أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-5-2017
3803
التاريخ: 24-3-2022
1807
التاريخ: 4-4-2017
3259
التاريخ: 4-4-2017
4206
|
ان التاريخ البشريّ يحتفظ في صفحاته بأمثلة كثيرة عن مشاعر تبادَلها الأشخاصُ وعواطف وديّة قويّة أبداها البعض تجاه بعض تدورُ اكثرها حول محور الدوافع المادية كالتي تدور حول معيار الجمال أو المال ولهذا سرعان ما يذهب الحماسُ وتنطفىءُ شعلةُ الحبّ ويتضاءل لهيبُ العاطفةُ في كيانهم حتّى تزول بالمرَّة ولا يبقى منها شيء أبداً لعدم ثبات هذه الدوافع.
ولكنَّ المشاعرَ والعواطفَ الّتي تنبعُ من أواصر الايمان بفضائل شخص ما وكمالاتِه الروحية والمعنوية لا تنمحي ولا تتلاشى بسرعة.
وقد كانت مودة أبي طالب لمحمّد (صـلى الله علـيه وآله) وحبّه الشديد له تنبع من كلا هذين الدافعّين.
فقد كان أبو طالب يؤمن بمحمّد (صـلى الله علـيه وآله) ويرى فيه من جانب الإنسان الكاملَ بل يعتبره في قمة الكمال الانساني ومن جانب آخر كان محمّد ابن أخيه وقد أحلّه ذلك من قلبه محلّ الابن والأخ.
لقد كانت لصفات محمّد وخصاله المعنوية والأخلاقية وطهره مكانة كبرى في قلب عمّه أبي طالب إلى درجة أنه كان يصطحبه معه إلى المصلّى ويستسقي به اي انه يقسم على اللّه بمقامه أن يدفعَ عن الناس القحط والجدب وينزّلَ عليهم الغيث فكانت دعوتُه تستجاب من دون تأخير.
فقد نقل كثيرٌ من المؤرخين الحادثة التالية :
قحط الناسُ في مكة وحواليها سنةً من السنين ومَنعتِ السماء والأرض بركاتها عنهم بشكل عجيب فمشت قريش بعيون باكية إلى أبي طالب تطلب منه بالحاح أن يستسقي لهم وان يذهب إلى المصلى ويدعو ربّه لينزِّلَ عليهم المطر وينقذهم من تلك المحنة الصعبة.
فخرج أبو طالب وقد أخذ بيد غلام كأنه شمسُ دجن تجلّت عنها غمامة فاسند ظهره إلى الكعبة ورفع وجهه نحو السماء وقال : يا رب هذا الغلام اسقنا غيثاً مغيثاً دائماً هاطلا.
ويكتب المؤرخون ان السماء كانت صافية لا غيم فيها أبداً ساعة استسقى أبو طالب برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ولكن ما ان فرغ أبو طالب من دعائه إلاّ وأقبلت السحاب في الحال وغطّت سماء مكة وما حولها من المناطق القريبة اليها وارعدت السماء وأبرقت ثم جرى غيث عظيم سالت به الأودية وروّت القريب والبعيد وَسُرّ به الجميع ورضوا .
وقد اشار أبو طالب في لاميّته المعروفة إلى هذه الحادثة.
وقد أنشأ أبو طالب تلك القصيدة في أحلك الظروف واشدّها يوم زادت قريشٌ من ضغوطها على حامي الرسول (صـلى الله علـيه وآله) ليسلِّمَ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) إليها.
وقد ذكَّر فيها أبو طالب قريشاً بحادثة الاستسقاء برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) قبل الإسلام وكيف أنها اُمطِرَت ببركته بعد قحط طويل وجدب مهلِك كاد يبيد الحرث والضرع وذلك عندما يقول :
وابيض يُستسقى الغمامُ بوجهه
ربيع اليتامى عصمة للأرامل
تلوذُ به الهُلاك مِن آل هاشم
فهم عندَهُ في نعمة وفواضل
وقد نقل ابن هشام في سيرته أربعة وتسعين بيتاً من هذه القصيدة فيما أورد ابن كثير الشامي في تاريخه إثنين وتسعين بيتاً فقط.
وهي قصيدة في منتهى الروعة والعذوبة وفي غاية القوة والجمال وتفوق في هذه الجهات كل المعلقات السبع الّتي كان عرب الجاهلية يفتخرون بها ويُعدونها من ارقى ما قيل في مجال الشعر والنظم.
وقد أورد ابو هفان العبدي الجامع لديوان أبي طالب مائة وواحد وعشرين بيتا من هذه القصيدة في ذلك الديوان ويمكن أن تكون كلُ تلك القصيدة وتمامها.
ونحن نورد هنا أبياتاً متفرقة من هذه القصيدة مما يتصل منها برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بصورة صريحة.
كَذِبتُم وبيتِ اللّه نبزى محمّداً
ولما نطاعِن دونه ونناضل
ونُسلِمُه حتّى نُصرَّعَ دونَه
ونَذهَل عن أبنائنا والحلائِل
لَعمري لقد كلّفتُ وجداً بأَحمدٍ
وإخوته دأبَ المحبِّ المواصل
فلا زال في الدنيا جمالاً لأهلها
وزَيناً لمن والاه ربُّ المشاكل
فَمنَ مثلُه في الناس أيُ مؤمَّل
إذا قاسَهُ الحُكام عند التفاضل
حليمٌ رشيدٌ عادلٌ غير طائش
يُوالي إلاها ليس عنه بِغافِلِ
لقد علِمُوا أنَّ ابْننا لا مكذَّبٌ
لدينا ولا يُعنى بقولِ الأباطِل
فأصبَحَ فينا احمدٌ في اُرومة
تقصّر عنه سَورة المنظاول
حَدِبْتُ بنفسي دونَه وحميته
ودافعتُ عنه بالذُّرا والكلاكل
فَأيّدَهُ ربُّ العباد بنصره
وأظهرَ ديناً حقُّه غير باطل
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|