المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

اجهاد القص Shear Stress
27-1-2020
لحم الهدي
25-11-2016
مقتل سيدنا علي الأكبر
4-12-2017
تلقيح الزيتون
2024-01-07
توما الرسول
29-1-2023
ان العقل لا ينفك عن سمع وان التكليف لا يصح الا بالرسل عليهم السلام
1-07-2015


اتجاهات تحديد مدى المسؤولية الجنائية الدولية للدولة  
  
2985   07:35 صباحاً   التاريخ: 25-3-2017
المؤلف : بشرى سلمان حسين العبيدي
الكتاب أو المصدر : الانتهاكات الجنائية الدولية لحقوق الطفل
الجزء والصفحة : ص65-74
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

ظهرت اتجاهات عدة في فقه القانون الدولي الجنائي بشان هذه المسالة منها مؤيد لوجوب مساءلة الدولة جنائيا عن انتهاكاتها لقواعد القانون الدولي الجنائي ومنها رافض لهذه المساءلة وهذا ما سنستعرضه:

اولاً / الاتجاهات المؤيدة للمسؤولية الجنائية الدولية للدولة: -

(أ)-الاتجاهات الفقهية /اهم هذه الاتجاهات:-

(1)- المساواة في السيادة بين الدول:-يجد اصحاب هذا الاتجاه ان اساس المسؤولية في القانون الدولي هو مبدأ المساواة بين الدول بشأن مسألة السيادة. فالتخلي عن الفكرة القديمة حول السيادة المطلقة للدولة في تصرفاتها مع الدول الاخرى واستبدالها بفكرة السيادة النسبية التي تراعي ما للدول الاخرى من سيادة مماثلة وتتوازى مع المصالح العامة المشتركة لجميع الدول هو الذي اعطى القانون الدولي صفته الملزمة وجعل من امر هذه المسؤولية ممكنا. فكل نشاط للدولة يخالف او ينتهك قاعدة قانونية دولية يولد مسؤوليتها الدولية.لان "مسالة سيادة الدولة واقرارها لايتعارض مع مسالة اقرار المسؤولية الجنائية للدولة اذا ما انتهكت قوانين المجتمع الدولي"(1).

(2)- الاكتفاء بالعمل غير المشروع وضمان ضرره:-يتخذ اصحاب هذا الاتجاه من انتهاك القانون الدولي والعمل غير المشروع الناجم عنه،عمل موضوعي تقوم عليه دلائل يمكن اثباتها بسهولة  كأساس للمسؤولية الدولية. أي ان المسؤولية الدولية الموضوعية هي ما ياخذ به القانون الدولي. فلديهم تؤسس المسؤولية على رابطة السببية بين نشاط الدولة والعمل  غير المشروع الذي ينتهك القانون الدولي. ووفقا لهذا الاتجاه تقوم المسؤولية الدولية على فكرة الضمانة المتبادلة بين الدول وعلى فكرة احترام متطلبات الامن الدولي.

(3)- درجة مخالفة القانون الدولي والجزاء الموجه ضد الدولة :- تبنى هذا الاتجاه عدد كبير من فقهاء القانون الدولي،فمنهم من يرى بان "نظرية المسؤولية انما تقررت في القانون الدولي لتساعد على وضع قواعده موضع التنفيذ الفعلي، فهي جزاء لقواعد القانون الدولي ولايمكن ان تنفصل عن فكرة الجزاء. ففي هذا المفهوم يكون الاخلال بقواعد القانون الدولي في حد ذاته موجبا للمسؤولية فيكفي لاثبات قيام العمل غير المشروع مجرد الاخلال بقواعد القانون الدولي، فالمسؤولية جزاء فعال لضمان احترام القانون الدولي"(2).

كما ان هناك رأي يفيد بأن "الاعمال الدولية غير المشروعة تتدرج من الاخلال الاعتيادي بالالتزامات التعاقدية، والذي يترتب عليه تعويض مالي فقط ،الى انتهاكات القانون الدولي التي تبلغ درجة التصرف الجرمي بالمعنى التام للمصطلح ويشير كذلك الى ان الجزاءات التي توقع بحق الدولة في حالة ارتكابها جريمة الحرب العدوانية بانها دليل على ثبوت مسؤولية الدولة الجنائية .اذ تعد الجزاءات المنصوص عليها في المادة (16) من عهد عصبة الامم وكذلك نصوص ميثاق الامم المتحدة بهذا الخصوص بمثابة عقوبات توقع على الدولة في حالة ثبوت مسؤوليتها الجنائية. ويمضي الى القول:ان الاعتراف العام بمبادئ  القانون الدولي الخاصة بعقاب مجرمي الحرب هو دليل جديد على ولادة المسؤولية الجنائية للدولة طالما ارتكب هؤلاء جرائمهم باسم الدولة ولحسابها "(3).

(4)- ان الدولة شخص ذو وجود حقيقي وليس كائناً افتراضياً:- تأثر اصحاب هذا الاتجاه بنظرية "واقعية الشخص المعنوي"التي تبناها الفقه الالماني اذ يرى اصحابه ان الشخص المعنوي هو كائن ذو وجود حقيقي وله ارادة خاصة به ومستقله عن ارادة الافراد المؤسسين له وهو ليس افتراضا قانونيا بل انه يتمتع باهلية ارتكاب العمل غير المشروع ويتحمل المسؤولية عن خطئه سواء المدني ام الجنائي مثله مثل الشخص الطبيعي.ويؤكد اصحاب هذا الراي بان للدولة ارادتها الخاصة وبوسعها ارتكاب الجرائم. كذلك ان للدولة ارادة وان هذه الارادة يمكن ان تكون اجرامية(4).

