أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-11
996
التاريخ: 2024-03-14
839
التاريخ: 2023-06-19
1164
التاريخ: 2023-09-12
1162
|
قال تعالى : {وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } [محمد : 36 ، 37]. المعروف من مذهب علمائنا الاماميين ان الزكاة انما تجب في الغلاة الاربع على ما يحصل في ايدي اربابها من النماء والفائدة ، بعد وضع جميع المؤونات واخراج حق السلطان ، وهو الاقوى.
واستدل عليه بقوله تعالى : { ولا يسألكم اموالكم * ان يسألكموها } الآية ، فانه صريح في انه لم يقع التكليف ببذل عامة الاموال ، وان الاحفاء والمبالغة فيه يقضي الى تعذر الامتثال وانتفاء الانقياد.
فمقتضى الحكمة الاقتصار على جزء يسير منها ، كالعشر ونصف العشر وربع العشر ، على ما اختاره جماعة من المفسرين وغيرهم من العامة والخاصة.
قال في مجمع البيان : ان يسألكم جميع ما في ايديكم تبخلوا ، ويظهر بغضكم وعداوتكم لله ولرسوله ، ولكنه فرض عليكم ربع العشر (1).
وفي جوامع الجامع : اي لا يسألكم جميعها في الصدقة ، وان اوجب عليكم الزكاة في بعضها واقتصر منه على القليل (2).
وقال في الكشاف : الاحفاء المبالغة وبلوغ الغاية في كل شيء ، يقال : احفأه في المسألة اذا لم يترك شيئاً من الالحاح ، واحفى شاربه اذا استأصله (3).
فيدل على نفي احتساب المؤونات على ارباب الاموال اذا ادى الى اجحاف واحفاء ، كما وقع في ما تكثر مؤوناته من السقي بالقنوات مع ايجاب العشر فيه ، واذا انتفى في بعض الصور ثبت مطلقاً ، اذ لا قائل بالفرق.
وبوجه آخر لطيف : لو قلنا بعدم استثناء المؤمن مطلقا لزم احتسابها عليهم وان اجحف بجميع المال او اكثره ، وهو مناف لما نطق به الكتاب العزيز ، فيكون باطلاً ، فيبطل ملزومه ، وعلى هذا لا حاجة الى تجشم مؤونة انتفاء القول بالفصل.
وبطريق ثالث : هو ان الظاهر من الآية عدم تعلق الطلب بالأموال مطلقا ، فيقتصر على ما يقطع بوقوع التكليف به ، وهو العشر او نصفه فيما يبقى ، ويتوقف الزائد عليه على دليل.
قال السيد المرتضى في الانتصار : المعنى انه لا يوجب حقوقا في اموالكم ، لانه تعالى لا يسألنا الا على هذا الوجه ، وهذا الظاهر يمنع من وجوب حق في الاموال ، فما اخرجناه عنه فهو بالدليل القاطع (4).
وفي الناصريات : ظاهر هذه الآية يقتضي انه لا حق في المال على العموم ، وانما اوجبنا ما اوجبناه من ذلك بدليل اضطررنا الى تخصيص العموم (5) انتهى كلامه ولكن عمومات ايجاب العشر ونصف العشر غير وافية به.
وهاهنا تقرير رابع : هو انه يستفاد من الآية بمعونة المقام انه لا يطلب الا النذر اليسير ، وهو ينافي نفي الاستثناء.
ويمكن ان يقال : مطلق احتساب المؤونة على المالك احفاء واجحاف به ، كما قال في المختلف : ان المؤونة تخرج وسطاً ، ثم يزكي الباقي والا لزم الضرر.
وبعبارة اخرى اوردها في المعتبر : هي ان الزام المالك من دون الشركاء حيف عليه واضرار به ، فيكون منفياً ، لقوله تعالى : « ولا يسألكم اموالكم » (6).
وحاصله انه يفهم من الآية نفي الاضرار في التكليف المالي المحض بخصوصه ، فيترتب عليه الحكم بصحة الاستثناء ، وعليه يحمل ايضا ما تمسك به في المنتهى من ان الزام المالك بالمؤونة كلها حيف عليه واضرار به ، فيكون منفياً ، على معنى ان الاجحاف في طلب الاموال بالحيف على المالك منفي بهذه الآية وما يجري مجراها ، او بأن الاضرار في خصوص الزكاة منفي ، الا ان مبناها على المسامحة ، فانها مؤاساة ، فلا تتعقب الضرر كما صرح به.
