المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17808 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28

العباس (عليه ‌السلام) في الميدان
3-9-2017
الشاب والعمل
2023-09-11
Reactions of Free Radicals : Intermolecular Addition Reactions
28-8-2018
تمييز الاستنباط القضائي من الاجتهاد القضائي
2024-03-30
انخفاض الضغط التنافذي Hypotonicity
4-9-2018
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05


تفسير آية (128-130) من سورة النساء  
  
13860   12:26 مساءً   التاريخ: 24-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-2-2017 17401
التاريخ: 10-2-2017 3166
التاريخ: 14-2-2017 5967
التاريخ: 7-2-2017 8305


قال تعالى : { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129) وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء : 128-130].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

لما تقدم حكم نشوز المرأة ، بين سبحانه تعالى نشوز الرجل ، فقال {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} أي : علمت . وقيل : ظنت {مِنْ بَعْلِهَا} أي : من زوجها {نُشُوزًا} أي : استعلاء وارتفاعا بنفسه عنها ، إلى غيرها ، إما لبغضه ، وإما لكراهته منها شيئا ، إما دمامتها ، وإما علو سنها ، أو غير ذلك {أَوْ إِعْرَاضًا} يعني انصرافا بوجهه ، أو ببعض منافعه التي كانت لها منه . وقيل : يعني بإعراضه عنها : هجرانه إياها ، وجفاها ، وميله إلى غيرها {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي : لا حرج ولا إثم على كل واحد منهما من الزوج والزوجة {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} بأن تترك المرأة له يومها ، أو تضع عنه بعض ما يجب لها من نفقة ، أو كسوة ، أو غير ذلك ، لتستعطفه بذلك ، وتستديم المقام في حباله {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} معناه والصلح بترك بعض الحق {خَيْرٌ} من طلب الفرقة بعد الألفة . هذا إذا كان بطيبة من نفسها ، فإن لم يكن كذلك ، فلا يجوز له إلا ما يسوغ في الشرع من القيام بالكسوة ، والنفقة ، والقسمة ، وإلا طلقها .

وبهذه الجملة قالت الصحابة والتابعون منهم علي ، وابن عباس ، وعائشة ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومجاهد ، وغيرهم .

{وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} اختلف في تأويله فقيل : معناه وأحضرت أنفس النساء الشح على أنصبائهن من أنفس أزواجهن ، وأموالهن ، وأيامهن منهم ، عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وعطا ، والسدي . وقيل : معناه وأحضرت أنفس كل واحد من الرجل والمرأة الشح بحقه ، قبل صاحبه ، فشح المرأة يكون بترك حقها من النفقة ، والكسوة ، والقسمة ، وغيرها ، وشح الرجل بإنفاقه على التي لا يريدها .

وهذا أعم ، وبه قال ابن وهب ، وابن زيد . {وَإِنْ تُحْسِنُوا} خطاب للرجال أي :

وإن تفعلوا الجميل بالصبر على ما تكرهون من النساء {وَتَتَّقُوا} من الجور عليهن في النفقة ، والكسوة ، والعشرة بالمعروف . وقيل : إن تحسنوا في أقوالكم وأفعالكم ، وتتقوا معاصي الله {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} أي : هو سبحانه خبير بما يكون منكم في أمرهن ، بحفظه لكم ، وعليكم ، حتى يجازيكم بأعمالكم .

لما تقدم ذكر النشوز والصلح بين الزوجين ، عقبه سبحانه بأنه لا يكلف من ذلك ما لا يستطاع ، فقال : {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} أي : لن تقدروا أن تسووا بين النساء في المحبة والمودة بالقلب ، ولو حرصتم على ذلك كل الحرص ، فإن ذلك ليس إليكم ، ولا تملكونه ، فلا تكلفونه ، ولا تؤاخذون به ، عن ابن عباس ، والحسن ، وقتادة . وقيل : معناه لم تقدروا أن تعدلوا بالتسوية بين النساء في كل الأمور ، من جميع الوجوه ، من النفقة ، والكسوة ، والعطية ، والمسكن ، والصحبة ، والبر ، والبشر ، وغير ذلك ، والمراد به أن ذلك لا يخفف عليكم ، بل يثقل ويشق ، لميلكم إلى بعضهن {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} أي :

فلا تعدلوا بأهوائكم على من لم يتملكوا محبة منهم كل العدول ، حتى يحملكم ذلكم على أن تجوروا على صواحبها في ترك أداء الواجب لهن عليكم ، من حق القسمة ، والنفقة ، والكسوة ، والعشرة بالمعروف {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} أي : تذروا التي لا تميلون إليها ، كالتي هي لا ذات زوج ، ولا أيم عن ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وغيرهم ، وهو المروي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله .

وذكر علي بن إبراهيم في تفسيره أنه سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر الأحول ، عن قوله سبحانه {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} ، ثم قال : {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} وبين القولين فرق؟ قال : " فلم يكن عندي جواب في ذلك ، حتى قدمت المدينة ، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام ، فسألته عن ذلك ، فقال : أما قوله : {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا} فإنه عنى في النفقة . وأما قوله : {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا} فإنه عنى في المودة ، فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودة .

قال : فرجعت إلى الرجل فأخبرته ، فقال : هذا ما حملته من الحجاز .

وروى أبو قلابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقسم بين نسائه ، ويقول : اللهم هذه قسمتي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ، ولا أملك " قوله : {وَإِنْ تُصْلِحُوا} يعني في القسمة بين الأزواج ، والتسوية بينهن في النفقة ، وغير ذلك {وَتَتَّقُوا} الله في أمرهن ، وتتركوا الميل الذي نهاكم الله عنه ، في تفضيل واحدة على الأخرى ، {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} يستر عليكم ما مضى منكم من الحيف في ذلك ، إذا تبتم ورجعتم إلى الاستقامة ، والتسوية بينهن ، ويرحمكم بترك المؤاخذة على ذلك ، وكذلك كان يفعل فيما مضى مع غيركم .

وروي عن جعفر الصادق عليه السلام ، عن آبائه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقسم بين نسائه في مرضه ، فيطاف به بينهن . وروي أن عليا كان له امرأتان ، فكان إذا كان يوم واحدة ، لا يتوضأ في بيت الأخرى . وكان معاذ بن جبل له امرأتان ماتتا في الطاعون ، فأقرع بينهما أيهما تدفن قبل الأخرى . وقوله : {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} يعني : إذا أبى كل واحد من الزوجين مصلحة الآخر ، بأن تطالب المرأة بنصيبها من القسمة ، والنفقة ، والكسوة ، وحسن العشرة ، ويمتنع الرجل من إجابتها إلى ذلك ، ويتفرقا حينئذ بالطلاق ، فإنه سبحانه يغني كل واحد منهما من سعته أي : من سعة فضله ورزقه {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} أي لم يزل واسع الفضل على العباد ، حكيما فيما يدبرهم به .

وفي هذه الآية دلالة على أن الأرزاق كلها بيد الله ، وهو الذي يتولاها بحكمته .

وإن كان ربما أجراها على يدي من يشاء من بريته .

______________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 205-208 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

{ وإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً } . قد يكون النشوز من الزوجة بامتناعها عن فراش الزوج ، أو خروجها من البيت دون إذنه ، وتقدمت الإشارة إلى نشوزها عند تفسير الآية 34 من هذه السورة . . وقد يكون النشوز من الزوج بإيذائها وعدم الإنفاق عليها أو القسمة لها إذا كان عنده أكثر من زوجة ، وقد تعرضت هذه الآية لخوف الزوجة من نشوز زوجها أو أعراضه عنها ، والمراد بالأعراض جفوته الدالة على كرهه لها ، أما انصرافه إلى أشغاله ومشاكله فعليها ان تعذره فيه ، وتصبر عليه ، ما دام غير كاره لها .

{ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً } . إذا خشيت المرأة أن يؤدي نشوز الزوج إلى طلاقها ، أو تركها كالمعلقة لا مزوّجة ، ولا مطلقة ، إذا كان كذلك فلا بأس عليه ، ولا عليها أن يتفقا فيما بينهما مباشرة ، أو بواسطة أحد الطيبين ، أن يتفقا ويصطلحا على أن تتنازل له عن بعض حقوقها المادية أو الأدبية ، لتبقى في عصمته ، وتحيا معه حياة هادئة .

