية ابلغ التصريح والافصاح(65)، فللكناية رتبتها السامية في البيان العربي، اذ انها تتصدر الكيان البياني العربي، فالتعبير بالكناية له منزلة التصوير بالاستعارة، فكل منهما يصدر عن ذائقة فنية راقية، وقيمة بلاغية سامية، تتعلق بفن القول(66).
والكناية لغة من (كنو) فالكاف والنون والحرف المعتل تدل على تورية عن اسم بغيره، يقال كنيت عن كذا، اذا تكلمت بغيره مما يستدل به عليه. فالكناية مقابلة للمصارحة. ولذلك تسمى الكنية كنية كانها تورية عن اسمه(67).
فالمراد من الكناية: (ان تتكلم بشيء وتريد به غيره)(68)، كنى فلان، يكني عن كذا، وعن اسم كذا، اذا تكلم بغيره مما يستدل به عليه، نحو الجماع والغائط، والرفث، ونحوه(69).
اما في الاصطلاح: فلعل اكثرها تركيزا هو: (ان يريد المتكلم اثبات معنى من المعاني، فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة، ولكن يجيء الى معنى هو تاليه وردفه في الوجود فيومئ به اليه ويجعله دليلا عليه)(70).
ويمكن ان يقال ان الكناية: لفظ اريد به غير معناه الذي وضع له، مع جواز إرادة المعنى الأصلي لعدم وجود قرينة مانعة من ارادته. اذ هي التعبير بلفظ اريد به لازم معناه مع جواز ارادته معه، او انه لفظ اريد به غير ما وضع له مع جواز ارادته معه.
وعلى هذا تنقسم الكناية الوسائط – اللوازم – والسياق على أربعة اقسام:
العريض والتلويح والرمز والايماء(71).
فلا مناص للمفسر من تتبع الملاحظ الكنائية ولطائفها، للوقوف على فهم المراد، مع إبقاء الباب مفتوحا اما المعاني التي يمكن ان تحتملها العبارة الكنائية، فرب ما استوحاه المفسر من العبارة تدفعه او تدعمه قرينة في شاهد قرآني آخر، وذلك كما استكشفه كثير من المفسرين في قوله تعالى: { أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ } [النساء: 43].
(واللمس والملامسة كنايتان عن الجماع، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة)(72)، وهو ما أورده جملة من المفسرين(73).
وقد ورد لفظ – لامستم – في القرآن الكريم بمعنى الجماع، وهو ملحظ كنائي جار على ما استعمله العرب في النص والخطاب شعرا ونثرا، وعبروا بالكناية عما لا يريدون ذكره، ومما يدل بظوره على ان المراد من الملامسة الجماع، ما جاء في القرآن نفسه، فالملامسة التي وردت في قوله تعالى:
{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: 6].
فيفاد معنى الجماع من لفظ لامستم فيها، من ظهوره في قوله جل وعلا، حكاية عن الصديقة مريم عليها السلام: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [آل عمران: 47] ، كما عليه مفسرو الامامية وفقهاؤهم(74)، وبه ورد التفسير عن ابي جعفر (عليه السلام) حيث سئل عن معنى الملامسة فقال: (ما يعني الا المواقعة دون الفرج)(75).
ويتم ذلك على قراءة الكسائي: (لمستم)، كقوله تعالى: ((لم يمسسني بشر)). وقراءة الباقين: لاسمتم بالالف، لان فاعل قد جاء بمعنى فَعَلَ، كعاقب بمعنى عقب. واللمس والملامسة كنايتان عن الجماع(76)، (وانما كنى به عنه لانه به يتوصل اليه)(77).فالكناية من الطف أساليب البلاغة وادقها، وذلك لان الانتقال فيها يكون من الملزوم الى اللازم والانتقال من الملزوم الى اللازم كالدعوة المعتضدة بالبينة ومن دواعيها ان الانسان قد يتحاشى الإفصاح بمطلوبه اما احتراما للمخاطب او للإبهام على السامعين او للنيل من خصمه من دون ان يجعل له سبيلا عليه او لتنزيه اللسان او الاذن عما لا يسوغ ونحو ذلك من الأغراض واللطائف البلاغية المعروفة في اللسان العربي(78).
