أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2017
25865
التاريخ: 18-10-2017
6750
التاريخ: 28-2-2017
7078
التاريخ: 17-10-2017
2687
|
قال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المائدة : 11].
خاطب الله سبحانه المؤمنين ، وذكرهم نعمته عليهم بما دفع عنهم كيد الأعداء ، فقال : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} أي : قصدوا {أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} ، واختلف فيمن بسط إليهم الأيدي على أقوال أحدها : إنهم اليهود هموا بأن يفتكوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم بنو النضير ، دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع جماعة من أصحابه عليهم ، وكانوا قد عاهدوه على ترك القتال ، وعلى أن يعينوه في الديات ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : " رجل من أصحابي أصاب رجلين معهما أمان مني ، فلزمني ديتهما ، فأريد أن تعينوني " فقالوا : نعم اجلس حتى نطعمك ، ونعطيك الذي تسألنا ، وهموا بالفتك بهم ، فآذن الله به رسوله ، فأطلع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه على ذلك ، وانصرفوا " وكان ذلك إحدى معجزاته ، عن مجاهد ، وقتادة ، وأكثر المفسرين وثانيها : إن قريشا بعثوا رجلا ليقتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فدخل عليه وفي يده سيف مسلول ، فقال له : أرنيه . فأعطاه . فلما حصل في يده ، قال : ما الذي يمنعني من قتلك ؟ قال : الله يمنعك . فرمى السيف وأسلم . واسم الرجل عمرو بن وهب الجمحي ، بعثه صفوان بن أمية ليغتاله بعد بدر وكان ذلك سبب إسلام عمرو بن وهب ، عن الحسن . وثالثها : إن المعني بذلك ما لطف الله للمسلمين من كف أعدائهم عنهم ، حين هموا باستئصالهم ، بأشياء شغلهم بها ، من الأمراض ، والقحط ، وموت الأكابر ، وهلاك المواشي ، وغير ذلك من الأسباب التي انصرفوا عندها عن قتل المؤمنين ، عن أبي علي الجبائي .
ورابعها : ما قاله الواقدي : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزا جمعا من بني ذبيان ومحارب بذي أمر فتحصنوا برؤوس الجبال ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحيث يراهم ، فذهب لحاجته ، فأصابه مطر ، فبل ثوبه ، فنشره على شجرة ، واضطجع تحته ، والأعراب ينظرون إليه ، فجاء سيدهم دعثور بن الحرث ، حتى وقف على رأسه بالسيف مشهورا ، فقال : يا محمد! من يمنعك مني اليوم ؟ فقال : الله ، ودفع جبرائيل في صدره ، ووقع السيف من يده ، وأخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقام على رأسه ، وقال : من يمنعك اليوم مني؟ قال : لا أحد ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فنزلت الآية .
وعلى هذا : فيكون تخليص النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما هموا به ، نعمة على المؤمنين من حيث إن مقامه بينهم نعمة عليهم ، فلذلك اعتد به عليهم ، وقوله {فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} أي : منعهم عن الفتك بكم . {وَاتَّقُوا اللَّهَ} ظاهر المعنى {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ} أي : فليتق {الْمُؤْمِنُونَ} بنصر الله ، وليتوكلوا عليه ، فإن الله تعالى كافيهم ، وناصرهم .
______________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 292-294 .
{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ } . يقال ، بسط إليه لسانه إذا شتمه ، وبسط إليه يده إذا بطش به ، والمراد بالقوم هنا مشركو مكة الذين أرادوا القضاء على الإسلام في بدايته عن طريق البطش بأتباعه قتلا وتعذيبا وتشريدا ، ثم إعلان الحرب وتجييش الجيوش ، ولكن اللَّه في النهاية نصر المسلمين على أعدائه وأعدائهم ، وصاروا أعزاء بعد أن كانوا أذلاء ، وحاكمين بعد أن كانوا محكومين ، ولا نعمة أعظم من الحرية والنصر على العدو ، وبعد أن ذكّر اللَّه سبحانه المسلمين بهذه النعمة الجلى وجّه إليهم هذا الخطاب :
{ واتَّقُوا اللَّهً وعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } لا على قوتهم ، أي إنما منحتكم هذه القوة لتستعملوها في إحقاق الحق ، لا في إحياء الباطل ، وفي انتشار الأمن والعدل ، لا لاستغلال المستضعفين ، والتآمر عليهم ، والتحكم بهم ، كما فعل بكم المشركون من قبل ، وكما يفعل أكثر الناس ، يطلبون العدالة ، وهم ضعفاء ، ويتنكرون لها ، وهم أقوياء . . ان المؤمن حقا يخشى اللَّه ويشكره ، وهو قوي أكثر مما يخشاه ويشكره ، وهو ضعيف ، أو هو في الحالين سواء - على الأقل - أما من آمن بلسانه ، دون قلبه فعلى العكس : { فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهً مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65] .