{ والصُّلْحُ خَيْرٌ } من الشقاق والطلاق ، فقد جاء في الحديث : { أبغض الحلال إلى اللَّه الطلاق } وتجدر الإشارة إلى ان ما تبذله المرأة لزوجها من أجل الألفة أو الطلاق لا يحل إلا إذا كان عن طيب نفس ، قال تعالى : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً } [النساء - 4 ] .

{ وأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ } . أي ان الشح حاضر دائما في الأنفس ، لا يغيب عنها ، حتى ساعة البذل ، فان اللوعة التي يحس بها الباذل ، ويخفيها عند ما يبذل هي الشح بالذات ، والقصد من قوله : { وأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ } ان المرأة لا تتنازل عن حقها للرجل بسهولة ، ولا الرجل يتسامح معها من غير عوض ، ويجب أن لا يغيب عنا ان الآية الكريمة تتحدث عن حياة الزوجين مع عدم الوئام والوفاق ، أما مع صلاح الحال ، والتئام الأخلاق فلا موجب للبذل والتصالح ، بل لا يرى أحد الزوجين انه يملك شيئا دون صاحبه ، ما داما كذلك .

{ وإِنْ تُحْسِنُوا وتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهً كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً } . هذه دعوة من اللَّه سبحانه إلى كل من الزوجين أن يحسن العشرة مع صاحبه ، ويتقي أسباب الخلاف والشقاق .

{ ولَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ ولَوْ حَرَصْتُمْ } العدل بين النساء على نوعين : مقدور كالمساواة في الإنفاق ، وطيب الحديث . وغير مقدور كالمحبة وميل القلب ، بل والجماع أيضا . . فقد ينشط الرجل للواحدة ما لا ينشط للأخرى . .

والعدل بين النساء المطلوب هو العدل في الإنفاق ، لأنه مستطاع ، أما العدل في الحب وما إليه مما لا يملكه الإنسان فلا يكلف به ، وبهذا يفرق بين هذه الآية ، وبين قوله تعالى في أول السورة : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا بين النساء } .

قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : أما قوله : فان خفتم أن لا تعدلوا فإنه عنى به النفقة ، وأما قوله : ولن تستطيعوا أن تعدلوا فإنه عنى به المودة .

ونحن من الذين يؤمنون إيمانا قاطعا بأنه لا شيء أصعب منالا من العدالة ، لأنها في حقيقتها وجوهرها التحرر من سيطرة الشهوات ، كما جاء في بعض الأخبار ان العادل من خالف هواه ، وأطاع مولاه ، ولا يتسنى هذا إلا للصفوة .

{ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ } مع الزوجة المحبوبة ، وتحرموا الأخرى من حقوقها { فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ } لا مزوجة لها ما للزوجات ، ولا مطلقة تستطيع الزواج بمن تريد .

{ وإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ } . ينبغي قبل كل شيء أن يعمل الزوجان على إزالة أسباب الخلاف والشقاق بينهما ، لأن الصلح خير ، فان تعذر فالطلاق هو الأفضل دفعا لأشد الضررين . . وفضل اللَّه ورزقه يتسع للطرفين اجتمعا أو افترقا . . فقد يسخر للمطلقة رجلا خيرا من الأول ، ويسخر للمطلق امرأة خيرا من الأولى .

والخلاصة ان ما تقدم يدور حول محور واحد هو { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } والإمساك أفضل ، مع عدم المفسدة ، ومعها فالتسريح هو الأفضل ، فكما خلق اللَّه علاجا ناجحا للأمراض الجسمية فقد خلق دواء منجحا للأمراض الاجتماعية .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص452-454 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى : { وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً } تذكرة لهم بأن ما عزم الله عليهم في النساء وفي اليتامى من الأحكام فيه خيرهم ، وأن الله عليم به لتكون ترغيبا لهم في العمل به لأن خيرهم فيه ، وتحذيرا عن مخالفته لأن الله عليم بما يعملون.

قوله تعالى : { وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً } ، حكم خارج عما استفتوا فيه لكنه متصل به بالمناسبة نظير الحكم المذكور في الآية التالية { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا }.