(5)- طبيعة التعويض الذي يفرض على الدولة المنتهكة:- فاذا ما تجاوز حدود اعادة الوضع الى ما كان عليه او حدود التعويض المالي فان ذلك دليل على توافر مسؤولية الدولة لانه بالتاكيد يتضمن فكرة العقوبة. ويجد انصار هذا الراي بان "العديد من احكام محاكم ولجان التحكيم يمكن ان يستدل بها على توافر مسؤولية الدولة الجنائية وانه توجد قضايا كثيرة حكم فيها بالتعويض كان الغرض منه ليس تغطية الواقعة فحسب بل اكثر من ذلك وهو معاقبة الدولة بسبب تقاعسها عن اتخاذ الاجراءات الكافية والضرورية للقبض على المجرم ومعاقبته"(5). وللأسباب الموضوعية التي تقوم عليها المسؤولية الدولية ولطبيعة القواعد التي تنظمها والمصادر التي تستقي منها وللواقع الدولي القائم وتنازع السيادات بين الدول ،فانه من غير السهل الجزم باساس محدد لهذه المسؤولية غير انه بالامكان القول-وكفكرة عامة-ان المسؤولية الدولية يمكن تأسيسها على السيادة المتساوية بين الدول في رغبتها في ان تضمن لنفسها وللمصلحة الدولية الجزاء  على انتهاكات قواعد القانون الدولي عن أي عمل غير مشروع دوليا لتجنيب المجتمع الدولي أي مضاعفات او تطورات غير مقبولة يمكن ان تهدد السلم والامن الدولي عند التغاضي عن تلك الانتهاكات من جانب الدولة التي اقترفت العمل غير المشروع دوليا وان تحميلها المسؤولية الدولة عن عملها هذا هو ضمان بالمحافظة على المجتمع الدولي بشكل اكثر تنظيماً واستقراراً (6).

(ب)- إتجاهات لجنة القانون الدولي/

أما أهم الاتجاهات المؤيدة للمسؤولية الجنائية للدولة في أطار عمل لجنة القانون الدولي فنذكر منها على سبيل المثال: الأتجاه الأول: يؤكد عدم أستبعاد مسؤولية الدولة من مشروع قانون الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها لأن الأفعال التي تم سردها على أنها جرائم مخلة بسلم الإنسانية وأمنها هي أفعال لا ترتكب إلا من جانب الدول كجريمة العدوان ونتيجة للدور المميز للإتجاه المؤيد لمسؤولية الدولة الجنائية فأن مشروع القانون هذا بصيغته المعتمدة في القراءة الأولى عام 1991 قد أشتملت على نص يقرر مسؤولية الدول على الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها إذ جاء في المادة (5) منه "ليس في محاكمة فرد من الأفراد عن جريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها ما يعفي الدولة من أي مسؤولية يرتبها القانون الدولي على فعل أو أمتناع يمكن أسناده إليها". أما تعديل هذه المادة فقد ورد فيه في المادة (4) "لا يخل ما تنص عليه هذه المدونة بخصوص مسؤولية الأفراد عن الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها بأي مسائلة تتعلق بمسؤولية الدول بمقتضى القانون الدولي". أما الإتجاه الثاني: فقد أقر في إطار مناقشات اللجنة لمشروع المواد المتعلق بمسؤولية الدول بأن مفهوم المسؤولية الجنائية للأشخاص الأعتبارية مقبول في نظم قانونية مختلفة وأن محكمة نورمبرج عدت العديد من الأشخاص الأعتبارية جانية. كذلك المبادئ التوجيهية لمنع الجريمة والقضاء الجنائي التي أعتمدت في مؤتمر الأمم المتحدة السادس لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي دعى الدول الأعضاء الى أسناد المسؤولية الجنائية ليس فقط للأشخاص الذين تصرفوا نيابة عن مؤسسة أو شركة وأنما أيضا الى المؤسسة أو الشركة ذاتها. وبيّن أن الدول لها شخصية قانونية وليس ثمة ما هو غير اعتيادي في المفهوم القائل أن الدول تملك الأهلية لأرتكاب جناية دولية ومن ثم أمكان مسائلتها جنائياً عنها. أما الأتجاه الثالث: فقد تبناه عدد من أعضاء لجنة القانون الدولي عند مناقشتها للمادة (19) من مشروع المواد بشأن مسؤولية الدول لاسيما حول تحديد الأساس لمفهوم جنايات الدول. فقد تمت الاشارة الى أجتهاد محكمة العدل الدولية كدليل على أن جنايات الدول تشكل جزاءاً من مجموعة القوانين الدولية وأن هذا المفهوم يحضى على نحو متزايد بالقبول. كذلك أشير إلى المرافعات والقرار الأولي بشأن أنطباق أتفاقية منع جريمة الأبادة الجماعية (البوسنة والهرسك ضد يوغسلافيا) إذ تدل على أن الأعتراف في المادة (1) من الأتفاقية بأن الأبادة الجماعية جريمة دولية بموجب القانون الدولي لا يعني أن الجرائم التي يرتكبها أعوان الدول هي وحدها مشمولة وأن دراسة اللجنة لفعل يتعلق بالأبادة الجماعية قام بأرتكابه حكام أو موظفون عموميين بموجب المادة (4) من الأتفاقية لا يستبعد مسؤولية الدولة عن أفعال أجهزتها ولم تستبعد هذه المادة شكل من أشكال مسؤولية الدولة بما فيها الجنائية(7).

ثانيا /الاتجاهات الرافضة للمسؤولية الجنائية الدولية للدولة:-

ذهبت اتجاهات اخرى في القانون الدولي الجنائي الى رفض فكرة المسؤولية الجنائية للدولة عما يرتكب باسمها من انتهاكات جنائية دولية والاقتصار على مساءلة الافراد الذين ارتكبوا هذه الانتهاكات. وهذا الرفض كان له انصار من الفقهاء ومن لجنة القانون الدولي.