________________________
1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 27-28 .
قوله تعالى : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا } (إلخ) هذا المضمون يقبل الانطباق على وقائع متعددة مختلفة وقعت بين الكفار والمسلمين كغزوات بدر وأحد والأحزاب وغير ذلك ، فالظاهر أن المراد به مطلق ما هم به المشركون من قتل المؤمنين وإمحاء أثر الإسلام ودين التوحيد.
وما ذكره بعض المفسرين أن المراد به ما هم بعض المشركين من قتل النبي صلى الله عليه وآله أو ما هم به بعض اليهود من الفتك به ـ وسيجيء قصتهما ـ فبعيد من ظاهر اللفظ كما لا يخفى.
قوله تعالى : { وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } أمر بالتقوى والتوكل على الله ، والمراد بالحقيقة النهي والتحذير الشديد عن ترك التقوى وترك التوكل على الله سبحانه ، والدليل على ذلك ما سرده تعالى من قصة أخذ الميثاق من بني إسرائيل ومن الذين قالوا إنا نصارى ، ثم نقض الطائفتين الميثاق الإلهي وابتلاء الله إياهم باللعن وتقسية القلوب ، ونسيان حظ من دينهم ، وإغراء العداوة والبغضاء بينهم إلى يوم القيامة.
ولم يذكر القصة إلا ليستشهد بها على المؤمنين ، ويجعلها نصب أعينهم ليعتبروا بها وينتبهوا بأن اليهود والنصارى إنما ابتلوا بما ابتلوا به لنسيانهم ميثاق الله سبحانه ولم يكن إلا ميثاقا بالإسلام لله ، واثقوه بالسمع والطاعة ، وكان لازم ذلك أن يتقوا مخالفة ربهم وأن يتوكلوا عليه في أمور دينهم أي يتخذوه وكيلا فيها يختارون ما يختاره لهم ، ويتركون ما يكرهه لهم ، وطريقه طاعة رسلهم بالإيمان بهم ، وترك متابعة غير الله ورسله ، ممن يدعو إلى نفسه والخضوع لأمره من الجبابرة والطغاة وغيرهم حتى الأحبار والرهبان فلا طاعة إلا لله أو من أمر بطاعته.
لكنهم نبذوه وراءهم ظهريا فأبعدوا من رحمة الله وحرفوا الكلم عن مواضعه وفسروها بغير ما أريد بها فأوجب ذلك أن نسوا حظا من الدين ولم يكن إلا حظا وسهما يرتحل بارتحاله عنهم كل خير وسعادة وأفسد ذلك ما بقي بأيديهم من الدين فإن الدين مجموع من معارف وأحكام مرتبط بعضها ببعض يفسد بعضه بفساد بعض آخر سيما الأركان والأصول وذلك كمن يصلي لكن لا لوجه الله ، أو ينفق لا لمرضاة الله ، أو يقاتل لا لإعلاء كلمة الحق .
فلا ما بقي في أيديهم نفعهم ، إذ كان محرفا فاسدا ، ولا ما نسوه من الدين أمكنهم أن يستغنوا عنه ، ولا غنى عن الدين ولا سيما أصوله وأركانه.
فمن هنا يعلم أن المقام يقتضي أن يحذر المؤمنون عن مخالفة التقوى وترك التوكل على الله بذكر هذه القصة ودعوتهم إلى الاعتبار بها.
ومن هنا يظهر أيضا : أن المراد بالتوكل ما يشمل الأمور التشريعية والتكوينية جميعا أو ما يختص بالتشريعيات بمعنى أن الله سبحانه يأمر المؤمنين بأن يطيعوا الله ورسوله في أحكامه الدينية وما أتاهم به وبينه لهم رسوله ويكلوا أمر الدين والقوانين الإلهية إلى ربهم ، ويكفوا عن الاستقلال بأنفسهم ، والتصرف فيما أودعه عندهم من شرائعه كما يأمرهم أن يطيعوه فيما سن لهم من سنة الأسباب والمسببات فيجروا على هذه السنة من غير اعتماد بها وإعطاء استقلال وربوبية لها ، وينتظروا ما يريده الله ويختاره لهم من النتائج بتدبيره ومشيئته .