وإنما اعتبر خوف النشوز والإعراض دون نفس تحققهما لأن الصلح يتحقق موضوعه من حين تحقق العلائم والآثار المعقبة للخوف ، والسياق يدل على أن المراد بالصلح هو الصلح بغض المرأة عن بعض حقوقها في الزوجية أو جميعها لجلب الأنس والألفة والموافقة ، والتحفظ عن وقوع المفارقة ، والصلح خير.

وقوله {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ } الشح هو البخل ، معناه : أن الشح من الغرائز النفسانية التي جبلها الله عليها لتحفظ به منافعها ، وتصونها عن الضيعة ، فما لكل نفس من الشح هو حاضر عندها ، فالمرأة تبخل بما لها من الحقوق في الزوجية كالكسوة والنفقة والفراش والوقاع ، والرجل يبخل بالموافقة والميل إذا أحب المفارقة ، وكره المعاشرة ، ولا جناح عليهما حينئذ أن يصلحا ما بينهما بإغماض أحدهما أو كليهما عن بعض حقوقه.

ثم قال تعالى : { وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً } وهو موعظة للرجال أن لا يتعدوا طريق الإحسان والتقوى وليتذكروا أن الله خبير بما يعملونه ، ولا يحيفوا في المعاشرة ، ولا يكرهوهن على إلغاء حقوقهن الحقة وإن كان لهن ذلك.

قوله تعالى : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } بيان الحكم العدل بين النساء الذي شرع لهن على الرجال في قوله تعالى في أول السورة { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً } : ( النساء : 3 ) وكذا يومئ إليه قوله في الآية السابقة { وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا } (إلخ) فإنه لا يخلو من شوب تهديد ، وهو يوجب الحيرة في تشخيص حقيقة العدل بينهن ، والعدل هو الوسط بين الإفراط والتفريط ، ومن الصعب المستصعب تشخيصه ، وخاصة من حيث تعلق القلوب تعلق الحب بهن فإن الحب القلبي مما لا يتطرق إليه الاختيار دائما.

فبين تعالى أن العدل بين النساء بحقيقة معناه ، وهو اتخاذ حاق الوسط حقيقة مما لا يستطاع للإنسان ولو حرص عليه ، وإنما الذي يجب على الرجل أن لا يميل كل الميل إلى أحد الطرفين وخاصة طرف التفريط فيذر المرأة كالمعلقة لا هي ذات زوج فتستفيد من زوجها ، ولا هي أرملة فتتزوج أو تذهب لشأنها.

فالواجب على الرجل من العدل بين النساء أن يسوي بينهن عملا بإيتائهن حقوقهن من غير تطرف ، والمندوب عليه أن يحسن إليهن ولا يظهر الكراهة لمعاشرتهن ولا يسيء إليهن خلقا ، وكذا كانت سيرة رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله.

وهذا الذيل أعني قوله { فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ } هو الدليل على أن ليس المراد بقوله { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } نفى مطلق العدل حتى ينتج بانضمامه إلى قوله تعالى { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً } (الآية) إلغاء تعدد الأزواج في الإسلام كما قيل.

وذلك أن الذيل يدل على أن المنفي هو العدل الحقيقي الواقعي من غير تطرف أصلا بلزوم حاق الوسط حقيقة ، وأن المشرع هو العدل التقريبي عملا من غير تحرج.

على أن السنة النبوية ورواج الأمر بمرأى ومسمع من النبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله والسيرة المتصلة بين المسلمين يدفع هذا التوهم.

على أن صرف قوله تعالى في أول آية تعدد الأزواج { فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ } : ( النساء : 3 ) إلى مجرد الفرض العقلي الخالي عن المصداق ليس إلا تعمية يجل عنها كلامه سبحانه.

ثم قوله { وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً } تأكيد وترغيب للرجال في الإصلاح عند بروز أمارات الكراهة والخلاف ببيان أنه من التقوى ، والتقوى يستتبع المغفرة والرحمة ، وهذا بعد قوله { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } ، وقوله { وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا } ، تأكيد على تأكيد.

قوله تعالى : { وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ } ، أي وإن تفرق الرجل والمرأة بطلاق يغن الله كلا منهما بسعته ، والإغناء بقرينة المقام إغناء في جميع ما يتعلق بالازدواج من الايتلاف والاستيناس والمس وكسوة الزوجة ونفقتها فإن الله لم يخلق أحد هذين الزوجين للآخر حتى لو تفرقا لم يوجد للواحد منهما زوج مدى حياته بل هذه السنة سنة فطرية فاشية بين أفراد هذا النوع يميل إليها كل فرد بحسب فطرته.

وقوله { وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ } تعليل للحكم المذكور في قوله { يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ } .

________________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 88-89 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

الصّلح خير :

لقد قلنا سابقا ـ في هامش الآيتين (٣٤ و ٣٥) من نفس سورة النساء ـ إنّ كلمة «نشوز» مشتقة من المصدر «نشز» بمعنى «الأرض المرتفعة» وحين تستخدم هذه العابرة في شأن الرجل والمرأة تعني ذلك «التكبر» و «الطغيان».

وقد بيّنت الآيات السابقة حكم نشوز المرأة ، وفي هذه الآية إشارة لنشوز الرجل فالآية تتحدث عن المرأة إذا أحست من زوجها التكبر والإعراض عنها ، وتبيّن أن لا مانع من أن تتنازل عن بعض حقوقها ، وتتصالح مع زوجها ، من أجل حماية العلاقة الزوجية من التصدع ، فتقول : {وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً}.

ولمّا كانت المرأة تتنازل عن بعض حقوقها طوعا وعن طيب خاطر ومن غير إكراه فلا ذنب في هذا العمل ، حيث عبّرت الآية عن ذلك بعبارة «فلا جناح» أي لا ذنب ،  للدلالة على الحقيقة المذكورة.

وعند النظر إلى سبب نزول الآية ، نستخلص منها مسألتين فقهيتين :

الأولى : إنّ حكما مثل تقسيم أيّام الأسبوع بين الزوجات ، له طابع الحق أكثر من طابع الحكم ، ولذلك فبإمكان المرأة التخلي عن هذا الحق بشكل تام إذا شاءت أو بصورة جزئية.

والمسألة الثّانية : إنّ التراضي والتصالح لا يشترط أن يكون بالمال ، بل يصح أن يكون بالتنازل عن حق من الحقوق.

بعد ذلك تؤكد الآية على أنّ الصلح خير وأحسن ، حيث تقول : {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} وهذه الجملة الصغيرة مع أنّها جاءت في مجال الخلافات العائلية ، لكنها تبيّن قانونا كليا عاما شاملا ، وتؤكد أنّ الصلح هو المبدأ الأوّل في كل المجالات ، وأنّ الخلاف والنزاع والصراع والفراق ليس له وجود في الطبع والفطرة الإنسانية السليمة ، ولذلك فلا تسوغ هذه الفطرة التوسل بالنزاع وما يجري مجراه إلّا في الحالات الاستثنائية الطارئة.

وهذا الأمر على عكس ما يصوّره الماديون من أنّ الصراع من أجل البقاء هو الأصل في حياة الموجودات الحيّة ، ويزعمون أن التكامل يحصل من خلال هذا الصراع .

وقد كان هذا النوع من التفكير سببا في بروز الكثير من النزاعات الدّموية والحروب في القرون الأخيرة ، لكن الإنسان لا يقاس بالحيوانات الأخرى المفترسة بسبب ما يملكه من عقل وإحساس ، وإنّ تكامله يتمّ في ظل التعاون وليس في ظل النزاع ، ومن حيث المبدأ فإن الصراع من أجل البقاء حتى في الحيوانات لا يعتبر مبدأ مقبولا للتكامل (2) .

وتشير الآية بعد ذلك مباشرة إلى أنّ الإنسان بسبب غريزة حبّ الذات التي يمتلكها تحيط به أمواج البخل ، بحيث أنّ كل إنسان يسعى إلى نيل حقوقه دون التنازل عن أقل شيء منها ، وهذا هو سبب ومنبع النزاع والصراع ، تقول الآية : {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ}.

ولذلك فلو أحسّ كلّ من الزوجين بأنّ البخل هو منبع الكثير من الخلاف وأدركوا حقيقة البخل وأنّه من الصفات القبيحة ، وسعوا لإصلاح ذات بينهم وأبدوا العفو والصفح ، فسوف لا يؤدي هذا إلى زوال الخلاف والنزاع العائلي فحسب ، بل سيؤدي أيضا إلى إنهاء الكثير من الصراعات الاجتماعية.

ولكي لا يسيء الرجال استغلال هذا الحكم الوارد في الآية ، وجه الخطاب إليهم في نهايتها ودعوا إلى فعل الخير والتزام التقوى ، ونبهوا إلى أنّ الله يراقب أعمالهم دائما فليحذروا الانحراف عن جادة الحق والصواب ، تقول الآية في هذا المجال : {وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً}.

العدالة شرط في تعدد الزّوجات :

نستنتج من الجملة التي وردت في نهاية الآية السابقة ـ التي تمّ البحث عنها والتي دعت الرجال إلى فعل الخير والتزام التقوى ـ إنّها تعتبر نوعا من التهديد للأزواج من الرجال ، بأن يراقبوا حالهم ولا ينحرفوا قيد شعرة عن جادة الحق والعدالة لدى التعامل مع زوجاتهم.

وقد يرد اعتراض وهو : إنّ تحقيق العدالة في مجال الحبّ والعلاقات القلبية أمر بعيد المنال ، فكيف يمكن إذن والحالة هذه اتباع العدل مع الزوجات ؟

وردا على الاعتراض المذكور توضح الآية (١٢٩) من سورة النساء ، بأنّ تحقيق العدالة في مجال الحبّ بين الزوجات أمر غير ممكن ، مهما بذل الإنسان من سعي في هذا المجال فتقول الآية : {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} ويتبيّن من عبارة {وَلَوْ حَرَصْتُمْ} هذه وجود أشخاص بين المسلمين كانوا يسعون كثيرا لتحقيق تلك العدالة المطلوبة ، ولعل سعيهم ذلك كان من أجل الحكم المطلق الذي طالب المسلمين باتّباع العدل من زوجاتهم والذي ورد في الآية الثّالثة من سورة النساء ، التي تقول : {... فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً}.

بديهي أنّ أي حكم سماوي لا يمكن أن ينزل على خلاف فطرة البشر ، كما لا يمكن أن يكون تكليفا بما لا يطاق ، ولمّا كانت العلاقات القلبية تنتج عن عوامل يكون بعضها خارجا عن إرادة الإنسان ، لم يحكم الله بتحقيق العدالة في مجال الحبّ القلبي بين الزوجات ، أمّا فيما يخص الأعمال وأسلوب التعامل ورعاية الحقوق بين الأزواج ممّا يمكن للإنسان تحقيقه ، فقد تمّ التأكيد على تحقيق العدالة فيه.

ولكي لا يسيء الرجال استغلال هذا الحكم ، طالبت الآية الرجال بأن لا يظهروا الميل الكامل لإحدى الزوجات إذا تعسر عليهم تحقيق المساواة في حبّهم لهنّ جميعا ، كي لا يضيع حق الأخريات ولا يحرن في أمرهنّ ما ذا يفعلن! حيث تقول الآية : {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ ...}.

وتحذر الآية في آخرها أولئك الذين يجحفون في حقّ زوجاتهم ، وتطالبهم بأن يتبعوا طريق الإصلاح والتقوى ، ويعرضوا عمّا فات في الماضي ، كي يشملهم الله برحمته وعفوه ، فتقول الآية : {وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ...}.

لقد وردت روايات اشتملت على مواضيع تخص مسألة تحقيق العدالة بين الزّوجات ، وتبيّن عظمة هذا الحكم والقانون الإسلامي.

من هذه الروايات ما روي عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه‌ السلام أنّه كان له امرأتان ، فكان إذا كان يوم واحدة لا يتوضأ في بيت الاخرى» (3) .

وروي عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم‌ السلام «أنّ النّبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم كان يقسم بين نسائه في مرضه ، فيطاف به بينهن» . (4)

وكان معاذ بن جبل له امرأتان ماتتا في الطاعون أقرع بينهما أيّهما تدفن قبل الاخرى ؟ (5) أي أيّهما يقدم أوّلا في الدفن لكي يتجنب ما من شأنه أن يخدش العدل المفروض اتباعه بين الزوجات.

جواب على سؤال ضروري :

كنّا قد نوّهنا ـ في هامش الآية (٣) من نفس هذه السورة ـ بأنّ بعضا ممن ليس لهم علم استنتجوا ـ من ضم تلك الآية إلى هذه الآية ـ أن تعدد الزوجات مشروط بتحقيق العدالة بينهنّ ، وأنّه لمّا كان تحقيق العدالة أمرا غير ممكن ، فلذلك قالوا بأنّ الإسلام قد منع تعدد الزوجات.

ويفهم من الروايات الإسلامية أنّ أوّل من طرح هذا الرأي هو «ابن أبي العوجاء» وكان من أصحاب المذهب المادي ، ومن المعاصرين للإمام الصّادق عليه ‌السلام ، وجاء طرحه لرأيه هذا في نقاش له مع المفكر الإسلامي المجاهد «هشام بن الحكم» فلما أعيى «هشاما» الجواب توجه من بلدته الكوفة إلى المدينة المنورة «لمعرفة الجواب» فقدم على الإمام الصّادق عليه ‌السلام فتعجب الإمام من مقدمه قبل حلول موسم الحج أم العمرة ، ولكن هشاما أخبر الإمام بسؤال ابن أبي العوجاء ، فكان جواب الإمام الصّادق عليه ‌السلام على السؤال هو أنّ المقصود بالعدالة الواردة في الآية الثّالثة من سورة النساء ، هي العدالة في النفقة (وضرورة رعاية الحقوق الزوجية وأسلوب التعامل مع الزوجة) أمّا العدالة الواردة في الآية (١٢٩) من نفس السورة (والتي اعتبر تحقيقها أمرا مستحيلا) فالمقصود بها العدالة في الميول القلبية ، (وعلى هذا الأساس فإن تعدد الزوجات ليس ممنوعا ولا مستحيلا إذا روعيت فيه الشروط الإسلامية) ، فلما رجع هشام بالجواب إلى ابن أبي العوجاء حلف هذا الأخير أن هذا الجواب ليس من عندك.

ومعلوم أنّ تفسيرنا لكلمتي العدالة ـ الواردتين في الآية الثّالثة والآية (١٢٩) من سورة النساء ـ بمعنين يختلف أحدهما عن الآخر ، إنّما هو للقرينة الواضحة الواردة مع كل من الآيتين المذكورتين ، لأنّ الآية الأخيرة تأمر الإنسان أن لا يميل ميلا شديدا لإحدى زوجاته ويترك الأخريات في الحيرة من شأنهنّ ، ولهذا فهي تدل على جواز تعدد الزوجات مع اشتراط أن لا يحصل إجحاف بحق إحداهنّ لحساب الأخرى ، مع الإذعان باستحالة تحقق المساواة في الحب القلبي لكلا الزوجتين ، أمّا في الآية الثّالثة من سورة النساء فقد ورد التصريح في أوّلها بجواز تعدد الزوجات.

أمّا الآية الثانية من الآيتين الأخيرتين ، فهي تشير إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّه لو استحال مواصلة الحياة الزوجية للطرفين ـ الزوج والزوجة ـ واستحال الإصلاح بينهما ، فإنّهما ـ والحالة هذه ـ غير مرغمين على الاستمرار في مثل هذه الحياة المرّة الكريهة ، بل يستطيعان أن ينفصلا عن بعضهما وعليهما اتخاذ موقف شجاع وحاسم في هذا المجال دون خوف أو رهبة من المستقبل ، لأنّهما لو انفصلا في مثل تلك الحالة فإن الله العليم الحكيم سيغنيهما من فضله ورحمته ، فلا يعدمان الأمل في حياة مستقبلية أفضل ، فتقول الآية الكريمة في هذا المجال : {وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً}.

__________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص323-329.

2. من أجل معرفة تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع راجع الجزء الثّاني من هذا التّفسير في فصل «الصراع من أجل البقاء».

3. تفسير التبيان ، الجزء الثّالث ، ص ٣٥٠.

4. المصدر السابق .

5. المصدر السابق .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .