أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2014
1888
التاريخ: 5-07-2015
1565
التاريخ: 7-08-2015
919
التاريخ: 7-08-2015
1685
|
تعتد مسألة العدل كلامياً من المسائل الفوارق بين القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين والقائلين بالتحسين والتقبيح الشرعيين.
فقد ركّز وأكد الاولون من الفريقين عليها بكل ما أوتوا من حول علمي، وعلى رأس هؤلاء المعتزلة والامامية، وسار في خطهم الزيدية والاباضية، ومن أبرز آيات ذلك ان وجدناهم يفردونها بالبحث والعنوان من بين سائر الصفات الثبوتية الكمالية.
وفي مقابل هذا اهملها الآخرون فلا بحث خاصاً بها، ولا عنوان تعنون به، غير قليل من كلام في بعض اطرافها يتبعثر هنا وهناك عند ذكرهم أفعال العباد، وفي طليعة القائمة من هؤلاء : الاشاعرة ومن سلك سبيلهم.
ولأهميتها كمسألة فارقة سمي الفريق الاول ب(العدلية) نسبة الى القول بالعدل القائم على فكرة التحسين والتقبيح العقليين.
وذلك لان القول بالتحسين والتقبيح العقليين يعطي العدل مفهوماً محدداً مستقراً ومستقلاً.
وبخلافه القول بالتحسين والتقبيح الشرعيين...
...تطلق كلمتا الحسن والقبح على معان ثلاثة متقابلة هي :
1 - يطلق الحسن ويراد به (الملاءمة للطبع)، ويطلق القبح في مقابله فيراد به (عدم الملاءمة للطبع)، مثل : (هذا الصوت حسن) بمعنى أنه ملائم للطبع و(ذلك الصوت قبيح) بمعنى أنه غير ملائم للطبع.
2 - يطلق الحسن ويراد به (الكمال)، ويطلق القبح في مقابله فيراد به (النقص) أو (عدم الكمال)، مثل : (العلم حسن) بمعنى انه كمال للنفس، و(الجهل قبيح) على اعتبار أنه نقص للنفس.
3 - يطلق الحسن ويراد به «ادراك أن هذا الشيء أو ذاك مما ينبغي أن يفعل بحيث لو أقدم عليه الفاعل لكان موضع مدح العقلاء بما هم عقلاء، والقبح بخلافه»، مثل : (العدل حسن ) و(الظلم قبيح).
والمراد بالحسن والقبيح في موضوعنا هو القسم الثالث، ويمكن تعريفهما بالتالي :
الفعل الحسن : هو الذي يمدح فاعله على فعله.
الفعل القبيح : هو الذي يذم فاعله على فعله.
وقد اتفق المتكلمة والفلاسفة من المسلمين على امكان ادراك العقل للمعنيين الأولين للحسن والقبح.
واختلفوا في المعنى الثالث، فوقع محلاً للنزاع بين الاشاعرة والعدلية ونقطة الخلاف فيه هي:
هل أن للافعال قيماً ذاتية عند العقل مع قطع النظر عن حكم الشارع ؟.
أي : هل أن الحسن والقبح وصفان ذاتيان للأفعال، أو أنهما ليسا بذاتيين، وإنما يعرضان للأفعال بسبب حكم الشارع بحسن الفعل أو قبحه ؟ ؟.
«فقالت الاشاعرة : لا حكم للعقل في حسن الأفعال وقبحها، وليس الحسن والقبح عائدين الى أمر حقيقي حاصل فعلاً قبل ورود بيان الشارع، بل ان ما حسّنه الشارع فهو حسن، وما قّبحه الشارع فهو قبيح».
«وقالت العدلية : ان للافعال قيماً ذاتية عند العقل مع قطع النظر عن حكم الشارع، فمنها ما هو حسن في نفسه، ومنها ما هو قبيح في نفسه، ومنها ما ليس له هذان الوصفان، والشارع لا يأمر الا بما هو حسن ولا ينهى الا عما هو قبيح».
وعرف الاول - أعني قول الاشاعرة - ب(التحسين والتقبيح الشرعيين) وعرف الرأي الثاني - أعني قول العدلية ب(التحسين والتقبيح العقليين)(1).
مذهب الاشاعرة ودليله :
قال العضد الايجي :
«القبيح : ما نهي عنه شرعاً. والحسن بخلافه. ولا حكم للعقل في حسن الاشياء وقبحها. وليس ذلك عائداً الى أمر حقيقي في الفعل يكشف عنه الشرع، بل الشرع هو المثبت له والمبيّن. ولو عكس القضية فحسّن ما قبحّه، وقبحّ ما حسّنه، لم يكن ممتنعاً، وانقلب الأمر»(2).
ثم قال مستدلاً :
«لنا وجهان :
الاول : أن العبد مجبور في أفعاله .. واذا كان كذلك لم يحكم العقل فيها بحسن ولا قبح، اتفاقاً.
بيانه : أن العبد ان لم يتمكن من الترك فذاك هو الجبر، وإن تمكن ولم يتوقف على مرجح، بل صدر عنه تارة ولم يصدر عنه اخرى من غير سبب كان ذلك اتفاقياً.
وان توقف على مرجح لم يكن ذلك من العبد، والا تسلسل، ووجب الفعل عنده، والا جاز معه الفعل والترك فاحتاج الى مرجح آخر وتسلسل، فيكون اضطرارياً. وعلى التقادير فلا اختيار للعبد فيكون مجبوراً»(3).
«الثاني : لو كان قبح الكذب ذاتياً لما تخلف عنه، لأن ما بالذات لا يزول، واللازم باطل، فانه قد يحسن اذا كان فيه عصمة دم نبي، بل يجب، ويذم تاركه قطعاً، وكذا اذا كان فيه انجاء متوعد بالقتل»(4).
مذهب العدلية ودليلهم :
قال النصير الطوسي :
«وعند المعتزلة ان بديهة العقل تحكم بحسن بعض الأفعال. كالصدق النافع والعدل، وقبح بعضها كالظلم والكذب الضار. والشرع أيضاً يحكم بهما في بعض الافعال. والحسن العقلي : ما لا يستحق فاعل الفعل الموصوف به الذم. والقبح العقلي : ما يستحق به الذم. والحسن الشرعي : ما لا يستحق به العقاب. والقبح (الشرعي) : ما يستحق به (العقاب). وبازاء القبح : الوجوب : وهو ما يستحق تارك الفعل الموصوف به الذم أو العقاب. ويقولون بان اللّه لا يخلّ بالواجب العقلي، ولا يفعل القبح العقلي البتة. وان من يخلُّ بالواجب، ويرتكب القبح بالاختيار جاهل أو محتاج»(5).
ولا بد من الاشارة هنا الى أن الذي يدرك حسن الافعال وقبحها في رأي الحكماء هو العقل العملي لا العقل النظري.
والى هنا ننتهي الى أن العدل عند الاشاعرة هو ما يفعله اللّه تعالى لأن ما يفعله هو الحسن.
وأن العدل عند العدلية : هو أن اللّه لا يفعل الا ما هو حسن عقلاً.
_________________
(1) انظر : مبادئ اصول الفقه 85 - 86.
(2) المواقف 323.
(3) المواقف 324.
(4) المواقف 325.
(5) قواعد العقائد 452.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|