(أ)-الاتجاهات الفقهية/ أهم هذه الأتجاهات: -

(1)- فكرة الاسناد المعنوي:- واستند اصحاب هذا الاتجاه الى القانون الجنائي الداخلي الذي يتجه نحو الفردية على اساس ان العقوبة الجنائية مقررة فيه على قدر النصيب الاخلاقي المعنوي الذي اسهم به الجاني في الفعل المكون للجريمة والذي يرتكز على علاقة السببية المعنوية بين النتيجة  المتحققة والسلوك الارادي المرتكب وهو ما يسمى في فقه القانون الجنائي "الاسناد المعنوي"والذي قوامه الادراك والاختيار –أي المسؤولية الاخلاقية- ولا مسؤولية من دون هذا الاسناد.وعليه فان القانون الجنائي المعاصر لايطبق الا على الشخص الطبيعي سانداً المسؤولية الجنائية والعقوبة الى ارادة هذا الشخص الاثمة سواء بشكل عمدي ام غير عمدي.

ومثل هذه المبادئ موجودة في القانون الدولي الجنائي، فعلى حسب هذا الاتجاه لم يعترف هذا القانون الا بالمسؤولية الجنائية الدولية المترتبة على الافراد وليس على الاشخاص المعنوية وهو بذلك رفض مفهوم المسؤولية الجنائية الجماعية ولم يحمل عبء هذه المسؤولية الا الى الافراد الذين تصرفوا باسم الدولة او لحسابها.

 الا انه يُرَّد على هذا الاتجاه بان مبدا الربط بين المسؤولية والاسناد المعنوي والعقوبة امر مقبول، لكن الربط بين الاسناد المعنوي وفكرة الاختيار وان كان لازما للعقاب فانه غير لازم لقيام المسؤولية وان امتنع العقاب فالاسناد المعنوي يتمثل في مدى الاثم الاخلاقي الذي ينتج عن الجريمة أي في علاقة السببية بين الفعل والنتيجة دون اعتداد بالارادة التي يظهر اثرها في وجود الجريمة وفي امكانية العقاب عليها.لهذا فان الاسناد المعنوي بهذا المعنى يقوم في الجريمة الدولية بالنسبة للدولة كما هو للفرد الذي تصرف باسم الدولة ولحسابها أي ان الدولة المعتدية بقيامها بارتكاب جريمة العدوان –على سبيل المثال- تكون قد اخطات خطاً اخلاقياً دولياً، فضلا عن خطأها القانوني المتمثل في الاخلال بالتزاماتها الدولية التي تمنع اللجوء غير المشروع الى القوة وشن الحرب العدوانية، وتسأل جنائياً عن ذلك. كما ان تمام الشخصية المعنوية القانونية الدولية العامة للدولة وكمالها  يحتم ضرورة مساءلتها دوليا عما ترتكبه من افعال في مجتمع الدول لا الافراد، والقول بغير ذلك  يؤدي الى نتيجة خطيرة هي امكانية قيام الدولة في المجتمع الدولي بكل تصرف تراه مناسبا لها على الرغم مما فيه من عدوانية او مخالفة للقواعد القانونية الدولية العرفية والمدونة السائدة في العالم وهذا يؤدي الى اهدار كل قيمة لقواعد القانون الدولي. كما ان القائلين بالاقتصار على المسؤولية الجنائية للاشخاص الطبيعين من دون الدولة ،يخلطون بين المسؤولية الجماعية ومسؤولية الدولة كشخص معنوي قائم ومستقل بذاته ويعدون كلا الامرين مترافدان ،وهذا في الواقع والقانون غير صحيح ذلك ان المسؤولية الجنائية الجماعية –ومقتضاها عدم مساءلة الجاني فقط  بل كل من له علاقة قانونية معه وان لم يكن مرتكبا للجريمة(8) -امر مرفوض في المبادئ القانونية العامة داخليا ودوليا لانه يتنافى مع العدالة ان يسال غير الجاني عن الجريمة المرتكبة،اما المسؤولية الجنائية للدولة كشخص معنوي عما يرتكب باسمها فانها ليست مسؤولية جماعية بل انها مسؤولية ذاتية يفرضها القانون الدولي على احد اشخاصه لارتكابه جريمة دولية(9).