فلا يمكن للمفسر استكناه الخطاب والوقوف على المراد منه في النص القرآني المقدس من دون بذل الوسع في مطالب الكناية والتمرس بها ليحصل له الذوق العربي السليم في تفسيره القرآن الكريم الذي نزل بلغة العرب الفصحاء.
الخبر والانشاء
فالخبر ما تكون له نسبة بحيث يقصد ان لها نسبة خارجية مطابقة او غير مطابقة، لان النسبة المفهومة من الكلام الحاصلة في الذهن لابد ان تكون بين الشيئين، ومع قطع النظر عن الذهن لابد ان يكون بين هذين الشيئين في الواقع نسبة ثبوتية، بان يكون هذا ذاك، او سلبية بان لا يكون هذا ذاك.. ويجوز ان يكون الامر بمعنى الخبر مجازا..(79).
والانشاء هو ان يكون الكلام له نسبة تحصل من اللفظ ويكون اللفظ موجدا لها من غير قصد الى كونه دالا على نسبة حاصلة في الواقع بين الشيئين، وقد يطلق على نفس الكلام الذي ليس لنسبته خارج، يطابقه ذلك الخارج او لا يطابقه، وقد يقال على ما هو فعل المتكلم اعني القاء مثل هذا الكلام(80).
فالإنشاء ان كان طلبيا استدعى مطلوبا غير حاصل وقت الطلب لامتناع طلب الحاصل، فلو استعمل صيغ الطلب لمطلوب حاصل امتنع اجراؤها على معانيها
الحقيقية ويتولد منها بحسب القرائن ما يناسب المقام، فالانشاء ينقسم الى الطلبي وغير الطلبي، وينقسم الطلبي الى التمني والاستفهام والامر والتهديد والتعجيز والدعاء والتسخير، وقد عد منها النداء وهو طلب الاقبال وقد تستعمل صيغة النداء للتعجب والتحسر والتوجع والاغراء. وغير الطلبي ما لا يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب، كالمدح والذم والقسم والتعجب، وصيغ العقود، مثل (بعت) والايقاعات كالطلاق والوقف(81).
ولابد من الالماع الى انحصار الكلام في الخبر والانشاء وانه ليس للكلام قسم ثالث، بيد انه ادعي اكثر من ذلك، والتزم كثيرون بانها ثلاثة خبر وطلب وانشاء، معللين بان الكلام اما ان يحتمل التصديق والتكذيب او لا، فالأول الخبر والثاني ان اقترن معناه بلفظه فهو الانشاء، وان لم يقترن بل تأخر عنه فهو الطلب(82).
اشتمل القرآن الكريم على كثير من أغراض الخبر والانشاء واستعمالاته، لذا يجد المتتبع ان المفسرين اولوا مطالبهما جل اهتماماتهم، لتوظيفها في افادة المعاني التفسيرية التي يحتملها النص القرآني، فمن ذلك:
افادة الخبر معاني الانشاء كالأمر والنهي والنفي والجحد والدعاء والتعجب والوعد والوعيد والترجي وما الى ذلك من معاني الانشاء(83)، ومنه ورود الخبر في قوله تعالى:
{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233].
فهو وان كان (ظاهره الخبر، ولكنه معلوم من مفهوم الخطاب انه لم يرد به الخبر، لانه لو كان خبرا لوجد مخبره، فلما كان في الوالدات من لا يرضع علم انه لم يرد به الخبر. ولا خلاف أيضا في انه لم يرد به الخبر. واذا لم يكن المراد حقيقة اللفظ الذي هو الخبر، لم يخل من ان يكون المراد ايجاب الرضاع على الام وامرها به، اذ قد يرد الامر في صيغة الخبر..)(84).
وقد يرد عكس ذلك، وهو ان يأتي الامر والمراد به الخبر كما في قوله تعالى: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: 75].
اذ ان معناه: مده الرحمن مدا. والامر بمعنى الخبر ابلغ من الخبر لتضمنه اللزوم، نحو: ان زرتنا فلنكرمك. يريدون تأكيد ايجاب الاكرام عليهم، فالمقصود من ذلك تأكيد الخبر، لان الامر للإيجاب يشبه الخبر في ايجابه(85).