__________________________
1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 204-205 .
لقد ذكرت الآيات السابقة بعضا من النعم الإلهية ، وجاءت الآية الأخيرة تخاطب المسلمين وتذكر لهم أنواعا من النعم التي أنعم الله بها عليهم ، لكي يؤدوا شكرها عن طريق طاعة الله والسعي لتحقيق مبادئ العدالة ، فتقول الآية : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ...} .
وقد دأب القرآن الكريم في كثير من آياته على تذكير المسلمين بالنعم المختلفة التي أنعم الله بها عليهم ، وذلك من أجل تعزيز دافع الإيمان لديهم ، ولاستثارة وتحفيز دافع الشكر والصمود فيهم ليقفوا بوجه المشاكل ، والآية الأخيرة من سنخ تلك الآيات .
واختلف المفسّرون حول الواقعة التي تشير إليها الآية موضوع البحث ، فبعضهم قال : بأنّها إشارة إلى إنقاذ المسلمين من قبيلة «بني النضير» اليهودية التي تواطأت على قتل النّبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين في المدينة .
وذهب البعض الآخر من المفسّرين على أنّها إشارة إلى واقعة «بطن النخل» التي حصلت في العام السادس من الهجرة النبوية في واقعة «الحديبية» حيث قرر المشركون هناك في ذلك الحين ـ بزعامة (خالد بن الوليد) ـ الهجوم على المسلمين أثناء أدائهم لصلاة العصر ، فعلم النّبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه المؤامرة فصلّى صلاة الخوف القصيرة ، ممّا أدى إلى إحباط المؤامرة .
وقد ذكر مفسّرون آخرون وقائع أخرى من حياة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين المليئة بالحوادث ، وقالوا بأنّ هذه الآية إشارة لتلك الوقائع .
ويرى مفسّرون آخرون أن هذه الآية إشارة إلى كل الوقائع والأحداث التي حصلت طيلة التاريخ الإسلامي حتى ذلك الوقت .
ولو تغاضينا عن كلمة «قوم» الواردة في هذه الآية بصيغة النكرة التي تدل على وحدة المجموعة المعينة ، فإنّ هذا التّفسير يمكن اعتباره من أحسن التفاسير في هذا المجال .
والآية على كل حال تلفت انتباه المسلمين إلى الأخطار التي تعرضوا لها ، وكان يحتمل أن تدفع بالوجود الإسلامي إلى الفناء والزوال وإلى الأبد ، ولكن فضل الله ونعمته شملتهم وأنقذت الإسلام والمسلمين من تلك الأخطار .
كما تحذر الآية المسلمين وتنبههم إلى ضرورة التزام التقوى والاعتماد على الله كدليل على شكر ذلك الفضل وتلك النعمة ، وليعلموا بأنّهم بتقواهم سيضمنون لأنفسهم الدعم والسند والحماية من الله في حياتهم الدنيوية هذه ، وفي هذا المجال تقول الآية الكريمة : {وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} .
وواضح أنّ التوكل على الله ليس معناه التخلي عن المسؤوليات أو الاستسلام لحوادث الزمان ، بل يعني أنّ الإنسان حين يستخدم طاقاته والإمكانيات المتوفرة لديه ، يجب عليه أن ينتبه في نفس الوقت إلى أنّ هذه الطاقات والإمكانيات ليست من عنده بل أن مصدرها ومنشأها هو الله تعالى ، وإذا حصل هذا التوجه فإن من شأنه أن يقضي على دافع الغرور والأنانية عند الإنسان أوّلا ، ومن ثمّ لا يدع إلى نفسه طريقا للخوف والقلق واليأس حيال الأحداث والمشاكل مهما كبرت وعظمت ، لأنّه يعلم بأنّ سنده وحاميه هو الله الذي فاقت قدرته كل القدرات .
إضافة إلى ما ذكر ، فإنّ تقديم الأمر بالتقوى على قضية التوكل يستشف منه أنّ حماية الله ورعايته تشمل حال المتقين .
ويجب الانتباه إلى أنّ عبارة «التقوى» المشتقة من المصدر «وقاية» معناها حماية النفس وإبعادها عن عناصر السوء والفساد .
_________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 451-452 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|