(2)- طبيعة الشخصية المعنوية للدولة:-يرى الكثير من الفقهاء ان نظرية الشخصية المعنوية مجرد خيال وان الرأي الذي يقول بان للدولة وجود حقيقي وتمتلك ارادة خاصة مستقلة عن ارادة المجموع او ارادة الشعب بحسب المفاهيم السياسية يشكل صعوبة في نسبة الخطا الى ارادة الشعب بشكل عام، وان القبول بمثل هذا المنطق يعني اقرار مسؤولية الفرد عن خطا ارتكبه غيره وهذا يخالف ما استقر عليه النظام القانوني الداخلي والدولي من مبادئ قانونية خاصة  بالمساءلة الجنائية . وقد عبر اصحاب هذا الاتجاه عن عدم ملائمة الادارة الجماعية لسريان القانون الجنائي بالقول"ان الكلام عن ايقاع العقوبة بالدولة ناجم عن سوء فهم مبادئ القانون الجنائي  وطبيعة الشخصية القانونية للشخص المعنوي ذلك لان اشخاص القانون الجنائي اشخاص طبيعيون أي كائنات مفكرة تتمتع بشعور وارادة .اما الشخص المعنوي فهو كائن لايتمتع بهذه الصفات على الرغم من ان ارادة بعض الافراد تعد ارادة الشخص المعنوي عن طريق التمثيل ونظام الادارة، الا ان ذلك يكون لاغراض محددة .عليه يجب ان تتوافر ارادة فردية لغرض سريان القانون الجنائي اما الارادة التمثيلية فلا يمكن ان تحقق ذلك الغرض"(10). كما يقول اصحاب هذا الاتجاه" لا تستطيع الدولة ان تفعل شيئا بصفتها هذه وطالما انه ليس بوسعها ان ترتكب جريمة فانها لاتستطيع للاسباب ذاتها ان تدافع عن نفسها في اية قضية ،وعلى هذا الاساس فانه يسلم بالمسؤولية المالية عن انتهاك القانون الدولي فمسؤوليتها على حد تعبيره مدنية فحسب"(11). ويرد على هذا الاتجاه بان"مساءلة الدولة كشخص قانوني دولي مستقل عن الاشخاص الطبيعين الذين يسيرونه لايتعارض مع طبيعة الدولة كشخص معنوي ،ولايناقض حقيقة ان هذا الشخص لايمكن ان يتصرف الا من خلال اشخاص طبيعيين يمثلونه ويعبرون عنه ،وذلك لان الاساس في مسؤولية الدولة لا يكمن في تقييم سلوك الافراد الذين يعملون باسمها ولحساب وانما يمكن في حقيقة انها عضو في مجتمع دولي يتكون من مجموعة دول ذات شخصيات معنوية مثلها تحكمها قواعد قانونية دولية تلائم طبيعتها، تحدد حقوقها وواجباتها وتفرض جزاء –بغض النظر عن نوعه ومداه-على الاخلال بها، وهذا هو المغزىمن مسؤولية الدولة دوليا بشكل مستقل عن مساءلة الافراد الذين يعبرون باسمها. ولهذا ينبغي التفريق بين المسؤولية الجنائية الجماعية التي لا يمكن قبولها قانوناً والمسؤولية الجنائية الدولية للدولة بوصفها شخصاً دولياً عاماً وهو امر ثابت لايمكن انكاره وامر هام وضروري لبقاء قواعد القانون الدولي واحترامها، لايمكن التخلي عنه"(12).

(3)- محل المسؤولية الدولية:-يرى اصحاب هذا الاتجاه ان الافراد الذين يتصرفون لحساب الدولة هم محل المسؤولية الجنائية الدولية وليس الدولة ،وذلك لان القانون الدولي الجنائي يفرض واجبات على الافراد كما يفرضها على الدول ومن ثم فانهم يكونوا اهلا للمسؤولية الجنائية الدولية بموجب هذا القانون.اذ ان اساس كل من القانون الداخلي والقانون الدولي واحد وهو الشخص الطبيعي وسلوكه ومن ثم يكون هو المسؤول دوليا. والدليل على ذلك-عند اصحاب هذا الراي-ان مبدا مسؤولية الاشخاص الطبيعيين من دون الدولة قد تقرر في المادة (327)من معاهدة فرساي التي قررت محاكمة "غليوم الثاني"بوصفه مسؤولا كامبراطور سابق لالمانيا عن الاعمال الحربية كافة التي ارتكبتها المانيا ضد الاخلاق الدولية وقدسية المعاهدات، وان معاهدة فرساي اقتصرت على محاكمة هذا الامبراطور السابق بوصفه شخصا طبيعيا ولم تناد بمحاكمة المانيا جنائيا بوصفها دولة. كذلك الامر في المحاكمات العسكرية الدولية لنورمبرج وطوكيو اذ حاكمت الاشخاص الطبيعيين فقط وحملتهم وحدهم المسؤولية عن جرائم القانون الدولي الجنائي(13). ويُرَّد على هذا الراي بانه يظهر نصف الحقيقة ويتجاهل نصفها الاخر وهو ان القانون الدولي الجنائي انما يفرض الواجبات على الافراد الطبيعيين بمناسبة صفاتهم الرسمية الملتصقة بالشخصية القانونية الدولية العامة لدولهم ولولا هذا ما كانوا محلاً لخطاب القانون الدولي الجنائي مباشرة، فضلا عن ان القبول بضرورة مساءلة هؤلاء الاشخاص الطبيعيين عما يرتكبونه من جرائم دولية باسم دولهم. الا انه لايمكن اثبات الحكم للفرع ونفيه عن الاصل ولهذا فان المسؤولية الجنائية الدولية للدولة هي الاصل والاساس وتاتي بعدها مسؤولية الاشخاص الطبيعيين الذين اتوا اعمالا مجرّمة دولياً باسم دولهم وبهذا فان الحقوق والواجبات المفروضة على الدولة كشخص معنوي عام في المجتمع الدولي، تقابلها مسؤولية دولية تقع على عاتقها لتكمل جانب الجزاء لهذه الحقوق والواجبات الدولية، وبهذا تكون الدولة هي المحل الاصلي والاساسي للمسؤولية الجنائية الدولية وصحيح ان مسؤولية الشخص الطبيعي عن الجرائم التي يرتكبها داخليا ودوليا ضرورية وان اساس القانون كله مبدا تنظيم السلوك الانساني، الا انه من غير الممكن الاحتجاج بذلك لنفي مسؤولية الدولة جنائيا عما تاتيه من اعمال مخالفة للقانون الدولي، اذ ان وحدة الاساس في كل من القانون الداخلي والقانون الدولي لاتعنى ترتيب الجزاء على احد اطراف أي من القوانين من دون الطرف الاخر والا انتفت الحاجة الى التفرقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي ولما عادت هناك حاجة لوجودهما منفصلين وهذا ما لا يمكن قبوله واقعياً ومنطقياً وقانونياً. اما بالنسبة لمحاكم نورمبرج وطوكيو فيعود السبب وراء محاكمة الاشخاص الطبيعيين فقط من دون الدول المعتدية الى ان هذه المحاكم انشئت خصيصا لمحاكمة الاشخاص الطبيعين من مجرمي الحرب ولم تعط صلاحية محاكمة الدول المعتدية(14). فضلا عن انه الدولة الالمانية ذاتها في لحظة المحاكمة لم يكن لها وجود حقيقي او قانوني. وعدم معاقبة الدولة الالمانية او اقرار مسؤوليتها العقابية يرجع الى عدم وجودها في وقت انهزام المانيا عقب الحرب العالمية الثانية مباشرة(15).