وهاتان الافادتان وغيرهما مما يتعلق بالخبر والانشاء لا تخرج عن الأسس والقواعد المبتناة عليها التي يوظفها المفسر لفهم المراد بواسطة معرفة علمي المعاني والبيان لفهم خواص تراكيب الكلام من جهة افادتها المعنى، وخواص الكلم من جهة اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها بعد الاعتناء بما يمكن احصاؤه من المعاني، كورود الخبر بمعنى الانشاء، او الانشاء بمعنى الخبر، وغير ذلك مما تضمنه القرآن الكريم من النكات البلاغية التي احتملت وجوها تفسيرية، وبذلك يتم استيضاح المعنى المراد مع عدم الخروج عن حدود ما يستفاد من علمي المعاني والبيان، بعد التأمل في الامارات المحيطة بالكلام على الاعتبار المناسب ان وجدت.
كل ذلك بعد الفحص والياس عن النصوص المعصومة التي يمكن ان تخص الجملة او اللفظ بمعنى معين، فان وجد مثل تلك النصوص فهي المتبعة.
التقديم والتأخير
هو احد أساليب البلاغة، التي تودّي الدلالة وتوصلها الى قلب السامع، اذ ان للكلام البليغ في القلوب احسن موقع، واعذب مذاق(86). وينتظم جملة من الأغراض لدواع وأسباب، فمنها ما هو لاصالة التقديم في المقدم، او لاختلال بيان الكلام بترك التقديم او التاخير، فقد يكون في التاخير اخلال بالتناسب، فيقدم لمشاكلة الكلام، او لرعاية الفاصلة، او لعظمة المقدم والاهتمام به، وذلك ان من عادة العرب الفصحاء، انهم انما يبداون بالاهم والأولى، او تقديم الكلام وهو في المعنى مؤخر، وتاخيره وهو في المعنى مقدم(87)، او انه متقدم بالعلة والسببية او التقديم لارادة التبكيت او التعجيب او الاختصاص لغرض التخويف او التهديد او لبيان شرف المقدم او لغلبته وكثرته او لمراعاة الاشتقاق اللفظ او للحث على المقدم خيفة التهاون، او للترقي او لرعاية الفواصل(88).
والتجا المفسرون الى بيان المعنى المراد بالاتكاء على توظيف مقاصد التقديم والتأخير في مواطن كثيرة من آيات القرآن الكريم، فمن ذلك ما في قوله تعالى:
{قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} [الأحزاب: 59].
على تقديم ما حقه التأخير، فالبنات افضل من الأزواج، ومع ذلك قدمهن في الكلام (فان الأزواج اسبق بالزمان، الا ان البنات افضل منهن، لكونهن بضعة منه (صلى الله عليه واله))(89)، لما روي عن كل المسلمين من قوله (صلى الله عليه واله): (ان فاطمة بضعة مني)(90).
فهذا التقديم من باب السبق بالزمان والايجاد لا تقديم افضلية. في حين يشار الى ان تقدم الأزواج في قوله تعالى:
{إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: 14].
هو من باب الغلبة والكثرة، حيث ان وقوع العداوة من الزواج اغلب واكثر من وقوعه من الأولاد، فقدم (الأزواج لان المقصود الاخبار ان فيهم أعداء، ووقوع ذلك في الأزواج اقعد منه في الأولاد، فكان اقعد في المعنى المراد فقدم))(91).
وهكذا في الموارد الاخر من التقديم والتأخير التي احتملت معاني كثيرة يستجليها المفسر من خلال توظيف ما يتتبعه من أسباب التقديم والتأخير من خلال التأمل في الامارات المحيطة بالكلام، ومراعاة الاعتبار المناسب بحدود ما يستفاد من علمي المعاني والبيان.
الفصل والوصل
الوصل عطف بعض الجمل على بعض والفصل تركه، أي ترك عطفه عليه، فاذا أتت جملة بعد جملة فالاولى اما ان يكون لها محل من الاعراب او لا، وعلى الأول أي على تقدير ان يكون للاولى محل من الاعراب ان قصد تشريك الثانية لها، أي للاولى في حكمه، عطفت الثانية عليها أي على الأول ليدل العطف على التشريك. ومن محسنات الوصل بعد وجود المصحح تناسب الجملتين في الاسمية والفعلية وتناسب الفعليتين في المضي والمضارعة(92).
ولا شك ان ما يصنع في الجمل من عطف بعضها على بعض او ترك العطف فيها، او تركها منثورة تستأنف واحدة بعد أخرى من اسرار البلاغة ومما لا يتاتى لتمام الصواب فيه الا الاعراب الخلص، والا قوم طبعوا على البلاغة، حتى جعلت معرفة الفصل والوصل حدا للبلاغة، وما ذلك الا لغموضه ودقة مسلكه، وانه لا يكمل لاحراز الفضيلة فيه احد الا كمل لسائر معاني البلاغة(93).
ولابد للمفسر ان ينظر الى ما يحمله الوصل والفصل من المعاني كعطف المفرد، لما يلحقه من تغير البناء المعنوي والبياني للجملة، وما يتبعه من تفسير، فالعطف في المفرد هو ان يشرك المعطوف في اعراب المعطوف عليه، وانه اذا اشركه في اعرابه فقد اشركه في حكم ذلك الاعراب، وما يترتب على ذلك الاعراب من المعنى، هذا في المفرد.
اما في الجمل المعطوف بعضها على بعض، فقد يكون للمعطوف عليها موضع من الاعراب، وقد لا يكون لها موضع من الاعراب، وقد يرتى بالجملة فلا تعطف على ما يليها ولكن تعطف على جملة غيرها، والسبب في ذلك ان الجملة المتوسطة بين هذه المعطوفة أخيرا وبين المعطوف عليها الأولى ترتبط في معناها بتلك الأولى من دون غيرها، وقد تتغير حالات الجملة من فعلية، واسمية، وشرطية، وحالية على غير ذلك من التغيرات التي تتصف بها الجملة المعطوفة او المعطوفة عليها، كل ذلك له دخل كبير في تغير المعنى(94).
فتوظيف هذه المفردة من مفردات علم المعاني يسهم في التأسيس لبيان كثير من المعاني التي انتظمتها آيات القرآن الكريم، فحدب المفسرون على تتبعها والإفادة منها، فمن ذلك ما في قوله تعالى:
{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [القصص: 44 - 46].
وهذا مما جعل المفسرين(95) يتكئون على توظيف عطف الجملة على جملة مفصولة عنها بجملة أخرى، او مجموع جمل على غيرها من دون التفكير، فإنها لو أجريت على الظاهر لكانت كل جملة معطوفة على ما يليها، ولتغير المعنى، حيث يكون قوله (وما كنت ثاويا في أهل مدين) معطوفا على قوله (فتطاول عليهم العمر)، وذلك يقتضي دخوله في معنى لكن، ويصير كانه قيل: ولكنك ما كنت ثاويا، فلابد ان يكون عطف مجموع (وما كنت ثاويا في اهل مدين) الى قوله (مرسلين) على مجموع قوله (وما كنت بجانب الغربي اذ قضينا الى موسى الامر (الى قوله العمر)(96)، فهذا التوظيف للفصل والوصل هو الذي اعتمده المفسرون في بيان المراد في هذه الآيات الكريمة، اذ لولا هذا الملحظ البياني لاختل المعنى، وذلك كغيره من مباحث علمي المعاني والبيان التي لا تقل أهمية عما قدم البحث من شواهد تفتقر في توظيفها الى أسس بلاغية منهجية تصلح جزئياتها للبحث في اكثر م حقل، اذا جردت عن المرتكزات التي يمكن ان تتحكم بنوع التفسير من ناحية العقدية او المنهج الخاص الذي يتخذه المفسر.
فتلك الأسس العامة انما تتبع لضبط التفسير وتأصيله، لتكون كالأرضية التي تبتنى عليها القواعد، وما هذه القواعد التي جاء البحث على ذكر امثلة منها مستندة الى الأسس البلاغية في وجودها، الا شواهد على جريان هذه الأسس والقواعد في مفردات المطالب البلاغية، كالحقيقة والمجاز، والكناية والتشبيه، وغيرها.
فينبغي للمفسر توظيف هذه الأسس المنهجية، بغض النظر عن منهجه التفسيري، او ارتكازاته الاخر، فيما لا نص فيه، والا فقد يرد تفسير بنص شرعي صحيح فيكون هو العامل الأقوى وهو الحاكم في مقام بيان المراد وغيره، وان كان الغالب في النص القرآني موافقة الأسس والقواعد، او بالأحرى ان هذه الأسس والقواعد تتفق عموما مع السياق القرآني الذي هو القمة في البلاغة.