فاندفع ما اجاب به عنه صاحب المدارك (7) ، وحكاه في الذخيرة ، من ان مثل هذا الاضرار غير ملتفت اليه في نظر الشرع ، والا سقطت التكاليف كلها.
فانه ان اراد بهذا الاضرار خصوص الاضرار المالي المحض ، فالالتفات الى مثله لا يوجب سقوط التكاليف البدنية ، كالطهارة والصلاة والصيام ، لا ما يشوبه المال كالحج والجهاد مما ينفق فيه على اربابه ، ويجعل ذريعة لتحصيله ولا يتكرر كل عام.
وأما الخمس ، فمثل هذا الاضرار فيه منتف ايضا ، لانه بعد المؤونة.
واذا اريد نفي الاضرار في خصوص الزكاة ، فأظهر.
وان اراد به الاعم من المالي ، فلا نقض ، اذ الاستدلال خاص ، على انه لا ينتقض بالتكاليف ، وان احتج بالعام حيث اطلق ، بمعنى ان مطلق الاضرار منفي بما ثبت في الشريعة السمحة السهلة من انتفاء العسر والحرج والضيق والضرر.
لانه يعتبر في الضرر المنفي كونه بحيث لا يتحمله الجمهور عادة ، وظاهر انه لا يجزىء في سائر التكاليف ، بخلاف الاجحاف في الاموال المؤدي الى البغضاء ، وكراهة الدين المنجر الى الانكار.
قال في الكشاف في تفسير قوله تعالى : « ويخرج اضغانكم » اي : تضطغنون على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وتضيق صدوركم لذلك ، واظهرتم كراهتكم ومقتكم لدين يذهب بأموالكم (8).
وقال قتادة : علم الله ان في مسألة الاموال خروج الاضغان ، وهي الاحقاد التي في القلوب والعداوة الباطنة ، كذا في المجمع (9).
وفيه تنبيه على ان مقتضى اللطف ، وهو ما يقرب الى الطاعة ويبعد عن المعصية ، الاعراض عن هذا التكليف المقتضي للعصيان ، والا اختل امر الفلاحة ، كما هو المشاهد ، فلا يصدر من اللطيف الرؤوف العليم ما يؤدي الى اختلاف نظم المعاش والمعاد.
الا يرى انه جل سلطانه سامح ارباب الاموال ، وأمر بالعفو والتخفيف وتفويض الامر اليهم ، وعلى المصدق ان يصدقهم في مواضع شتى ، فكيف يشدد عليهم بايجاب ما يذهب بها.
لا يقال : قد حكى الطبرسي رحمه الله عن ابي مسلم تفسير الاحفاد باللطف ، قال : فيلطف في السؤال بأن يعد عليه الثواب الجزيل. وعن بعضهم ان المعنى لا يسألكم الرسول على اداء الرسالة اموالكم. وفسره اخر بأن لا يسألكم اموالكم ، لان الاموال كلها له ، فهو املك بها ، وهو المنعم باعطائها.
لانا نقول : يستفاد منها نفي طلب جميع الاموال على كل حال ، قضية للجمع المضاف ، كما في قوله عز وجل : {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة : 103] فالمعنى انه لا يسأل جميع امواله التي عندكم ، ومن ثم سماها اموالهم ، وان سألها مع اللطف ووعد الثواب الجزيل ، كما قال عز من قائل {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور : 33] بخلتهم بها واظهرتهم الحقد فكيف بدونه.
وبالجملة فجميعها غير مسؤول ، سواء كان على اداء الرسالة او مطلقا ، وانما المسؤول والمأخوذ والمأمور بإتيانه واعطائه البعض ، كما افاده « من » التبعيضية ايضا ، على ان تلك التفاسير كلها خلاف الظاهر ، كالقول بأن المعنى ان الله جل سلطانه لا يسألكم اموالكم.
وانما يوجب عليكم ايتاء بعضكم بعضا ، مع انه لا يلائم ذلك ما بعده ، ولهذا لم يرتضها المحققون ، كالطبرسي وعلم الهدى والمحقق وصاحب الصافي والزمخشري والبيضاوي وغيرهم.
_________________
(1) مجمع البيان : 5 / 108.
(2) جوامع الجامع : 451.
(3) الكشاف : 3 / 539.
(4) الانتصار : 75.
(5) الناصريات : 240 مسألة 117.
(6) المعتبر : 2 / 541.
(7) مدارك الاحكام : 5 / 144.
(8) الكشاف : 3 / 539.
(9) مجمع البيان : 5 / 108.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|