أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-15
254
التاريخ: 18-4-2017
3429
التاريخ: 22-11-2015
4822
التاريخ: 4-5-2017
3330
|
تُعتَبر هجرة فريق من المسلمين إلى أرض الحبشة دليلا بارزاً على إيمانهم واخلاصهم العميق لدينهم ولربهم وذلك؛ لأن فريقاً من الرجال والنساء يقررون ـ وبهدف الحفاظ على عقيدتهم والتخلص من أذى قريش ومضايقتها والحصول على مكان آمن يقيمون فيه شعائرهم بحرية ويعبدون اللّه الواحد ـ مغادرة ( مكة ) العربية التي ترزح تحت ظلام الوثنية فلا يمكن أن يرفعوا نداء التوحيد عالياً في أية نقطة من نقاطها ولا يمكنهم اقامة احكام الدين الحنيف فيها من دون خوف أو وجل وبعيداً عن الارهاب ويفكرون ويفكرون وأخيراً يقودُهم التفكير إلى أن يفاتحوا رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بهذه المسألة ويطلبوا في ذلك رأي النبي الّذي يقوم دينه على مبدأ : إنَّ أرضي واسعة فإيّاي فاعبُدُون .
لقد كان رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) يعرف أوضاع المسلمين المؤلمة جيداً فقد كان هو يحظى بحماية بني هاشم وكان الفتيان الهاشميون يحمونه ويحفظونه من كل اذى ولكن الذين آمنوا به من الإماء والعبيد ومن ليست لهم حماية من الأحرار المستضعفين الّذين كانوا يشكلون عدداً كبيراً من المسلمين السابقين كان يتعرضون لشتى صنوف العذاب والايذاء والمضايقة من قريش الّتي لم تأل جهداً ولم تدخر وسعاً ولم تفوّت فرصةً ولا وسيلةً لألحاق العنت والأذى بالمؤمنين برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ولا يستطيع (صـلى الله علـيه وآله) منعهم من ذلك.
وقد كان زعماء كل قبيلة يعمدون ـ للمنع من نشوب أيّ صِدام بين القبائل ـ إلى تعذيب من اسلم من ابناء قبيلتهم وايذائه والتنكيل به وقد مرت عليك نماذج وامثلة من أذى قريش وتعذيبها القاسي للمسلمين.
لهذه الأسباب عند ما طلب أصحابُ النبي (صـلى الله علـيه وآله) رأيه في الهجرة من مكة قال في جوابهم :
لَوْ خَرجْتُمْ إلى أرض الحَبَشة فانَّ بِها مَلِكاً لا يُظلَمُ عِندَهُ أحَدٌ وهي أرضُ صِدْق حَتى يَجعَلَ اللّهُ لكُم فَرَجاً ممّا أنتُم فيهِ .
أجَل انَ مجتمعاً صالحاً يتسلَّم زمامَ الأمر فيه رجلٌ صالحٌ عادلٌ نموذج مصغّر من جنّة عدن بالنسبة إلى المسلمين المضطهدين في بلدهم بسبب عقيدتهم وهو ما كان يريده ويتمناه أصحاب رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ليتمكنوا من القيام بشعائر دينهم فيه في جوٍّ من الطمأنينة والامن.
ولقد كان لكلام رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) أثر قوىٌ في نفوسهم تلك الثلة المؤمنة الباحثة عن ارض تعبد فيها اللّه في أمان بحيث لم يمض زمان إلاّ وقد شدّت رحالها وغادرت مكة ليلا في غفلة من الاجانب ( المشركين ) مشاة وركباناً متجهةً نحو جدّة للسفر عبر مينائها إلى ارض الحبشة.
وكان هذا الفريق يتألف من عشر أو خمسة عشر شخصاً بينهم أربعة من النسوة المسلمات .
والآن يجب أن نرى لماذا لم يذكر رسولُ اللّه (صـلى الله علـيه وآله) للمسلمين مناطقَ اُخرى للهجرة اليها وانما ذكر الحبشة فقط.
ان سر هذا الاختيار هذا يتضح إذا درسنا أوضاع الجزيرة العربية وغيرها من المناطق آنذاك.