وقد تعرض البحث في ما تقدم من هذا الفصل لبيان ما ينهجه المفسر في توظيف الأسس الضابطة للتعامل مع معنى المفردة، وما يستدعيه من النظر الى اللفظ وما يحيط به من لوازم الدلالة، ومراعاة ما تستحقه الفاظ القرآن من الدلالة والبيان، وما يصلح للمتكلم وسياق الكلام، بالجمع مع ما يحمله اللفظ لذاته، بلحاظ كونه مجرد لفظ له دلالة معينة في اللغة بصرف النظر عن القرائن.
والمباحث النحوية، وما يلزم المفسر الالمام به مما وجهه النحويون، وتوظيفه للوقوف على المراد من خطاب الله تعالى في كتابه العزيز للاستحكام من وجوه الجزم او البناء وما يتعلق بها، لدى استنباط المقاييس الضابطة للاعراب، التي توظف لفهم المراد من خلال استقراء آراء النحويين ولغة العرب، لتجنب الوقوع في الخطا لصيانة بيان معاني القرآن بما كانت العرب تصون به لسانها من دون تكلف.
والمباحث الصرفية وما تستند اليه من أسس في تصريف الكلم ومدى تاثيرها في بيان المعنى، وذلك لما لبنية الكلمة وتصاريفها من اثر في التفسير، وبيان ما يبتني على هذه الأسس من قواعد كالمعرفة بكلام العرب وتصريفات الكلم التي سمعت من السنتهم، وترجيح الغالب على الشاذ، واستيضاح المعاني النابجة عن تصاريف الكلمة وما يجري من تحويل للاصل الواحد، بالاستحكام من الموازين.
والشواهد الأدبية، وما اليها من توظيف النصوص الأدبية بما تحمل من معطيات وأساليب مما اثر عن الشعراء والخطباء والكتاب من بدائع القول المشتملة على التصوير والخيال، وهو من جملة شواهد الأسس التي يتكا عليها المفسر في تفسير النصوص القرآنية الكريمة، بعد النظر الى جزئياتها وما يجب فيها من الصفات، لتصلح ان تكون قواعد مبتناة على تلك الأسس ليعمل بها. كل ذلك من ضرورات الضبط والتاصيل لعلم التفسير اذ انه كأي علم يحتاج الى أسس منهجية يقوم عليها. فبتوثيق أساسه واحكامه تتضح معالمه ويعلو بناءه المعرفي، بعد التماس الأرضية واحكامها التي تبتنى عليها حركة الفكر او المنظومة الفكرية فيه التي تهدف الى الوصول الى نتائج تفسيرية مقبولة، تكون هي القصوى من حيث ملامسة الحقيقة او مقاربتها.
فتبين ضرورة التأسيس المنهجي بوصفه مقدمة في بناء أي نسق معرفي، لضبط مسار حركة الفكر لاصابة الهدف الداعي للوصول الى المعنى المراد الذي يطمئن معه لاكتشاف الحقائق التفسيرية بمهنية وموضوعية وحيادية مجردة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1) الكشاف: 1/ 189.
2) ينظر: الزركشي – البرهان: 1/ 312.
3) ينظر: الشوكاني – فتح القدير: 1/ 12.
4) ينظر: السيوطي – الاتقان: 2/ 477 – 478.
5) ينظر: الشريف الجرجاني – التعريفات: 1/ 50.
6) ينظر: المصدر نفسه.
7) الشريف الرضي – حقائق التأويل: 170.
8) ينظر: ابن ابي الاصبع – تحرير التحبير: 1/ 31.
9) التفتزاني – مختصر المعاني: 265.
10) ينظر: أبو حيان التوحيدي – البصائر والذخائر: 1/ 68.
11) ينظر: محمد حسين علي الصغير – الصورة الفنية في المثل القرآني: 216.
12) ينظر: الزمخشري – الكشاف: 1/ 207.
13) ينظر: محمد حسين علي الصغير: أصول البيان العربي/ 33.
14) ينظر: الزركسي – البرهان: 1/ 312.
15) ينظر: السيوطي – الاتقان: 2/ 477 – 478.
16) ينظر: الزركشي – البرهان: 1/ 312.
17) ينظر: السكاكي – مفتاح العلوم: 1/ 181.
18) ينظر: الزمخشري – الكشاف: 1/ 189.
19) ينظر: الشوكاني – فتح القدير: 1/ 12.
20) ينظر: السكاكي – مفتاح العلوم: 1/ 74.
21) ينظر: محمد حسين علي الصغير: أصول البيان العربي: 43.
22) ابن منظور – لسان العرب: 5/ 326.
23) ينظر: ابن فارس – معجم مقاييس اللغة: 1/ 494.
24) ينظر: محمد حسين علي الصغير – أصول البيان العربي: 43، ومصدره: عبد القاهر الجرجاني – اسرار البلاغة: 365.
25) ينظر: محمد حسين علي الصغير – الصورة الفنية في المثل القرآني: 153.
26) ابن فارس – معجم مقاييس اللغة: 5/ 71 – 72.
27) أبو هلال العسكري – الفروص اللغوي: 425.
28) ينظر: المصدر نفسه: 426.
29) ينظر: الطوسي – التبيان: 2/ 285.
30) ينظر: الراوندي – فقه القرآن: 1/ 223.
31) الجصاص – احكام القرآن: 3/ 202.
32) ينظر: المصدر نفسه: 1/ 379.
33) ينظر: الجرجاني – دلائل الاعجاز: 1/ 23.
34) ينظر: الطوسي – التبيان: 2/ 284 وابن الجوزي – زاد المسير: 1/ 254 والنسفي – تفسير النسفي: 1/ 119.
35) أصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم: 78.
36) ينظر: ابن منظور – لسان العرب: 13/ 503 – 506 والزبيدي – تاج العروس: 19/ 50 – 51.
37) ابن فارس – معجم مقاييس اللغة: 3/ 243.
38) ينظر: الفروق اللغوية: 294.
39) مفتاح العلوم: 177 وينظر: محمد حسين علي الصغير – أصول البيان العربي: 75 – 78.
40) الزركشي – البرهان: 3/ 414.
41) ينظر: المصدر نفسه.
42) ينظر: الغزالي – المستصفى: 14 و 186 والآمدي – الاحكام: 1/ 28.
43) ينظر: الجرجاني – اسرار البلاغة: 1/ 87 والسكاكي – مفتاح العلوم: 1/ 149 – 178 والقزويني – الايضاح في علوم البلاغة: 1/ 208 – 249 والتفتازاني – مختصر المعاني: 187 – 213.
44) ينظر: الزركشي – البرهان: 3/ 414 – 431 والسيوطي – الاتقان: 2/ 115 – 119.
45) تفسير الرازي: 8/ 206.
46) المصدر نفسه.
47) الثعالبي – تفسير الثعالبي: 2/ 96.
48) البيضاوي – تفسير البيضاوي: 2/ 82.
49) ينظر: تفسير الرازي: 8/ 207.
50) ينظر: الطبرسي – جوامع الجامع: 1/ 319.
51) ينظر: الطبري – جامع البيان: 4/ 78 والطوسي – التبيان: 2/ 569.
52) ينظر: الثعلبي – تفسير الثعلبي: 3/ 133 والبغوي – تفسير البغوي: 1/ 344.
53) الرازي – تفسير الرازي: 8/ 208.
54) ينظر: محمد حسين علي الصغير – أصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم: 78.
55) الحموي – خزانة الادب: 1/ 254.
56) ينظر: محمد حسين علي الصغير – أصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم: 116 – 119.
57) ينظر: الجوهري – الصحاح: 2/ 761 وابن فارس – معجم مقاييس اللغة: 4/ 184 وابن منظور – لسان العرب: 4/ 618 – 619.
58) ينظر: أبو هلال العسكري – الفروق اللغوية: 126.
59) ينظر: الجاحظ – البيان والتبيين: 1/ 153 وابن قتيبة – تاويل مشكل القرآن: 102 والقاضي الجرجاني – الوساطة بين المتنبي وخصومة: 41 وابن سنان الخفاجي – سر الفصاحة: 134 والسكاكي – مفتاح العلوم: 1/ 163.
60) أبو هلال العسكري – الصناعتين: 274.
62) ينظر: محمد حسين علي الصغير – أصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم: 113 – 114.
61) ينظر: صلاح فضل – بلاغة الخطاب وعلم النص: 139.
62) أبو هلال العسكري – الصناعتين: 277.
63) ينظر: محمد حسين علي الصغير – أصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم: 118.
64) محمد حسين علي الصغير: أصول البيان العربي/ 146.
65) عبد القاهر الجرجاني – دلائل الاعجاز: 48.
66) ينظر: محمد حسين علي الصغير: أصول البيان العربي/ 144.
