أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014
5241
التاريخ: 2024-10-11
279
التاريخ: 16-10-2014
1411
التاريخ: 16-10-2014
2209
|
مؤلفه :
الشيخ محمد جواد مغنية ، أحد علماء الامامية ، ولد سنة (1904م) في " طير دبا " إحدى قرى جبل عامل في لبنان .
توفيت أمه وهو في الرابعة من عمره ، وتوفي أبوه وهو في العاشرة ، فرعاه أخوه الأكبر مدة سنتين هاجر بعدها هذا الاخ الى النجف الأشرف لطلب العلم ، مما اثر على حياة مفسرنا ؛ حيث عاش حياة البؤس والحرمان والاملاق .
ولكنه وعلى الرغم من ذلك كله وبعد فترة زمنية صمم على الهجرة الى النجف الأشرف لطلب العلم هناك ، وفعلاً سافر بمشقة لعدم توفر الكثير من مستلزمات السفر ، ووصل بعد عناء شديد .
وهناك تتلمذ على أخيه وغيره في بعض الدروس ، ودرس على السيد أبي القاسم الخوئي الكفاية ، وقسما من المكاسب ، وكان أستاذه الذي تأثر به ، ولازمه الظل لصاحبه هو السيد حسين الحمامي الذي كان آنذاك أفقر أستاذ كما كان مغنية أفقر طالب .
وبعد إتمام دراسته رجع الى بلده لبنان منكبا على كتب الفقه والأصول دراسة وكتابه .
عين قاضيا شرعيا في بيروت ، ثم مستشارا للمحكمة العليا ، فرئيسا لها بالوكالة ، وعرضت عليه الرئاسة ولكنه رفضها ، وانصرف الى التأليف منذ سنة (1975هـ) وحتى نهاية عمره الشريف .
وقد كان يعمل ما بين (14-18) ساعة في اليوم والليلة حتى بلغت مؤلفاته ستين مؤلفا ، بعضها يشتمل على عدة مجلدات .
اتصف رحمه الله ، بالجرأة في قوله الحق ، لا يداري ولا يماري حتى قال عن نفسه بما معناه : المفروض أن اكون أكثر مرونة ومداراة في التعامل مع الناس ، ولكن ذلك ـ والله يعلم ـ يحدث عفوا مني ودون اختيار .
ومن الجدير بالذكر أن نشير الى أنه ـ رحمه الله ـ كان أحد دعاة التقريب بين الشيعة والسنة ، وكتب في ذلك رسائل ومقالات نشرت في مجلة رسالة الاسلام التي تصدر عن مجمع التقريب .
وافاه الأجل سنة (1979م ـ 1400هـ) عن عمر يناهز الخامسة والسبعين ، ونقل جثمانه الى النجف الأشرف فجرى له تشييع عظيم ، ودفن في الصحن العلوي الشريف (1) .
تفسيره :
هو تفسير موجز شامل لجميع سور وآيات القرآن الكريم ، سلس العبارة ، واضح البيان ، بل لعله أفضل تفسير للطبقة المثقفة ، لخلوه من التعقيدات اللغوية ، والفلسفية والكلامية .
استغرق تأليفه اربع سنوات منذ سنة (1966-197م) من العمل المتواصل ليل نهار .
بدأ تفسيره بمقدمة تناول فيها بعض الأمور منها : الجيل الجديد وطرق إصلاحه ، والتفسير ومعناه ، وما يحتاج اليه المفسر ، وبيان ركائز الحياة الطيبة التي دعا إليها القرآن بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } [الأنفال : 24].
ثم بين منهجه الذي سلكه في تفسيره .
ثم ذكر تمهيدا حول الاستعاذة والبسلمة .
وبعد ذلك شرع في التفسير من سورة الحمد والى آخر سورة من القرآن الكريم .
واعتمد في تفسيره على الطبرسي صاحب " مجمع البيان " والفخر الرازي صاحب " مفاتيح الغيب " وعلى مفسرين آخرين عبر عنهم بقول : " جمهور المفسرين " ، أو " أكثر المفسرين " .
