العوامل المؤثرة في الإنتاج الزراعي- العوامل البشرية المؤثرة في الزراعة- النقل والسوق |
9158
09:23 صباحاً
التاريخ: 31-1-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-5-2021
2276
التاريخ: 27-7-2021
3708
التاريخ: 2024-07-15
538
التاريخ: 27-12-2016
4162
|
تعد طرق النقل المختلفة عاملا هاما في زيادة الإنتاج، فهي التي تربط بين مناطق الإنتاج ومناطق الاستهلاك. فقد امكن بمساعدة السكك الحديدية الى غرب الولايات المتحدة الامريكية زيادة الرقعة الزراعية في مناطق لم تكن مستغلة من قبل، كما ان هناك مناطق واسعة يمكن زراعتها بكندا لكنها لم تستغل في الوقت الحاضر لبعدها عن السكك الحديدية وسيلة النقل الرئيسية، كما اصبح من السهل على الاتحاد السوفيتي ان يستغل أراضي سيبيريا استغلالا اقتصاديا بعد مد خطوط السكك الحديدية من شرق اوربا (روسيا الاوربية) الى المناطق الداخلية في سيبيريا. ويرجع عدم استغلال مناطق واسعة من وسط آسيا وحوض الكونغو وحوض الأمازون وجنوب السودان الى حاجة هذه المناطق الى طرق جيدة تساعد على استغلال مواردها.
وتحتاج المحاصيل الزراعية سريعة التلف الى وسائل النقل السريعة لنقلها الى الأسواق، والى توافر التجهيزات الخاصة لبعض السلع من تعليب وتبريد وتجميد، ولولا توافر هذه الوسائل لما امكن انتاج الكميات من الفاكهة والخضر والزهور في بعض المناطق الصالحة لها.
وللسوق دور هام في تحديد كمية الإنتاج ونوعه. فبعض المحاصيل غير المرنة يحتاج الى أسواق قريبة تفاديا لمشكلة النقل مثل الخضروات والفاكهة ومنتجات الالبان. ولكن نتيجة التطورات الحديثة للنقل وباستخدام وسائل التبريد والتجميد امكن نقل الإنتاج من مناطق يفيض فيها الإنتاج الى مناطق يزداد فيها الطلب على هذا الإنتاج. وبذلك لم يعد الإنتاج قاصرا على الأسواق المحلية وانما للأسواق العالمية. ولذلك ازداد السوق اتساعا. وحاجة المدن الكبرى التي تعد اكبر مستهلك للفاكهة والخضروات تؤدي الى تركيز زراعة هذه المحاصيل قرب مناطق الاستهلاك باعتبارها سلعا غير مرنة لا تتحمل النقل لمسافات طويلة دون الاستعانة بوسائل التبريد التي ترفع تكلفة الإنتاج. كما ان الحاجة المتزايدة للمنسوجات القطنية او المطاط او السكر تؤدي الى زيادة انتاج هذه المحاصيل في المناطق الصالحة لإنتاجها، وزيادة الطلب على الحبوب الغذائية في الوقت الحاضر أدى الى مسارعة الكثير من الدول الى استصلاح الأراضي والعمل على زيادة الإنتاج سواء على المستوى الافقي بزيادة الرقعة الزراعية او الراسي بزيادة إنتاجية الأرض. فإنتاج السلع الزراعية يتوقف على مدى الطلب عليها، ويتحكم العرض والطلب في سعر السلعة، ويؤدي أي تغير يطرا على العرض والطلب الى تغير في السعر، وبالتالي يؤثر في الإنتاج الزراعي.
وقد ناقش فون ثيونن العلاقة بين اختيار المحاصيل التي تزرع في مكان ما مع توافر الظروف الطبيعية والبشرية لإنتاج هذه المحاصيل، والسوق المستهلكة لهذه المحاصيل، ومدى تحمل هذه المحاصيل لنفقات النقل لتصبح اقتصادية بالنسبة للمنتجين. وقد حاول فون ثيونن بنظريته ابراز اثر كل من العوامل الطبيعية والبشرية المختلفة في توزيع أنماط استغلال الأرض وأنواع المحاصيل المزروعة التي يمكن انتاجها في ضوء نفقات نقلها الى السوق.