(4)-معيار السيادة:-اصحاب هذا الاتجاه من مؤيدي مبدأ السيادة المطلقة للدولة ويرون ان القول بمسؤولية الدولة قانونا عن اعمالها يشكل تعارضا مع ما تتمتع به من سيادة وإن سيادة الدولة يجعل منها المرجع الوحيد للفصل فيما يترتب على سلوكها من نتائج. وما قيامها باصلاحات للضرر الذي قد يقع نتيجة لسلوكها هذا فان اساسه يعود الى رغبتها المنفردة في التعويض(16). الا انه يُرَّد على هذا الراي بان سيادة الدولة لاتغير شيئاً من مسؤوليتها لاسيما وان القانون الدولي عقب الحرب العالمية الاولى قد تطور الى ان احل فكرة سيادة القانون محل سيادة الدول.وهذا المبدا يعني وجود جزاء فعلي لفرض احكامه على الاشخاص  الدولية العامة المخاطبين بها-وهم الدول-وهذا الجزاء يتم في صورة المساءلة الجنائية للدولة وانزال العقاب بها ان كانت معتدية(17). فضلا عن ان فكرة السيادة المطلقة للدولة لاوجود لها وان الاخذ بها يؤدي الى الاصطدام بالقانون الدولي ذاته والى الاصطدام بفكرة الحقوق والالتزامات المتبادلة بين الدول ومن ثم الى نفي التعاون الدولي اللازم بين الدول لدوام الحياة في المجتمع الدولي. كما ان السيادة لاتتعارض مع المسؤولية لان قيام المسؤولية يعد نتيجة لتمتع الدولة بسيادتها الكاملة اذ انها تسال عن اعمالها غير المشروعة التي قامت بها بكامل حريتها وسيادتها(18).

(ب)-اتجاهات لجنة القانون الدولي/

ان اهم الاتجاهات الرافضة لمسؤولية الدولة الجنائية في اطار اعمال لجنة القانون الدولي، على سبيل المثال: الاتجاه الاول: نظر بعض اعضاء اللجنة، في غضون مناقشتهم لمشروع تقنين الجرائم المخلة بسلم الانسانية وامنها، الى مسؤولية الدول عن الافعال التي تشكل انتهاكا للسلم والامن الدوليين، بانها مسؤولية سياسية تقع في اطار عمل الامم المتحدة وليست مسؤولية قانونية تستند الى مشروع التقنين، وان مجرد احالة الموضوع الى لجنة القانون الدولي لايكفي لنقله من المجال السياسي ليصبح موضوعا مستقلا في مجال القانون. وعلى ما يبدو ان اصحاب هذا الاتجاه لم ينظروا الى التدابير التي يتخذها مجلس الامن وفقا للفصل السابع بمثابة عقوبات .الا ان هذا الاتجاه جاء منسجما مع ما ورد في التقرير الاول للمقرر الخاص للجنة عن مشروع التقنين، اذ يرى انه من الصعب إرغام الدول على الانصياع لقرارات دولية خارج نطاق القرارات التي يمكن إتخاذها في أطار الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وهي على حد تعبيره "تدابير وليست جزاءات جنائية بحصر المعنى" مؤكداً أن "حمل دولة ما على المثول أمام سلطة قضائية جنائية دولية يبدو محالاً".

ويرى الاتجاه الثاني: الذي تبناه عدد من أعضاء لجنة مناقشة مشروع المواد بشأن مسؤولية الدول، أنه من المسلم به على نطاق واسع أن الدول لا ترتكب جنايات، وأن ركنين من الاركان الثلاث المكونة للدولة – الاقليم والسكان – لا يمكن بداهة أن تستند اليهما المسؤولية عن الجناية وان الدول بالنسبة للركن الثالث – أجهزة الحكم – لها مواقف مختلفة، وان الدولة نفسها معفاة من المسؤولية الجنائية لانها وحدها لها أسباب وجيهة لكي تعاقب ولا يمكن أن تعاقب نفسها".

اما الاتجاه الثالث: والذي أيضاً ورد في نطاق مناقشات اللجنة لمشروع المسؤولية فقد خلص بعض الاعضاء من أصحاب هذا الاتجاه الى عدم تصور نسبة المسؤولية الجنائية الى الدولة وذلك لعدم توافر الجهاز القضائي لمحاكمة الدولة ومعاقبتها وان إختصاص محكمة العدل الدولية – وهي الجهاز القضائي الدائم والوحيد لتسوية المنازعات التي تنشب في المجتمع الدولي – يرتكز على القبول الاختياري كما لا يمكن النظر الى سلطات مجلس الامن إستناداً الى الفصل السابع من الميثاق على انها تنطوي على إختصاص قضائي. أما الاتجاه الرابع: فقد ورد في أثناء مناقشة أصحابه مشروع مسؤولية الدول ويرون أن إستناد عدد من الاعضاء الاخرين الى اجتهاد محكمة العدل الدولية بشأن إنطباق اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها في دعوى البوسنة والهرسك ضد يوغسلافيا بوصفه دليلاً على أن جنايات الدول تشكل جزءاً من مجموعة القوانين الدولية، غير صحيح لان الدعوى لا تتضمن أي أشارة سواء في بيانات المحكمة أم في مرافعات الاطراف من شأنها أن توحي أن اتفاقية الابادة الجماعية تقصد المسؤولية الجنائية للدول بالمعنى الجنائي فضلاً عن ذلك أوضحت الاعمال التحضيرية بأن المادة (9) من الاتفاقية – اتفاقية منع الابادة – لا تشير الى المسؤولية الجنائية للدول(19).