67) ينظر: ابن فارس – معجم مقاييس اللغة: 5/ 139.
578) الجوهري: الصحاح 6/ 2477.
69) ينظر: الخليل: العين 5/ 411.
70) عبد القاهر الجرجاني – دلائل الاعجاز: 40.
71) التفتازاني – مختصر المعاني: 257 – 262.
72) المقداد السيوري – كنز العرفان: 1/ 65.
73) ظ الطبري – جامع البيان: 5/ 142 والطوسي – التبيان 3/ 205 والطبرسي – مجمع البيان: 3/94.
74) ينظر: العياشي – تفسير العياشي: 1/ 243 والمفيد – المقنعة: 38 والطوسي – الخلاف: 1/ 111 والتبيان 3/ 205 والطبرسي – مجمع البيان 3/ 90 و 93 والحلي – مختلف الشيعة: 1/ 325 وتذكرة الفقهاء: 1/ 107 وعلي بن محمد القمي: جامع الخلاف والوفاق: 19.
75) ينظر: الطوسي – الاستبصار: 1/ 87 وتهذيب الاحكام: 1/ 22.
76) ينظر: ابن ابي شيبة الكوفي – المصنف: 1/ 192 والطبري – جامع البيان: 5/ 142 والعياشي – تفسير العياشي: 1/ 243 والجصاص – احكام القرآن 2/ 462 والراغب الاصفهاني – مفردات غريب القرآن: 467 والطبرسي – مجمع البيان 3/ 93 والقرطبي – تفسير القرطبي: 5/ 223.
77) المقداد السيوري – كنز العرفان: 1/ 65.
78) ينظر: الزركشي – البرهان: 2/ 301 – 308.
79) ينظر: التفتازاني – مختصر المعاني/ 29 – 40.
80) ينظر: الشهيد الأول – القواعد والفوائد: 1/ 252 – 253.
81) ينظر: التفتازاني – مختصر المعاني/ 28 – 143 والسيوطي – الاتقان: 2/ 203 – 204.
82) ينظر: السيوطي – الاتقان: 2/ 203.
83) ينظر: المصدر نفسه: 2/ 204 – 209.
84) الجصاص – احكام القرآن: 1/ 488 وينظر: النحاس – معاني القرآن: 1/ 214 والطوسي – التبيان: 2/ 255 والواحدي – تفسير الواحدي: 1/ 172 والسمعاني – تفسير السمعاني: 1/ 236 والزخمشري – الكشاف: 1/ 370 والطبرسي – مجمع البيان: 2/ 113 والراوندي – فقه القرآن: 2/ 119 والزركشي – البرهان: 2/ 289 – 290 وج3/ 347 ومحمد المشهدي – كنز الدقائق: 1/ 552 والفيض الكاشاني – التفسير الصافي: 1/ 260.
85) ينظر: الزركشي – البرهان: 2/ 250.
86) ينظر: الزركشي – البرهان: 3/ 233.
87) ينظر: ابن فارس – الصحابي: 1/ 62.
88) ينظر: الزركشي – البرهان: 3/ 233 – 277.
89) الزركشي – البرهان: 3/ 239.
90) احمد بن حنبل – مسند احمد: 4/ 326 ومثله وفي معناه روي بطرق كثيرة، ينظر: البخاري – صحيح البخاري: 4/ 210 ومسلم – صحيح مسلم: 7/ 141 والبيهقي – السنن الكبرى: 10/ 201 – 202.
91) الزركشي – البرهان: 3/ 261 وينظر: السيوطي – الاتقان: 2/39.
92) ينظر: التفتازاني – مختصر المعاني/145-160.
93) ينظر: الجرجاني- دلائل الاعجاز: 1/63.
94) ينظر: السكاكي – مفتاح العلوم: 1/ 109 والجرجاني – دلائل الاعجاز: 1/ 72-74.
95) ينظر: الطبري-جامع البيان: 20/99 والسمرقندي – تفسير السمرقندي: 2/610 والثعلبي-تفسير الثعلبي: 7/ 251 والرازي-تفسير الرازي: 24/257 والعكبري-املاء ما من به الرحمن: 2/178ومحمد حسين الطباطبائي – الميزان في تفسير القرآن: 16/50.
96) ينظر: الجرجاني – دلائل الاعجاز: 1/75 والنويري – نهاية الارب: 2/ 282.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|