وقد تصور ثيونن(1) وجود منطقة منعزلة ليس لها اتصال بالأقاليم المجاورة، ويتوسط هذه المنطقة مدينة يصل اليها نهر صغير (شكل 1) ولا توجد وسيلة للنقل بهذه المنطقة سوى عربات تجرها الخيول، وهي وسيلة النقل السائدة في اوربا وقت صياغة نظريته في أوائل القرن التاسع عشر، هذا بالإضافة الى هذا النهر الصغير الذي يصل بين مناطق الإنتاج الزراعي والمدينة كسوق مستهلك.
وقد قام ثيونن بتحليل أسعار المحاصيل الزراعية في سوق المدينة التي تعتمد على العرض والطلب واضعا في تقديره نفقات نقل هذه المحاصيل من المناطق المختلفة الى المدينة. وفي ضوء ذلك وزع النطاقات الزراعية حول المدينة على الشكل التالي:
1- النطاق المحيط بالمدينة يخصص لزراعة المحاصيل الغير مرنة وهي سريعة التلف مثل الخضروات والفاكهة ومنتجات الالبان.
2- النطاق الثاني يخصص للغابات التي تعد مصدرا هاما للأخشاب التي تعد ضرورية كوقود، وفي اعمال البناء حيث كانت الاخشاب في ذلك الوقت تعد مصدرا أساسيا للوقود في أوائل القرن التاسع عشر، فلم يكن الفحم او البترول قد ظهرا كوسائل هامة للوقود وقتها.
3- وقد كانت وجهة نظره في ان تكون الغابات في النطاق الثاني هو تكلفة نقلها المرتفعة، فهي كبيرة الحجم وثقيلة الوزن، ونقلها يعتمد على العربات التي تجرها الخيول، وفي نفس الوقت هي ضرورية كوقود.
4- النطاق الثالث يخصص لزراعة الحبوب والبرسيم والبطاطس، وهذا النطاق يحقق الحاجة لغذاء الانسان والحيوان الضروري، ويأخذ شكل الزراعة الكثيفة.
5- النطاق الرابع تزرع فيه الحبوب على فترات تتوسطها فترات أخرى تترك فيها الأرض بدون زراعة، ولذلك يكون هذا النطاق اقل كثافة من النطاق السابق.
6- النطاق الخامس وفيه تستغل زراعة الحبوب في شكل دورة زراعية ثلاثية.
7- النطاق السادس يضم المراعي الطبيعية.
ومما ساعد على امتداد هذه النطاقات وجود النهر الذي يربط بين مناطق الإنتاج وسوق المدينة، بالإضافة الى النقل بالعربات التي تجرها الخيول، ولكن تباعد مناطق الإنتاج يرجع بالدرجة الأولى الى وجود النهر، وبالتالي فان النقل المائي لعب دورا هاما في طبيعة استغلال الأرض وامتداد نطاقات الزراعة المتنوعة التي روعي فيها بالدرجة الأولى نفقات النقل ومرونة المنتجات، بالإضافة الى المقومات الطبيعية للإنتاج التي تتوافر في كل نطاق من هذه النطاقات.
ولكن الواقع ان نظرية فون ثيونن لم تعد تتفق والواقع الآن الذي اختلف كثيرا عن الظروف التي كانت وقت صياغة نظريته في أوائل القرن التاسع عشر، فقد تعددت وتنوعت وسائل النقل، كما تعددت الأسواق وبعدت المسافات، ولم تعد هناك مناطق منعزلة عن عالمها الخارجي كما تصور ثيونن في نظريته، كما انه تخيل ان يخصص النطاق الثاني للغابات، وكان الغابات من صنع الانسان كأي محصول زراعي. فالغابات أساسا نبات طبيعي بالدرجة الأولى ولا يستطيع الانسان التحكم في موقعها، كما انه افترض أهميتها كوقود، وقد اصبح للوقود مصادر أخرى في الوت الحالي. لكن الواقع ان هذه النظرية لا يمكن اهمالها، فهي تتفق في بعض جوانبها الى حد كبير مع الواقع وهي محاولة من جانبه تعد في وقتها غاية في الأهمية وتمثل مرحلة من مراحل التفكير العلمي في ميدان التخطيط الزراعي.
___________
(1) Ronald R. Boyce, The Bases of Economic Geography, New York, 1978, P. 178.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|