ان الهجرة إلى المناطق العربية الّتي كان سكانها من المشركين والوثنيين قاطبة كان أمراً محفوفاً بالخطر فان المشركين كانوا سيمتنعون عن قبول المسلمين في أرضهم إرضاء لقريش أو وفاء وتعصباً لدين الآباء ( الوثنيّة ).
وكذلك المناطق الّتي كان يقطنها المسيحيّون أو اليهود من الجزيرة العربية لم تكن تصلح لهجرة المسلمين إليها هي الاُخرى لان تينك الطائفتين كانتا تتقاتلان فيما بينهما في صراع مذهبيّ وطائفي فلم تكن الأوضاع لتسمح بأن يدخل طرفٌ ثالث في حلبة الصراع هذا مضافاً إلى أن ذينك الفريقين ( اليهود والنصارى ) كانا يحتقران العنصر العربيّ أساساً فكيفَ يمكن الهجرة إلى مناطقهم والتعايش معهم؟!
أما اليمن فقد كان تحت سيطرة الحكم الإيرانيّ الملكيّ ولم تكن السلطاتُ الإيرانية آنذاك لتسمح باقامة المسلمين في ربوع اليمن لما عُرف من نقمتها فيما بعد على الدعوة الإسلامية إلى درجة انه لما وصلت رسالة النبي (صـلى الله علـيه وآله) إلى خسرو برويز كتب إلى عامله على اليمن فوراً احمل إليّ هذا الّذي يذكر أنه نبيٌّ وبدأ اسمَه قبل اسمي ودعاني إلى غير ديني !!.
وكذلك كانت الحيرة تحت الاستعمار والنفوذ الايرانيّ كاليمن.
وأمّا الشام فقد كانت بعيدة عن مكة المكرمة هذا مضافاً إلى ان اليمن و الشام كانتا سوقين لقريش وكانت تربُط قريش بسكان هاتين المنطقتين روابط وعلاقات وثيقة فاذا كان المسلمون يلجأون إليها اُخرجوا منهما
بطلبٍ من قريش تماماً كما طلبت من ملك الحبشة مثل هذا الطلب ولكنه رفض طلبهم.
وقد كانت الرحلة البحرية ـ في تلك الآونة ـ وبخاصة برفقة النساء والاطفال رحلة شاقة جداً من هنا كانت هذه الهجرة وترك الحياة والمعيشة في الوطن دليلا قوياً على إخلاص اُولئك المهاجرين لدينهم وعمق ايمانهم به وصدقه.
ولقد كان ميناء جدة آنذاك ميناء تجارياً عامراً كما هو عليه الآن ومن حسن التوفيق أن هذه الثلة المهاجرة قد وصلت إلى هذا الميناء في الوقت الّذي كانت فيه سفينتان تجاريتان على اُهبة الاقلاع والتوجه نحو الحبشة فبادر المسلمون إلى ركوبها والسفر عليها دون تلكّؤ خشية لحاق قريش بهم والقبض عليهم لقاء نصف دينار عن كل راكب.
وكان ذلك في شهر رجب في السنة الخامسة من مبعث رسول اللّه .
ولما عرف المشركون بهجرة بعض المسلمين أمروا جماعةً من رجالهم بملاحقة اولئك المهاجرين واعادتهم إلى مكة فوراً ولكن المسلمين المهاجرين كانوا قد غادروا شواطئ جدة قبل أن يدركهم الطلب .
ومن الواضح أن ملاحقة مثل هذه الثلة الّتي لم تلجأ إلى أرض الغير إلاّ لأجل الحفاظ على عقيدتها والفرار من الفتنة لنموذج بارز من عتوّ قريش وعنادها.
فأولئك المهاجرون مؤمنون تركوا الأهل والوطن واغمضوا الطرف عن المال والتجارة وخرجوا يطلبون أرضاً نائية يمارسون فيها شعائرهم بحرية ومع ذلك لا يكف عنهم زعماء مكة وجبابرتها وطغاتها!!
اجل ان رؤساء دار الندوة بمكة واقطابها كانوا يعلمون جيداً أسرار هذه الهجرة وآثارها من خلال بعض القرائن والمؤشرات ولذلك كانوا يرددون فيما بينهم اُموراً سنذكرها في ما بعد.
هذا والجدير بالذكر أن اعضاء هذا الفريق المهاجر لم يكونوا من قبيلة واحدة بل كان كل واحد من هؤلاء العشرة ينتمي إلى قبيلة خاصة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|