ان نفي المسؤولية الجنائية الدولية عن الدولة يؤدي الى هدر والغاء لقواعد القانون الدولي وتهديد للنظام الدولي، اذ سيؤدي ذلك الى السماح للدول ان تعتدي وتنتهك حرمات القانون الدولي  وحقوق اشخاصه كيفما تشاء، من دون رقيب او حسيب وهذا امر مرفوض تماما. لذا لاجدال في قيام المسؤولية الدولية تجاه الدولة التي تنتهك او تخل باحدى التزاماتها وواجباتها التي يفرضها عليها القانون الدولي(20). وهذا ما تثبته وتشير اليه العديد من الاتفاقيات الدولية بشكل صريح او ضمني او بصورة مسؤولية عن تعويض الضرر الذي يترتب على عمل الدولة غير المشروع الناجم عن اخلالها بالتزاماتها تجاه دولة او دول اخرى(21).ويلاحظ مبدا اقرار مسؤولية  الدولة الجنائية بشكل اكثر وضوحا وحداثه في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية. حيث نصت المادة (24-4)منه على ان "لايؤثر أي حكم في هذا النظام الاساس يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية، في مسؤولية الدول بموجب القانون الدولي". كذلك تم وضع مشروع المواد بشان مسؤولية الدول يقرر مسؤولية الدولة عن فعل غير مشروع دوليا تقوم به،كما حددت فيه العقوبات التي تتحملها الدولة او الدول الجانية تجاه الدولة او الدول المجني عليها(22).لذا فان انكار مساءلة الدولة مسؤولية دولية جنائية عن انتهاكاتها الجنائية الدولية امر يتعارض تماما مع الواقع الدولي ومتطلبات النظام الدولي والقواعد القانونية التي تحكمه ،لاسيما وان سبب المساءلة الجنائية الدولية للدولة هو مخالفتها وانتهاكها لقواعد القانون الدولي الجنائي التي ترتبت عليها الواقعة محل المساءلة الدولية وهذا السبب يمثل عنصرا من عناصر المسؤولية الجنائية الدولية(23). وبناءاً على كل ما تقدم يمكننا القول ان المسؤولية الجنائية الدولية للدولة تعد في القانون الدولي الجنائي خاصة والقانون الدولي عامة،مبدءاً متطوراً ومعترفاً به من جانب كبير من فقه القانون الدولي ونصت عليه مواثيق دولية عديدة.فضلا عن ان المسؤولية الجنائية الدولية للدولة لايسقطها أي اعتبار فالدولة يمكن ادانتها بارتكاب انتهاكات جنائية دولية، سواء انتهاكا لحقوق اطفالها ام انتهاكا لحقوق اطفال دولة اخرى(24)،لان الاعتراف بالشخصية القانونية الدولية للدولة يتضمن ايضا الاعتراف بالمسؤولية الجنائية لها من دون الاخلال بمسؤولية الاشخاص الطبيعيين الذين تسببوا في ارتكاب هذه الانتهاكات اذ تجب معاقبتهم هم ايضا عن ذلك(25).فضلا عن انه مادام بالامكان مساءلة الدولة مدنيا فلا داعي لاستثنائها من المسؤولية الجنائية(26). ولاترتبط امكانية مساءلة الدولة جنائيا بنوع الجزاءات الجنائية ولا حتى بطبيعتها ،فالجزاء لايعد اساسا لتقرير المسؤولية الجنائية ،فهناك من العقوبات التي تفرض على الاشخاص الطبيعيين ما لا يمكن فرضها على الشخص المعنوي كالعقوبات السالبة للحرية والمقيدة لها .وهناك عقوبات اخرى تتلاءم وطبيعة الشخص المعنوي بصورة عامة وطبيعة الدولة بصورة خاصة ،وبشكل لا يمكن معه الاحتجاج بعدم امكانية المعاقبة لكي تنفى عنها المسؤولية الجنائية عند ارتكابها انتهاكات جنائية دولية.

__________________

1 - ينظر في التفاصيل د. عبد الرحيم صدقي –مبادئ القانون الدولي الجنائي –القاهرة –1986 -ص38-وما بعدها.

2 - راي للاستاذ (بادة فان ) عمر محمد المحمودي–قضايا معاصرة في القانون الدولي العام –دار الجماهيرية للنشر والتوزيع والاعلان –ليبيا –ط1-1986  –ص80.

3- راي الاستاذ اوبنيهام- ناظر أحمد منديل – جريمة ابادة الجنس البشري – رسالة مقدمة إلى كلية القانون / جامعة بغداد لنيل درجة الماجستير في القانون الدولي – 2000-ص63.

4 - من انصار هذا الراي الفقيه بللا والفقيه سالدانا-اسامة ثابت الالوسي–المسؤولية الدولية عن الجرائم المخلة بسلم الانسانية وامنها –رسالة مقدمة الى كلية القانون/جامعة بغداد لنيل درجة الدكتوراه في القانون الدولي-1996-ص77 وما بعدها ود. عبد الحميد خميس–جرائم الحرب والعقاب عليها–شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي واولاده بمصر-1955-ص228.