واستند على روايات أهل البيت (عليهم السلام) من دون ذكر المصدر الذي أخذ عنه .
منهجه في التفسير :
يذكر بضع آيات ، ثم يبين مكان نزولها في مكة أو في المدينة ، ومعاني بعض المفردات ، وإعراب مشكلها ، ومن ثم يشرح معاني الآيات الشريفة ، متعرضا للأصول والعقائد ، وبعض المسائل الفلسفية والكلامية ؛ كالجبر والاختيار ، والهدى والضلال ، والامامة ، وعصمة الأنبياء ، والشفاعة ورؤية الله ، وحساب القبر .
كما يتعرض للأحكام الفقهية مستدلاً لها بالأدلة ولكن دون شرح مسهب .
أهم ميزات الكاشف :
والخلاصة أن للكاشف ميزات متعددة أوجزها بميزتين مهمتين :
الميزة الأولى : أن المؤلف ابتعد في تفسيره على الإطالة والإطناب في جوانب اللغة والاعراب ، والاعجاز ، والفلسفة وعلم الكلام وغيرها ، وأكد على جانب الهداية ، اي أن القرآن كما قال : " كتاب دين وهداية ، واصلاح وتشريع يهدف قبل كل شيء الى أن يحيي الناس جميعا حياة تقوم على أسس سليمة " .
الميزة الثانية : جنب تفسيره عن ذكر الاسرائيليات ، مبينا موقفه منها بقوله : " نظرت الى الاسرائيليات التي جاءت في بعض التفاسير على أنها خرافة وأساطير ، ولا شيء أصدق في الدلالة على كذبها وزيفها من نسبتها الى إسرائيل " (2) .
مثال من تفسيره :
{لا تبطلوا صدقاتكم } .
{يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رثاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين * ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير }[ البقرة : 264 ، 265] .
اللغة :
الرئاء المراءاة ، اي تري الناس أنك تفعل الخير ، وأنك من أهله ، والصفوان الحجر الاملس ، والوابل المطر الشديد ، والوبال سوء العاقبة ، والصلد من الأرض ما لا ينبت شيئا لصلابته ، والربوة بتثليث الراء الرابية ، وأكلها أي ما يؤكل منها ، والطل الندى والمطر الخفيف .
الاعراب :
الكاف في قوله : " كالذي " اسم بمعنى " مثل " ومحله النصب على الحال من الواو في {لا تبطلوا } ، ورثاء الناس مفعول من أجله لينفق ، والكاف في كمثل زائدة وعليه تراب مبتدأ وخبر ، والجملة في محل صفة لصفوان ، وصلدا ً حال من الهاء في تركه ، وهو مؤول بيابس ، وابتغاء مرضاة الله مفعول من أجله ، وتثبيتا معطوف عليه ، وضعفين حال من أكلها ، وفطل فاعل لفعل محذوف ، والتقدير : فيصيبها طل .
المعنى :
{ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رثاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر } :
بين سبحانه فيما سبق أن ترك المن والأذى ، شرط لحصول الأجر والثواب على البذل والإنفاق ، وأن عدم الصدقة مع قول معروف خير منها مع المن والأذى وأن من يبذل بلا من وأذى يضاعف له الأجر والثواب بلا حد وحساب ، وضرب لذلك مثلا بحبة عادت على الزارع بـ (700 ضعف ) بعد أن بين هذا كله ضرب في هذه الآية مثلا لأصحاب المن والأذى بالمنافق المرائي الذي ينفق ماله طلبا لثناء الناس وحمدهم ، لا ابتغاء مرضاة الله وثوابه .
وقوله تعالى : {ولا يؤمن بالله واليوم الآخر } المراد به أن عمل المرائي وعمل الكافر سواء ؛ لأن كلا منهما لم يبتغ وجه الله ومن هنا تواتر الحديث في أن الرياء شرك خفي .
{ فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا } . الضمير في مثله يعود الى المرائي ..
لقد شبه الله أولا المان المؤذي المنافق المرائي ، ثم شبه هذا بصفوان عليه تراب ، وبديهة أن شبيه الشبيه كالصفوان ، أي الحجر الصلب الأملس يغطيه تراب خفيف يحجب صلابته ، فأصابه مطر غزير ذهب بالتراب ..
وهكذا صدقة المؤذي والمرائي تماما كالتراب على الحجر الأملس ، والأذى والرياء المطر الذي ذهب بالتراب ..
وقوله تعالى : { لا يقدرون على شيء} : معناه كما أنه لا أحد من الخلق يقدر على رد ذلك التراب الذي اجتاحته السيول كذلك لا يقدر المراؤون والمؤذون على رد صدقاتهم ..
والغرض انهم لا ينتفعون بها في الدنيا ، لأنها ذهبت من أيديهم ، ولا في الآخرة حيث أفسدها الأذى والرياء .
{والله لا يهدي القوم الكافرين } : المراد بالهداية هنا ثواب الآخرة بقرينة السياق ، لأن الكلام في ثواب الله ، والمراد بالكافرين من عمل لغير وجه الله ، فلقد جاء في الحديث الشريف ، : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ : أين الذين كانوا يعبدون الناس ؟ قوموا خذوا أجوركم ممن عملتم له ، فإني لا أقبل عملاً خالطه شيء من الدنيا وأهلها .
{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة : 265] .
بعد أن ضرب الله مثلا لصدقة المرائين والمؤذين ضرب مثلا في هذه الآية لصدقة المخلصين ، كما هو شأنه عزوجل في المقابلة بين الضدين ، وإذا كانت صدقة أولئك كصفوان عليه تراب فإن صدقة هؤلاء كجنة في مرتفع من الأرض ، عميقة التربة لا يخشى عليها من السيول ، كما هي حال حفنة التراب على الحجر الأملس ، وهذه الجنة تثمر في السنة مثلي ما يثمر غيرها في المعتاد ولا تمحل إطلاقا ، لجودة تربتها ، ويكفيها القليل من الري حتى الندى لرطوبة ثراها ، واعتدال جوها ، وهذا هو معنى قوله : فآتت أكلها أي ثمرها ـ ضعفين فإن لم يصبها وابل ـ مطر غزير ـ فطل وهو الندى .
أما قوله : {ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم } فإنه إشارة الى امرين : الأول : أن المؤمنين يطلبون مرضاة الله من الانفاق .
الثاني : أن هذا الانفاق كان بدافع من أنفسهم ، معناه أنهم يجاهدون أنفسهم ، ويمرنونها على الطاعة بالبذل ... وهذا المعنى يصح اذا كانت من هنا بمعنى اللام ، كقوله تعالى : { مما خطيئاتهم اغرقوا} أي لخطاياهم ، وكقول الفرزدق في الامام زين العابدين : يغضي حياء ويغضى من مهابته .
وبعد فإن في هاتين الآيتين من معجزة البلاغة ما لا تجدها في غير كلامه جلت عظمته .. فقد شبه أولاً صدقة الأذى بصدقة الرياء ، وشبه هذه بالتراب على الصفوان يذهب مع الريح والأمطار ، ثم ذكر في مقابل هذه الصدقة الخاسرة الصدقة الرابحة ، وهي صدقة الايمان ، وإنها كبستان خصب التربة ، يهب الخيرات على الدوام وفي كل عام ، سواء أجادت السماء بالمطر الغزير ، أو الخفيف (3).
__________________
1- تجارب محمد مغنية ، ص : 12 ، 23 . و ما بعدها ، و ص 539 ، 540 .
2- الكاشف ، ج1 ، ص : 13 ، 14 ، وللمزيد راجع كتاب : محمد جواد مغنية ، حياته ومنهجه في التفسير ، جواد كسار ، ص : 208 وما بعدها .
3- الكاشف ، ج1 ، ص : 412ـ416 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|