5 - هذا الراي للاستاذ لوتر باخت-ناظر احمد منديل–المصدر السابق-ص64 وينظر في كل ما تقدم:عمر محمد المحمودي-مصدر السابق– ص78 وما بعدها و زيدون سعدون بشار السعيدي–المسؤولية الدولية عن النتائج الضارة الناجمة عن افعال لا يحظرها القانون الدولي–رسالة مقدمة الى كلية القانون/جامعة بغداد لنيل درجة الماجستير في القانون – 1992  –ص78 وما بعدها وناظر احمد منديل –المصدر السابق –ص63 وما بعدها.

6- عمر محمد المحمودي-المصدر السابق-ص80.

7- ينظر في التفاصيل وفي مزيد من الأتجاهات : ناظر أحمد منديل مصدر سابق ص64 وما بعدها

8 لمزيد من التفاصيل عن المسؤولية الجماعية ينظر يونس العزاوي-مشكلة المسؤولية الجنائية الشخصية في القانون الدولي-مطبعة شفيق-بغداد-1970-ص41 وما بعدها.

9- ينظر في التفاصيل عمر محمد المحمودي –مصدر سابق-ص83 وما بعدها.

10 - راي الاستاذ فيليمور-ناظر احمد منديل-مصدر سابق-ص68وما بعدها .

11-- راي للاستاذ دروست-اسامة ثابت الالوسي- ص84.ولمزيد من الاطلاع على آراء اكثر في هذا الاتجاه ينظر.د. عبد الحميد خميس–جرائم الحرب والعقاب عليها–شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي واولاده بمصر-1955-ص230 وما بعدها.

12 - عمر محمد المحمودي-مصدر سابق-ص86.

13 - نفس المصدر السابق-ص87وص89.

14- ينظر في التفاصيل :عمر محمد المحمودي-مصدر سابق-ص87 وما بعدها.

15 رأي للفقيه دي فابر. د.عبد الرحيم صدقي-مصدر سابق-ص37 وما بعدها .ويذكر في هذا الصدد ان الاستاذ "بلا فسكي"قد انتفذ نظرة"دي فابر"بهذا الشان وذلك لان هناك فارق بين الدولة الالمانية وهي مفهوم ثابت وجد قبل قيام النازية ،وبين الحكومة النازية وهي جهاز قام على ايدلوجية سياسية معينة وجد ابان حكم هتلر فقط وزالت الحكومة بهزيمة هتلر في الحرب العالمية الثانية ولهذا فان محكمة نورمبرج حاكمت الحكومة الهتلرية النازية لا الدولة الالمانية .نفس المصدر –ص44.

16 - د. محمد حافظ الغانم – المسؤولية الدولية – معهد الدراسات العربية العالمية – جامعة الدول العربية – 1962-ص16.

17 - عمر محمد المحمودي-المصدر السابق-ص88.

18- - نفس المصدر السابق-ص76 وما بعدها ود.محمد حافظ الغانم –مصدر سابق-ص16 وما بعدها .ولمزيد من التفاصيل عن هذه الاراء ينظر:عمر محمد المحمودي-مصدر سابق-ص82 وما بعدها ود.عبد الحميد خميس-مصدر سابق-ص230 وما بعدها ود.عبد الواحد الفار –مصدر سابق-ص34 وما بعدها ناظر أحمد منديل – جريمة ابادة الجنس البشري – رسالة مقدمة إلى كلية القانون / جامعة بغداد لنيل درجة الماجستير في القانون الدولي – 2000.-ص67 وما بعدها.

19 - لمزيد من الاتجاهات ينظر: ناظر احمد منديل – مصدر سابق – ص71 وما بعدها.

20 - على سبيل المثال:عندما يتعلق الامر بالتزامات اتفاقية نص عليها في معاهدة تهم بالدرجة الاولى احوال الافراد،فان الاطراف المتعاقدين يلتزمون،عادة ،بادخال المعاهدة او محتوياتها في تشريعاتهم الداخلية.ولهذا  الغرض يضطلعون  باصدار ونشر قانون خاص او المعاهدة نفسها بصورة قانون وهذا واجب يقع على عاتق كل الدول المتعاقدة.كما تلتزم هذه الدول أيضاً بتعديل التشريعات الداخلية السابقة اذا كانت احكامها تتعارض مع نصوص المعاهدة.والدولة التي ترفض او تمتنع عن تنفيذ هذه الالتزامات ولا تتخذ الاجراءات التشريعية اللازمة لاقرار التجانس والتناسق والتوافق بين القانون الدولي والقانون الداخلي تكون في هذه الحالة،مسؤولة عن هذا الامتناع ومسؤولة عن عدم قيامها بالتزاماتها الدولية.د. حميد السعدي–مقدمة في دراسة القانون الدولي الجنائي– مطبعة المعارف–بغداد –ط1-1971-ص242.كما وقد اعترف معهد القانون الدولي صراحة في احد قراراته المتخذة في لوزان سنة 1927 بالمسؤولية القانونية للدولة عن كل فعل او امتناع ضد تعهداتها الدولية وجاء في هذا القرار "ان الدولة مسؤولة عن كل فعل او امتناع  ضد تعهداتها الدولية ايا كانت سلطة الدولة التي اتته تاسيسية او تشريعية او تنفيذية او قضائية".د. عبد الواحد محمد الفار–الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها–دار النهضة العربية–القاهرة–1995 -ص40.

21 اتفاقية حقوق الطفل وردت في معظم نصوصها على شكل واجبات وإلتزامات على الدول في إعمال الحقوق التي نصت عليها الإتفاقية كما نصت أيضاً في المادة (43-1) منها على أن "تنشأ لغرض دراسة التقدم الذي أحرزته الدول الأطراف في إستيفاء تنفيذ الإلتزامات التي تعهدت بها في هذه الإتفاقية اللجنة المعنية بحقوق الطفل تضطلع بالوظائف المنصوص عليها فيما يلي" أي إن هذه اللجنة بمثابة رقيب على الدول الأطراف لمراقبة مدى تنفيذها للإلتزامات المنصوص عليها في الإتفاقية والتي الدول- تعهدت بتنفيذها وأصبحت مسؤولة عنها وهذا ما أوضحته المادة (44) من الإتفاقية. أما المادة (14) من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الأتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والاطفال المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وقد نصت على "ليس في هذا البروتوكول ما يمس بحقوق وإلتزامات ومسؤوليات الدول والافراد بمقتضى القانون الدولي بما في ذلك القانون الانساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الانسان وخصوصاً اتفاقية عام 1951 وبرتوكول عام 1967 الخاصين بوضع اللاجئين حيثما إنطبقا ومبدأ عدم الاعادة قسراً الوارد فيهما". تنظر كذلك المواد (3-4) من البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن حقوق الاطفال واستغلال الاطفال في البغاء وفي المواد الاباحية والمادة (3) من اتفاقية لاهاي لسنة 1907 بشأن الحرب البرية والمادة (9) من اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية لسنة 1948 والمادة (148) من الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف لسنة 1949 والمادة (91) من البرتوكول الاول الملحق بها.

22 - تنظر وثيقة الامم المتحدة الجمعية العامة-332/51A بشان هذا المشروع.

23- نذكر على سبيل المثال ان محكمة حقوق الانسان الامريكية قررت مسؤولية غواتيمالا عن فشلها في توفير الحماية لثلاثة اطفال اختطفتهما شرطة  غواتيمالا وعذبتهما ومن ثم قتلتهما ينظر في تفاصيل القضية :-

Nathalie Man-Children,Torture and Power –Save The Children –U.K-2000 –P.13.

 كما اكدت اللجنة الاوربية لمنع التعذيب"ان الدولة مجبرة على ضمان توفير حاجات الطفل وان الفشل في توفيرها يعني تدهور صحة الطفل بما يمكن ان يؤدي الى الوفاة وفي هذه الحالة تعد الدولة هي المسؤولة عن ذلك I.B.I.D-P.50. كما ذكر المحقق الخاص التابع للامم المتحدة حول التعذيب"ان اية معاملة سيئة يقوم بها موظفي الدولة فان المسؤولية تشمل هذه الدولة اما لان هؤلاء الموظفين يرتكبون السلوك المجرم هذا بصورة مباشرة كممثليين عن الدولة او لان هؤلاء الموظفين لم يتخذوا الاجراءات الضرورية لحماية الطفل من مثل هذا السلوك لاسيما عندما تكشف مثل هذه الاعمال عن عدم مبالاة الدولة .وهذا ما اوضحته المادة (19)من اتفاقية حقوق الطفل .ينظر في ذلك :O.M.C.T.

-Children ,Torture and Other Forms of Violence-International Conference –27 nov.-2 dec.-2001-pp.38 and 43

كما ورد في تقرير الامم المتحدة (اليونيسيف )"وضع الاطفال في العالم 2002 :ان الحل لوضع الحد للانتهاكات التي يواجهها أطفال العالم في حقوقهم، هو خضوع الحكومات والمؤسسات الدولية للمسائلة والمحاسبة على واجباتها القيادية تجاه الاطفال ورفاههم وأن يخضع من يخفق في تحقيق ذلك للمسائلة. ينظر: غرايبة أبراهيم وضع الاطفال في العالم 2002 تقرير منظمة اليونسيف تقرير منشور على الانترنت في 3/5/2002 ضمن الموقع  http://www.rezgar.com/debat/show_cat.asp..

وقد أتجه الرأي العام الدولي الى المطالبة بأن لا يكتفى بمسؤولية الدولة مدنياً وأنما من الضروري في حالة قيام الدولة بأرتكاب مخالفة دولية خطيرة كإعلان حرب الاعتداء أو الاعتداء على حقوق الانسان أن يقرر القانون الدولي عقوبات تفرض على المسؤولين عن هذهِ الافعال التي تهدد أمن وسلامة المجتمع الدولي. ينظر في التفاصيل د. محمد حافظ الغانم مصدر سابق ص29.

24 - تاخذ حالتي الانتهاك المبينة اعلاه نفس الحكم أي انتهاك دولي فعلى سبيل المثال جريمة الابادة الجماعية تعد انتهاكا دوليا لحقوق الانسان سواء ارتكبت من الدولة ضد اطفالها ام اطفال دولة اخرى  كذلك النزاعات المسلحة هناك نزاعات مسلحة داخلية واخرى دولية وكلا النوعين من النزاع يرتكب فيها انتهاكات دولية لحقوق الانسان.كذلك مسالة الجزاء فهو في كلا حالتي الانتهاك واحد .

25 - وسنوضح ذلك لاحقا عند بحثنا في مسؤولية الافراد الجنائية الدولية.

26 - يجدر بنا ان نذكر هنا انه لقيام مسؤولية الدولة لابد من توافر ثلاثة شروط. وبحسب الاتي: 1- وجود عمل غير مشروع 2- نسبة العمل الدولي غير المشروع إلى أحد أشخاص القانون الدولي 3- أن يلحق العمل الدولي غير المشروع ضرراً بمن حدث في مواجهته. ولمزيد من التفاصيل عن هذا الجانب ينظر زيدون سعدون بشار السعيدي–المسؤولية الدولية عن النتائج الضارة الناجمة عن افعال لا يحظرها القانون الدولي–رسالة مقدمة الى كلية القانون/جامعة بغداد لنيل درجة الماجستير في القانون – 1992 ص 113 وما بعدها.

                                                                                                                     




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .